منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - أقوى الردود على من أنكر علو العزيز الودود..متجدد
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-09-15, 22:00   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تاسعاً: التصريح بأنه تعالى في السماء والمراد بها العلو، قال ‏تعالى:{ أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور/أم أمنتم من ‏في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير} الملك-1716، ‏
والمراد (من في السماء) أي الله -وليس الملائكة كما يدعي المعطلة – لقوله ‏تعالى((أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب ‏من حيث لا يشعرون))النحل45‏

قال ابن جرير الطبري _ وهو إمام المفسرين _ في تفسير الآية التي ذكرها (أم ‏أمنتم من في السماء ) وهو الله‎ )
وقال البغوي في تفسيره (8/178‏‎) (({ ‎أأمنتم من في‎ ‎السماء‎ } ‎قال ابن عباس: ‏أي‎: ‎عذاب من في السماء إن‎ ‎عصيتموه.‏‎ ))‎
بل قد روى البخاري‎ ‎عن ابن عباس ما يلي: قال‎: « ‎لما كلم الله موسى كان ‏النداء في السماء وكان الله في‎ ‎السماء‎ » [‎البخاري: خلق أفعال العباد ص40‏‎].‎‏


معنى كون الله في السماء ‏‎:‎


أما معنى(الله في السماء) فهو العلو كما قال ابن الأعرابي : [كل ما علاك فهو ‏سماء ‏ ‏ ]، ‏
ومما يؤكد أن السماء‎ ‎لفظ اصطلاحي يراد به العلو هو قول النبي صلى الله عليه ‏وسلم‎ ): ‎الخيمة درّة طولها في السماء ستون ميلاً في كل زاوية منها أهل ‏للمؤمن لا‎ ‎يراهم الآخرون‎ » (‎متفق عليه‎).
يبين ذلك أيضاً قول الإمام‎ ‎النووي رحمه الله: « قوله (طولها في السماء‎) ‎أي في‎ ‎العلو‎ » [‎شرح النووي على مسلم ج 17/176‏‎].‎
يقول الحافظ ابن عبد البر رحمه الله :‏
وأما قوله تعالى : ( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ ) الملك/16 فمعناه ‏مَن على السماء يعني على العرش ، وقد يكون في بمعنى على ، ألا ترى إلى ‏قوله تعالى : ( فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) التوبة/2 أي : على الأرض . ‏وكذلك قوله : ( وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ) طه/71 " انتهى. " التمهيد " ‏‏(7/130) . ‏
وقال أبي الحسن الأشعري في كتاب الإبانة((ومنها قول الله عز وجل : ( أأمنتم ‏من في السماء أن يخسف بكم الأرض ) ثم قال‎ : ‎فالسموات فوقها العرش , فلما ‏كان العرش فوق السموات قال : (أأمنتم من في السماء‎ ‎‏)‏‎ ‎لأنه مستو على ‏العرش الذي فوق السموات , وكل ما علا فهو سماء . فالعرش أعلى السموات‎ , ‎وليس إذا قال : ( أأمنتم من في السماء) يعني جميع السموات . وإنما أراد ‏العرش‎ ‎الذي هو أعلى السموات إلى أن قال : ورأينا المسلمين جميعاً يرفعون ‏أيديهم إذا دعوا‎ ‎نحو السماء , لأن الله عز وجل مستو على العرش الذي هو ‏فوق السموات , فلولا أن الله‎ ‎عز وجل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو ‏العرش)) . انتهى‎


