منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الإمام ومسؤوليته في الصلاة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-02-27, 17:35   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

آداب الإمامة

الإمام هو القدوة لمن خلفه، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤم المسلمين ويقتدون به في صلاتهم، وكذلك الخلفاء الراشدون y؛ فهم أفضل الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كانوا يؤمون المسلمين في صلاتهم.


وهناك آداب ينبغي للإمام أن يتحلى بها، ومنها على سبيل المثال:


1- التحلي بالأخلاق الفاضلة وأن يكون قدوة حسنة مألوفًا بين الناس؛ فأكثر ما يؤثر في الناس حسْن الخلق؛ فهو الباب الذي يقرب الناس من الإمام وغيره، وقد جاء في وصف الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: }وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ{ [القلم: 4].


وأثقل شيء في الميزان تقوى الله وحسن الخلق.


2- إعطاء الإمامة والصلاة حقها، والحرص على تحري السنة واتباعها في ذلك، والشعور بأداء الواجب والإخلاص في العمل.


3- الاطلاع على أحكام الإمامة والصلاة، والاستزادة منها، ومن بعض الموضوعات المتعلقة بذلك بين وقت وآخر، ورصد الفتاوى وقراءتها، وحبذا لو قرئ من كتاب مخالفات في الصلاة والطهارة للشيخ السدحان.


4- تحري السنة في المجيء للصلاة، وفي الانصراف منها، وفي الأذكار بعدها، ونحو ذلك؛ لأنه قدوة ينظر إليه.


5- التأني والتوسط في أفعال الصلاة، وتحري السنة فيها، وعدم الاستعجال المخل أو التطويل الممل.


6- المحافظة على السنن الراتبة في المسجد أو المنزل، والتأكيد على أنها حمى وسياج للصلاة تحمي صلاة المحافظ عليها.


7- الحرص على المواظبة، وضرب المثل الطيب في ذلك؛ بحيث يعد غيابه عن المسجد أو تأخره في إقامة الصلاة على مدار العام شيئًا لا يذكر.


8- الحرص على عدم التخلف في صلاتي الفجر والعصر خاصة، والابتعاد بالنفس عن مواطن سوء الظن والقيل والقال؛ فهي أكبر ما يقاس به الإمام من محافظة؛ لأنه غالبًا موجود في منزله.


9- عند الاضطرار للتخلف عن الإمامة لسفر أو انشغال ينبغي إنابة الكفء، يكون بالاتصال بالمؤذن، أو غيره؛ حتى لا يطول انتظار المصلين ويصيبهم الملل والنفور.


10- الحرص على إقامة الصلاة في مواعيدها، وعدم التقدم أو التأخر، وتراعي ظروف مساجد الأسواق ونحوها، أو المساجد المجاورة للمدارس.


11- تفويض المؤذن أو غيره من القادرين على الإمامة في إقامة الصلاة بعد دقيقتين أو ثلاث مثلاً من الوقت المحدد حتى لا يمل الناس الانتظار.


12- تفقد أهل الحي سواء المحتاج منهم أو من يمر بمشاكل والمساهمة في حلها (التوظيف – إصلاح ذات البين)؛ فلكل حي مشاكله وحاجاته؛ فينبغي على الإمام تفقد أهل الحي سواء المحتاج والمريض والذي عليه دين؛ بل حتى السعي مع الوجهاء والمسؤولين في الحي في توظيف بعض شباب الحي والعاطلين، وكذلك الحرص على السعي في حل النزاعات بين الجيران، وكذلك بين الزوجين، وإصلاح ذات البين؛ ففيها عظيم الأجر وكذلك محبة لصاحبها.


مسؤولية الإمام

والإمام مسؤول أمام الله سبحانه وتعالى في إقامة الصلاة وأدائها والمحافظة عليها؛ فهو قدوة لمن خلفه من المأمومين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام يؤتم به...»([1]).


ومكانة الإمام عظيمة؛ حيث يتقدم لإمامة المسلمين في الصلاة ويتحمل مسؤولية عظيمة؛ فهو محطُّ أنظار المصلين ومصباح هداية؛ فيجب عليه إخلاص النية لله عز وجل في السر والعلن، وأن يتقي الله في القيام بهذه المسؤولية التي تحملها.


ويمكن تحديد مسؤولية الإمام في الأمور التالية:


أولاً: الضمانة:


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين»([2]).


عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، فأرشد الله الإمام، وعفا عن المؤذن»([3]).


الضمان في اللغة: الكفالة والحفظ والرعاية، والمراد الأئمة ضمناء على الإسراء بالقراءة والأذكار.
وقيل: ضمان الدعاء أن يعم القوم به ولا يخص نفسه فقط.
وقيل: لأنه يتحمل القيام والقراءة عن المسبوق ([4]).


قال الخطابي: قال أهل اللغة: الضامن في كلام العرب معناه: الراعي، والضمان معناه: الرعاية... والإمام ضامن: بمعنى أنه يحفظ الصلاة وعدد الركعات على القوم، وقيل: معناه ضامن الدعاء يعمهم به ولا يختص بذلك دونهم، وليس الضمان الذي يوجب الغرامة من هذا في شيء([5]).


ومن الضمان الذي يجب على الإمام مراعاته أن يصلي في الوقت لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أمَّ الناس فأصاب الوقت فله ولهم، ومن انتقص من ذلك شيئًا فعليه ولا عليهم»([6]).


بَيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم في هذين الحديثين أن:


1- الإمام مسؤول عن صلاة من خلفه؛ لارتباط صلاتهم بصلاته؛ فهو الأصل وهم الفرع، ولهذا الضامن كان ثواب الأئمة أكثر إذا أدوها كاملة من فرائض وسنن، ووزرهم أكثر إذا أخلُّوا بها ([7]).


