[نينا الجزائرية]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو زيد العربي

"اسهيل".. قمر الحرية القطري الذي طال انتظاره / د. عادل البياتي

المختصر /

استبشر الأحرار في كل مكان، وبالأخص في عالمنا العربي، بنبأ إقدام دولة قطر على إطلاق القمر الصناعي القطري "اسهيل" ليسهم في تعزيز البث الفضائي ويدخل قطر في نادي عالم الفضاء الرحب مع الدول الكبرى. حيث تم التوقيع مؤخرا على عقد بين كل من المجلس الأعلى للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ممثلاً لدولة قطر، وشركة يوتلسات الفرنسية للاتصالات "يورونيكست - باريس" كما تم اختيار شركة سبيس سيستمز/لورال الأمريكية لتصميم وتصنيع القمر الصناعي القطري "اسهيل" الذي ستقوم المؤسستان بامتلاكه وتشغيله معا على الموقع المدارى 25.5 درجة شرقا. ويعد أحد المواقع الأساسية في تغطية خدمات البث التلفازي سريعة التوسع في أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ووسط آسيا. وسيوفر القمر الصناعي الجديد الذي سيدخل الخدمة أوائل 2013 خدمة تغطية متميزة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى. وسيُمكن التصميم الهندسي متعدد المهام لقمر "اسهيل" كلا من المجلس الأعلى للاتصالات وشركة يوتلسات من تلبية احتياجات المنطقة المتزايدة في مجال البث التلفزيوني والاتصالات الخاصة بالمشاريع والمؤسسات والخدمات الحكومية. وتبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع 300 مليون دولار، وستكون حصة قطر في «اسهيل» تتجاوز الـ %50.

منذ انطلقت قناة الجزيرة عام 1996 في فضاء الحرية لتعلن قيام عهد جديد من الاعلام الفضائي الحر بعيداً عن قيود السلطة، وكوابح رغبات الحاكمين، و"الجزيرة" تتعرض بسبب نهجها التحرري المستقل والمناصر لقضايا الحق العربي وحرية الشعوب، إلى شتى أنواع الضغوط والعراقيل بل والمؤامرات التي وصلت الى حد التخطيط لقصف وتدمير مقرها، فضلا عن استمرار ملاحقة ومضايقة مكاتبها ومراسليها في العديد من الدول العربية وغير العربية، واستطاعت هذه القناة الحرة من أن تشق طريقها وسط الصعاب، ولكن بقي أمل إطلاق قمر صناعي قطري حلما يُراود الاحرار العرب واحرار العالم بعدما تصاعدت الحملة الشرسة على الجزيرة، ووصلت حد إغلاق مكاتبها، ومنع بثها، والتشويش على بثها كما حصل مؤخرا في شهر يونيو 2010 لعرقلة بث مباريات كأس العالم من خلال قناتها الرياضية.

وإزاء ما تعرضت وتتعرض له "الجزيرة" من مضايقات، تصاعدت دعوات المثقفين والكتاب الاحرار في السنوات الأخيرة الماضية، داعين إلى تعزيز قناة "الجزيرة" بقمر صناعي، تبحر فيه دولة قطر عباب الفضاء، فضاء الحرية واحترام حرية وحقوق الانسان، لقطع الطريق أمام أي محاولات قد تجري لاحقاً للتشويش أو قطع بث قناة "الجزيرة"، أو حتى الضغط والتأثير على القناة، مثلما حدث لبعض القنوات كالمنار والأقصى. وإنه بامتلاك قطر لقمر صناعي حر، فانها تضمن بثاً فضائياً للجزيرة خالياً من التهديد، وسيشكل نوعاً من الحماية ضد الخنق من قبل من يدور بخَلَدِهم مثل هذه الأفكار المدمرة للحريات والوعي والثقافة والمعرفة. وإن ما حصل من تشويش على إرسال قناة الجزيرة الرياضية أثناء نقل مونديال كأس العالم بجنوب أفريقيا وسادت حالة من الاستياء الشديد لدى مشاهدي المباراة على قنوات الجزيرة الرياضية الخمس التي كانت تنقل المباراة، واضطروا للذهاب لبعض القنوات الأوروبية ومتابعة اللقاء من على الإنترنت والإذاعات المختلفة. وتساءلت أوساط إعلامية عن المستفيد من هذه الحركة غير المسؤولة، خصوصاً أن شبكة الجزيرة الرياضية قد وفرت كل السبل في سبيل إسعاد المشاهد العربي عبر توفير خدمة غير مسبوقة من النقل بأفضل التقنيات، واستديوهات تحليلية على أعلى مستوى تضم خيرة محللي العالم، فضلا عن الربط المباشر مع مراسلي الجزيرة بكل مكان. وقالت هذه الأوساط إن «الجزيرة» ستسير وفق منهجها الذي عرفت به، ومواصلة مشوار التميز والتفوق، وستترك الصغائر لمن يدعي أنه «كبير».

