تعامل جمهور الأمة من العلماء المتبوعين مع البدعة على أنها أقسام كما ظهر ذلك في كلام الإمام الشافعي، ومن أتباعه العز بن عبد السلام، والنووي، وأبو شامة. ومن المالكية : القرافي، والزرقاني. ومن الحنفية : ابن عابدين. ومن الحنابلة : ابن الجوزي. ومن الظاهرية : ابن حزم. ويتمثل هذا الاتجاه في تعريف العز بن عبد السلام للبدعة وهو : أنها فعل ما لم يعهد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهي منقسمة إلى بدعة واجبة ، وبدعة محرمة ، وبدعة مندوبة ، وبدعة مكروهة ، وبدعة مباحةـ
وضربوا لذلك أمثلة : فالبدعة الواجبة : كالاشتغال بعلم النحو الذي يفهم به كلام الله ورسوله، وذلك واجب؛ لأنه لا بد منه لحفظ الشريعة، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. والبدعة المحرمة من أمثلتها : مذهب القدرية، والجبرية، والمرجئة، والخوارج. والبدعة المندوبة : مثل إحداث المدارس، وبناء القناطر، ومنها صلاة التراويح جماعة في المسجد بإمام واحد. والبدعة المكروهة : مثل زخرفة المساجد، وتزويق المصاحف. والبدعة المباحة: مثل المصافحة عقب الصلوات، ومنها التوسع في اللذيذ من المآكل والمشارب والملابس.
ومما سبق يتضح أن هناك رؤيتين : رؤية إجمالية : وهي التي ذهب إليها ابن رجب الحنبلي رضي الله عنه وغيره، وهي أن الأفعال التي يثاب المرء عليها ويشرع له فعلها لا تسمى بدعة شرعًا، وإن صدق عليها الاسم في اللغة، وهو يقصد أنها لا تسمى بدعة مذمومة شرعًا. ورؤية تفصيلية وهي ما ذكره العز بن عبد السلام رضي الله عنه وأوردناه تفصيلاً.
ما ذُكر ينبغي للمسلم أن يحيط به في قضية باتت من أهم القضايا التي تؤثر في الفكر الإسلامي، وكيفية تناوله للمسائل الفقهية، وكذلك نظره لإخوانه من المسلمين، حيث يقع الجاهل في الحكم على الآخرين بأنهم مبتدعون وفساق والعياذ بالله بسبب جهله بهذه المبادئ التي كانت واضحة، وأصبحت في هذه الأيام في غاية الغموض والاستغراب، نسأل الله السلامة، والله تعالى أعلى وأعلم