منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - القطوف الدانية في أربعة معان سامية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-08-12, 19:23   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

الصحبة


]الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ[
[الزخرف: 67].



قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية ([1]): أي كل صداقة وصحبة لغير الله، فإنها تنقلب يوم القيامة عداوة إلا ما كان لله عز وجل فإنه دائم بدوامه، وهذا كما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام لقومه: ]إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ[ [العنكبوت: 25].


قال علي رضي الله عنه في تفسير هذه الآية: خليلان مؤمنان، وخليلان كافران فتوفي أحد المؤمنين وبشر الجنة فذكر خليله فقال: اللهم إن فلانا (خليله) كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك، ويأمرني بالخير، وينهاني عن الشر، وينبؤني أني ملاقيك اللهم فلا تضله بعدي حتى تريه مثلما أريتني، وترضى عنه كما رضيت عني: فقال له: اذهب فلو تعلم ما له عندي، لضحكت كثيرا وبكيت قليلا. قال: ثم يموت الآخر فتجتمع أرواحها فيقال: ليثن أحدكما على صاحبه فيقول كل واحد منهما لصاحبه: نعم الأخ ونعم الصاحب ونعم الخليل.


وإذا مات أحد الكفار وبشر بالنار وذكر خليله فيقول: اللهم إن خليلي فلانا كان يأمرني بمعصيتك، ومعصية رسولك، ويأمرني بالشر، وينهاني عن الخير، ويخبرني أني غير ملاقيك اللهم فلا تهده بعدي حتى تريه مثلما أريتني وتسخط عليه كما سخطت علي قال: فيموت الكافر الآخر فيجمع بين أرواحها. فيقال ليثن كل واحد منكما على صاحبه فيقول كل واحد منهما لصاحبه: بئس الأخ، وبئس الصاحب، وبئس الخليل. [رواه ابن أبي حاتم].


وقال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وقتادة: صارت كل خلة عداوة يوم القيامة إلا المتقين. وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «لو أن رجلين تحابا في الله أحدهما بالمشرق، والآخر بالمغرب، لجمع الله تعالى بينهما يوم القيامة يقول: هذا الذي أحببته في».


وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله r قال: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه ......»([2]).


قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله([3]):


"المسلم أخو المسلم" يعني في الدين كما قال الله تعالى: ]فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا[ [آل عمران: 103]. وهذه الأخوة هي أوثق الأخوات، أوثق من أخوة النسب، فإن أخوة النسب قد يختلف مقتضاها، فيكون أخوك من النسب عدوا لك كارها لك، وذلك يكون في الدنيا وفي الآخرة. قال الله تعالى: ]الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ[ [الزخرف: 67]. أما أخوة الدين فإنها أخوة ثابتة راسخة في الدنيا وفي الآخرة، تنفع الإنسان في حياته وبعد مماته، لكن هذه الأخوة لا يترتب عليها ما يترتب على أخوة النسب من التوارث، ووجوب النفقة وما أشبه ذلك.


ثم قال: "لا يظلمه ولا يسلمه" فهو جامع بين أمرين.
الأمر الأول: أنه لا يظلمه.
والأمر الثاني: أنه لا يسلمه لمن يظلمه، بل يدافع عنه.
الأخوة:
قال تعالى: ]وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ[ [الصافات: 24].
قال ابن المبارك: سمعت عثمان بن زائدة يقول: إن أول ما يسأل عنه الرجل جلساؤه.


قال عليه الصلاة والسلام: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان وذكر منها: أن يحب المرء لا يحبه إلا لله» [متفق عليه].


قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "ثلاث يثبتن لك الود في صدر أخيك: أن تبدأه بالسلام، وأن توسع له في المجلس، وأن تدعوه بأحب الأسماء إليه".


قال أبو الدرداء: من لك بأخيك كله.. أعط أخاك ولِن له، ولا تطع حاسدا فتكون مثله، غدا يأتيه الموت، ويكفيك قتله فكيف تبكيه بعد الموت، وفي الحياة تركت وصله...


يقول علي رضي الله عنه: لا تقطع أخاك عن ارتياب، ولا تهجره دون استعتاب...


..... لقاء الإخوان جلاء الأحزان ......
...... خليل المرء دليل عقله .....
...... ومن طلب أخا بلا عيب، بقي بلا أخ .....
سيأتي زمان ([4]) لا يكون شيء أعز من ثلاث:
أخ تستأنس به، أو درهم حلال، أو سنة يعمل بها......