و قال الشيخ ابن عثيمين في " شرح الواسطية " (ص 252 – 253): لكن ها ‏هنا إشكال, وهو أن (في) للظرفية, فإذا كان الله في السماء, و(في) للظرفية, ‏فإن الظرف محيط بالمظروف! أرأيت لو قلت: الماء في الكأس, فالكأس محيط ‏بالماء وأوسع من الماء! فإذا كان الله يقول: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ فهذا ظاهره أن ‏السماء محيطة بالله, وهذا الظاهر باطل, وإذا كان الظاهر باطلا, فإننا نعلم علم ‏اليقين أنه غير مراد لله, لأنه لا يمكن أن يكون ظاهر الكتاب والسنة باطلا. فما ‏الجواب على هذا الإشكال؟ قال العلماء: الجواب أن نسلك أحد طريقين:
1- فإما ‏أن نجعل السماء بمعنى العلو, والسماء بمعنى العلو وارد في اللغة, بل في ‏القرآن, قال تعالى: أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا (الرعد 17) ‏والمراد بالسماء العلو, لأن الماء ينزل من السحاب لا من السماء التي هي ‏السقف المحفوظ, والسحاب في العلو بين السماء والأرض, كما قال تعالى: ‏وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ (البقرة 164).فيكون معنى: مَنْ فِي ‏السَّمَاءِ أي: من في العلو. ولا يوجد إشكال بعد هذا, فهو في العلو, ليس يحاذيه ‏شيء, ولا يكون فوقه شيء. 2
- أو نجعل (في) بمعنى (على), ونجعل السماء ‏هي السقف المحفوظ المرفوع, يعني: الأجرام السماوية, وتأتي (في) بمعنى ‏‏(على) في اللغة العربية, بل في القرآن الكريم, قال فرعون لقومه السحرة الذين ‏آمنوا:وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ (طه 71), أي: على جذوع النخل. فيكون ‏معنى: مَنْ فِي السَّمَاءِ. أي: مَنْ على السماء. ولا إشكال بعد هذا.) انتهى كلام ‏الشيخ رحمه الله تعالى.‏
قال البيهقي في الأسماء والصفات (2 :165‏‎): « ‎ومعنى قوله في هذه‎ ‎الأخبار ‏‏"من في السماء" أي فوق السماء على العرش كما نطق به الكتاب‎ ‎والسنة‎

».‎
هذا وقد تواترت الأدلة على أن الله في السماء ‏‎:‎
قال الحافظ الذهبي رحمه الله في كتابه "الأربعين في صفات رب العالمين"—‏ص53/54((وكونه-عز وجل-في السماء متواتر عن رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم تواتر حرفيا ))فمن ذلك ‏‎:‎
‏1-عن معاوية بن حكم السلمي رضي الله عنه قال ‏‎:‎كانت لي جارية ترعى غنما ‏قبل أحد والجوانية .فاطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها ,وأنا ‏رجل من بني آدم آسف كما يأسفون ,لكني صككتها صكة .فأتيت رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك علي.قلت ‏‎:‎يا رسول الله أفلا أعتقها؟ .قال((ائتني ‏بها) فأتيته بها فقال لها((أين الله))؟,قالت في السماء.قال((من أنا)).قالت ‏‎:‎‏ أنت ‏رسول الله.قال((أعتقها فإنها مؤمنة))أخرجه مسلم
قال الشيخ الهراس ‏‎:‎‏ (هذا الحديث يتألق نصاعة ووضوحا وهو صاعقة على ‏رؤوس أهل التعطيل ,فهذا رجل أخطا في حق جاريته بضربها فأراد أن يكفر ‏عن خطيئته بعتقها,فاستمهله الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يمتحن إيمانها ‏‏,فكان السؤال الذي إختاره لهذا الامتحان هو(أين الله)ولما أجابت بأنه في السماء ‏‏,رضي جوابها وشهد لها بالإيمان ,ولو أنك قلت لمعطل ‏‎:‎أين الله؟لحكم عليك ‏بالكفران)تعليقات الشيخ الهراس على كتاب التوحيد لابن خزيمة.(ص121-‏‏122).‏
ويستفاد من حديث الجارية ما يلي ‏‎:‎
‏ أولا: شرعية‎ ‎قول المسلم: أين الله؟ ‏
ثانيا: شرعية قول المسؤول "في السماء"،
‏ ثالثا: فيه دليل على‎ ‎أن من لم يعلم أن الله عز وجل على عرشه فوق السماء ‏فليس بمؤمن. ‏
رابعا: وفيه دليل‎ ‎على أن الله عز وجل على عرشه فوق السماء. ‏
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله‎: ‎والجارية التي قال لها النبي صلى الله ‏عليه وسلم: "أين الله" قالت: في السماء. قال‎: "‎أعتقها فإنها مؤمنة" وإنما أخبرت ‏عن الفطرة التي فطرها الله تعالى عليها وأقرها‎ ‎النبي صلى الله عليه وسلم وشهد ‏لها بالإيمان. فليتأمل العاقل ذلك يجده هاديا له على‎ ‎معرفة ربه، والإقرار به كما ‏ينبغي‎. ‎
وقال الحافظ ابن عبد البر في (( الاستذكار ))(23/167‏‎):

