اتهام الأزهر بتزوير بعض أمهات الكتب
وقع لي كتاب بعنوان "الإمام علي خليفة رسول الله" لمؤلفه المدعو / محمد إبراهيم الموحد القزويني الشيعي قامت بطبعه دار الثقلين ببيروت للمرة الثالثة جاء في الصفحة 67 – 68 ما نصه:
"لقد تواردت الأنباء بأن جامعة الأزهر بالقاهرة وبدعم من دولة عربية شكلت لجنة سرية لهدف إعادة النظر في جميع الكتب والمصادر المعتمدة عند أهل السنة وفي طليعتها صحيح البخاري والهدف من ذلك حذف ما ترى حذفه وتحريف ما ترى تحريفه من الأحاديث المروية في فضائل أهل البيت عليهم السلام بما يمكن أن يستدل به الشيعة على أحقية مذهبهم. وقد أحيطت هذه اللجنة بالسرية والكتمان وطبعت بعض المصادر طباعة حديثة وحذفت منها أحاديث أو حرفت منها بعض كلماتهم الحساسة كتحريف كلمة خليفتي إلى خليلي وما شابه ذلك..".
أقول - الشيخ عبد الله الموصلي - : كتب أهل السنة ومراجعهم مداولة في القديم والحديث بين أيدي الجميع سنة وشيعة وأكبر دليل نقل علماء الشيعة المتقدمين منها والرجوع إليها ومن ثم فهي مأمونة ولله الحمد من التحريف والعبث على عكس أمهات مراجع الشيعة فإنها كانت وإلى عهد قريب متداولة بين خاصة الشيعة يتناولونها يدا بيد ولا يطلعون عليها غيرهم.
وهذا الأفاك لم يستطع أن يأتي بأدلة تثبت صحة دعواه وعندما ذكر صحيح البخاري لم يستطع أيضاً أن يثبت مواضع التحريف فقد كان القزويني من الخسة والخبث واللؤم والدهاء حيث أدرك أنه متى ذكر أمثلة لما يدعيه فإن أمره سينكشف وسيفضحه الله تعالى ولكن الرجل طبق مبدأ الوقيعة في الخصوم ومباهتتم حسب الحديث المروي عندهم والذي سبق إيراده.
ومن قلة حياء الرجل وخبثه إيراده في الصفحة (212) من كتابه رواية خبيثة تقدح في الفاروق هي: "فوثب قيس بن سعد واخترط سيفه وقبض بلحية عمر وصرخ في وجهه: والله يا ابن صهاك الحبشية.."..
ثم يعلق في الهامش فيقول: "صهاك جدة عمر كان يعير بها لكونها من أهل الفساد".
وهذا القزويني الذي يقدح في خيار هذه الأمة رضوان الله عليهم نجده يقول (ص93 – 94) ما نصه: "وقد صارت هذه الكلمات أشهد أن عليا ولي الله شعارا للمسلمين الشيعة أتباع أهل البيت عليهم السلام يتمسكون به في الأذان والإقامة وفي سائر المجالات الدينية إطاعة لله ورسوله وقد تعرضوا بسبب ذلك لحملات النقد والتهريج ولكنهم صمدوا تجاهها وتصدوا لها وازدادوا إيمانا وتمسكا بهذا الشعار الإلهي لأنهم عرفوا أنه الحق وليس بعد الحق إلا الضلال وعلى كل مسلم يلتزم بأوامر الله ورسوله أن يتمسك بهذا الشعار ويأتي به في الأذان وغيره وحذار حذار من أن تتركه فيكون ممن قال لهم الرسول صلى الله عليه وآله: إنكم لمنقلبون بعدي على أعقابكم".
