منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - ما حكم الدين الاسلامي من الحب العذري ؟ وما خصائصه ؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-09-07, 14:20   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
notajsim
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة latraaa مشاهدة المشاركة
مشكور أحي الكريم على الموضوع الدي قدمته و على المعلومات القيمة و الصائح الرائعة، أتمنى لك و للجميع التوفيق إن شاء الله

الحب العفيف تقصد :

مقامات العاشق

والعاشق له ثلاث مقامات : مقام ابتداء ، ومقام توسط ، ومقام انتهاء .




فإن قيل : قد ذكرتم آفات العشق ومضاره ومفاسده ، فهلا ذكرتم منافعه وفوائده التي من جملتها : رقة الطبع ، وترويح النفس وخفتها ، وزوال ثقلها ورياضتها ، وحملها على مكارم الأخلاق ، من الشجاعة ، والكرم ، والمروءة ، ورقة الحاشية ، ولطف الجانب .

[ ص: 219 ]
وقد قيل ليحيى بن معاذ الرازي : إن ابنك قد عشق فلانة ، فقال : الحمد لله الذي صيره إلى طبع الآدمي .

وقال بعضهم : العشق دواء أفئدة الكرام .

وقال غيره : العشق لا يصلح إلا لذي مروءة ظاهرة ، وخليقة طاهرة ، أو لذي لسان فاضل ، وإحسان كامل ، أو لذي أدب بارع ، وحسب ناصع .

وقال آخر : العشق يشجع جنان الجبان ، ويصفي ذهن الغبي ، ويسخي كف البخيل ، ويذل عزة الملوك ، ويسكن نوافر الأخلاق ، وهو أنيس من لا أنيس له ، وجليس من لا جليس له .

وقال آخر : العشق يزيل الأثقال ، ويلطف الروح ، ويصفي كدر القلب ، ويوجب الارتياح لأفعال الكرام ، كما قال الشاعر :


سيهلك في الدنيا شفيق عليكم إذا غاله من حادث الحب غائله كريم يميت السر حتى كأنه
إذا استفهموه عن حديثك جاهله يود بأن يمسي سقيما لعلها
إذا سمعت عنه بشكوى تراسله ويهتز للمعروف في طلب العلا
لتحمد يوما عند ليلى شمائله


فالعشق يحمل على مكارم الأخلاق .

وقال بعض الحكماء : العشق يروض النفس ، ويهذب الأخلاق ، وإظهاره طبيعي ، وإضماره تكليفي .

وقال الآخر : من لم يهيج نفسه بالصوت الشجي ، والوجه البهي ، فهو فاسد المزاج ، يحتاج إلى علاج ، وأنشدوا في ذلك :


إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى فما لك في طيب الحياة نصيب


وقال آخر :


إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى فأنت وعير في الفلاة سواء


وقال آخر :


إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى فقم فاعتلف تبنا فأنت حمار


[ ص: 220 ] وقال بعض العشاق أولو العفة والصيانة : عفوا تشرفوا ، واعشقوا تظفروا .

وقيل لبعض العشاق : ما كنت تصنع لو ظفرت بمن تهوى ؟ فقال : كنت أمتع طرفي بوجهه ، وأروح قلبي بذكره وحديثه ، وأستر منه ما لا يحب كشفه ، ولا أصير بقبيح الفعل إلى ما ينقض عهده ، ثم أنشد :


أخلو به فأعف عنه تكرما خوف الديانة لست من عشاقه
كالماء في يد صائم يلتذه ظمأ فيصبر عن لذيذ مذاقه


وقال أبو إسحاق بن إبراهيم : أرواح العشاق عطرة لطيفة ، وأبدانهم رقيقة خفيفة ، نزهتهم المؤانسة ، وكلامهم يحيي موات القلوب ، ويزيد في العقول ، ولولا العشق والهوى لبطل نعيم الدنيا .

وقال آخر : العشق للأرواح بمنزلة الغذاء للأبدان ، إن تركته ضرك ، وإن أكثرت منه قتلك ، وفي ذلك قيل :


خليلي إن الحب فيه لذاذة وفيه شقاء دائم وكروب
على ذاك ما عيش يطيب بغيره ولا عيش إلا بالحبيب يطيب
ولا خير في الدنيا بغير صبابة ولا في نعيم ليس فيه حبيب


وذكر الخرائطي عن أبي غسان قال : مر أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - بجارية وهي تقول :


وهويته من قبل قطع تمائمي متمايلا مثل القضيب الناعم


سألها : أحرة أنت أم مملوكة ؟ قالت : بل مملوكة ، فقال : من هواك ؟ فتلكأت ، فأقسم عليها ، فقالت :


وأنا التي لعب الهوى بفؤادها قتلت بحب محمد بن القاسم


فاشتراها من مولاها ، وبعث بها إلى محمد بن القاسم بن جعفر بن أبي طالب فقال : هؤلاء والله فتن الرجال ، وكم والله مات بهن كريم ، وعطب بهن سليم .

وجاءت جارية إلى عثمان بن عفان - رضي الله عنه - تستعدي على رجل من الأنصار ، فقال لها عثمان : ما قصتك ؟ فقالت : كلفت يا أمير المؤمنين بابن أخيه ، فما أنفك أراعيه ، فقال عثمان : إما أن تهبها إلى ابن أخيك ، أو أعطيك ثمنها من مالي ، فقال : أشهدك يا أمير المؤمنين أنها له .

ونحن لا ننكر فساد العشق الذي متعلقه فعل الفاحشة بالمعشوق ، وإنما الكلام في [ ص: 221 ] العشق العفيف من الرجل الظريف ، الذي يأبى له دينه وعفته ومروءته أن يفسد ما بينه وبين الله ، وما بينه وبين معشوقه بالحرام ، وهذا عشق السلف الكرام والأئمة الأعلام ، فهذا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أحد الفقهاء السبعة ، عشق حتى اشتهر أمره ، ولم ينكر عليه ، وعد ظالما من لامه ، ومن شعره :


كتمت الهوى حتى أضر بك الكتم ولامك أقوام ولومهم ظلم
فنم عليك الكاشحون ، وقبلهم عليك الهوى قد نم لو ينفع الكتم
فأصبحت كالهندي إذ مات حسرة على إثر هند أو كمن شفه سقم
تجنبت إتيان الحبيب تأثما ألا إن هجران الحبيب هو الإثم
فذق هجرها قد كنت تزعم أنه رشاد ألا يا ربما كذب الزعم