‎)) ‎وأمّا قوله في هذا الحديث للجارية (( أين‎ ‎الله؟ )) فعلى ذلك جماعة أهل ‏السنّة، وهم أهل الحديث ورواته المتفقهون فيه وسائر‎ ‎نقلته، كلّهم يقول ما قال ‏الله في كتابه.. . ومخالفونا ينسبونا في ذلك إلى التشبيه،‎ ‎والله المستعان، ومن ‏قال بما نطق به القرآن، فلا عيب عليه عند ذوي الألباب‎ )).‎
‏2- جاء صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه ‏وسلم قال((والذي نفسي‏‎ ‎بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا ‏كان‎ ‎الذي في‎ ‎السماء‎ ‎ساخطا عليها حتى يرضى عنها))‏
قال ابن القيم رحمه الله ‏‎:‎‏ وأذكر حديثا في الصحيح وفيه تحذ***ير لذات البعل ‏من الهجران
من سخط رب في السماء على التي***هجرت لا ذنب ولا عدوان
.(1)‏
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ((‏‎‎‏ وفي هذا الحديث دليل صريح لما ذهب ‏إليه أهل السنة والجماعة وسلف الأمة من أن الله عز وجل في السماء هو نفسه ‏جل وعلا فوق عرشه ، فوق سبع سموات ، وليس المراد بقوله : (( في السماء ‏‏)) أي ملكه في السماء ؛ بل هذا تحريف للكلم عن مواضعه .‏
وتحريف الكلم عن مواضعه من صنيع اليهود والعياذ بالله الذين حرفوا التوراة ‏عن مواضعها وعما أراد الله بها ، فإن ملك الله سبحانه وتعالى في السماء وفي ‏الأرض ، كما قال الله تعالى : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْض) [آل عمران: ‏‏189] ، وقال أيضاً : (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْه ‏‏) [المؤمنون: 88]، وقال أيضاً : (لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْض ِ) [الشورى: 12] ‏‏
))(2).‏
‏3-عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال ‏‎:‎‏ قال رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم((أَلَا تَأْمَنُونِي , وَأَنَا أَمِين‎ ‎مَنْ فِي السَّمَاء‎ , ‎يَأْتِينِي‎ ‎خَبَر السَّمَاء‎ ‎صَبَاحًا وَمَسَاء‎ ‎‎" .‎رواه البخاري ‏
فتأمل هذا البرهان الباهر بهذا اللفظ الوجيز البين (3)الدال على علو الله سبحانه ‏وتعالى.‏