ليس ثمة شك أنّ إطلاق القمر الصناعي القطري "أسهيل" سيكون بداية انطلاق قطر في المجال الفضائي، وسوف يوفر مساحات للحرية للعديد من الفضائيات العربية التي تعرضت للمضايقة والغلق ومنع البث بتأثيرات من جهات لا تحترم الحريات. علما أن عدد الفضائيات العربية اليوم تجاوز الـ530 قناة تمتلكها 226 هيئة، تبث من خلال قمرين عربيين هما "نايل سات" و"عرب سات" بالإضافة للقمر الأوروبي "يورو سات"، ولاشك أن توفر قمر صناعي حر لايخضع للمساومات ولا للابتزاز ولا للضغوط السياسية سيكون مكسبا كبيرا لمسيرة الحرية وحقوق الانسان ونصرة للمواطن العربي ولقضايا العرب المصيرية وكل قضايا التحرر في العالم.

بقي أن نقول من الناحية الفنية أن القمر القطري "أسهيل" هو فريد من نوعه لانه يعتمد تقنية ثلاثية الأبعاد لمحطات التلفزيون التي ستنزل عليه، كما يغطي محطات الراديو فيمكن سماع محطات الراديو في أي مكان يغطيه القمر ..وكذلك بث شبكة المعلومات العالمية "الانترنت"، وكل ماهو متعلق بالتكنولوجيا سيغطيه القمر القطري. يضاف لذلك الجدوى الاقتصادية للقمر الصناعي القطري وهي جدوى عالية لأنه تمت دراسته على أسس اقتصادية. وبالتالي فإن "اسهيل" القطري سوف يكمل سياسة قطر المعروفة في مجال الاعلام الى جانب بعده الاستثماري المالي، فقطر تمتلك الكثير من المحطات والقنوات الفضائية ومن حقها أن تشارك في ولوج عالم الفضاء، واستثمار تكنولوجيا الاعلام. فبجانب توفير مشروع القمر القطري "اسهيل" مجالا للبث الفضائي الحر، فإنه سيوفر حزم «كي يو-باند» التكميلية وبقدرة فائقة في المرونة التشغيلية والتغطية المتميزة عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى، وسيفتح آفاقا جديدة للاستثمار ولقطاع الأعمال. والقمر "اسهيل" سيمكن الشركاء فيه من الاستجابة لمتطلبات تطبيقات أنظمة البث والاتصالات التي تشهد تطورا ونموا متسارعين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما في ذلك بث الفيديو والاتصالات الخاصة بالمشاريع والمؤسسات والخدمات الحكومية، كما ستكون سوق القنوات التلفزيونية أكثر القطاعات استفادة من خدمة يوتل سات المباشرة للمنازل المكونة حاليا من 13 مليون منزل مجهزة لاستقبال البث المباشر عبر الأقمار الصناعية.

إن المواطن العربي اليوم بحاجة ماسة إلى تكريس الدور الإعلامي في نقل الوقائع والحقائق بأمانة وموضوعية إلى العالم لكشف بشاعة الجرائم الصهيونية المرتكبة ضدّ الإنسان الفلسطيني، وفضح تلك الممارسات اللا إنسانية وإيصال صوت المظلوم الفلسطيني والعربي إلى العالم الغربي الذي يُمارس على شعوبه تعتيم إعلامي واضح، ومعلوم ان المشاهد الأجنبي في بلاده، فهو يتأثر كثيراً بالبث الفضائي وليس بسبب المعلومة التي يوفرها التلفزيون فقط، وإنما للثقة في المعلومة وعدم توافر بدائل كثيرة.

مرحبا بدولة قطر الفتية النامية في عالم نادي الفضاء لخدمة الحرية وقضايا حقوق الانسان وفضح كل ممارسة تنتهك حقوق المواطن العربي، ومرحبا بـ "اسهيل" القطري الذي طال انتظاره، وسنبقى مترقبين انطلاقته عام 2013 بإذن الله وبوركت كل الجهود المخلصة التي تقف وراءه.

المصدر: الوطن القطرية

جزاكم الله خيرا علي نقل الخبر السار جدا