تقييم 10 سنوات من الشراكة الأورومتوسطية
جويلية 2005
ببادرة من "اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس" انتظمت يومي 2 و3 جوان 2005 ندوة تحت عنوان: "10 سنوات من الشراكة الأورومتوسطية-تونس نموذجا-تقييمات وآفاق". وقد أنجزت "اللجنة" هذه الندوة بالتعاون مع "الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان" و "الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان"، ودعت إليها الأحزاب والجمعيات والمنظمات التونسية العاملة في مجال الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان الموجودة بتونس وبالخارج. كما دعت إليها الأطراف الأوروبية المعنية بالموضوع (مجلس الاتحاد الأوروبي، اللجنة الأوروبية، البرلمان الأوروبي…) علاوة على المنظمات والهيئات الدولية المهتمة بالدفاع عن حقوق الإنسان.
وقد حضر من تونس الأحزاب السياسية (حزب العمال الشيوعي التونسي، الحزب الديمقراطي التقدمي، التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، حزب العمل الوطني والديمقراطي، حركة النهضة). وتخلف عن الحضور "حزب المؤتمر من اجل الجمهورية" الذي لم تتمكن ممثلته السيدة نزيهة رجيبة (أم زياد) من السفر بسبب مماطلة السلطات في تجديد جواز سفرها الذي لم تتسلمه إلا بعد انطلاق أشغال الندوة. و"حركة التجديد" التي خيرت الغياب بسبب حضور "حركة النهضة" ! !. كما حضرت من تونس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والجمعية التونسية لمقاومة التعذيب والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والمجلس الوطني للحريات بتونس والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين، علاوة على عدد من الباحثين والشخصيات الديمقراطية. وشاركت في الندوة عدة تنظيمات تونسية عاملة بالخارج وباحثين وشخصيات مقيمة بالخارج أيضا. وكان الحضور الأوروبي هزيلا إذ لم يحضر سوى ممثل لـ"المجلس الأوروبي" وعدد من النواب أمثال روبار برات" السيناتور الفرنسيي (الحزب الشيوعي الفرنسي) وكوهين بنديت عن "الخضر" و"هارليم ديزير" عن الحزب الاشتراكي الأوروبي وسيمون سوسكين الاشتراكية أيضا. وقد علل الحاضرون ضعف حضور الطرف الأوروبي بما مارسته السلطة التونسية من ضغوط عن طريق القنوات الرسمية معتبرة السماح لـ"المعارضة التونسية" بالالتقاء في مقر البرلمان الأوروبي "عملا غير ودي" يضاف إلى ذلك وجود عدد من البرلمانيين المعنيين بموضوع الندوة بالخارج في مهمات أخرى. ومن الملاحظ أن نظام بن علي لم يكن غائبا عن الندوة فقد أرسل وفدا من تونس مكونا من أربعة محامين (محاميتان ومحاميان: الحبيب عاشور، سمير عبد الله، عبير موسى، سعاد خلف الله…) إلى جانب أعوان آخرين عاملين بالسفارات التونسية بأوروبا. وقد حصلوا على تراخيص دخول قاعة الندوة عن طريق القنوات الرسمية.
وعلى مدى يومين كاملين تطارح المشاركون كافة اوجه موضوع "الشراكة". ففي الحصة الصباحية لليوم الأول تولى بعض الباحثين (صوفية بسيس أساسا) تقديم محاولة تقييمية للشراكة الأورومتوسطية. وفي الحصة المسائية أعطيت الكلمة للأحزاب السياسية التونسية لتقدم تقييماتها للشراكة بين أوروبا وتونس. وقد تداول على الكلمة كل من السادة مصطفى بن جعفر عن التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، وفتحي التوزري عن الحزب الديمقراطي التقدمي، وعامر لعريض عن حركة النهضة وعبد الرزاق الهمامي عن حزب العمل الوطني والديمقراطي، والرفيق حمه الهمامي عن حزب العمال الشيوعي التونسي.
