منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - // ** - ماذا بعد سقوط حكم بشار الأسد ؟؟ هل ستستمرالأفراح- ** //
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-06-16, 16:14   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
مواطن وخلاص
عضو محترف
 
الصورة الرمزية مواطن وخلاص
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أ . د . علي الهيل


كشفت مرحلة الثورات الشعبية العربية حديثة النشوء بشكل أوضح من مراحل أخرى في تاريخ العرب المعاصر – بين ما كشفت – عن سلوكيات عدوانية عربية عربية ليست بالمستجدة كما قد يفهم البعض وإنما تنطلق من مرجعية ثقافية جينية تمتد منذ الأزل. على سبيل المثال ؛ تتمثل تلك السلوكيات العدوانية في استسهال القتل بأنواعه المختلفة وبطرائق غريبة وبشعة لا تثير الدهشة والذهول فحسب بل والتقزز والغثيان من عرب ضد عرب مثلهم بل ومن أبناء البلد الواحد ولأسباب مختلفة كذلك. لعل أشهر تلك الأسباب؛ عدم انقياد بعض أوكثير من أبناء البلد العربي الواحد لنظامه السياسي الذي يرونه مفروضاً عليهم ومستأثرأً بالثروة والسلطة دونهم ورغماً عنهم.
عندما نشأت مذابح (رواندا) في إفريقيا بين قبائل الهوتووالتوتسوبكل الفظاعات التي أظهرتها كقطع الرقاب والأطراف بالفؤوس وغيرها كنا نتقزز ونعوذ بالله في اليوم والليلة ملايين المرات داعين الله أن لا تحدث مثل تلك الفظاعات في العالم العربي . يبدوأن تلك الفظاعات كانت أيضاً خلايا نائمة دائما في جيناتنا أوبمثابة النار التي كانت تغطيها طبقة هشة من الرماد حتى إذا جاء من ينفخ على تلك الطبقة الهشة من الرماد إندلعت النار لتأكل أخضر الأمة ويابسها وهذا بالضبط أوما دونه أوما فوقه قد حدث فلم نعد أفضل حالاً من التوتسيس والهوتوبصرف النظر عن من بدأها ؟ ! المافيا الحاكمة عبر عقود أومن حاول التصدي لها بعد أن بلغ السيل الزبي وطفح الكيل وبلغ الإحتقان ما فوق ذروته . في تاريخ العرب المعاصر والقريب حدثت فظائع وكوارث أسوأ من تلك. في الجزائر مثلاً خلال العشرية السوداء الأولى التي أعقبت إجهاض السلطة السياسية مدعومة بالجنرالات أوالعكس نتائج الإنتخابات البلدية بداية التسعينات التي فازت بها (الجبهة الإسلامية للإنقاذ) سمعنا وتم توثيق فظاعات لا تقل عن فظاعات الهوتووالتوتسيس إرتكبها كما يبدوالجانبان . سمعنا وقرأنا إعلاميا وشاهدنا أحياناً تلفزياًّ – ما تقشعر منه الأبدان وتنفطر له الأفئدة وما يستحيل وصفه – أطفالٌ خُدَّج رُضَّع يتم قذفهم في اتجاه الجدران فيتهشمون قطعاً قطعاً وإرباً إرباً وعائلات بكامل أفرادها يتم تقطيعهم بالفؤوس والسكاكين ناهيك عن الرصاص والرشاشات وذهب ضحية كل ذلك الجنون والهوس بالقتل أكثر من مائتي ألف جزائري . وفي مصر-عهد عبدالناصر- السجون الحربية كان يثعذب فيها الإخوان المسلمون شر تعذيب ز بوسائل دنيئة وإعدامات فمثلاً تم إعدام (سيد قطب) فقط لأنه نشر كتاب ” معالم على الطريق- واتهامات أخرى وتم إعدام آخرين وفي العراق منذ انتهاء العهد الملكي وحتى هذه اللحظة يتم القتل وتتم الإعدامات والتنكيل والتمثيل بالبشر وهم أحياء كقطع الآذان والألسن وألأيدي في مشاهد موثقة مقززة لدرجة لا تتمنى أن تقول ” إني عربي ” وفي ليبيا وفي بعض دول الخليج العربي وفي سوريا والمغرب وفي اليمن وفي كل مكان من العالم العربي تقريباً فقط من أجل أن يبقى الحاكم الإله في كرسي الحكم .
