عقيدة الإمام محمد ومنهجه
هو على عقيدة السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وعقيدة أئمة السنة والهدى لم يخالفهم في شيء لا في باب أسماء الله وصفاته ولا في الإيمان والكفر
ولا في الوعد والوعيد والشفاعة ولا في أمر من الأمور الغيبية ولا في غيرها ولا يكفر إلا من كفره الله ورسوله وكفره السلف الصالح واقتضى ذلك أصول أهل السنة ومنهجهم.
وهذا شيء معروف عنه وواضح وضوح الشمس ولله الحمد لا ينكره إلا أعمى البصيرة وقد بين ذلك عدد من العلماء في مؤلفاتهم الخاصة بالذب عن الإمام محمد وفي ثنايا مؤلفات أتباعه وأنصاره.
من أجل كل ذلك سوف أقتصر على مقتطفات من كلام العلامة: عبد اللطيف ابن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله أكبر علماء عصره فلنعط القوس باريها.
قال رحمه الله: قد عرف واشتهر واستفاض من تقارير الشيخ ومراسلاته ومصنفاته المسموعة المقروءة عليه، وما ثبت بخطه، وعرف واشتهر من أمره ودعوته، وما عليه الفضلاء النبلاء من أصحابه وتلامذته، أنه على ما كان عليه السلف الصالح وأئمة الدين أهل الفقه والفتوى في باب معرفة الله وإثبات صفات كماله، ونعوت جلاله، التي نطق بها الكتاب العزيز، وصحت بها الأخبار النبوية، وتلقاها أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلّم- بالقبول والتسليم، يثبتونها ويؤمنون بها، ويمرونها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل، وقد درج على هذا من بعدهم من التابعين وتابعيهم من أهل العلم والإيمان وسلف الأمة وأئمتها كسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وطلحة بن عبد الله وسليمان بن يسار وأمثالهم من الطبقة الأولى كمجاهد بن جبر وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري وابن سيرين وعامر الشعبي وجنادة بن أبي أمية وحسان بن عطية وأمثالهم، ومن الطبقة الثانية علي ابن الحسين وعمر بن عبد العزيز ومحمد بن مسلم الزهري ومالك بن أنس وابن أبي ذئب وابن الماجشون وكحماد بن سلمة وحماد بن زيد والفضيل بن عياض وعبد الله بن المبارك وأبي حنيفة النعمان بن ثابت ومحمد بن إدريس وإسحاق بن إبراهيم واحمد بن حنبل ومحمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج القشيري وإخوانهم وأمثالهم ونظرائهم من أهل الفقه والأثر في كل مصر وعصر.
وأما توحيد العبادة والألوهية فلا خلاف بين أهل الإسلام فيما قاله الشيخ وثبت عنه من المعتقد الذي دعا إليه يوضح ذلك أن أصل الإسلام وقاعدته شهادة أن لا إله إلا الله وهي أصل الإيمان بالله وحده، وهي أفضل شُعب الإيمان، وهذا الأصل لابد فيه من العلم والعمل والإقرار بإجماع المسلمين، ومدلوله وجوب عبادة الله وحده لا شريك له، والبراءة من عبادة ما سواه كائناً من كان، وهذا هو الحكمة التي خُلقت لها الأنس والجن وأرسلت لها الرسل وأنزلت بها الكتب وهي تتضمن كمال الذل وتتضمن كمال الطاعة والتعظيم. وهذا هو دين الإسلام وهو يتضمن الاستسلام لله وحده، فمن استسلم له ولغيره كان مشركاً، ومن لم يستسلم كان مستكبراً عن عبادته"(1).