2- الإمام يحفظ الصلاة وعدد الركعات على المصلين والدعاء يعمهم به ولا يختص بذلك دونهم، وكذلك يتحمل القيام إذا أدركه المأمون راكعًا؛ وذلك لأنه ضامن الصلاة ([8]).


ثانيًا: اتخاذ السترة:


السترة: شيء يجعله المصلي بينه وبين من يمر أمامه، ومقدارها ذراع فوق مستوى مرور المار، وهذا هو طول مؤخرة الرحل وعرضها؛ فلا حد لأقله؛ فيجزئ السهم والحربة ونحوهما.


ولا يجوز أن يستتر بأقل من ذراع ([9]) إلا إذا لم يجد هذا القدر بعد بذل وسعه فيفعل ما يقدر عليه ([10]).


والدليل قوله تعالى: }فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ{ [التغابن: 16].
وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم»([11]).


والدليل على اتخاذ السترة للمصلي قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤْخرة ([12]) الرحل، فليصل ولا يبالي من مر وراء ذلك»([13]).


وسئل النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك عن سترة المصلي فقال: «كمؤخرة الرحل»([14]) وغير ذلك من الأحاديث وسيأتي ذكرها.


أما نوع السترة فلم يحدد، ولكن كل شيء في طول الذراع يمكن أن يكون سترة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مثل مؤخرة الرحل»، وقد ثبت أنه صلى إلى جدار وإلى عَنَزَة ([15]) وإلى حربة وإلى عكازة أو عصا وإلى أسطوانة وإلى الرحل والبعير وإلى الشجرة وإلى السرير والمرأة نائمة عليه وإلى الحصير([16]).


ويسن للإمام والمنفرد أن يتخذ سترة سواء كان في السفر أو في الحضر سواء خشي مارًا أم لم يخش مارًا، والدليل على ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم وفعله، ومن هذه الأحاديث:


1- عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج يوم العيد أمر بحربة فتوضع بين يديه فيصلى إليها والناس وراءه، وكان يفعل ذلك في السفر، فمن ثم اتخذها الأمراء ([17]).


2- عن عون بن أبي جحيفة قال: سمعت أبي؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم بالبطحاء وبين يديه عنزة، الظهر ركعتين والعصر ركعتين يمر بين يديه المرأة والحمار ([18]).


3- وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها»([19]).


ويسن للإمام أن يدنُ من السترة حتى لا يقطع صلاته الشيطان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فليدن منها؛ لا يقطع الشيطان عليه صلاته»([20])؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «وليدن منها؛ فإن الشيطان يمر بينه وبينها»([21]).


وفي الحديث: كان بين مصلَّى النبي صلى الله عليه وسلم وبين الجدار ممرُّ شاة([22]).


وفي حديث آخر أنه صلى الله عليه وسلم لما دخل الكعبة جعل بينه وبين الجدار ثلاثة أذرع ثم صلى ([23]).


قال البخاري: والذي ينبغي أن يكون بين المصلي وسترته قدر ما كان بين منبره صلى الله عليه وسلم وجدار القبلة ([24]).


والحكمة في الأمر بالدنوِّ من السترة: أن لا يقطع الشيطان صلاة المصلي، والمراد بالشيطان هنا: المارُّ بين يدي المصلي.


وقيل: الحكمة: حتى لا يوسوس الشيطان عليه صلاته ([25]).


وسترة الإمام سترة لمن خلفه؛ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: هبطنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنية أذخر فحضرت الصلاة فصلى إلى جدار فاتخذه قبله ونحن خلفه، فجاءت بهيمة تمر بين يديه فما زال يدارئها حتى لصق بطنه بالجدار ومرت من ورائه ([26]).

([1])رواه البخاري برقم (656) ومسلم برقم (417).

([2])رواه أبو داود برقم (517) والترمذي برقم (207) والإمام أحمد برقم (7805).

([3])رواه الإمام أحمد برقم (24867) وصححه ابن حبان. (1) انظر الشوكاني، نيل الأوطار 2/42.

([4])انظر: الشوكاني، نيل الأوطار 2/42.

([5])معالم السنن 1/156.

([6])رواه أبو داود برقم (580) وابن ماجه برقم (983).

([7])انظر: البنا، الفتح الرباني، 3/8.

([8])انظر: ابن قيم الجوزية، عون المعبود 1/217.

([9])الذراع: ما بين طرف الأصبع والمرفق وهو حوالي 45سم.

([10])انظر: محمد طرهوني، ثلاثة عشر سؤالاً وجوابًا حول السترة ص2.

([11])رواه البخاري برقم (7124) ومسلم برقم (3211).

([12])المؤخرة: بضم الميم وكسر الخاء وسكون الهمزة هي: العود الذي في آخر الرحل الذي يستند إليه الراكب من كور البعير، وهي قدر الذراع، انظر: الصنعاني نيل الأوطار، 3/5.

([13])رواه مسلم برقم (999).

([14])رواه مسلم برقم (500).

([15])العنزة: بفتح العين والنون والزاي، كالرمح.

([16])كله ثابت في صحيح البخاري برقم (476-477-478-479-480).

([17])رواه البخاري برقم (472) ومسلم برقم (501).

([18])رواه البخاري برقم (473) ومسلم برقم (501).

([19])رواه أبو داود، برقم (698).

([20])رواه الإمام أحمد برقم (15783).

([21])رواه أبو داود برقم (695).

([22])رواه البخاري برقم (474) ومسلم برقم (508).

([23])رواه البخاري برقم (484).

([24])فتح الباري 1/575.

([25])انظر: الشوكاني، نيل الأوطار 3/5.

([26])رواه أبو داود برقم (708) وصححه الألباني في صفة الصلاة للنبي r ص83.









رد مع اقتباس