يكثر الجدل حول أن الطبيعة الثقافية للعرب منذ أن عُرف العرب كانت قائمة على الحروب بين قبائلهم نتيجة التنقل من مكان لآخر بحثاُ عن العشب والماء وغالباً إن لم يكن دائماً إستسهال القتل ودق الرقاب وحزها والإستيلاء على ما لدى القبيلة الأخرى من حجر وبشر ودَبَش وسبايا وغنائم وأسرى وحتى الزوجات الجميلات لشيوخ القبائل المهزومة كان يستولي عليها شيخ القبيلة الأخرى المنتصر على رائحة الدم وبِرَكه وحماماته ويتزوجهن للسمعة المعروفة بين القبائل عن جمالهن وتغنجهن . فمثلاً حروب ( داحس والغبراء ) و(البسوس ) في العصر الجاهلي أوحروب (المرتدين) على إثر وفاة رسول الله (محمد – صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين) التي خاضها الخليفة الأول (أبوبكر الصديق-رضي الله عنه وأرضاه) و(صفين) و(الجمل) بعد وفاة الرسول الكريم بأكثر من عقدين أي في خلافة (ذي النورين) عثمان بن عفان (رضي الله عنه وأرضاه) لم تكن سوى تعبير عن الجينات القبلية القائمة على استسهال القتل بصرف النظر عن نبْل الأسباب من عدمها رغم أن الإسلام دين سماوي ختم الله به آخر أديانه وأرسل لهذه الأمة بالتحديد آخر نبي ورسول في جعبته سبحانه جلت قدرته بل وجعل رسالته رسالة عالمية وجعل منه رحمة للعالمين كافة مما يدلل على وعورة العرب وطبيعتهم الدموية وتميزهم ربما عن كل شعوب الأرض من حيث قسوة طبيعتهم البشرية الفظة وإلاَّ لَما أرسل الله إليهم أخر رسول ونبي عنده ليغير سلوكياتهم وميولهم واتجاهاتهم وطبائعهم. حتى في حياة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تغلبت الجينات القبلية على (ذي الخويْصرة التميمي) وكان قد أسلم حين قال لنبي الرحمة والعدل وهويقسم الغنائم” إعدل يا محمد “فرد عليه الرسول الكريم” ويْحَكَ ؛ إن لم أعدلْ فمن يعدلْ” ويدلُّ هذا الموقف من (ذي الخويصرة) على العنصرية القبلية واعتقاده والله أعلم أنه آصلُ من سيد الخلق أجمعين.
نحب أن نؤكد قبل أن تشير إلينا النوايا غير السليمة إلى أن مثل هذا التحليل لا يعني أن الشعوب الأخرى أوالأمم الأخرى في العالم ماضياً وحاضراً لم تكن كالعرب بل وربما أسوأ من العرب بكثير بَيْدَ أننا هنا نحاول فهم الظواهر العنفية التي تحدث يوميا في كثير من البلدان العربية أوأقطار القبائل العربية راهناً في ضوء التاريخ الجيني لقبائل العرب قبل الإسلام وبعده ومنذ أصولهم التاريخية الأولى (أنظر مثلاً كتاب ابن خلدون حول أصول العرب وطبقاتهم ) . وكذلك نود أن نؤكد على أن العرب عبر تاريخهم منذ – حسب بعض المؤرخين الألفين سنة قبل المسيح (عليه السلام) قدموا لأقوامهم أولأمتهم وللعالم تراثاً أدبيا وشعريا وعلميا ودينيا ومعماريا كبيراً وتقريبا في كل مجالات المعرفة نهلت منه البشرية وما تزال حتى يومنا هذا والأهم أن الله أنزل آخر كتبه وهوالقرآن الكريم وأحاديث سيدنا رسول الله القوية والأحاديث القدسية وكلاهما من الله سبحانه وتعالى لأن رسول الله “…لا ينطق عن الهوى إنْ هوإلا وحيٌ يوحى..”. وما من شك ولا ريب ولا جدال – وهوما أقَرَّ به كثيرٌ من الأوروبيين ـ أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) قد استطاع في ظرف ثلاثٍ وعشرين سنة من تغيير وإصلاح العرب سلوكيا مثل وأد البنات أوشرب الخمور أوالميسر أوالقمار أوعبادة أصنام ينحتونها بأيديهم وإذا ما جاعوا أكلوها ومن هؤلاء الأوروبيين (ما يكل هارت) وكتابه ” الخالدون مائة وعلى رأسهم محمد ” (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .)
