منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - حكايا المملكة البيضاء
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-08-17, 00:00   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
jang-mi
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية jang-mi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تقريع الأب و تأنيب الأم و تهكم إلياس، الشقيق الأكبر لرياض لم يكن السبب الرئيسي لوجهه المكفهر...بل ما حدث له، و ذلك العمود الأثري الذي أصبح كالصورة التخييلية...و ذاك ما لم يفهمه رياض بل وأصبح رعبه الأكبر. كان ينتظر الصباح تلك الليلة بفارغ الصبر ليعود إلى مكان القلعة القديمة و يتأكد من جديد....لا ....لابد أن خطأ في المعالم الزمنية قد سبب ذلك الاختلال، أيمكن أن يكون هو السبب؟؟..لا..لا..لا لا..لم تكن تلك المرة الأولى التي يفعل فيها ذلك...لماذا كل هذا الإحساس بعدم الارتياح و كأنه ليس في عالمه؟؟...قام من مضجعه و أخذ يفكر، نظرة على تسلسل المعالم...ربما يكتشف الخطأ...كل شيء يسير بصورة طبيعية. ولكن...لماذا يبدو معلم المدينة القديمة مختلا..هناك تسلسل في غير مكانه ...ذلك ما كان يحس به و لكنه لم يعرف أين هو...بقي في حيرته و اضطرابه حتى أخذه النعاس في رحلة بعيدة.
أحس رياض بضوء خفيف يضرب عينيه، عرف انه الصباح فما ارتد له بصره حتى كان مرتديا ملابسه مستعدا للذهاب إلى المدرسة. تنظر أمه إلى ساعة المطبخ و هي تعد إفطار الصباح:
- رياض....أين تذهب لا تزال الساعة السادسة و النصف...لم يجهز الإفطار بعد...
- لا أريد....يجب أن اخرج الآن...وداعا...
و ينطلق في اتجاه المدينة القديمة. لا تزال عنابة لم تتخلص من آثار الليل، حركة قليلة جدا في الشوارع الرئيسية بينما الحركة منعدمة تماما في أزقة المدينة القديمة...حاول إلقاء نظرة على المعالم المكانية لينتقل بسرعة إلى هناك دون إهدار الوقت و لكن كل المعالم غير متطابقة و لا وجود لأي ممرات.....أنفاسه تكاد تنقطع في ركضه عبر الأحياء..هاهي القلعة هناك...أخيرا...يتوقف ليلتقط أنفاسه و يجوب المكان بحذر...يفاجئه جسم أحدهم ممدا هناك و كأنه مشرد اتخذ من الأطلال مسكنا له. يستمر في بحثه محاولا إيجاد العمود الرخامي...يصل إلى المساحة المفتوحة التي كان ملقى فيها... و لصدمته لا يجده..." لقد كان هنا...أنا متأكد انه كان هنا...في هذا المكان... أين ذهب؟؟" يدور و يدور في مكانه محاولا إيجاده و لكن من دون جدوى...أتراه كان مخطئا...غير ممكن...غير ممكن.
يعود أدراجه كالعائد من حرب خاسرة إلى المدرسة...لا يجد في نفسه القدرة على متابعة الدرس...يفتعل عدة شجارات مع زملائه...القلق يقتله و هو لا يجد تفسيرا للحوادث التي وقعت. و لكن و في طريق عودته إلى المنزل، يسترعي انتباهه أمر جعله يتأكد من وجود خطب ....بل أمر خطير...في أحد الشوارع الرئيسية. وضع مدفع أثري من الحقبة التركية للزينة....كان رياض يعرف المكان جيدا و لطالما كان يشع ببريق جميل. و لكنه هذه المرة كان محاطا بهالة سوداء تماما مثل التي كانت تحيط بالعمود الرخامي في القلعة....توقف رياض و أراد عبور الشارع ليقترب من المدفع...كان مصمما على معرفة الحقيقة...لكن كان عليه انتظار الإشارة. فرجل الشرطة الذي ينظم السير أمره بالتوقف....سيل السيارات يتدفق من أمامه و هو يحاول التركيز على المعلم..." متى ستتركني أمر يا هذا.....أهذا وقتك؟؟"...مرت اللحظات كأنها الدهر و رياض مستعجل الوصول إلى الجهة الأخرى من الشارع....آه، أخيرا سمح له الشرطي بالمرور...غير أنه و قبل أن يصل إلى مكان المدفع تلاشى هذا الأخير و كأنه لم يكن...صعق رياض لما رأى فهرول مسرعا إلى هناك..يا الله؟؟ يا الله...ما الذي يجري...المدفع؟ ....و لكنه اختفى و لم يعد له أثر...التفت رياض إلى المارة و لكن وجوههم لم تظهر إلى مفاجأة أو غرابة...و كأن شيئا لم يحصل....عاد و اخذ يحدق في المكان و هو غير مصدق لما يجري...هناك كشك على مقربة، كان صاحبها يبيع أشياءه و كأنه غير مبال....و هذه التي مرت على خطوات منه تتكلم في هاتفها النقال غير آبهة....ألم تلحظ أن المدفع و هو يختفي؟؟ ...الشرطي..أجل...و اندفع إليه قائلا:
- سيدي...سيدي....هناك أمر غريب...
- ما بك أيها الفتى.؟....مالك مذعور هكذا..؟
- هناك...على بوابة الساحة...المدفع الذي كان هناك...أحدهم...المدفع اختفى الآن فقط....
نظر الشرطي باتجاه المكان الذي أشار إليه رياض...ثم قال بكثير من اللامبالاة:
- أي مدفع.؟..لم يكن هناك مدفع قط...لابد أنك أخطأت..يا بني..
- و لكني متأكد...كان هناك مدفع كبير و معه قذائفه....أنا أعرف المكان ...صدقني..
- و لكن لم توضع أي مدافع في الساحة....آه، لا لابد انك تعني المدفع التركي القديم...أليس كذلك؟؟
انفرجت أسارير رياض...الشرطي يعرف عما يتكلم...لابد أنه انتبه هو كذلك...
- لم يعد ذلك المدفع هنا منذ زمن بعيد...لقد أزيل من هنا لأنه كان يعيق الحركة في الساحة...لا أذكر متى حدث ذلك و لكنه منذ زمن...هذا أكيد...لماذا تسأل؟؟
تجمدت النظرة على وجه رياض....كلمة واحدة تدور في رأسه "ماذا؟؟"



نهاية الفصل الأول



to be continued
jang-mi









رد مع اقتباس