فات هذا القزويني أن هذا الشعار أي أشهد أن عليا ولي الله هو من شعار المفوضة وقد لعنوا على لسان المتقدمين من علمائهم فهذا رئيس المحدثين عند الشيعة أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابوية القمي الملقب عندهم بالصدوق في كتابه (من لا يحضره الفقه) وهو أحد كتبهم الأربعة الصحيحة يقول في الجزء الأول منه صفحة 188 الطبعة الخامسة نشر دار الكتب الإسلامية بطهران – إيران و (ط. دار الأضواء – بيروت -ج1 ص290) – باب الأذان والإقامة وثواب المؤذنين - ما نصه : "هذا هو الأذان الصحيح لا يزاد فيه ولا ينقص منه والمفوضة لعنهم الله قد وضعوا أخباراً وزادوا في الأذان محمد وآل محمد خير البرية مرتين وفي بعض رواياتهم بعد أشهد ان محمداً رسول الله أشهد ان عليا ولي الله مرتين، ومنهم من روى بدل ذلك أشهد أن عليا أمير المؤمنين حقا مرتين ولا شك في ان عليا ولي الله وأمير المؤمنين حقا وأن محمداً وآله صلوات الله عليهم خير البرية ولكن ليس ذلك في أصل الأذان وإنما ذكرت ذلك ليعرف بهذه الزيادة المتهمون بالتفويض المدلسون أنفسهم في جملتنا".
أقول - الشيخ عبد الله الموصلي - : والمفوضة الذين أدخلوا هذه الزيادة هم كما عرفهم صاحب حاشية الكتاب المذكور الشيخ على الأخوندي: "هم فرقة ضالة قالت بأن الله خلق محمداً صلى الله عليه وآله وفوض إليه خلق الدنيا فهو الخلاق وقيل بل فوض ذلك إلى علي ".
والشيعة وإلى اليوم للأسف ماضون في إيراد زيادة "اشهد أن عليا ولي الله" في اذانهم رغم اعتراف علمائهم كما في كتبهم الفقهية بأنه ليس من الأذان وعلى هذا يكونون من المفوضة الذين لعنهم الصدوق وبهذا يقول لسان حال الأزهر:
إذا أتتك مذمتي من ناقص * * * فهي الشهادة لي بأني كامل
ص 182 إلى 184
*
الإخوان المسلمون وتقية الشيعة :
إن الذين تعاطفوا منا مع الشيعة لم يكونوا على علم بمعتقدات الشيعة فقد نقل أحد الكتاب الذين يعملون ويكتبون لصالح الشيعة وهو عز الدين إبراهيم في كتابه موقف العلماء المسلمين من الشيعة والثورة الإسلامية الإيرانية (ص14 – 15ط مطبعة سبهر طهران الثانية 1406هـ، منشورات العلاقات الدولية في منظمة الإعلام الإسلامي الإيراني) عن عمر التلمساني وهو يتحدث عن موقف حسن البنا – رحمه الله – فيقول أي التلسماني: "وسألناه يوما عن مدى الخلاف بين أهل السنة والشيعة فنهانا عن الدخول في مثل هذه المسائل الشائكة التي لا يليق بالمسلمين أن يشغلوا أنفسهم بها والمسلمون على ما ترى من تنابذ يعمل أعداء الإسلام على إشعال ناره قلنا لفضيلته: نحن لا نسأل عن هذا للتعصب او توسعة الهوة الخلاف بين المسلمين ولكن نسأل للعلم لأن ما بين السنة والشيعة مذكور في مؤلفات لا حصر لها وليس لدينا من سعة الوقت ما يمكننا من البحث في تلك المراجع..".
من كلام التلمساني هذا ترى جليا أن موقف الشيخ حسن البنا من هذه المسألة هو عدم الخوض في مسائل الخلاف بين الشيعة والسنة فالبنا لم ير البحث في هذه المسألة الخطيرة والتلمساني نفسه صرح بأنه ليس لديهم من سعة الوقت ما يمكنهم من البحث في المسألة وهنا اجتمعت طامتان عدم سعة الوقت والنهي عن الدخول في مسائل الخلاف الشائكة.
إذن تقارب البنا رحمه الله تعالى مع الشيعة ليس عن علم ولا بتشجيع للعلم الذي يتناول هذه الأمور وهذا يستلزم أن نقول ان القوم الذين تعاطفوا أو لنقل دعوا إلى التقارب مع الشيعة ليسوا على علم بمعتقدات الشيعة بل أن مبدأهم هو محاربة هذا العلم أو لنقل النهي عن وجود مثل هذا العلم وهذه نقطة خطيرة يجب أن لا يغفل عنها المتتبعون.
