المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شريف عبد الستار
وما تعليقكم عن:فتاوى لكبار علماء الأمة بهذا الشأن يجيزون الذكر الجماعى
شيخ الإسلام بن تيمية
هذا ما جاء في كتاب الفتاوى الكبرى لشيخنا شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية عن مجالس الذكر الجماعي:
كتاب الذكر والدعاء . مسألة رجل ينكر على من يجهر بالذكر. 318 - 6 - مَسْأَلَةٌ : فِي رَجُلٍ يُنْكِرُ عَلَى أَهْلِ الذِّكْرِ , يَقُولُ لَهُمْ : هَذَا الذِّكْرُ بِدْعَةٌ وَجَهْرُكُمْ فِي الذِّكْرِ بِدْعَةٌ , وَهُمْ يَفْتَتِحُونَ بِالْقُرْآنِ وَيَخْتَتِمُونَ , ثُمَّ يَدْعُونَ لِلْمُسْلِمِينَ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ , وَيَجْمَعُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّكْبِيرَ وَالْحَوْقَلَةَ , وَيُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُنْكِرُ يَعْمَلُ السَّمَاعَ مَرَّاتٍ بِالتَّصْفِيقِ وَيَبْطُلُ الذِّكْرُ فِي وَقْتِ عَمَلِ السَّمَاعِ .
الْجَوَابُ : الِاجْتِمَاعُ لِذِكْرِ اللَّهِ وَاسْتِمْتَاعِ كِتَابِهِ وَالدُّعَاءُ عَمَلٌ صَالِحٌ , وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ الْقُرُبَاتِ وَالْعِبَادَاتِ فِي الْأَوْقَاتِ , فَفِي الصَّحِيحِ , عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { إنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ , فَإِذَا مَرُّوا بِقَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا : هَلُمُّوا إلَى حَاجَتِكُمْ } وَذَكَرَ الْحَدِيثَ , وَفِيهِ : { وَجَدْنَاهُمْ يُسَبِّحُونَك وَيَحْمَدُونَك } . لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا أَحْيَانًا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَمْكِنَةِ , فَلَا يُجْعَلُ سُنَّةً رَاتِبَةً يُحَافِظُ عَلَيْهَا إلَّا مَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي الْجَمَاعَاتِ وَمِنْ الْجُمُعَاتِ وَالْأَعْيَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
وَأَمَّا مُحَافَظَةُ الْإِنْسَانِ عَلَى أَوْرَادٍ لَهُ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ الْقِرَاءَةِ أَوْ الذِّكْرِ أَوْ الدُّعَاءِ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ , فَهَذَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا , فَمَا سُنَّ عَمَلُهُ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِمَاعِ كَالْمَكْتُوبَاتِ , فُعِلَ كَذَلِكَ , وَمَا < 385 > سُنَّ الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الِانْفِرَادِ مِنْ الْأَوْرَادِ عُمِلَ كَذَلِكَ , كَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَجْتَمِعُونَ أَحْيَانًا يَأْمُرُونَ أَحَدَهُمْ يَقْرَأُ وَالْبَاقُونَ يَسْتَمِعُونَ , وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ يَا أَبَا مُوسَى ذَكِّرْنَا رَبَّنَا , فَيَقْرَأُ وَهُمْ يَسْتَمِعُونَ , وَكَانَ مِنْ الصَّحَابَةِ مَنْ يَقُولُ : " اجْلِسُوا بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً " { وَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ التَّطَوُّعَ فِي جَمَاعَةٍ مَرَّاتٍ } , { وَخَرَجَ عَلَى الصَّحَابَةِ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ وَفِيهِمْ قَارِئٌ يَقْرَأُ فَجَلَسَ مَعَهُمْ يَسْتَمِعُ } .
وَمَا يَحْصُلُ عِنْدَ السَّمَاعِ وَالذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ مِنْ وَجَلِ الْقَلْبِ , وَدَمْعِ الْعَيْنِ , وَاقْشِعْرَارِ الْجُسُومِ , فَهَذَا أَفْضَلُ الْأَحْوَالِ الَّتِي نَطَقَ بِهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ , وَأَمَّا الِاضْطِرَابُ الشَّدِيدُ وَالْغَشْيُ وَالْمَوْتُ وَالصَّيْحَاتُ , فَهَذَا إنْ كَانَ صَاحِبُهُ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ لَمْ يُلَمْ عَلَيْهِ , كَمَا قَدْ كَانَ يَكُونُ فِي التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ , فَإِنَّ مَنْشَأَهُ قُوَّةُ الْوَارِدِ عَلَى الْقَلْبِ مَعَ ضَعْفِ الْقَلْبِ , وَالْقُوَّةُ وَالتَّمَكُّنُ أَفْضَلُ كَمَا هُوَ حَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ . وَأَمَّا السُّكُونُ قَسْوَةٌ وَجَفَاءٌ فَهَذَا مَذْمُومٌ لَا خَيْرَ فِيهِ .
وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ السَّمَاعِ فَالْمَشْرُوعُ الَّذِي تَصْلُحُ بِهِ الْقُلُوبُ وَيَكُونُ وَسِيلَتَهَا إلَى رَبِّهَا بِصِلَةِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا هُوَ سَمَاعُ كِتَابِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ سَمَاعُ خِيَارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ } وَقَالَ : { زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ } وَهُوَ السَّمَاعُ الْمَمْدُوحُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ , لَكِنْ لَمَّا نَسِيَ بَعْضُ الْأُمَّةِ حَظًّا مِنْ هَذَا السَّمَاعِ الَّذِي ذُكِّرُوا بِهِ أُلْقِيَ بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ , فَأَحْدَثَ قَوْمٌ سَمَاعَ الْقَصَائِدِ وَالتَّصْفِيقِ وَالْغِنَاءِ مُضَاهَاةً لِمَا ذَمَّهُ اللَّهُ مِنْ الْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ وَالْمُشَابَهَةِ لِمَا ابْتَدَعَهُ النَّصَارَى , وَقَابَلَهُمْ قَوْمٌ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ , وَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً مُضَاهَاةً لِمَا عَابَهُ اللَّهُ عَلَى الْيَهُودِ .
وَالدِّينُ الْوَسَطُ هُوَ مَا عَلَيْهِ خِيَارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
|