منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - حكايا المملكة البيضاء - الفصل الثاني-
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-08-23, 01:25   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
jang-mi
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية jang-mi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قاعة العرش، فسيحة ببلاطها الرخامي الأخضر الجميل و بأعمدتها المزينة بالنقوش و الآيات القرآنية. جدرانها مكسوة بالزليج ، تعلوها نوافذ كبيرة مصنوعة من الزجاج الملون و إليها وقفت أجمل الزهريات الفخارية و النحاسية و الشماعات الفضية المزخرفة. في صدرها وقف كرسي العرش المصنوع من النحاس ذو القبة و المبطن بالمخمل الأزرق المطرز بخيوط الذهب بينما انساب تحته و على طول القاعة بساط من الحرير. و في وسطها، نصبت طاولة كبيرة تحمل مجسما لخريطة المملكة و إليها وقف الملك في قفطانه المخملي و جزمته الجلدية. حزام جلدي عريض مرصع بقطع فضية يمسك وسطه و خنجر ذو قبضة عاجية و غمد نحاسي يزينه. كان يضع عمامة بيضاء تتوسطها ياقوته كبيرة. و لكن ذلك المنظر يختفي تحت نظراته القلقة و هو ينظر إلى الخريطة بينما علا الوجوم وجوه الوزراء و القادة المتحلقين حوله. فجأة يفتح الحاجب الباب على أحد أمراء العسكر...بخطوات سريعة يقترب من مكان الملك و يقول:

- السلام على مولاي الملك و رحمة الله...

- و عليكم السلام..أهلا بك يا نعمان، أراك عدت من مهمتك عساك بخير؟؟

- الحمد لله

- بما أتيتنا من مهمتك يا نعمان؟؟

- إن ملوك الممالك الشرقية يقرؤون مولاي السلام و قد بعثوا بموفد عنهم و هو يستأذن في الدخول عليك

- فليدخل

فتح باب القاعة على رجل قد لبس رداءا من القطن المطرز و على وسطه حزام عريض. كان يلبس جزمة برأس معقوف و يضع على رأسه الذي انسدل منه شعر ناعم قبعة مطرزة. و لما وقف بين يدي الملك قال:

- السلام عل الملك خير العابدين..ملك المملكة البيضاء المحروسة.

- و عليكم السلام أيها الرسول....

- لقد أوفدني سبع ملوك للممالك الشرقية برسالة إلى حضرتكم...فأذن لي بتلاوتها

- لك ذلك...أسمعنا

و بدأ الرسول في قراءة الرسالة و التي تطلب العون من المملكة البيضاء للتصدي لأحد الأمراض الغريبة و التي بدأت تفتك ببعض المناطق و سماها بنوع من الهذيان ينتهي بالنسيان التام.

بدا الملك مستغرقا في تفكيره عندما أنهى الرسول رسالته فقال:

- سنرى في ذلك.... لقد كانت رحلتك طويلة و لابد أنك متعب، لابد أن تأخذ قسطا من الراحة ( ثم يلتفت إلى أحد وزراءه قائلا) أكرموا ضيفنا و اهتموا به....سندعوك بين أيدينا لا حقا و نحملك برسالة إلى ملوكك....

- أشكر كرم سيدي

ما إن خرج الرسول من القاعة حتى عاد الملك إلى وجومه و تفكيره المضني و هو يحدق في الخريطة التي أمامه و فجأة رفع رأسه كمن نسي أمرا مهما وقال:

- استدعوا رئيس الأطباء...حالا..

- أمرك يا مولاي.

فاقترب منه وزيره و قال في صوت قلق:

- يا مولاي...قد لا تكون الحوادث التي وقعت في مملكتنا و تلك التي حدثت في الممالك الشرقية سيان...كيف يعقل أن تكون جهة واحدة مسؤولة عنها و بيننا ذلك البون الشاسع....أنا..

- و كيف تفسر اختفاء كل تلك الأشياء... و هذه الحالة الغريبة التي تجتاحنا.....ما الضير في أن نتأكد من ذلك بأنفسنا...

- أخاف يا مولاي أن يصاب الناس بالهلع و يعم الاضطراب المملكة....لو أنهم أحسوا بخطر...

- لا تقلق...أعرف ما علي فعله...

و هنا يدخل رئيس الأطباء عليه فيسلم و يعتدل في وقفته

- السلام على مولاي الملك و رحمة الله....

- و عليك السلام ....يا رئيس الأطباء...لقد تناهى إلي خبر شيوع مرض غريب في الممالك المجاورة و أرغب في حماية شعب مملكتي منه...فأمر كل مشافي المملكة و أطبائها أن يفحصوا الناس عبر كامل أرجائها فردا فردا ...و لترفع لي بتقريرك عنه...فلا أريد أن تنتشر العدوى بيننا من التجار أو ممن يقصد مملكتنا...

- و ما نوع هذا المرض يا سيدي...فلم يأتنا خبر به من أي من مشافينا؟؟

- يقال أنه مرض يصيب الرأس فهو كالهذيان أو ما شابه...أريدك أن تبدأ الإجراءات حالا

- أمر مولاي الملك....سأذيع الخبر لكل طبيب مسجل لدينا....

- و لتحرص ألا يجزع الناس أو يضطربوا...قل لهم انه فحص ليقيهم المرض بعدما انتشر في ممالك مجاورة....و لتتأكد من عدم وجود أي عدوى كانت.....فتصفوا الدواء و لتمنحوه لكل مريض من خزائننا...

- أمر مولاي.

و بينما كان الطبيب يطلب الإذن بالخروج..يدخل الأمير رستم على والده و في محياه بريق غريب

- السلام على مولاي الملك و من معه..

- و عليكم السلام يا بني...خيرا...

فيتوقف الشاب قليلا...و ينظر حوله ثم يقول بصوت خفيض..

- فليسمح لي مولاي بكلمة على انفراد...

يفهم الملك القصد من وراء ذلك فيأمر بإيماءة كل الحاضرين هناك أن انصرفوا...يخرج الجمع و يبقى هو و ولده وجها لوجه، فيبادره بالقول:

- هاه...هل من خبر....أين شقيقتك....أخبرني؟؟

- لقد وصل اثنان و هما الآن بصحبة القائد بهي الدين....سيأتي بهما إلى القصر الصغير...أما الثالث..فقد ذهبت ريحانة بنفسها و أحضرته.

- ماذا تقول...ذهبت بنفسها...إلى هناك؟؟ كيف...ألم تصب بمكروه؟؟

- الحمد لله هي بخير....لقد قالت أنها لم تتمكن من استدعاءه كما فعلت مع الآخرين...فتوجب عليها الذهاب إليه..فهو ليس كأصحابه...

- الحمد لله...و أين هي الآن؟؟

- هي بصحبته في القصر الصغير....ماذا سنفعل الآن؟؟

يطرق الوالد قليلا ...ثم يقول:

- اذهب أنت الآن و تأكد من أنهم بخير.....أكرموهم و كونوا لهم خير جليس...سأمر عليكم ليلا بعد صلاة العشاء...لا ينبغي لأي أحد أن يعرف بالأمر حتى نتبينه...

- أمرك يا أبي...
to be continued
jang-mi










رد مع اقتباس