بسم الله الرحمن الرحيـــــــــــم
السلام عليك أخي الكريــــــــــــــــــــــــم و بعد:
اعذرني مسبق أخي،فالحديث قد يطول قليلا،نظرا لأهمية الموضوووووووووع:
الشورى في القرآن الكريم قاعدة أساسية في الحكم والحياة، ولكن مقتضاها الأساسي بتقديري هو اختيار الحكم والإدارة والحياة وليس تديينها، ولذلك فإن البحث في وجوب الشورى وإلزاميتها وعدم إلزاميتها هو من استحضار ما لا يلزم، لأن القول بوجوب الشورى والتزام رأي الأغلبية على سبيل المثال وإن كان موقفاً منسجماً مع الديموقراطية يتضمن فكرة أخرى خطيرة، وهي مصدر ضرورة إلزام الأغلبية، هل هو الالتزام الديني، أم هو تحقيق المصالح والمقاصد العامة والمجتمعية وتطوير آليات وأدوات العمل والإدارة ومراجعتها، وفرق كبير بين الحالتين، وإن كانتا تنشئان آلية سياسية ترجع إلى الأغلبية.
و قد انقسم الفقهاء المسلمون في هذا الصدد الى 3 فرق هي على التوالي:
1- الرافضون للديمقراطية باسم الإسلام وهو صنف يرى أن الإسلام والديمقراطية ضدَّان لا يلتقيان، لعدة أسباب:
أ - أن الإسلام من الله والديمقراطية من البشر.
ب - وأن الديمقراطية تعني حكم الشعب للشعب، والإسلام يعني حكم الله للشعب.
ت - وأن الديمقراطية تقوم على تحكيم الأكثرية في العدد، وليست الأكثرية دائما على صواب.
ث - وأن الديمقراطية أمر مُحدَث وابتداع في الدِّين، ليس له سلف من الأمة، وفي الحديث: «مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَد» و«مَن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رَد». أي مردود.
ج - وأن الديمقراطية مبدأ مستورد من الغرب النصراني أو العلماني الذي لا يؤمن بسلطان الدِّين على الحياة، أو الملحد الذي لا يؤمن بنبوة ولا ألوهية ولا جزاء، فكيف نتخذه لنا إماما؟
بناء على هذا يرفض هؤلاء الديمقراطية رفضا باتًا، وينكرون على مَن ينادي بها أو يدعو إليها في ديارنا، بل قد يتهمونه بالكفر والمروق من الإسلام. فقد صرَّح بعضهم بأن الديمقراطية كفر!
2- القائلون بالديمقراطية بلا قيود
على عكس هؤلاء، آخرون يرون أن الديمقراطية الغربية هي العلاج الشافي لأوطاننا ودولنا وشعوبنا، بكل ما تحمله من معاني الليبرالية الاجتماعية، والرأسمالية الاقتصادية، والحرية السياسية.
ولا يقيد هؤلاء هذه الديمقراطية بشيء، وهم يريدونها في بلادنا، كما هي في بلاد الغربيين، لا تستند إلى عقيدة، ولا تحثُّ على عبادة، ولا تستمد من شريعة، ولا تؤمن بقِيَم ثابتة، بل هي تفصل بين العلم والأخلاق، وبين الاقتصاد والأخلاق، وبين السياسة والأخلاق، وبين الحرب والأخلاق. وهذا هو منطق (التغريبيين) الذين نادوا من قديم، بأن نسير مسيرة الغربيين، ونأخذ حضارتهم بخيرها وشرِّها، وحلوها ومرها!
3- الوسطيون المتوازنون و هو الأقرب على الأقل في وجهة نظري الخاصة:
وبين هؤلاء وأولئك: تقف فئة الوسط التي ترى أن خير ما في الديمقراطية -أو قل: جوهر الديمقراطية- متفق مع جوهر تعاليم الإسلام.
جوهر الديمقراطية: أن يختار الناس مَن يحكمهم، ولا يُفرض عليهم حاكم يكرهونه ويرفضونه يقودهم بعصاه أو سيفه. وأن يكون لديهم من الوسائل: ما يقوِّمون به عِوَجه، ويردونه إلى الصواب إذا أخطأ الطريق، وأن تكون لديهم القدرة على إنذاره إذا لم يعتدل، ثم عزله بعد ذلك سلميا.
وإذا اختلف معه أهل الحل والعقد فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) «النساء: 59»، وقد أجمع العلماء على أن المراد بالرد إلى الله: الرد إلى كتابه. وبالرد إلى رسول الله: الرد إلى سنته. والذين يرجع إليهم في هذا هم الراسخون في العلم، الخبراء وأهل الذكر في العلم الشرعي: علم الكتاب والسنة والفقه وأصوله، الذين يجمعون بين فقه النصوص الجزئية وفقه المقاصد الكلية، والذين يجمعون بين فقه الشرع وفقه الواقع، أعني فقه العصر الذي يعيشون فيه وما فيه من تيارات ومشكلات وعلاقات، كما قال تعالى: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) «النساء: 83».
مختارات من كتب - بتصرف
سلااااااام