مهمة جداً.
متى يخرج الرجل من أهل السنة.
متى يُخرج الشخص من دائرة أهل السنة والجماعة ؟ :
للعلامة المحدث الألباني رحمه الله :
...........................
السؤال:متى يُخرج الرجل من أهل السنة، هل إذا اعتقد اعتقادًا غير اعتقادهم أو إذا وقع في شيءٍ من الأمور المخالفة لأهل السنة؟
الجواب: لقد اشتهر بين كثير من العلماء قديما وحديثا أن المسلم إذا أخطأ في ما يُسمى عند العلماء بالفروع يعذر، أما إذا أخطأ في الأصول في العقيدة فلا يُعذر.
نحن نعتقد أن هذا التفريق أولا: ليس له دليل من الشرع، وثانيا: نعتقد أن المسلم من الواجب عليه أن يتقصّد دائما وأبدا أن يعرف الحق مما اختلف فيه الناس سواء كان ذلك متعلقا في الأصول أو الفروع أو في العقائد أو في الأحكام.
فإذا أفرغ جُهده لمعرفة الحق فيما اختلفوا فيه فإن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجرٌ واحد، كما هو معلوم من حديث الرسول عليه السلام المروي في الصحيح: "إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد"، هذا هو الأصل أولا.
ثانيا:إذا المسلم كان حريصا على معرفة الحق ثم أخطأه ولو كان في العقيدة أو في الأصول فهو غير مؤاخذٍ أولا، بل هو مأجور على خطئه أجرا واحدا، ثانيا: لما سبق ذكره.
يؤكِّد هذا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال كما في الصحيح أيضًا من حديث حذيفة بن اليمان وغيره من الأصحاب الكرام أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان في من كان قبلكم رجل لم يعمل خيرا قط، فلما حضرته الوفاة جمع بنيه حوله فقال لهم: أيُّ أب كنت لكم، قالوا خير أب، قال فإني مذنب مع ربي، ولئن قدّر الله عليّ، ليعذبني عذابا شديدا، فإذا أنا متُّ فخذوني وحرّقوني بالنار، ثم ذرّوا نصفي في البحر، ونصفي في الريح.
فمات الرجل وحرّقوه بالنار، وذرُّوا نصفه في البحر، ونصفه في الريح، قال الله عز وجل له: كوني فلانا فكان بشرا سويّا، قال له أي عبدي: ما حملك على ما فعلت، قال ربِّي خشيتك، قال فإني قد غفرتُ لك ".
فالله عز وجل قد غفر لهذا الإنسان مع أنّه وقع في الكفر وفي الشرك، لأنه بوصيّته هذه التي ربّما لا يكون لها مثيلٌ في كلِّ الوصايا التي علمناها وَوصل إلى علمنا، من حيث جورها وظُلمها، فالله لم يُؤاخذه، بل غفرَ له لأنه علِم بأنه ما أوصى بهذه الوصية الجائرة إلاّ خوفًا منه.
فإذا كان المسلم يبتغي وجه الله عز وجل في كلِّ ما يدينُ الله به ويعتقدُ فيه، لكنه أخطأ الصواب فلا شك أن الله عز وجل يغفِرُ له خطأه، بل ويأجره أجرا واحدا، هذا الذي ندين الله به ونُفتي به دائما وأبدا.
وخلاصة ذلك: أنه خلاف الأصل، والقاعدة أن الله لا يؤاخذ الإنسان على ما أخطأ، وإنّما على ما تعمّد، وثانيا لمثل هذا الحديث الصحيح.
وقال رحمه الله: إن كان اتبع وجه الحق والصواب فأخطأه، فلا يجوز أن يُقال إنّه ليس من أهل السنة والجماعة بمجرّد أنه وقع في خطأ أو لنَقُل كما جاء في سؤالك وقع في بدعة.
كثيرا كما يعلم طلاب العلم فضلا عن أهل العلم كثيرٌ من العلماء يقعون في الحرام، ولكن هل يقصدون الحرام، حاشاه، فهل يأثمون بذلك؟ الجواب: لا.
لا فرق إذًا بين عالمٍ يقع في استحلال ما حرم الله باجتهادٍ هو مأجورٌ عليه، أو بين عالمٍ آخر وقع في بدعةٍ دون أن يقصدَها وإنّما قصد السنة فأخطأها، لا فرق بين هذا وهذا.
ولذلك فنحن نشكو الآن من هذه الثورة التي ثارت في السعودية، الآن بين أهل السنة أنفسهم حيثُ أنه ظهر فيهم من يُظن بأنّه خالف أهل السنة في بعض المسائل، فبدّعوه وخرّجوه عن أهل السنة، حسبُهم أن يقولوا بأنّه أخطأ أولا، ثم عليهم أن يُقيموا الحجة من الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح ثانيا، أمّا أن يَزيدُوا في الفرقة فرقة وخِلافا فهذا ليس من عادةِ أهل السنة والجماعة أبدا.
لذلك فلا يجوز أن يُنبذَ من قد يُخطئ في مسألة على التفصيل السّابق سواء كانت أصليّة أو فرعيّة، كانت عقديّة أو فقهية، لا يجوز أن يضلّل وإنما يعامل بالذي هو أحسن.
المصدر : سلسلة الهدى والنور شريط (رقم 734)