منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - اريد بحث للمرة الالف
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-10-30, 18:21   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
MEDOUL
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية MEDOUL
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مفهوم النظام العام :
وقد لا يبعد عن هذا المفهوم ما نسميه في الإسلام بالمعروف \\\" ، أو \\\"قاعدة المصلحة\\\" على اختلاف في المدلولين ، وقد أشار إليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كشرط من شروط التطبيق الميداني لمقتضيات الإعلان في المادة التاسعة والعشرين : \\\"يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود التي يقررها القانون فقط ؛ لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها ، ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي\\\".

وقد فسر القانونيون النظام العام بأنه : أمر يتعلق بتحقيق مصلحة عامة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى ، ولا نستطيع أن نحصر النظام العام في دائرة دون أخرى ، فهو أمر متغير يضيق ويتسع حسبما يعده الناس في حضارة معينة مصلحة عامة ، ولا توجد قاعدة ثابتة تحدد النظام العام تحديدًا مطلقًا يتماشى مع كل زمان ومكان ؛ لأن النظام العام شيء نسبي ، وكل ما نستطيعه هو أن نضع معيارًا مرنًا يكون معيارًا المصلحة العامة ، وتطبيق هذا المعيار في حضارة معينة يؤدي إلى نتائج غير التي نصل إليها في حضارة أخرى\\\". هذا ما يراه السنهوري.

إن تعريف السنهوري هو تعريف دقيق للنظام العام من كونه مبدأ يختلف من نظام إلى آخر ومن حضارة إلى أخرى باعتباره راجعًا إلى النظام الأعلى للمجتمع ؛ ولهذا عبر عنه بعض القانونين الغربيين بأنه مبدأ غامض ، وأن هذا الغموض متعمد ليتيح للسلطات المعنية تقدير الحاجة إلى التدخل مثلاً ، فهو غموض يؤسس للمرونة التي يقصد المقنن إليها لتحقيق المصلحة المتوخاة .

ويرى السنهوري في كتابه \\\"مصادر الحق\\\" أن النظام العام يرادفه في الفقه الإسلامي \\\"حق الله تعالى\\\" في مقابل الحق الخاص ، وهو حق لا يمكن إسقاطه ولا العفو ، وبني على ذلك كثيرًا من المسائل الفقهية والقانونية مقارنة .

ومن أمثلة ذلك في الشريعة أنه لا يمكن أن يتنازل عن نسبه لينسب إلى غير
أبيه ، وكل العقود التي يعترض فيها الشرع على إرادة المتعاقدين: كالعقود الربوية ، والعقد على المحرمات : كالخمر ، والخنزير. (1/86 ) .

وسبق أن شرحنا أن النظام العام قد يرادف العرف ، وهذا حيث يوجد فراغ تشريعي ، وهو أكثر \\\"النظام العام\\\" عند الغربيين ؛ ولكنه قد يكون تطبيقا لنص أو قاعدة ، وحينئذ يكون قريبًا من حق الله تعالى الذي أشار إليه العلامة السنهوري .
وقد أشار القانوني الفرنسي هنري كابتان إلى أن \\\"النظام العام\\\" قد يكون ناشئًا عن مبادئ غير مكتوبة \\\"العرف\\\" ومبادئ مكتوبة ؛ حيث يقول: إن النظام العام هو مجموعة المبادئ المكتوبة وغير المكتوبة ، التي تعتبر في النظام القضائي أساسية ؛ ولهذا فإنها تلغي أثر الإرادة الفردية ومفعول القوانين الأجنبية\\\" .

أما الأستاذ كريستوف فيبيرا فيعرف النظام العام بما يلي: كل مجتمع يلزم أعضاءه باحترام مجموعة تضيق وتتسع من القواعد التي لها الأولوية المطلقة ، والتي يطلق عليها عبارة \\\"النظام العام\\\" ، فكلمة النظام (Ordre) توعز بفكرة التوجيه والأمر والترتيب ، وإضافة العمومي أو العام إليها تبرز أسبقية المصلحة العامة على المصلحة الشخصية الخاصة ( من بحثه النظام العام والمجلس الدستوري ) بالفرنسية .

ويقول كريستوف فينبر أيضا وهو المحاضر في جامعة روان بفرنسا: إن مبدأ النظام العام مبدأ غامض لأنه يختلف بحسب الوقائع والظروف والوضع المجتمعى وأصول وأهداف المجموعة تبعا للفلسفات والأخلاقيات والسياسيات\\\".

- راجع بحثه القيم في دورية القانون الدستوري تحت عنوان: النظام العام في فقه قضاء المجلس الدستوري -باللغة الفرنسية \"

ولهذا فالنظام العام يختلف بحسب الحضارات والمصالح والأخلاقيات لكل قوم فمن الطبيعي أن يختلف بين الإسلام وبين الحضارة الغربية ولأزيد الأمر وضوحاً أقدم مثالاً هو منع الحكومة البريطانية عرض فيلم يمس شخصية المسيح عليه السلام في بريطانيا بحجة أنه يسئ إلى النظام العام - حماية لمشاعر المسيحيين من الإساءة - وعندما رفعت بعض الجهات المهتمة بحقوق الإنسان دعوى أمام محكمة حقوق الإنسان الأوربية ضد قرار الحكومة البريطانية باعتبار هذا الحظر منافيا لحق الإنسان في التعبير عن رأيه ونشر رأيه إلى آخر الحقوق المكفولة أصدرت المحكمة قرارها في القضية المعروفة\\\" وفقروف والمملكة المتحدة\\\"أيدت المحكمة موقف الحكومة البريطانية وذلك في 25 نوفبر 1996 لاشتمال الفيلم على الشتم والوقاحة \\\". يراجع بحث الحقوقي الفرنسي جيل اندريان الأستاذ بكلية الحقوق برانسون تحت عنوان\\\" تألق وفاقة النظام العام الأوربي\\\" باللغة الفرنسية .

ولكن بريطانيا نفسها دافعت عن سلمان رشدي في مفترياته المسيئة إلى مشاعر المسلمين مع ما اشتمل عليه من وقاحة وتفاهة انه منطق النظام العام والاختلاف الحضاري .
وعندما يشير إلى المبادئ غير المكتوبة فإنه يمنح للجهة التي تطبق القانون دورًا كبيرًا في تقدير نظرية \\\"النظام العام\\\" أو خلقها وكذلك للقاضي ؛ وهو ما يجعل النظام العام يدخل في فقه القضاء أو عمل المحاكم .

إن مجموع الحريات لا يمكن أن تكون مطلقة ، فلو كانت كذلك لأدت إلى فوضى من كل نوع . ومن هنا تبرز فكرة \\\"النظام العام\\\" .