منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - حكمة اردوغان في لي عنق ال سلول وال صفيون والخسيسي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-03-10, 21:31   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
adziri
عضو محترف
 
إحصائية العضو










افتراضي

مركز الجزيرة للدرسات الاستراتيجية


السياسة الخارجية التركية في ظل التحولات الإقليمية



مراد يشيلطاش وإسماعيل نعمان تيلچي


آخر تحديث : الإثنين 16 ديسمبر 2013 13:43 مكة المكرمة

أردوغان يلّوح بشعار رابعة (أسوشييتد برس)ملخص
تواجه السياسة الخارجية التركية في الشرق الأوسط عددًا من العقبات الجديدة التي تعتبر بمثابة نتائج مباشرة أو غير مباشرة للربيع العربي. ومع ذلك، فهذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها السياسة الإقليمية التركية تحديات بسبب عوامل ليست نابعة من أنقرة. وكما كانت الحال في التحديات السابقة، يستخدم مهندسو السياسة الخارجية التركية أدوات سياسية جديدة تسعى إلى الحد من الآثار السلبية للربيع العربي على الطموحات الإقليمية لأنقرة. وفي ضوء التطورات الأخيرة في المنطقة، تحاول هذه الورقة تحليل كيفية تشكيل السياسة الخارجية التركية عندما تواجهها تحديات ناتجة عن التحولات الإقليمية. وسوف تستكشف هذه الورقة بالمثل الآليات التي تؤثر على السياسة الخارجية التركية في هذه العمليات.
تمهيد
تتصدر السياسة الخارجية التركية "الجديدة" في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية عناوين الأخبار، وتمثل قضية ملحة لا تزال تثير الحوار والجدل. وعادة ما تركز النقاشات الدائرة في هذا الصدد على التفضيلات السياسية والاستراتيجية التي تتبناها تركيا خلال فترة الربيع العربي وما بعده، والتي غيرت كثيرًا من التركيب الجيوبوليتيكي للسياسات الإقليمية والدولية. ويذهب عديد من النقاد إلى أن التطورات غير المتوقعة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أضعفت كثيرًا مسيرة تركيا لأن تصبح قوة إقليمية مؤثرة.
وبالرغم من أن الربيع العربي أطلق آمالا جديدة تمامًا عمَّت الإقليم الأوسع من حيث إمكانية تقوية الأنظمة القديمة ديمقراطيا وإعادة بناء استراتيجية للقوى السياسيىة التقليدية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلا أنه مثّل فعلاً تحديًا جوهريًا لتركيا. وفي البيئة السياسية الجديدة لما بعد الربيع العربي، سيتمثل التحدي الحقيقي لتركيا في مسألة ما إذا كان بوسع أنقرة القيام بالمهمة الشاقة المتمثلة في استعادة السلام في المنطقة أم لا.
وبالرغم من أن تركيا كانت تحاول بناء "وعي جماعي جديد" في المنطقة من خلال تقديم أولويات المطالب الجماهيرية، والتعايش السلمي والنظام العادل، إلا أن التحول الراديكالي للسياق الإقليمي والتغيرات الجوهرية المشهودة على المستوى الدولي تجبرنا على التدقيق في المراجعات والتغيرات في سياسة تركيا الخارجية؛ حيث تتطلب مسألة حيوية الخطاب التركي وممارسات السياسة الخارجية تجاه التطورات الحديثة في الشرق الأوسط تحليلاً للآليات الجديدة وسعي تركيا لإعادة تحديد موقفها في مواجهة التطورات التي أثارها الربيع العربي.
