منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - أركان الإيمان
الموضوع: أركان الإيمان
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-09-02, 03:30   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
salah-19
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي تبطل الصلاة بتعمد تكرار الركن الفعلي فقط وسجوده سهواً بعد السلام )

( تبطل الصلاة بتعمد تكرار الركن الفعلي فقط وسجوده سهواً بعد السلام )

اعلم أرشدك الله لطاعته وطريق مرضاته ، أن الصلاة مركبة من أركان وواجبات وسنن ، والكلام هنا عن الأركان خاصة ، لا الواجبات والسنن ، وهذه الأركان منها ما هو أقوال ومنها ما هو أفعال فالأقوال مثل الفاتحة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الثاني وأما الأفعال فكالركوع والسجود والقيام والقعود إذا علمت هذا فاعلم أن الإنسان إذا كرر الركن فلا يخلو إما أن يكون هذا الركن ركناً قولياً أو فعلياً فإما إذا كان ركناً قولياً فإنه لا يضر تكراره سواءً كان سهواً أو عمداً ولا سجود يجب في سهوه ، لأن عمده لا يبطل الصلاة لأنها من أركان الأقوال وكإعادة الصلاة الإبراهيمية أو إعادة التشهد الثاني عمداً فكل ذلك لا يبطل الصلاة مع أنه زيادة في الصلاة عمداً لكنها زيادة قولية ، وزيادة الأركان القولية لا يضر ، وأما إذا كان الركن المكرر ركناً فعلياً فهذا لا يخلو من حالتين إما أن يكرره عمداً أو سهواً ، فإن كان عمداً فإن كان عمداً فإنه يبطل الصلاة بإجماع كمن ركع ركوعين في ركعة عمداُفي غير استسقاءٍ أو سجد أربع سجدات أو قام لأي محل جلوس أو العكس أو ركع في محل سجود أو العكس ، فإذا فعل ذلك عمداً بطلت صلاته وذلك لاختلاف هيئة الصلاة ولأنه فعل شيئاً ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم ومن فعل ذلك فهو رد كما في الحديث الصحيح وأما إذا كرر الركن الفعلي سهواً فهذا لا يكون مبطلاً للصلاة لأنه سهو والإنسان لا يوآخذ بالسهو وهذا له حالتان إما أن يتذكر في أثناء الزيادة وإما بعدها ، فإن تذكر في أثناء الزيادة وجب عليه حينئذٍ الرجوع عنها ، فمن لم يرجع عنها عالماً عامداً بطلت صلاته لأنه زاد على الصفة المشروعة واخراجها عن هيئتها المطلوبة ، كمن قلم إلى ثالثة في ثنائية أو قام إلى رابعة في ثلاثية أو خامسة في رباعية فهذا لأن ذكر في أثناءها وجب عليه الرجوع فوراً حتى وإن شرع في قراءتها لأنها زيادة على صلب الصلاة فلا اعتداد بها وليس ذلك كمن ترك التشهد الأول وقام إلى الثالثة فإننا قررنا سابقاً أنه لا يجوز له الرجوع وذلك الركعة الثالثة بعد التشهد الأول هي من صلب الصلاة وجزء من أجزائها ، أما هذه الركعة الزائد فإنها ليست من صلب الصلاة ولا بجزءٍ من أجزائها ، فيجب عليه إن ذكر في أثنائها أن يجلس وأما إذا لم يذكر هذه الزيادة ولم ينتبه لها إلا بعد الانتهاء من الصلاة فإنها أيضاً لا تضر ولا تبطل صلاته لأنه فعلها في العبادات بما في غالب الظن ، وفي كلا الحالتين يجب عليه أن يسجد للسهو وسجوده حينئذٍ يجب أن يكون بعد السلام وذلك للدليل النقلي والعقلي:
فأما النقلي : فحديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمساً فقيل : أزيد في الصلاة قال وما ذاك فقالوا صليت خمساً فسجد سجدتين بعد ما سلم" رواه الجماعة .