"وأما مسائل القدر والجبر والإمامة والتشيع ونحو ذلك من المقالات والنحل فهو أيضاً فيها على ما كان عليه السلف الصالح وأئمة الهدى والدين يبرأ مما قالته النفاة القدرية المجبرة(1)، وماقالته المرجئة والرافضة، وما عليه غلاة الشيعة والناصبة، يوالي جميع أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلّم- ويكف عما شجر بينهم، ويرى أنهم أحق الناس بالعفو عما يصدر عنهم، وأقرب الخلق إلى مغفرة الله وإحسانه لفضائلهم وسوابقهم وجهادهم، وما جرى على أيديهم من فتح القلوب بالعلم النافع والعمل الصالح، وفتح البلاد ومحو آثار الشرك وعبادة الأوثان والنيران والأصنام والكواكب ونحو ذلك مما عبده جهال الأنام، ويرى البراءة مما عليه الرافضة وأنهم سفهاء لئام، ويرى أن أفضل الأئمة بعد نبيها، أبو بكر فعمر فعثمان فعلي - رضي الله عنهم - أجمعين،ويعتقد أن القرآن الذي نزل به الروح الأمين، على قلب سيد المرسلين وخاتم النبيين كلام الله غير مخلوق، منه بدا وإليه يعود. ويبرأ من رأي الجهمية القائلين بخلق القرآن، ويحكى تكفيرهم عن جمهور السلف أهل العلم والإيمان ويبرأ من رأي الكلابية أتباع عبد الله بن سعيد ابن كلاب القائلين بأن كلام الله هو المعنى القائم بنفس الباري وإنما نزل به جبريل حكاية وعبارة عن المعنى النفسي، ويقول هذا من قول الجهمية، وأول من قسم هذا التقسيم هو ابن كلاب وأخذ عنه الأشعري وغيره كالقلانسي.
ويخالف الجهمية في كل مما قالوا وابتدعوا في دين الله.
ولا يرى ما ابتدعه الصوفية من البدع والطرائق المختلفة المخالفة لهدي رسول الله –صلى الله عليه وسلّم- وسنته في العبادات والخلوات والأذكار المخالفة للمشروع.
ولا يرى ترك السنن والأخبار النبوية لرأي فقيه ومذهب عالم خالف ذلك باجتهاده بل السنة أجل في صدره وأعظم عنده من أن تترك لقول أحد كائناً من كان. قال عمر بن عبد العزيز: لا رأي لأحد مع سنة سنها رسول الله–صلى الله عليه وسلّم-. نعم عند الضرورة وعدم الأهلية والمعرفة بالسنن والأخبار وقواعد الاستنباط والاستظهار يصار إلى التقليد لا مطلقاً، بل فيما يتعسر ويخفى، ولا يرى إيجاب ما قاله المجتهد إلا بدليل تقوم به الحجة من الكتاب والسنة خلافاً لغلاة المقلدين ويوالي الأئمة الأربعة.ويرى فضلهم وأمانتهم وأنهم من الفضل والفضائل في غاية ورتبة يقصر عنها المتطاول، ويوالي كافة أهل الإسلام وعلمائه من أهل الحديث والفقه والتفسير وأهل الزهد والعبادة. ويرى المنع من الانفراد عن أئمة الدين من السلف الماضين برأي مبتدع، وقول مخترع، فلا يحدث في الدين ما ليس له أصل يتبع، وما ليس من أقوال أهل العلم والأثر. ويؤمن بما نطق به الكتاب، وصحت به الأخبار، وجاء الوعيد عليه من تحريم دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم ولا يبيح من ذلك إلا ما أباحه الشرع وأهدره الرسول، ومن نسب إليه خلاف هذا فقد كذب وافترى وقال ما ليس له به علم، وسيجزيه الله ما وعد به أمثاله من المفترين(1).
وأبدى رحمه الله من التقارير المفيدة، والأبحاث الفريدة على كلمة الإخلاص والتوحيد – شهادة أن لا اله الاالله – مادل عليه الكتاب المصدق، والإجماع المستبين المحقق، من نفي استحقاق العبادة والإلهية عما سوى الله، وإثبات ذلك لله سبحانه على وجه الكمال المنافي لكليات الشرك وجزيئاته وأن هذا هو معناها وضعاً ومطابقة، خلافاً لمن زعم غير ذلك من المتكلمين، كمن يفسر ذلك بالقدرة على الاختراع، أو بأنه تعالى غني عما سواه، مفتقر إليه ما عداه، فإن هذا لازم المعنى، إذ الإله الحق لا يكون إلا قادراً غنياً عما سواه، وأما كون هذا هو المعنى المقصود بالوضع فليس كذلك، والمتكلمون خفي عليهم هذا، وظنوا أن تحقيق توحيد الربوبية والقدرة هو الغاية المقصودة، والفناء فيه هو تحقيق التوحيد،وليس الأمر كذلك، بل هذا لا يكفي في الإيمان وأصل الإسلام إلا إذا أضيف إليه واقترن به توحيد الألوهية، وإفراد الله بالعبادة والحب والخضوع والتعظيم والإنابة والتوكل والخوف والرجاء وطاعة الله وطاعة رسوله. هذا أصل الإسلام وقاعدته، والتوحيد الأول توحيد الربوبية والقدرة والخلق والإيجاد هو الذي بني عليه توحيد العمل والإرادة، وهو دليله الأكبر، وأصله الأعظم، كما قال تعالى (وإلهكم إلـه واحد، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم) إلى آخر الآيات"(1).