ذكر أخاك إذا تناسى واجبا






أو عنَّ في آرائه تقصير


فالرأي يصدأ كالحسام لعارض






يطرأ عليه وصقله التذكير


إن أخاك الحق من كان معك






ومن يضر نفسه لينفعك


ومن إذا ريب المنون صدعك






شتت فيه شمله ليجمعك


إذا أنت صاحبت فكن فتى






كأنك مملوك لكل رفيق


وكن مثل طعم الماء عذبا باردا






على الكبد الحرى لكل صديق







قيل لخالد بن صفوان: أي إخوانك أحب إليك؟ قال: الذي يسد خلتي، ويغفر زلتي، ويقبل عثرتي. ([5])
قال بعض الحكماء: إذا رأيت من أخيك عيبا فإن كتمته عنه، فقد خنته، وإن قلته لغيره، فقد اغتبته، وإن واجهته به، أوحشته. قيل: كيف نصنع؟! قال: تكني عنه، وتعرض به وتجعله في جملة الحديث ([6]).


قال رسول الله r: «إن من عباد الله لأناسا ما هم أنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة وبمكانهم من الله» قالوا: يا رسول الله، تخبرنا من هم؟.


قال: «هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم، ولا أموال يتعاطونها فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم لعلى نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس» أخرجه أبو داود. وقال الحاكم في المستدرك: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".


وللصحبة والأخوة آداب منها:

· إعطاء كل أخ حقه قال بعض أهل العلم: للمعاشرة أوجه، فللمشايخ والأكابر بالحرمة والخدمة والقيام بأشغالهم، وللأقران والأوصاف بالنصيحة وببذل الموجود، وللتلاميذ والصغار بالإرشاد والتأديب.


· الصفح عن العثرات، وهي من شيم الصاحب المؤمن. قال الفضيل بن عياض: الفتوة: الصفح عن عثرات الإخوان.


· حفظ أسرار الإخوان قال الحكماء: قلوب الأحرار قبور الأسرار.


· الحرص على قلة المخالفة في أسباب الدنيا قال يحيى بن معاذ: الدنيا بأجمعها لا تساوي غم ساعة فكيف بغم طول عمرك فيها.


· ستر عيوب الأخ وتحسينها، وعدم إشاعتها وطلبها. قال بعض السلف: المؤمن يطلب معاذير إخوانه، والمنافق يطلب عثرات إخوانه.


· الصبر على جفوة الإخوان، ولا تقابل الجفوة بالجفوة.
· قبول الأعذار، ولو كان ضعيفا فإن من كريم الخصال أن تقبل العذر ولو كان فيه ما فيه.


· إجابة دعوته، لأن عدم الإجابة فيها إشعار بالكبر، أو أنك مشغول عنه بما هو أهم منه.


· أن تلازم الأخوة ولا تقطعها ولا تمل منه، وتحفظ المودة القديمة.


· زيارتهم وهو أدب عظيم وأمر مهم من فوائدها: إزالة ما في النفوس من التغير والشحناء، وأن تكشف حاجة فتؤديها له.


مرض قيس بن سعد بن عبادة فاستبطأ إخوانه: فقيل له: إنهم يستحيون مما لك عليه من الدين. فقال: أخزى الله مالا يمنع الإخوان من الزيارة ثم أمر مناد ينادي: من كان عليه لقيس حق فهو منه في حل، فانكسرت درجته بالعشي لكثرة من عاده ([7]).


قصة الصحبة:

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي r: «أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرصد الله له على مدرجته ملكا فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخا لي في هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تربها؟ قال: لا. غير أني أحببته في الله عز وجل قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه»([8]).



فتوى الذكر:

س: عندما كنت في سن المراهقة كنت مرهقا لنفسي بالمعاصي، ولكني لم أكن أترك واجبات الإسلام، كالصلاة وأنا الآن تائب إلى الله من جميع المعاصي بشكل عام، ولكني فاقد لحلاوة الإيمان، وأعيش في حيرة وقلق فحينما أتشهد أحس أن الشهادة لا تصل إلى قلبي، وأنا خائف من أن الله يختم على قلبي وأرجو إرشادي أثابكم الله.


ج: نوصيك بحمد الله كثيرا على ما من به عليك من التوبة وأكثر من الأعمال الصالحات، وأحسن ظنك بربك، وأكثر من ذكر الله، وقراءة القرآن بالتدبر، واصحب الأخيار، وابتعد عن الأشرار، وأبشر بالخير وحسن العاقبة، وستجد إن شاء الله بعد العمل بما ذكرته لك حلاوة الإيمان، ولذة الشهادتين، وثمرة التوبة النصوح قال الله تعالى: ]أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[ [الرعد: 28]، وقال تعالى: ]وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[ [النور: 31].