فالنبي صلى الله عليه وسلم زاد في صلب الصلاة ركعة كاملة وهي مشتملة على أركان قوليه وفعلية ولم يذكَّر بالزيادة إلا بعد انتهاء الصلاة ولم يكن فيه إلا أنه سجد سجدتين ، وهذا الحديث نص صحيح صريح فيمن لم يتذكر الزيادة إلا بعد السلام وذلك لتعذر السجود قبل السلام حينئذٍ لكن ما الدليل على أنه إن ذكر الزيادة في أثنائها وانتبه لها قبل السلام ؟ فإننا لا ندري لو أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها قبل السلام ماذا سيصنع ؟فأقول : الجواب على هذا هو أن النبي صلى الله عليه وسلم هو المشرع لأمته وليس في تشريعه ما يدخله الاحتمال أو التأويل فالأدلة واضحة والبلاغ تبين ، ولا يمكن أن يؤخر النبي صلى الله عليه وسلم بيان الحكم الشرعي وقت الحاجة ، ومن جوَّز ذلك فقد أساء الظن بالمصطفى صلى الله عليه وسلم إذا علم ذلك فنقول : النبي صلى الله عليه وسلم عرف أو نقول : ذكره الصحابة رضوان الله عليهم أنه زاد في الصلاة ركعة كاملة فاتضح الأمر له صلى الله عليه وسلم فلم يكن منه إلا أنه سجد سجدتين وذلك كان بعد السلام ، ولم ينقل عنه في حديث واحد لا صحيح ولا ضعيف بل ولا موضوع أنه لما سجدهما قال: إنني سجدت بعد السلام لهذه الزيادة لتعذر السجود قبله فإذا حصلت لأحدكم زيادة في صلاته فليسجد قبل السلام ولو قال مثل هذا الكلام أو نحوه لتوفرت اهمم والدواعي لنقله فإنهم نقلوا ما هو دون ذلك ، فلما سجد لهذه الزيادة بعد السلام وسكت ولم ينبه على ذلك بشيء دل ذلك دلالة واضحة أن هذا هو المشروع وهو السنة ،نعم نحن نقول إن السجود قبل السلام في الحديث متعذر لكن نقول أيضاً لو أن السجود في هذه الحالة يكون قبل السلام ويسجد هو بعد السلام ولا يذكر لهم ذلك ولو بإشارةٍ حتى يعلموا أنه إنما سجد بعد السلام لتعذر السجود قبله ، فلما لم يحصل شيء من ذلك عفنا وأيقنا أن السجود للزيادة الفعلية يكون بعد السلام سواءً ذكرها قبل السلام أو بعده هذا هو الي ندين الله جل وعلا به فإن قيل : إن النبي صلى الله عليه وسلم قد نبه على أن السجود يكون قبل السلام وذلك كما في حديث ابن بحينة فقد سجد قبل السلام وفي حديث أبي سعيد فإنه أمر بالسجود قبل السلام ، فكيف تقول أنه لم ينبه على ذلك ؟ فنقول : نعم نحن نقر ونعترف اعترافاً جازماً لا شك معه ولا مراء أنه سجد قبل السلام وأمر به كما في الحديث ابن بحينة وحديث أبي سعيد وغيرهما ، لكن أنت تعرف أن السهو في حديث ابن بحينة إنما كان عن نقص واجب وهو الجلوس للتشهد الأول وفي حديث أبي سعيد كان عن الشك في عدد الركعات ، أما ما نحن فيه فإنه عن الزيادة لا عن النقص ولا عن الشك فالصورة في هذين الحديثين تختلف عن الصورة التي نحن بصددها فهذه حالة ، وتلك حالة ، ولا يقاس هذا على ذلك لاختلاف الصور ، نعم : لو أن النبي صلى الله عليه وسلم زاد ركناً أو ركعة ثم سجد لها قبل السلام لقلنا حينئذٍ بم تقولون به لاتفاق السبب وهي الزيادة في الكل ، لكن ذلك لم يثبت في شيء مما بين يدي من أحاديث السهو ، ومن ثبت عنده ذلك فليسعفنا به لنرجع عن هذا القول الذي أقررناه ، لكن لا أظنه يثبت لأنني بحثت في كتب الحديث المعتمدة فلم أجد لذلك أثراً ، أما حديث ابن بحينة فالسبب فيه هو النقص وحديث أبي سعيد السبب فيه هو الشك وأما حديثنا فالسبب فيه هو الزيادة فبقي استدلالنا على ما هو عليه سالم من المعارضة بل وإذا أتيت للدليل العقلي لوجدته يؤيد ذلك كل التأييد وهو أن تكرار الركن الفعلي يعتبر زيادة في الصلاة ، فلو قلنا بأن السجود عن الزيادة يكون قبل السلام لاجتمع في الصلاة زيادتان ، وكلاهما – أعني كلا الزيادتين – ليس من صلب الصلاة فناسب أن يكون السجود للزيادة بعد السلام درءاً لاجتماع هاتين الزيادتين واختار ذلك أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية ، رحمه الله تعالى رحمة واسعة والله أعلى وأعلم .