منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - النصيحة الذهبية للأشاعرة المعاصرين
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-09-14, 18:52   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
dionysos93
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

حول وصية الرازي رحمه الله

الناظر في وصيته المذكورة لا يرى فيها تبرياً من مذهبه الذي كان عليه، بل يرى منها تفويض أمره إلى الله تعالى، والاعتراف بأنه لم يكن ليخوض في ما خاض فيه إلا اعزازاً للدين واستجابة لأمر الله تعالى بالذب عنه ضد الزائغين والمعتدين، فهو يتبرأ من كل خطأ وقع فيه لا على التعيين ويرجو أن يرحمه الله تعالى بما وفقه فيه من الإصابة. وهذا الحال هو حال المخلصين.
وهو ينبه في الوصية إلى أن أسلوب القرآن في تبليغ التوحيد هو خير الأساليب، وكيف ينكر هذا إنسانٌ والقرآن كلام الله تعالى ؟! ولكن الإنسان مطلوب منه الدفاع عن هذا الدين بقدر وسعه وطاقته. ; و بعد هذا لمن أراد الحق:
أين ذكر الإمام الرازي في وصيته أنه تراجع عن مذهبه ؟
هل قال الإمام الرازي رحمه الله: إن الله في مكان وله حدٌّ وله جارحة إلى غير هذا من الترهات والتشبيه الذي تمتلئ به نفوس من يغلطون عليه ؟
كيف يقول بهذا وهو ينص في وصيته على "أن العالم المخصوص تحت تدبير مُدَبِّره المنـزه عنه مماثلة التحيزات" هذا كلامه، وهو نفىٌ صريح في أن الله ليس في مكان ولا في جهة ولا له بعض ولا أعضاء. وهذه هي الأمور التي تدعون أن الرازي رجع إليها، ونحن نرى من صريح كلامه أنه نفاها.
ونـزيد هنا كلاماً لمن أراد أن يستفيد:
الإمام الرازي كان يدعو إلى التفويض حتى قبل كتابة هذه الوصية أي في أثناء مصاولته للناس ومناظرته معهم، وعلى هذا لا يكون هناك أي وجه لهذا الكلام ، ودليل هذا أنه قال في كتاب المعالم: "… فلم يبق إلا الإقرار بمقتضى الدلائل العقلية القطعية، وحمل الظواهر النقلية إما على التأويل وإما على تفويض علمها إلى الله سبحانه وتعالى، وهو الحق" هذا كلامه في هذا الكتاب، وهو صريح أنه لا يقول بحرمة التفويض ولا بحرمة التأويل، ولكنه ترجح لديه أن التفويض هو الحق أي الأرجح وذلك لأنه الأسلم.
وذكر أيضاً هذا المعنى في كتاب الأربعين "… فلم يبق إلا أن تصدق الدلائل العقلية ويشتغل بتأويل الظواهر النقلية أو يفوض علمها إلى الله" هذا هو كلامه الذي يقطع كلام كل إنسانٍ بعده، فالأشاعرة عندهم فيما بينهم خلاف هل التأويل أرجح أو التفويض مع اتفاقهم على تنـزيه الله تعالى. أما خلافهم مع غيرهم من الحشوية و المتمسلفة في هذا الزمان فهو دائر بين التنـزيه الذي يقول به الأشاعرة وأهل السنة، وبين التشبيه والتجسيم الذي يقول به هؤلاء.
وبهذا يكون قد ظهر بحول الله وقوته تهافت مَن ادعى أنَّ الإمام الرازي قد تراجع عن مذهبه، وبأن هذا ما هو الأكذب على أهل الحق.