وقال:" وقد قرر - رحمه الله- على شهادة أن محمداً رسول الله من بيان ماتستلزمه هذه الشهادة وتستدعيه وتقتضيه من تجريد المتابعة والقيام بالحقوق النبوية من الحب والتوقير والنصرة والمتابعة والطاعة وتقديم سنته –صلى الله عليه وسلّم- على كل سنة وقول، والوقوف معها حيث ما وقفت والانتهاء حيث انتهت، في أصول الدين وفروعه باطنه وظاهره وخفيه وجليه، كليه وجزئيه ما ظهر به فضله وتأكد علمه ونبله، وأنه سباق غايات وصاحب آيات، لا يشق غباره، ولا تدرك في البحث والإفادة آثاره، وأن أعداءه ومنازعيه، وخصومه في الفضل وشانئيه يصدق عليهم المثل السائر، بين أهل الدفاتر والمحابر:
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداء له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغياً إنه لدميـم
وله رحمه الله من المناقب والمآثر، ما لا يخفى على أهل الفضائل والبصائر، ومما اختصه الله به من الكرامة تسلط أعداء الدين وخصوم عباد الله المؤمنين، على مسبته، والتعرض لبهته وعيبه. (الهدية السنية) (ص 131)
ثناء العلماء على الإمام محمد وتأييدهم له بالحجة والبرهان
فمن هؤلاء العلماء:
1- الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
2- الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
3- الشيخ حسين غنام صاحب كتاب (روضة الأفكار والأفهام).
4- الشيخ حمد بن ناصر بن معمر فإنه حين طلب الشريف غالب من الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود أن يبعث إليه عالما لمناظرة علماء مكة فبعثه الإمام عبد العزيز والإمام محمد فذهب إليهم وناظرهم وظهر عليهم وكتب رسائل في الذود عن الدعوة السلفية.
5- سليمان بن عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
6- الشيخ عبد العزيز الحصين الناصري قاضي بلدان الوشم فإنه حين أعاد الشريف غالب الطلب لمجيء عالم من نجد لمناظرة علماء الحرم الشريف فبعثه الإمام عبد العزيز بن محمد إليهم وزوده الإمام محمد بن عبد الوهاب برسالة إلى علماء مكة يوضح لهم فيها طريق دعوته ونفى عنها الأكاذيب والأراجيف.
7- الشيخ محمد بن علي بن غريب كان هو الذي يتولى الرد والإجابة على شبهات علماء الأمصار التي توجه ضد الدعوة.
8- الشيخ عثمان بن عبدالله بن بشر صاحب كتاب (عنوان المجد في تاريخ نجد).
9- العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني صاحب كتاب (سبل السلام) وغيره وله قصيدة مشهورة في تأييد الشيخ.
10- الشيخ أحمد بن دعيج بن علي الكثيري نسبا من أهل مرات له قصائد وبعض الردود على مخالفي الدعوة.
11- العلامة محمد بن علي الشوكاني وله ثناء على دعوته وله أبيات رائعة في رثائه.
12- الشيخ عبدالله بن عبد الرحمن أبا بطين.
13 - ومن المتأخرين الشيخ عبد الرحمن بن حسن.
14- الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن.
15- الشيخ سليمان بن سحمان.
16- الشيخ حمد بن عتيق.
17- الشيخ سعد بن حمد بن عتيق.
18- الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز.
19- الشيخ محمد خليل هراس له رد على مقال للدكتور محمد البهي في نقد الوهابية.
فلهؤلاء ردود مفحمة وأجوبة مسكتة رحمهم الله تعالى.
وهناك مؤلفات كتبت في الثناء على الإمام محمد ودعوته والذب عنه منها:
1- كتاب صيانة الإنسان عن وسوسة دحلان تأليف العلامة الشيخ محمد بشير السهسواني الهندي.