أما في اليوم الثاني، وتحديدا في الحصة الصباحية فقد أعطيت الكلمة للباحثين الأستاذين عبد الستار العاتي وعبد الجليل البدوي ليحللا الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية لاتفاقية الشراكة الأوروتونسية. وفي الحصة المسائية التي أدارتها الأستاذة راضية النصراوي أعطيت الكلمة للسيدة خديجة الشريف عن جمعية النساء الديمقراطيات لتتحدث عن وضع المرأة، وللأستاذ محمد جمور ليتحدث عن وضع القضاء بشكل عام (قضاة ومحامين) والعربي شويخة ولطفي الحاجي ليتحدثا عن حال الصحافة وحرية التعبير في تونس.
وقد شفعت كل حصة من الحصص بنقاش أعطيت فيه الكلمة للحاضرين سواء باسمهم الشخصي أو كممثلين لجمعيات وتنظيمات وأحزاب.
وخصصت الحصة الختامية لعرض نتائج أشغال الندوة التي تولى القيام بها مقررو مختلف الحصص. وقد تراوحت هذه العروض بين حوصلة بين حوصلة ما جاء في التدخلات وإبداء الانطباعات والآراء الشخصية للمقررين حول موضوع الشراكة خصوصا من كان منهم يمثل جمعية أو منظمة دولية على غرار السيد إيريك قولدستين ممثل منظمة "هيومن رايتس واتش". وقبل أن يتولى المنظمون اختتام الندوة (أو بالأحرى الجزء الأول منها إذ أن جزءا ثانيا سيتم بنفس المكان في شهر أكتوبر القادم) أعطيت الكلمة لممثل المجلس الأوروبي للرد على النقاط التي أثيرت في كامل مراحل الندوة. وفي صبيحة يوم السبت 4 جوان نظمت "اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس لقاء مفتوحا مع كافة الأطراف التونسية. وعلى العموم يمكن إبداء الملاحظات التالية بشأن ندوة بروكسيل:
أولا: لقد كانت هذه الندوة ناجحة نسبيا رغم ضعف حضور الطرف الأوروبي إذ أنها مكنت من تقديم تحاليل جدية لـ"الشراكة الأورومتوسطية" في مختلف أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والديبلوماسية. ومن الملاحظ أن الهدف من هذه الندوة لم يكن الخروج بتقييم موحد للشراكة وإصدار بيان ختامي مشترك ولا القيام بمناورة سياسوية لـ"التقريب بين الأحزاب الديمقراطية والحركة الإسلامية" كما زعم البعض للتشويه وإنما هو فسح المجال لمختلف الأطراف الحزبية والجمعياتية التونسية لإبداء رأيها بكل حرية في موضوع الشراكة.
ثانيا: إن ما يتضح من خلال معظم التدخلات التي تناولت هذه الأبعاد هو وجود اتفاق عام على أن الحصيلة لعشر سنوات من الشراكة الأوروبية التونسية هي حصيلة سلبية بالنسبة إلى تونس. ولكن الاتفاق في التشخيص لم يؤد إلى نفس الاستنتاجات بالنسبة إلى آفاق هذه "الشراكة". فقد تراوحت المواقف من المناداة بإلغاء الاتفاقية الحالية باعتبارها اتفاقية استعمارية جديدة والعمل على إقامة "شراكة جديدة" محركها الشعوب والقوى التقدمية في الضفتين، وهو موقف حزب العمال الشيوعي التونسي، وبين الدعوات إلى إعادة "مراجعتها" و"إعادة صياغتها" أو تطويرها (موقف بقية الأحزاب وبعض الشخصيات والجمعيات المشاركة).
ثالثا: إن أعوان السلطة الذين حضروا الندوة فشلوا فشلا ذريعا في الرد على التقييمات والمواقف التي عبر عنها ممثلو الأحزاب والجمعيات والمنظمات والشخصيات الديمقراطية، فقد تراوحت ردودهم بين كيل المديح لبن علي وبين استفزاز المتدخلين وهو ما أثار اشمئزاز الحاضرين. وبذلك تكون السلطة خسرت مرتين الأولى حين أرادت منع انعقاد هذه الندوة ولم تفلح والثانية عند فشل ممثليها في الدفاع عنها وعن اختياراتها الرجعية.
المصدر
https://www.albadil.org/spip.php?article480
//////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
الشراكة الأورو- متوسطية وأثرها على الاقتصاد الجزائري.pdf (102 KB)
https://dc101.4shared.com:8080/img/52...58/_-_____.pdf