‏4-عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ‏‎:‎‏ قال رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم((الميت تحضره الملائكة ,فإذا كان الرجل صالحا,قالو ‏‎:‎‏ اخرجي أيتها ‏النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب.اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان ‏ورب غير غضبان.فلا يزال يقال لها ذلك ,حتى تخرج ,ثم يعرج بها إلى السماء ‏فيفتح لها فيقال ‏‎:‎‏ من هذا ؟فيقولون ‏‎:‎‏ فلان.فيقال ‏‎:‎مرحبا بالنفس الطيبة كانت في ‏الجسد الطيب .ادخلي حميدة و أبشري بروح وريحان ورب غير غضبان .فلا ‏يزال يقال لها ذلك حتى ينتهى بها إلى السماء التي فيها الله عز وجل))أخرجه ‏أحمد وصححه الألباني.‏
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعليقا على هذا الحديث ((قوله (فيها الله) ‏بمنزلة قوله تعالى(:{ أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي ‏تمور/أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف ‏نذير))(الملك16-17) .وبمنزلة ما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه ‏وسلم قال لجارية معاوية بن الحكم(أين الله) ,قالت ‏‎:‎‏ في السماء.‏
وليس المراد بذلك ‏‎: ‎‏ أن السماء تحصر الرب وتحتويه ,كما تحتوي الشمس ‏والقمر وغيرهما ,فإن هذا لا يقوله مسلم ,ولا يعتقده عاقل فقد قال سبحانه ‏وتعالى(وسع كرسيه السموات والأرض)البقرة255.والسماوات في الكرسي ‏كحلقة ملقاة في أرض فلاة,والكرسي في العرش كحلقة ملقاة في أرض ‏فلاة,والرب سبحانه فوق سمواته ,على عرشه ,بائن من خلقه,ليس في مخلوقاته ‏شيء من ذاته,ولا في ذاته شيء من مخلوقاته-بل معنى ذلك ‏‎:‎أنه فوق ‏السماوات,وعليها,بائن من المخلوقات,كما أخبر في كتابه عن نفسه أنه((خلق ‏السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش)السجدة4. ‏وقال(يعيسى إني متوفيك ورافعك إلي)آل عمران55.وقال تعالى(تعرج الملائكة ‏والروح إليه) المعارج4.وقال(بل رفعه الله إليه)النساء 158.وأمثال ذلك في ‏الكتاب والسنة)(
4)‏
‏5-عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال ‏‎:‎قال رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم (الراحمون يرحمهم الرحمن. ارحموا من في الأرض‎ ‎يرحمكم من في‎ ‎السماء‎ ( ‎قال الترمذي حديث حسن صحيح‎.‎


-----

‏(1)الكافية الشافية ص154‏
‏(2)شرح رياض الصالحين(5/165).‏
‏(3)الصواعق ص463‏
‏(4)مجموع الفتاوى(4/271-272).‏




عاشراً: التصريح بالاستواء مقروناً بأداة (على) مختصاً ‏بالعرش الذي هو أعلى المخلوقات {ثم استوى على العرش} ونعلم أن ثم تفيد ‏الترتيب. ‏
وقال سبحانه وتعالى في وصف كتابه العزير((تنزيلا ممن خلق الأرض ‏والسموات العلى/الرحمان على العرش استوى)طه(4-5).‏
وقد فسر الطبري رحمه الله الاستواء ‏‎:‎‏ بالعلو و الارتفاع(1)‏
وقال مجاهد رحمه الله((استوى ‏‎:‎علا على العرش)(2)‏
وقال سفيان الثوري ‏‎:‎‏ كنت عند ربيعة بن أبي عبد الرحمن فسأله رجل ‏فقال(الرحمان على العرش استوى)طه5 ,كيف استوى؟قال((الكيف غير معقول ‏‏,الاستواء منه غير مجهول , ومن الله الرسالة,وعلى الرسول البلاغ ,وعلينا ‏التصديق)(3)‏
وقال رجل للإمام مالك ‏‎:‎يا أبا عبد الله(الرحمن على العرش استوى),كيف ‏استوى؟قال ‏
‎:‎‏(الكيف غير معقول,الاستواء منه غير مجهول,والإيمان به واجب,والسؤال عنه ‏بدعة,وإني أخاف أن تكون ضالا,وأمر به فأخرج
)(4) ‏
قال الإمام الذهبي معقبا ‏‎:‎‏ ‏‎)) ‎‏ هذا ثابت عن مالك،‎ ‎وتقدّم نحوه عن ربيعة شيخ ‏مالك،‎ ‎وهو قول أهل السنة قاطبة : أنَّ‎ ‎كيفية الاستواء لا نعقلها، بل نجهلها، وأنَّ ‏استواءه معلوم كما أخبر في‎ ‎كتابه، وأنَّه كما يليق به، ولا نتعمّق ولا نتحذلق، ‏ولا نخوض في لوازم ذلك نفياً‎ ‎ولا إثباتاً، بل نسكت ونقف كما وقف السلف، ‏ونعلم أنَّه لو كان له تأويل لبادر إلى‎ ‎بيانه الصحابة والتابعون، ولما وسعهم ‏إقراره وإمراره والسكوت عنه، ونعلم يقيناً مع‎ ‎ذلك أنَّ الله -جلَّ جلاله- لا مثل ‏له في صفاته، ولا في استوائه، ولا في نزوله،‎ ‎سبحانه وتعالى عمّا يقول ‏الظالمون علواً كبيراً )) - مختصر العلو‏‎ ‎ص:141،142‏
وقال بشر بن عمر رحمه الله(207ه) ‏‎:‎سمعت غير واحد من المفسرين ‏يقولون(الرحمات على العرس استوى)طه5,على العرش ارتفع)(5).‏
وقال يزيد بن هارون رحمه الله(206ه) وقيل له ‏‎:‎من الجهمية؟قال ‏‎:‎‏ من زعم ‏أن(الرحمان على العرش استوى)على خلاف ما يقر في قلوب العامة فهو ‏جهمي)(6)‏