وقد وصل الجدل حول السياسة الخارجية التركية إلى ذروته عقب تحديات الربيع العربي، والأزمة السورية بصفة خاصة. ولذلك، هناك تساؤل له أهمية خاصة لكي نفهم كيف ستستجيب تركيا للتحديات التي ظهرت مؤخرًا: هل وصلت تركيا إلى الحد الأقصى لمدى قوتها في الشرق الأوسط؟
تحاول الورقة التي بين أيدينا الإجابة على هذا السؤال بالتركيز على التحديات التي تواجه تركيا، وتحليل أبعاد التحديات التي ستؤثر مباشرة على وضع تركيا الدولي وأنشطتها الإقليمية وسياساتها المحلية في المستقبل القريب.
ثلاثة تحديات أمام السياسة الخارجية التركية
يمكن تحليل السياسة الخارجية التركية خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية في ثلاث فترات مختلفة، بناء على ثلاثة تحديات إقليمية ودولية في العقد الأخير؛ ففي الفترة الأولى من حكم حزب العدالة والتنمية، تبنت النخب السياسية الجديدة نموذج سياسة خارجية جديدة تعطي الأولوية القصوى للتكامل والتعاون مع الدول الإقليمية، خاصة في مجالات الاقتصاد والدبلوماسية التي ستحوِّل السياسة الإقليمية من التفاهم المدفوع بالمصالح الأمنية المشتركة إلى علاقة أكثر مرونة ذات قيم مشتركة (1).
لقد أصبحت سياسة المشاكل الصفرية (Zero Problem Policy ZPP) في هذه الفترة بمثابة حجر الأساس في منهج السياسة الخارجية التركية، فأعادت صياغة أنشطتها الإقليمية في الشرق الأوسط، وتراجعت تدريجيًا عن الخطاب السياسي التقليدي للنخب البيروقراطية الأتاتوركية. ومع ذلك، مثّلت حرب العراق في 2003 تحديًا مباشرًا لأولويات السياسة الخارجية الإقليمية التي تشكّلت في ظل مبدأ سياسة المشاكل الصفرية، فقوضت أعمدة خطابها السياسي بشأن النظام الإقليمي. فمن خلال استخدام الدبلوماسية متعددة المستويات والأبعاد على المستوى الإقليمي والدولي، ساندت تركيا باستمرار التكامل الإقليمي للعراق، وحاولت بناء تفاهم مشترك وآلية دبلوماسية جماعية لاحتواء أزمته. ومن خلال الابتعاد عن التدخل بقيادة الولايات المتحدة، وسَّعت تركيا علاقاتها مع دول المنطقة بقدر بالغ من العناية (2).
وفي الفترة الثانية من حقبة حزب العدالة والتنمية، ومع تزايد قوة تركيا الاقتصادية ودورها كوسيط سلام في المنطقة، بدأت أنقرة في تعميق علاقاتها مع الشرق الأوسط. وتزايدت "الاستقلالية الاستراتيجية" لتركيا في هذه الفترة تدريجيًا بفضل تنويع أنشطة السياسة الخارجية مع مختلف المناطق (3). ومع ذلك، وجّه الحلفاء الغربيون انتقادًا لـ"سياسة الانخراط الجديدة" التي اتبعتها تركيا، فضلاً عن الانتقاد المستمر الذي وجهته المعارضة المحلية تجاه ما اعتبرته "تغييرًا في المحور الجيوستراتيجي" وانصرافًا عن التحالف الطويل المنتظم مع الغرب.
وأدى انتقاد تركيا الرسمي لإسرائيل، وموقفها الاستراتيجي المختلف في المسألة النووية الإيرانية، وعلاقتها الوثيقة مع حماس، إلى زيادة حدة انتقاد سياسة "تغيير المحور الاستراتيجي"، وما إذا كانت تركيا تعمل كشريك للغرب في الشرق الأوسط، أم أنها تمنح أولوية للشرق الأوسط على توجهها الغربي. وبالرغم من الانتقادات الحادة من جانب أطراف داخلية وخارجية لتغيير أنقرة بوصلة سياستها الخارجية، إلا أنها حافظت بنجاح على سياسة المشاكل الصفرية كمحدد رئيس لأنشطة سياستها الخارجية.