2- كتاب محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم مفترى عليه للشيخ مسعود الندوي.
3- الشيخ محمد بن عبد الوهاب مجدد القرن الثاني عشر المفترى عليه ودحض تلك المفتريات تأليف العلامة أحمد بن حجر بوطامي البنعلي.
4- من مشاهير المجددين في الإسلام شيخ الإسلام: ابن تيمية وشيخ الإسلام: محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله تعالى نبذة عن حياتهما وجهادهما وثمرات دعوتهما تأليف العلامة صالح بن فوزان الفوزان.
5- حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب تأليف حسين خلف خزعل.
6- عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية وأثرها في العالم الإسلامي للشيخ صالح بن عبدالله العبود.
7- كتاب دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب عرض ونقد إعداد عبد العزيز بن محمد بن علي العبد اللطيف.
8- السلفية ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب للدكتور: علي عبد الحليم محمود.
9- الإمام محمد بن عبد الوهاب أو انتصار المنهج السلفي لعبد الحليم الجندي.
10- انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب خارج الجزيرة العربية، تأليف: محمد كمال جمعة.
11- تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية للدكتور: محمد بن سعد الشويعر.
وهناك مجموعة من البحوث باسم (بحوث أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب) من ضمنها:
1- كلمة في إبراز دعوة الإمام محمد ومزاياها الإصلاحية وآثارها الطيبة في حياة المسلمين للشيخ العلامة عبد العزيز بن باز- رحمه الله -.
2- بحث قيم للشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري باسم (حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وآثاره العلمية.
3- حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وآثاره العلمية للشيخ محمد بن أحمد العقيلي.
4- اعتماد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب على الكتاب والسنة لمعالي الشيخ عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ.
5- اعتماد فقه الشيخ محمد بن عبد الوهاب على الكتاب والسنة للشيخ صالح بن عبد الرحمن الأطرم.
وهناك كتابات أخرى لمسلمين وغيرهم في الإمام محمد بن عبد الوهاب ودعوته رحمه الله.
آثار دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله-
من آثار دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- وأنصاره من آل سعود -رحم الله من مضى- ووفق الله من بقي
1- أعاد الله بدعوته وجهاده وصبره ومناصرة أنصاره دعوة الإسلام إلى ما كانت عليه في عهد السلف الصالح من صفاء العقيدة ونضارة التوحيد والاحتكام إلى الكتاب والسنة في سائر أمور الدين والدنيا في دولة قامت على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح.
2- اجتثاث أصول الشرك والبدع والخرافات والشعوذة وسد الذرائع إلى ذلك.
3- انتشار العلم والقضاء على الجهل والتعصبات المذهبية.
4- جمع كلمة أهل الجزيرة ولَمُّ شملهم والقضاء على الأحقاد وأسباب الفتن والفوضى والسلب والنهب والتقاليد والعادات القبلية المخالفة للشريعة الإسلامية الأمور التي عاشتها الجزيرة قرونا وانتشر من الأمن والأمان وسادت روح الأخوة على أساس التوحيد والإيمان إلى غير ذلك من الآثار المباركة التي عرفها الخاص والعام.
آثاره العلمية
للشيخ محمد بن عبد الوهاب مجموعة من الكتب النافعة والمباحث المفيدة منها:
1- كتاب التوحيد وهذا الكتاب من أنفس الكتب لم يصنف على منواله.
2- مختصر السيرة النبوية.
3- مختصر زاد المعاد.
4- مختصر الإنصاف والشرح الكبير.
5- أصول الإيمان وفضائل الإسلام.
6- أحاديث الفتن.
7- مسائل الجاهلية.
8- الكبائر.
9- أصول الإيمان.
10- أدب المشي إلى الصلاة.
11- كشف الشبهات.
وله غيرها من الكتب النافعة (1).
وفاته – رحمه الله -
توفي هذا العَلم عن عمر يناهز اثنتين وتسعين سنة عام 1206هـ بعد جهاد طويل وعظيم في ميدان العلم والتعليم والدعوة إلى الله تغمده الله بواسع رحمته وأثابه على ما قدم للإسلام والأمة من خير أحسن الثواب وأسكنه فسيح جناته إن ربنا لسميع الدعاء. "