قال الإمام الذهبي معقبا((يقر) مخفف ,و(العامة) مراده بهم جمهور الأمة وأهل ‏العلم ,والذي وقر في قلوبهم من الآية هو ما دل عليه الخطاب مع يقينهم بأن ‏المستوي ليس كمثله شيء .هذا الذي وقر في فطرتهم السليمة ,وأذهانهم ‏الصحيحة ,ولو كان له معنى وراء ذلك,لتفوهوا به وما أهملوه ,ولو تأول أحد ‏منهم الاستواء,لتوفرت الهمم على نقله ,ولو نقل لاشتهر ,ولو تأول أحد منهم ‏الاستواء,فإن كان في بعض الجهلة الأغبياء من يفهم من الاستواء ما يوجب ‏نقصا أو قياسا للشاهد على الغائب ,وللمخلوق على الخالق,فهذا نادر,فمن نطق ‏بذلك زجر وعلم,وما أظن أن أحد من العامة يقر في نفسه ذلك,والله أعلم)(7).‏
وقال الإمام ابن خزيمة رحمه الله (311ه) :فنحن نؤمن بخبر الله جلا وعلا أن ‏خالقنا مستو على عرشه,لا نبدل كلام الله ولا نقول قولا غير الذي قيل لنا ,كما ‏قالت المعطلة و الجهمية ‏‎:‎إنه استولى على عرشه لا استوى,فبدلوا قولا غير ‏الذي قيل لهم كفعل اليهود لما أمروا أن يقولوا(حطة) فقالو ‏‎:‎حنطة,مخالفين أمر ‏الله جلا وعلا,وكذلك الجهمية))(8).


-------‏

‏(1)تنظر جامع البيان(1/191)‏
‏(2) أخرجه البخاري(13/414) معلقا ,وصحح إسناده ابن حجر في(تغليق ‏التعليق)(5/3455).‏

‏(3 ) أخرجه الذهبي في العلو ص 911 وصححه.‏
‏(4) أخرجه الذهبي في العلو ص954 وقال(هذا ثابت عن مالك)‏
‏(5) أخرجه الذهبي في العلو (ص1011),وقال الألباني في مختصر ‏العلو(ص160) ‏‎:‎‏ وهذا إسناد صحيح مسلسل بالثقات الحفاظ.‏
‏ (6)أخرجه أبو داود في المسائل ص268‏
‏(7) العلو(2/1031).‏
‏(8)كتاب التوحيد ص101‏