إذن ؛ ما رأيناه وما نراه وما سمعنا عنه من مظاهر القتل والعنف والتعذيب وغيرها من السلوكيات المنحرفة لعرب القرن الحادي والعشرين قرأنا مثله وأسوأ منه وأحيانا أقل سوءاً وفظاعة وبشاعة منه في ماضي العرب القريب والبعيد . شخص مسلح من ما يُسمى بالمعارضة عليه علامات تجارة التدين من لحية وغيرها ينتزع طفلاً من بين ذراعي أمه ويضعه في عُرض الطريق ويرشه برشاشه على صرخات أمه التي تقطع نياط القلوب أي يتمرجل على طفل وامرأة ويستعمل قوته عليهما بدعوى أن الطفل في لحظة غضب سب رسول الله ! فأي جينات حقيرة قذرة هذه ؟ ! هل هذا من تعاليم سيد الخلق وآخر أنبياء الله ورسله وهوالذي قال لعمار بن ياسر (رضي الله عنه ” وإن عادوا فعُدْ ” ) وذلك عندما قال له ( عمار بن ياسر ) ” يا رسول الله لم يتركوني أي لم يوقفوا تعذيبي إلى أن أطعتهم وسببتك ” هذه هي أخلاق سيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) التي يزعم مثل هؤلاء أنهم يمثلونه على الأرض !!! ومشهد ضابط سوري يصدر الأمر لجنوده بحفر حفرة يوضع فيها مواطن سوري ويلح عليه الضابط أن يقول “لا إله إلا بشار” بدلاً من “لا إله إلا الله” وعندما يستمر المواطن في الرفض يقول اتلضابط لجنوده “إطمروه” فيُدفن المواطن حيا . ومواطنة سورية يتداول عدد من الجنود على اغتصابها وعنما كانت تحاول الهرب كان أحد المواطنين يحاول حملها فيتم إطلاق النار عليه وقتله. تلك مشاهد سوداء وأسوأ منها ربما رأيناها ونراها في مصر واليمن وليبيا والعراق ورأيناها أيضاً في غزة بين الحمساويين والفتحاويين وتحدث في بلدان عربية كثيرة أخرى تصرفات وسلوكيات أفظع وأبشع منها. لقد لفتت إنتباهي هذه القصة التي أوردها في روايات مختلفة وأدع القارىْ يستنبط إستنتاجاته بنفسه وهي فكرة مطروحة للنقاش وأرجوأن يُفهم أن السرد ليس فيه أي تشكيك في ثوابتنا الدينية والعقدية وإنما هي قراءة إجتهادية للتاريخ .
تقفز إلى ذهني مشاهد قرأتها مثلاً في سيرة (خالد بن الوليد-رضي الله عنه وأرضاه) وهومن هو؟ الذي لقبه رسول الله بلقب ” سيف الله المسلول ” على الكفار والمشركين والمنافقين ولاسيما بعد قيادنه لمعركة (مؤتة- جنوبيَّ الأردن حاليا) وتكتيكه العسكري المذهل الذي يُدرس في بعض المعاهد العسكرية العالمية وهوانسحابه التكتيكي من أرض المعركة حماية لجيش المسلمين الذي كان جيش الروم يفوقه بمائة ضعف وهوما أثار إعجاب رسول الله به . ولكنْ ما يأخذُ كثير من المؤرخين على خالد بن الوليد ما يؤثر عن أنه أمر بقتل كل أسير من (بني جذيمة ) فقتل (بنوسليم) وهم من القبائل التي كانت مع سرية خالد مع أن المهاجرين والأنصار إمتنعوا عن تطبيق أمر خالد حسب بعض الروايات التاريخية. وعندما عرف التبي بذلك دعا ربه “اللهم إني أبرأ إليكَ مما فعل خال”.