وفي الفترة الثالثة من حقبة حزب العدالة والتنمية، حدث تغير في كل من السياسة الخارجية التركية والدور الذي تلعبه أنقرة في السياسة الإقليمية. فمبدئيًا، كانت تركيا تخطط لتكثيف علاقاتها مع الدول العربية، وتحاول تحقيق نموذج "التكامل الإقليمي". وكان ذلك جليًا في أنشطة أنقرة التي تهدف إلى المزيد من التكامل في المنطقة، مثل إلغاء تأشيرات الدخول مع عدد من الدول العربية، وتأسيس "مجالس تعاون إستراتيجي رفيعة المستوى" مع الدول الإقليمية الرئيسة، وتكثيف التعاون الثقافي في المنطقة. وكانت تركيا تهدف من خلال هذه الأنشطة إلى إحداث تغيير في سياسة "الأمر الواقع" في الإقليم (4).
وقد شكّل الربيع العربي في 2011 تحديًا حقيقيًا لاستراتيجية السياسة الخارجية التركية؛ فقد كانت الثورات في العالم العربي مرغوبة، ولكنها غير متوقعة بالنسبة لأنقرة. وكان هذا هو السبب في أن حكومة أردوغان في البداية لم تكن حاسمة بشأن كيفية الاستجابة لهذه الانتفاضات الشعبية، مثلها في ذلك مثل حكومات معظم دول العالم. ومع ذلك، كان هناك شيء واحد واضح، ألا وهو الوقوف في صف المطالب الشعبية المشروعة في هذه الدول. ومع ذلك، اختلفت طريقة إظهار هذه المساندة من حالة لأخرى. وكان هذا يوضح كيف استجاب أردوغان فعلاً للتحديات التي واجهت سياسته الخارجية في المنطقة نتيجة الصحوة العربية؛ حيث انحاز إلى الشعوب التي كانت تثور ضد الديكتاتوريات المدعومة عبر عقود طويلة من الغرب.
وكما ذكرنا سلفًا؛ فإن مقاربة تركيا المضادة للمقاربة الغربية تجاه الربيع العربي فاقمت الخطر على ريادتها الإقليمية. هذا التهديد الذي فرضه الربيع العربي على الاستراتيجية الكبرى لتركيا يمثل تهديدًا مفتوحًا لهدف أنقرة المتمثل في زعامة التغيير في الشرق الأوسط. ولكن الأهداف الأولية للربيع العربي -مثل تطبيق الديمقراطية، وزيادة الحريات، وتلبية الحقوق الاجتماعية والأساسية- تحولت بسرعة إلى حالة من الاضطراب، خاصة فيما يتعلق بالبيئة السياسية الفوضوية في هذه البلاد والأزمة المتردية في سوريا. وتحولت البيئة الاستراتيجية التركية جوهريًا من الاستقرار إلى الفوضى البنيوية، والتي يمكن تعريفها بـ"حالة من الاضطراب" تأثرت مباشرة بالأزمة في كل من سوريا ومصر وليبيا واليمن وتونس والعراق (5).
وفي هذه الفترة، لم تقتصر التحديات التي تواجه تركيا على التحديات المتعلقة بالاستقرار الإقليمي، ولكنها تأتي أيضًا من الجماعات المنشقة في السياسة المحلية في تركيا. وبينما كانت الأزمة السورية تؤثر مباشرة على العلاقات الثنائية بين تركيا وكل من العراق وإيران وروسيا على المستوى الإقليمي، بالإضافة إلى تعاونها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة على المستوى الدولي، إلا أن تشظي الصراع داخل سوريا كان يمثل تحديًا مباشرًا للأمن المجتمعي التركي على المستوى المحلي (6). وشهدت تركيا تعثرًا في سعيها لحل الأزمة في المنطقة بسبب الافتقار إلى إجماع بين الأحزاب السياسية ومختلف المجموعات الاجتماعية تجاه كل من الأزمة السورية والانقلاب العسكري في مصر. وعلى هذا النحو
من التفصيل، أدى الربيع العربي -باعتباره التحدي الرئيس للطموحات الإقليمية التركية- إلى تحديث خطاب أنقرة الاستراتيجي في مواجهة الأزمة متعددة الأبعاد في المنطقة.










رد مع اقتباس