وقال النبي r: «الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها» وقال عليه الصلاة والسلام: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» فمن أكثر من ذكر الله، وصدق في التوبة، حصل له الفلاح والطمأنينة، وراحة الضمير، ومحيت عنه سيئاته. ثبتك الله على الهدى ومنحك الاستقامة إنه خير مسؤول ([9]).

الهمة العالية

قال تعالى: ]وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ[ [الواقعة: 10، 11].


أي: السابقون في الدنيا إلى الخيرات هم السابقون في الآخرة لدخول الجنات. أولئك الذين: هذا وصفهم المقربون عند الله في جنات النعيم في أعلى عليين في المنازل العاليات، التي لا منزلة فوقها([10]).


عن أبي فراس ربيعة بن كعب الأسلمي خادم رسول الله r وهو من أهل الصفة رضي الله عنه قال: "كنت أبيت مع رسول الله r، فآتيه بوضوئه، وحاجته فقال: «سلني» فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة. فقال: «أو غير ذلك؟» قلت: هو ذاك، قال: «فأعني على نفسك بكثرة السجود»([11]).


قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله([12]):


فكان ربيعة بن مالك رضي الله عنه يخدم النبي r وكان يأتيه بوضوئه وحاجته... فقال له ذات يوم: «سلْ»، من أجل أن يكافئه النبي عليه الصلاة والسلام على خدمته إياه، لأن النبي r أكرم الخلق، وكان يقول: «من صنع إليكم معروفا فكافئوه» فأراد أن يكافئه فقال له: «سلْ»، يعني اسأل ما بدا لك، وقد يتوقع الإنسان أن هذا الرجل سيسأل مالا، ولكن همته كانت عالية، قال: أسألك مرافقتك في الجنة كما كنت، يعني كأنه يقول: كما كنت مرافقا لك في الدنيا أسألك مرافقتك في الجنة، قال: «أوغير ذلك؟» يعني أو تسأل غير ذلك مما يمكن أن أقوم به، قال: هو ذاك، يعني لا أسأل إلا ذاك، قال النبي r: «فأعني على نفسك بكثرة السجود».



الهمة العالية:


يقول الشوكاني: حاثًا على علو الهمة:


"ينبغي لمن كان صادق الرغبة ... قوي الفهم ... ثاقب النظر عزيز النفس .... عالي الهمة، سامي العزيمة ألا يرضى لنفسه بالدون ولا يقنع بما دون الغاية، ولا يقصد عن الجد والاجتهاد المبلغين له إلى أعلى ما يراد، وأرفع ما يستفاد، فإن النفوس الأبية والهمم العلية. لا ترضى بما دون الغاية في المطالب الدنيوية من جاه أو رئاسة أو صناعة أو حرفة حتى قال قائلهم:


إذا غامرت في شرف مروم






فلا تقنع بما دون النجوم


فطعم الموت في أمر حقير






كطعم الموت في أمر عظيم







قيل للعتابي: فلان بعيد الهمة، قال: إذا ليس له غاية دون الجنة.


قال ابن القيم: إذا طلع نجم الهمة في ليل البطالة، ودون قمر العزيمة، أشرقت أرض القلب بنور ربها.


وقال ابن الجوزي: من علامة كمال العقل: علو الهمة.... والراضي بالدون دنيء....


إذا أظمأتك أكف الرجال






كفتك القناعة شعبا وريا


فكن رجلا رجله في الثرى






وهامة همته في الثريا


شمر وكافح في الحياة فهذه






دنياك دار تناحر وكفاح


وانهل مع النهال عن عذب الحيا






فإذا رقا فامتح مع المتاح


وإذا ألح عليك خطب لا تهن






واضرب على الإلحاح بالإلحاح







قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تصغرن همتكم، فإني لم أر أقعد عن المكرمات من صفر الهمم.


مظاهر دنو الهمة:

(1) دنو الهمة في طلب العلم:


قال الشيخ محمد الخضر حسين رحمه الله: لم يقض حق العلم، بل لم يدر ما شرف العلم ذلك الذي يطلب لينال به رزقا، أو ينافس فيه قرينا، حتى إذا أدرك وظيفة، أو أنس من نفسه الفوز على القرين أمسك عنانه ثانية، وتنحى عن الطلب جانبا.


وإنما ترفع الأوطان رأسها، وتبرز في مظاهر عزتها بهمم أولئك الذين يقبلون على العلم بجد وثبات. ولا ينقطعون عنه إلا أن ينقطعوا عن الحياة ([13]).


ومن مظاهر دنو الهمة في طلب العلم ما يقع بين بعض طلابه من تحاسد وتغاير، وتنافس غير شريف.


