[c] الـنـشـأة والـتـطـور : [/c]
ـ ابتدأت بذرة الفرفة الجهمية الأولى في الكوفة عندما أخذ مؤسسها الجهم بن صفوان من معلمه الجعد بن درهم أفكاره ومعتقداته، ثم انتقل الجهم بعقيدته إلى خراسان للتبشير بفكرته وبث نحلته ودعا الناس إلى العمل بها.
ـ كان مؤسس الفرقة الجهمية الجهم بن صفوان في بداية أمره على رأس الجبرية وأحد كبار الدعاة لها في خراسان لتوطيد الحكم الأموي، فالعامل السياسي أضفى على هذه النحلة صبغة دينية، والهدف من ورائها تثبيت أركان الحكم الأموي. وعند خروج الحارث بن سريج على السلطة الأموية التحق به جهم ووقف ضد بني أمية وكان فصيحا خطيبا يدعو الناس فيجذبهم بقوله واتبعه الكثير من أهل خراسان وقد هزم الحارث في حربه مع بني أمية وأسر جهم وقتل سنة ( 128 هـ ) ومن هنا نرى أن جهماً قتل لأمر سياسي لا علاقة له بالدين.
ـ انقسمت الفرقة الجهمية إلى اثنتي عشرة فرقة وأبرز هذه الفرق كما يذكر مؤلفو كتب الفرق هي:
المعطلة : زعموا ان كل ما يقع عليه وهم الإنسان فهو مخلوق، ومن ادعى ان الله يرى فهو كافر.
وأما المريسية فقالوا : أكثر صفات الله مخلوقة.
والملتزمة : جعلوا الباري سبحانه وتعالى في كل مكان.
والواردية قالوا : لا يدخل النار من عرف ربه، ومن دخلها لم يخرج منها أبدا.
والزنادقة قالوا : ليس لأحد أن يثبت لنفسه ربا لان الاثبات لا يكون إلا بعد ادراك الحواس وما يدرك بالحواس فليس بإله، وما لا يدرك لايثبت.
والحرقية : زعموا أن الكافر تحرقه النار مرة واحدة ثم يبقى محترقا أبدا لا يجد حر النار.
والمخلوقية : زعموا ان القرآن مخلوق.
والفانية : زعموا ان الجنة والنار تفنيان، ومنهم من قال إنهما لم تخلقا.
والمغيرية : جحدوا الرسل فقالوا : انما هم حكام.
والواقفية قالوا : لا نقول إن القرآن مخلوق ولا غير مخلوق.
والقبرية : ينكرون عذاب القبر والشفاعة.
واللفظية قالوا : لفظنا بالقرآن مخلوق.
ـ ساند جهم بن صفوان التحرك الثوري في خراسان ضد بني أمية بقيادة حارث بن سريج وكان من المتقدمين في مناصرته.
ـ لاقت الفرقة الجهمية معارضة فكرية وعقائدية قوية إذ قاومها أهل العلم والرأي ورأوا فيها الخطر الكائن لافساد عقيدة المسلم، وقد تصدى للرد عليها في العصور المختلفة كثير من علماء الطوائف السنية والشيعية، يقول عبد القاهر البغدادي ـ بشأن الجهم وعقيدته ـ : وكفّره اصحابنا في جميع ضلالاته، وكفرته القدرية في قوله : ان الله خالق أعمال العباد فاتـفقت أصناف الأمة على تكفيره فتـقوضت آراؤه وانقرضت فرقته واندمج الكثير منها في الفرق الأخرى. [c] الأفكار والمعتقدات : [/c]
طرحت الفرقة الجهمية أفكاراً كثيرة في مسائل شتى إلا أننا نستعرض أهمها وهي.
ـ إنه لا فعل لاحد على الحقيقة إلا الله تعالى، وان الخلق فيما ينسب إليهم من الأفعال كالشجرة تحركها الريح، إلا أن الله خلق في الإنسان قوة كان الفعل بها، وخلق نية إرادة الفعل واختياره كما خلق فيه سروراً بذلك وشهوة، والإنسان مجبور لا اختيار له ولاقدرة، وان الله قدر عليه أعمالاً لا بد أن تصدر منه.
ـ إن الإيمان عقد بالقلب وان أعلن الإنسان الكفر بلسانه بلا تقية، وعبد الأوثان أو لزم اليهودية أو النصرانية في دار الإسلام، وعبد الصليب، وأعلن التثليث، ومات على ذلك فهو مؤمن كامل الإيمان عند الله عزوجل ولي لله تعالى ومن أهل الجنة.
ـ ان علم الله محدث هو احدثه فعلم به، وقد يجوز ان يكون الله عالماً بالاشياء كلها قبل وجودها بعلم احدثه قبلها.
ـ إن الإمامة يستحقها كل من قام بها إذا كان عالماً بالكتاب والسنة، وانه لا تثبت الإمامة إلا باجماع الأمة كلها.
ـ القول بنفي الصفات عن الله سبحانه، فقد وردت في القرآن آيات كثيرة تدل على ان لله صفات من سمع وبصر وكلام...... الخ، فنفى جهم ان يكون لله صفات غير ذاته وقال ان ما ورد في القرآن مثل سميع وبصير ليس على ظاهر القول بل مؤول لأن ظاهره يدل على التشبيه بالمخلوق وهو مستحيل على الله فيجب تأويل ذلك، وقال لايصح وصف الله بصفة يوصف بها خلقه لان ذلك يقتضي التشبيه اعتمادا على الآية : { ليس كمثله شيء } لكنهم اجازوا وصفه بصفتين اثنتين هما الفعل والخلق، على اعتبار انه لايسوغ وصف العبد بهما، وقد اثبتوا وجود الذات الألهية في كل مكان لا في مكان دون آخر وقالوا : بوحدة الذات الإلهية والصفات علىما ذهبت إليه القدرية.
ـ امتناع رؤية الله على المؤمنين في الآخرة، وتأويل الآية : { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة }.
ـ ان الجنة والنار تفنيان بعد دخول أهلهما فيهما وتلذذ أهل الجنة بنعيمها وتألم أهل النار بجحيمها.
ـ القول بخلق القرآن وانه حادث.
ـ جوزوا الخروج على السلطان الجائر وحمل الجهم السلاح بنفسه وقاتل مع الحارث بن سريج، وقتلا عام ( 128 هـ ).
ـ قالوا : ان الله تبارك وتعالى إن غفر لواحد غفر لكل من هو على مثل حاله، وقالوا : ان الله تبارك وتعالى لا يدخل احداً النار لارتكابه الكبائر، وانه يعفو عما دون الكفر.
ـ ان معرفة الباري تعالى واجبة بالعقل قبل ورود الشرع.
[c] أبرز الشخصيات :[/c]
ـ ذكر مؤلفو الفرق ( الفرقة الجهمية ) واستعرضوا عقائدها واضاليلها ولم يتعرضوا بشيء لبـيان تراجم زعمائها ودعاتها وإنما اشاروا فقط إلى جهم بن صفوان الترمذي وذكروا عنه شيئا يسيرا تقمصوه من كتب التاريخ، وكذلك ذكر بعضهم الفرق الجهمية من دون ان يتطرقوا لشيء من التعريف بحياة مؤسسيها إلاّ اشارة هامشية إلى مؤسس الفرقة المريسية بشر المريسي، وأهملوا ذكر الآخرين من قادة الفرق الجهمية، وأهم زعمائها هو : جهم بن صفوان مولى بني راسب.