الثانية و العشرون كانت أكثرهن علما قال الزهري لو جمع علم عائشة إلى علم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل و قال عطاء كانت عائشة أفقه الناس و أحسن الناس رأيا في العامة و ذكر أبو عمر بن عبد البر رحمه الله أنها كانت وحيدة عصرها في ثلاثة علوم علم الفقه و علم الطب و علم الشعر و قال أبو بكر البزار في مسنده حدثنا عمرو بن علي ثنا خلاد بن يزيد ثنا محمد بن عبد الرحمن أبو غرازة زوج خيرة قال حدثني عروة بن الزبير قال قلت لعائشة إني لأتفكر في أمرك فأعجب أجدك من أفقه الناس فقلت ما يمنعها زوجة رسول الله {صلى الله عليه وسلم}و ابنة أبي بكر و أجدك عالمة بأيام العرب و أنسابها و أشعارها فقلت وما يمنعها و أبوها علامة قريش ولكن إنما أعجب أن وجدتك عالمة بالطب فمن أين فأخذت بيدي و قالت يا عرية إن رسول الله كثر سقمه فكان أطباء العرب و العجم ينعتون له فتعلمت ذلك قال و هذا الحديث لا نعلمه مرويا عن عائشة إلا بهذا الإسناد ومحمد بن عبد الرحمن مختلف فيه لكن رواه أبو نعيم في الحلية عنه من جهة أحمد بن حنبل ثنا عبد الله بن معاوية الزبيري ثنا هشام بن عروة عن أبيه به ورد في الحاكم نحوه من جهة إسرائيل عن هشام و قال صحيح الإسناد قال الذهبي مختصرة على شرط الشيخين.
الثالثة و العشرون كانت أفصحهن لسانا عن موسى بن طلحة قال ما رأيت أحدا أفصح من عائشة أخرجه الترمذي و قال حديث حسن صحيح غريب و روى محمد بن سيرين عن الأحنف بن قيس قال سمعت خطبة أبي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و علي بن أبي طالب و الخلفاء كلهم هلم جرا إلى يومي هذا فما سمعت الكلام من فم مخلوق أفخم و لا أحسن منه من عائشة أخرجه الحاكم في مستدركه و ساق أبو الفرج في التبصرة لها كلاما طويلا موشحا بغرائب اللغة و الفصاحة و قال صاحب زهر الآداب لما توفي الصديق رضي الله عنه وقفت عائشة على قبره فقالت
نضر الله وجهك يا أبت و شكر لك صالح سعيك فلقد كنت للدنيا مذلا بإدبارك عنها وللآخرة معزا بإقبالك عليها و لئن كان أجل الحوادث بعد رسول الله {صلى الله عليه وسلم}رزؤك و أعظم المصائب بعده فقدك إن كتاب الله ليعد بحسن الصبر عنك حسن العوض منك و أنا أستنجز موعود الله فيك بالصبر و أستقضيه بالاستغفار لك أما لئن كانوا قاموا بأمرالدنيا لقد قمت بأمر الدين لما وهى شعبه و تفاقم صدعه و رجفت جوانبه فعليك سلام الله توديع غير قالية لحياتك ولا زارية على القضاء فيك.
الرابعة و العشرون أن الأكابر من الصحابة كان إذا أشكل عليهم الأمر في الدين استفتوها فيجدون علمه عندها قال أبو موسى الأشعري ما أشكل علينا أصحاب رسول الله {صلى الله عليه وسلم}حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علما أخرجه الترمذي و قال حديث حسن صحيح و قال مسروق رأيت مشيخة أصحاب محمد {صلى الله عليه وسلم}يسألونها عن الفرائض
الخامسة و العشرون جاء في حقها خذوا شطر دينكم عن الحميراء وسألت شيخنا الحافظ عماد الدين ابن كثير رحمه الله عن ذلك فقال كان شيخنا حافظ الدنيا أبو الحجاج المزي رحمه الله يقول كل حديث فيه الحميراء باطل إلا حديثا في الصوم في سنن النسائي قلت وحديث آخر في النسائي أيضا عن أبي سلمة قال قالت عائشة دخل الحبشة المسجد يلعبون فقال لي يا حميراء أتحبين أن تنظري إليهم الحديث و إسناده صحيح وروى الحاكم في مستدركه حديث ذكر النبي {صلى الله عليه وسلم}خروج بعض أمهات المؤمنين فضحكت عائشة فقال انظري يا حميراء ألا تكوني أنت ثم التفت إلى علي فقال إن وليت من أمرها شيئا فارفق بها و قال صحيح الإسناد.
و ذكرها الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في طبقاته في جملة فقهاء الصحابة و لما ذكر ابن حزم أسماء الصحابة الذين رويت عنهم الفتاوى في الأحكام في مزية كثرة ما نقل عنهم قدم عائشة على سائر الصحابة و قال الحافظ أبو حفص عمربن عبد المجيد القرشي الميانشي في كتاب إيضاح مالا يسع المحدث جهله اشتمل كتاب البخاري و مسلم على ألف حديث و مائتي حديث من الأحكام فروت عائشة من جملة الكتابين مائتين و نيفا و تسعين حديثا لم يخرج عن الأحكام منها إلا اليسير قال الحاكم أبو عبد الله فحمل عنها ربع الشريعة قال أبو حفص وروينا بسندنا عن بقي بن مخلد رضي الله عنه أن عائشة روت ألفين و مائتي حديث و عشرة أحاديث و الذين رووا الألوف عن رسول الله أربعة أبو هريرة و عبد الله بن عمرو و أنس بن مالك و عائشة رضي الله عنهم.
.....يتبع....