(2) التكاسل في أداء العبادات:


ومن ذلك التباطؤ في تأدية الصلاة، والغفلة عن قراءة القرآن والغفلة عن أعمال القلوب من توكل، وحب وإخبات، ومن التواني عن الإنفاق في سبيل الله.


(3) الانهماك في الترف:


ومن صور ذلك:


* التوسع في المآكل والمشارب:


قال ابن القيم: وأما فضول الطعام، فهو داع إلى أنواع كثيرة من الشر، فإنه يحرك الجوارح إلى المعاصي، ويثقلها عن الطاعات وحسبك بهذين شرا.


* كثرة النوم:


قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من كثر نومه، لم يجد في عمره بركة.


(4) التحسر على ما مضى وترك العمل:

إضاعة الحاضر حزنا على الماضي نزول في الهمة واستسلام للأوهام وانسياق وراء وساوس الشيطان.


قال الشاعر:
ألم تريا أن الملامة نفعها






قليل إذا ما الأمر ولى وأدبرا


تهيج البكاء والندامة ثم لا






تغير شيئا غير ما كان قدرا







(5) كثرة المزاح والإسفاف فيه:


المزاح يأكل الهيبة كما تأكل النار الحطب.
أفد طبعك المكدود بالجد راحة






يجم وعلله بشيء من المزح


ولكن إذا عطيته المزح فليكن






بمقدار ما تعطي الطعام من الملح







(6) مجاراة السفهاء:


قال الشاعر:
لا ترجعن إلى السفيه خطابه






إلا جواب تحية حياكها


فمتى تحركه تحرك جيفة






تزداد نتنا أن أردت حراكها











أسباب اكتساب الهمة العالية:

1- سلامة العقيدة:

سلامة العقيدة أهم المهمات وأوجب الواجبات. فالعقيدة السليمة سبب للنصر والظهور والتمكين.


لذلك أهل العقيدة السليمة أهل السنة والجماعة هم خيار الناس وأفاضلهم. فما من خصلة حمد إلا ويمتازون بها. وما من خصلة ذم عند بعض أفرادها إلا وعند غيرهم أعظم وأطم منها.


2- الدعاء:


الدعاء سبب لنيل الهمة، لأن الله أمر بالدعاء، ووعد بالإجابة.
قال تعالى: ]وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[
[غافر: 60].



فإذا سأل العبد ربه أن يعلي همته، وأن يهديه لكل خير ويجنبه كل شر، كان ذلك سببا لعلو الهمة.


3- المواقف التي تمر بالإنسان:


إذا مر بالفرد أحداث ومواقف، وتقلبات في حياته، من محن وبلايا وغير ذلك، فإنها تؤثر فيه وتترك أثرها في نفسه، وقد تكون سببا لنهوضه ورفعته، ذلك لأن للهمم خمودا وللعزائم فترة، ولا يتيقظ من فتراتها إلا من استفزته صروف الحوادث.


4- قبول النقد البناء، والنصيحة الهادفة:


النقد والنصيحة إذا صدرا من ناقد بصير أو ناصح أمين أراد بنقده البناء ورام بنصحه الخير، كان جديرا بمن توجه إليه ذلك أن يأخذ به. وذلك يدل على كرم النفس، وسعة الأفق، وعلو الشأن، وهو في الوقت نفسه سبب لعلو الهمة وارتفاع المنزلة وتناهي الفضل، والترقي في مراتب الكمال.


5- عزة النفس:


عزة النفس تعني الارتفاع عن مواضع المهانة، ويقابلها الضعة, فعزيز النفس لا يسير إلا وفق ما يمليه وعليه إيمانه، ولا يبذل عرضه فيما يدنسه فهو مرفوع الرأس، موفور الكرامة، فعزة النفس من كبر الهمة.


وكبر الهمة تعقد الألسنة عن الانطلاق في مجاري التملق والمداهنة.


قال الشاعر فيما يحكى عنه:


أمت مطامعي فأرحت نفسي






فإن النفس ما طمعت تهون


وأحييت القنوع وكان ميتا






ففي إحيائه عرض مصون


إذا طمع بحل بقلب عبد






علته مهانة وعلاه هون







6- قصر الأمل وتذكر الأخوة:


قال ابن الجوزي: من تفكر في عواقب الدنيا، أخذ الحذر، ومن أيقن بطول الطريق، تأهب للسفر.