حادي عشر: التصريح برفع الأيدي إلى الله تعالى
‏1-‏ فعن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن ‏الله تعالى حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفراً ‏خائبتين) ،حديث صحيح. ‏
‏2-‏ عن المقداد رضي الله عنه-في حديثه الطويل-قال(فرفع النبي صلى ‏الله عليه وسلم رأسه إلى السماء ....فقال((اللهم اطعم من أطعمني واسقي ‏من سقاني))روام مسلم
‏3-‏ عن أنس ين مالك رضي الله عنه قال ‏‎:‎‏ أصابت الناس سنة على ‏عهد النبي صلى الله عليه وسلم فبينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في ‏يوم الجمعة قام أعرابي فقال ‏‎:‎‏ يا رسول الله ,هلك المال وجاع العيال فادع ‏الله لنا,فرفع يديه))رواه البخاري.‏
‏4-‏ عن أبي هريرة رضي الله عنه‎ ‎‏ قال ‏‎:‎‏ قال رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم((إن الله تعالى طيبٌ لا يقبل إلا طيباَّ ، وإن الله أمر المؤمنين بما ‏أمر به المرسلين ، فقال تعالى : { يا ايها الرسل كلوا من الطيبات ‏واعملوا صالحا } ، وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما ‏رزقناكم } ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء ‏‏: يا رب يا رب ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، ‏وغُذِّيَ بالحرام ، فأنَّى يُستجاب له ) رواه مسلم .‏
‏5-‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال ‏‎:‎‏ قال رسول الله صلى الله ‏عليه وسلم((إن صاحب الصور منذ وكل به مستعد ينظر نحو ‏العرش,مخافة أن يأمر قبل أن يمتد إليه طرفه,كأن عينيه كوكبان ‏دريان))(1)‏


‏6-عن أم سلمة رضي الله عنها قالت مَا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ‏بَيْتِي قَطُّ‎ ‎إِلَّا رَفَعَ طَرْفَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ أَنْ‎ ‎أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ أَوْ أَزِلَّ ‏أَوْ أُزَلَّ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أَوْ‎ ‎أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ))رواه أبو داود وصححه ‏الألباني.‏
قال ابن عبد البر رحمه الله (463ه) في التمهيد‎ ‎‏((ومن الحجة أيضا في انه عز ‏وجل فوق السموات السبع أن الموحدين أجمعين من العرب‎ ‎والعجم إذا كربهم ‏أمر أو نزلت بهم شدة رفعوا وجوههم إلى السماء يستغيثون ربهم تبارك‎ ‎وتعالى ‏، وهذا أشهر وأعرف عند الخاصة والعامة من أن يحتاج فيه إلى اكثر من ‏حكايته‎
لأنه اضطرار لم يؤنبهم عليه أحد ولا أنكره عليهم مسلم‎
".‎
وقال ابن أبي شيبة رحمه الله(297ه)(وأجمع الخلق جميعا أنهم إذا دعو الله ‏جميعا رفعوا أيديهم إلى السماء فلو كان الله عز وجل في الأرض السفلى ما ‏كانوا يرفعون أيديهم إلى السماء وهو معهم في الأرض)(2)‏
وقال أبي الحسن الأشعري رحمه الله (‏‎ ‎ورأينا المسلمين جميعاً يرفعون أيديهم ‏إذا دعوا نحو السماء لأن الله عز وجل مستوٍ‎ ‎على العرش الذي هو فوق ‏السماوات؛ فلولا أن الله عز وجل على العرش لم يرفعوا أيديهم‎ ‎نحو السماء كما ‏لا يحطونها إذا دعوا نحو الأرض)(3)‏
وقال ابن قدامة رحمه الله(620ه) ‏‎:‎‏ (الله تعالى وصف نفسه بالعلو في السماء ‏ووصفه بذلك رسوله محمد خاتم الأنبياء واجمع على ذلك جميع العلماء من ‏الصحابة الأتقياء والأئمة من الفقهاء وتواترت الأخبار بذلك على وجه حصل به ‏اليقين وجمع الله تعالى عليه قلوب المسلمين وجعله مغروزا في طباع الخلق ‏أجمعين فتراهم عند نزول الكرب بهم يلحظون السماء بأعينهم ويرفعون نحوها ‏للدعاء أيديهم وينتظرون مجيء الفرج من ربهم وينطقون بذلك بألسنتهم لا ينكر ‏ذلك إلا مبتدع غال في بدعته أو مفتون بتقليد و إتباعه على ضلالته))(4)‏


يتبع...

-----

‏(1) رواه الحاكم(4/558-559) وحسنه الحافظ في الفتح(11/376)‏
‏(2)كتاب العرش ص51‏

‏'3) الإبانة ص79-98‏
‏(4)إثبات صفة العلو ص63‏