فهل يعتبر موقف هؤلاء حجة تلزم المسلمين باتباعهم؟
لا والله إن موقفهم ليس بحجة ولا هو مبني على علم ودليل وحجة وبرهان والصحيح خلاف موقفهم عن ما نقله الكاتب المذكور يعد حسنة له وإن كنا على يقين انه لا يقصدها لأنها ليست على الشرط الذي اتفق عليه مع من يكتب لهم.
إن حسن البنا رحمه الله تعالى كسائر أهل السنة يهمهم أن يتقارب المسلمون وينبذوا ما بينهم من خلاف لكنه لم يطلع على موقف الشيعة الحقيقي من أهل السنة فالظروف والمشاغل التي واجهته وعدم سعة وقت أتباعه – على حد كلام التلمساني - لم تسمح له أو أن يسمح هو لنفسه بالبحث والتنقيب في كتب الشيعة القديمة التي عليها مدار مذهبهم وبعض الكتب الحديثة التي يخفيها الشيعة عن المساكين وحسني النية والتي يقصرونها عليهم دون إطلاع خصومهم عليها فلم تقع أنظار هؤلاء الطيبين إلا على الكتب الناعمة التي تدعو إلى الوحدة بشكل عام وهذا من إتقان التقية أي خداع الخصوم بالتكتم والمراوغة والحيلولة دون وصولهم إلى الحقيقة.
فعلى إخواننا الذين يحتجون بموقف الشيخ حسن البنا أن يقفوا ويحترموا القاعدة التي تقول : "إن عدم العلم بالشيء لا يعني عدمه" فحسن البنا رحمه الله يعلم (فيما نظن) أن منكر الولاية كافر ومقدم أبي بكر وعمر كافر بلا خلاف بين الشيعة على ما نقله مرجعهم الشيخ حسن النجفي في كتابه جواهر الكلام والذي يقع في ثلاثة وأربعين مجلداً وسماه عالم الشيعة اللبناني محمد جواد مغنية فيما مر نقله معجزة القرن التاسع عشر ومثله البحراني والشوشتري والمجلسي وعبد الله شبر والمفيد.
ويقول الخميني في كتاب الأربعين (ص: 511): "ومن المعلوم أن هذا الأمر يختص بشيعة أهل البيت ويحرم عنه الناس الآخرون لأن الإيمان لا يحصل إلا بواسطة ولاية علي وأوصيائه من المعصومين الطاهرين عليهم السلام بل لا يقبل الإيمان بالله ورسوله من دون الولاية كما نذكر ذلك في الفصل التالي".
قلت - أي الشيخ عبد الله الموصلي -: أترى الشيخ حسن البنا – رحمه الله – يسكت على هذا الكلام الخطير فيما لو وقف عليه إذ أن إيمان حسن البنا وإخوانه أهل السنة غير مقبول عندهم لأنهم لا يعتقدون بولاية الأوصياء والمعصومين.
يقول الخميني في كتاب الأربعين (ص512): "إن ما مر في ذيل الحديث الشريف من أن ولاية أهل البيت ومعرفتهم شرط في قبول الأعمال يعتبر من الأمور المسلمة بل تكون من ضروريات مذهب التشيع المقدس وتكون الأخبار في هذا الموضوع أكبر من طاقة مثل هذه الكتب المختصرة على استيعابها وأكثر من حجم التواتر ويتبرك هذا الكتاب بذكر بعض تلك الأخبار".
أقول - أي الشيخ عبد الله الموصلي - : قد وقفت قبل قليل على ان المقصود بولاية أهل البيت هم الأئمة المعصومون.
وعلمت أن الاعتقاد بأئمتهم المعصومين شرط في قبول الإيمان بالله ورسوله وشرط في قبول الأعمال وبهذا يكون جهاد الإمام حسن البنا رحمه الله تعالى في ميزان الخميني ومعتقده … (الإجابة متروكة للمتعاطفين مع الشيعة) … لأن حسن البنا لا يعتقد بالأئمة المعصومين.
ص 194 إلى ص 196