7- مصاحبة الأخيار وأهل الهمم العلية:


قال ابن حزم: من طلب الفضائل، لم يساير إلا أهلها ولم يرافق في تلك الطريق إلا أكرم صديق من أهل المواساة، والبر والصدق وكرم العشيرة والصبر، والأمانة، والحلم، وصفاء الضمائر، وصحة المودة، ومن طلب الجاه والمال واللذات، لم يساير إلا أمثال الكلاب الكلبة والثعالب الخلبة ولم يرافق في تلك الطريقة إلا كل عدو المعتقد خبيث الطبيعة.


8- الصبر والمصابرة والجَدُّ والمثابرة:


قال تعالى: ]إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ[ [الزمر: 10].


وقل من جد في أمر تطلبه






واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر







قال بعض السلف: من لم يصبر على ذل التعليم، بقي عمره في عماية الجهل، ومن صبر عليه، آل أمره إلى عز الدنيا والآخرة.


9- التفــاؤل:


إن ذلك مما يبعث الهمة، ويدعو إلى طرح الكسل، وإلى الإقبال على الجد والعمل فإذا عمل المرء ما في وسعه واستنفذ جهده وطاقته، فليثق بأن ربه لن يخذله، ولن يضيع عمله، وليحذر من اليأس والقنوط فإنهما من أشد المثبطات.


10- استشارة الهمة وتحريك الإرادة:


فكثير من الناس تكمن فيه الهمة كمون النار في الزند، وهذه الهمة تحتاج إلى من يوريها ويقدح زندها.



قصة الهمة العالية:

جاء في سير أعلام النبلاء: أن أبا عبد الرحمن بقي بن مخلد الأندلسي الحافظ ولد سنة 201هـ، وتوفي سنة 276هـ -رحمه الله تعالى-: ورحل إلى بغداد على قدميه وسنة نحو عشرين سنة، وكان جل بغيته ملاقاة الإمام أحمد بن حنبل والأخذ منه.


حكي عنه أنه قال: لما قربت من بغداد اتصل بي خبر المحنة التي دارت على أحمد بن حنبل، وأنه ممنوع من الاجتماع إليه والسماع منه، فاغتممت بذلك غما شديدا، وذهبت استدل على منزل أحمد بن حنبل، فدللت عليه، فقرعت بابه، فخرج إلي وفتح الباب فقلت: يا أبا عبد الله، رجل غريب الدار، وطالب حديث ومقيِّد سُنَّة أي جامع سُنَّة فقال لي: وأين موضعك؟ قلت: المغرب الأقصى.


فقال: إن موضعك لبعيد، وما كان شيء أحب إلي من أن أحسن عون مثلك على مطلبه، غير أني في حيني هذا ممتحن بما لعله قد بلغك. فقلت له: هذا أول دخولي، وأنا مجهول العين عندكم، فإن أذنت لي أن آتي في كل يوم في زي السؤال فأقول عند باب الدار ما يقولونه، فتخرج إلى هذا الموضع فلم لم تحدثني في كل يوم إلا بحديث واحد، لكان فيه كفاية فقال: نعم، على شرط ألا تظهر في الحلق، ولا عند أصحاب الحديث فقلت: لك شرطك. فكنت آخذ عودا بيدي، وألف رأسي بخرقة، وأجعل كاغدي أي أوراقي ودواتي شفي كمي، ثم آتي باب الدار فأصيح: الأجر رحمكم الله. فيخرج إلي ويعلق باب الدار، ويحدثني بالحديثين والثلاثة والأكثر، حتى اجتمع لي نحو من ثلاثمائة حديث ([14]).



***

([1])تفسير القرآن العظيم: 4/170.

([2])أخرجه البخاري كتاب الأدب باب: ما ينهى عن التحاسد والتدابر، أخرجه مسلم كتاب البر والصلة والآداب باب: تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره.

([3])ا.هـ. باختصار من شرحه لرياض الصالحين: ص695.

([4])هذا من علم الغيب وبالتالي يحتاج إلى نص من الكتاب أو السنة، وهذا غير موجود فالأولى أن يقال: ثلاث عزيزات: أخ صادق ودرهم حلال....

([5])مختارات من كتاب المجموع المنتخب من المواعظ والأدب: ج2.

([6])المرجع السابق.

([7])مختارات من المجموع المنتخب من المواعظ والأدب: ج2.

([8])أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة واللفظ له باب: فضل الحب في الله 4/1988، وابن حبان في ذكر إثبات محبة الله جل وعلا للمتحابين فيه.

([9])مجموع فتاوى ومقالات متنوعة: للشيخ ابن باز رحمه الله 5/57.

([10])تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن: ص1412.

([11])رواه مسلم.

([12])مختصرا من شرحه لرياض الصالحين ص122.

([13])رسائل الإصلاح: 1/48.

([14])صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل عبد الفتاح أبو غدة ص55.