وفي سرية خالد تلك أخبر أحد رجالات خالد النبي أنه كان في القوم رجل قال لهم: أنا لست من هؤلاء (أي لست من بني جذيمة) ولكني عشقت امرأة (أي إمرأة من بني جذيمة) فلحقتها، فدعوني أنظر إليها ثم افعلوا بي ما بدا لكم، ثم أشار إلى نسوة مجتمعات غير بعيد. قال بعضهم: فقلت: والله ليسير ما طلب، فأخذته حتى أوقفته عليهن فأنشد أبياتا، ثم جئت به، فقدموه فضُربت عنقُه، فقامت امرأة من بينهن، فجاءت حتى وقفت عليه فشهقت (بفتح الهاء) شهقة أوشهقتين ثم ماتت. أي وفي رواية فأكبت عليه تقبله حتى ماتت انتهى. أي وفي رواية فانحدرت إليه من هودجها فحنت عليه حتى ماتت، فعند ذلك قال رسول الله: «أما كان فيكم رجل رحيم القلب».
وتستوقفني حملة خالد ضد المرتدين التي عينه (أبوبكر الصديق) عليها وقد أبلى خالد كعادته بلاءً حسناً وانتصر على القبائل المرتدة وقتل شيخ إحدى القبائل واسمه (مالك بن النويرة) ويُروى أن خالداً تزوج امرأته لأنها كانت رائعة الحسن والجمال ومضرب مثل بين قبائل العرب كما في كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد. لا أدري غير أنني أعتقد أن الجينات القبلية والطبائع السلوكية الجاهلية تمكنت من خالد المنتصر لدرجة يقتل الزوج ويستأثر بامرأته لأنها كانت شديدة الجمال ولو لم تكن كذلك فهل كان سيتزوجها؟ وقد عاب عليه عمر بن الخطاب هذا السلوك غير الإنساني كما ورد في السير عند الخليفة (أبي بكر الصديق) ويقال إن ثمة خلافاً بين عمر وخالد منذ صغرهما في الجاهلية كان له دور في هذه الحادثة وموقف عمر من خالد وبعد ذلك عندما تولى عمر الخلافة قام بعزل خالد وتعيين (أبي عبيدة) على رأس جيش المسلمين ضد الروم وخاصة بعد هزيمتهم في (اليرموك) بفضل قيادة خالد المحنك عسكريا كما يرد في التاريخ ورغم أن خالداً إمتثل لأمر أمير المؤمنين وقال قولته المشهورة “السمع والطاعة لأمير المؤمنين” وهويسلم قيادة الجيش لأبي عبيدة إلا أن كثيراً من المؤرخين يفترضون أن غيرة عمر من خالد كان مردها الجاهلية إذ صارع خالد عمر فكسر إحدى ذراعيه وإنْ كان عمر قد برر قراره عزل خالد حتى لا يُفتن الناس به والله أعلم (أنظر مثلاً “الطبقات الكبرى” لابن سعد وكذلك ما يرويه البخاري في كتاب المغازي.)
إذن الخلاصة، أن الطبيعة الثقافية للعالم العربي لم تتغير كثيراً رغم تغير العصر ووسائله وأدواته . فالعرب حكاماً ومحكومين منذ نشأتهم إلى يومنا هذا يبدووالله أعلم أن الجينات القبلية نفسها تقريبا وبدرجات متفاوتة تجري في دمائهم من حيث شهوتهم للقتل خاصة فيما بينهم أي قتل بعضهم البعض واستسهال إراقة الدماء وشهوتهم للنساء وسعيهن للحصول عليهن خاصة إذا ما كن جميلات ويضرب بهن المثل وقد حدثت وقائع من هذا النوع إذ إستولى بعض الحكام والمسؤولين العرب على نساء لمواطنين أومسؤولين عرب آخرين (جينات خالد ربما والله أعلم وإعادة إنتاج خالد وابن النويرة) لأسباب تتعلق بالجمال. وكل ذلك ينعكس على ما يحدث حاليا من جنون وتفنن في قتل العرب لبعضهم البعض وما أشبه الليلة بالبارحة.


أستاذٌ جامعي وكاتبٌ قطري