الحتمية واللاحتمية
هل الحتمية مبدأ مطلق؟-هل يكفي أن نعرف الحتمية حتى نتحكم في الطبيعة؟-هل اليقين يسود جميع الظواهر الطبيعية؟-هل القوانين العلمية نسبية أم مطلقة؟-هل تتكرر حوادث المستقبل بنفس الطريقة التي تظهر بها في الحاضر؟-هل التنبؤ ممكن في العلم-*المقدمة: تنطلق الدراسات العلمية على اختلاف مضمونها ومنهجها من مرحلة البحث حيث تحرك العلماء أسئلة وإشكالات محيّرة تقودهم إلى مرحلة الكشف من خلال ملاحظات وفرضيات والتي تنقلب بـالبرهنة إلى قوانين علمية برهانية فإذا علمنا أنّ الحتمية تدافع عن القوانين المطلقة وكذا التنبؤ, واللاحتمية تؤمن بالتفسير النسبي والاحتمالي فالمشكلة المطروحة:هل تخضع الظواهر الطبيعية لمبدأ الحتمية أم اللاحتمية؟ *التحليل:الرأي الأول(الأطروحة):ترى هذه الأطروحة أن شرط قيام المعرفة العلمية هو الإيمان بالحتمية أي الظواهر الكونية محكوكة بعلاقة النسبية بحيث {إذا تكررت نفس الأسباب تحدث دوما نفس النتائج} فلا مجال في الطبيعة للصدفة والتلقائية والاحتمال هذا ما عبّر عنه "غوبلو" قائلا{الكون متّسق تجري حوادثه وفق نظام ثابت, إنّ النظام الكوني كلي وعام} مما يستلزم أن القوانين العلمية صادقة صدقا مطلقا لأن اليقين يسود جميع الظواهر الطبيعية بحيث تتكرر حوادث المستقبل بنفس الطريقة التي تظهر بها في الحاضر مما يسمح بالتنبؤ. ترتبط هذه الأطروحة بفيزياء "نيوتن" الذي شبّه الكون بالساعة في الدقة والآلية وهو يعتقد أن تفسير الكون يخضع لمبادئ ذكر منها لكل فعل ردّ فعل يساويه في الشدة ويعاكسه في الاتجاه والتنبؤ يستند إلى القاعدة القائلة {إذا علمنا موقع جسم وسرعته وطبيعة حركته أمكننا التنبؤ بمساره}, ومن الأمثلة التي تبرهن على وجود الحتمية أن التيار الكهربائي يسبب انحراف الإبرة المغناطيسية وارتفاع درجة الماء فوق 100o يحدث التبخّر. وسرعان ما انتقل مفهوم الحتمية من مجال الفيزياء إلى مجال علم الفلك ويظهر ذلك عند"لابلاس" الذي قال في كتابه [نظرية في الاحتمالات] {الحالة الراهنة للكون نتيجة لحالاته السابقة وسببا لحالته اللاحقة} ولو استطاع العقل الإحاطة بمواقع الأجسام وطبيعة حركتها لأصبح علمه أكيدًا ويقينيا فالحتمية مبدأ مطلق*نقد(مناقشة):هذه الأطروحة تتجاهل أن العلم الحديث أثبت بالبرهان أن الظواهر المتناهية في الصغر لا تخضع لمبدأ الحتمية.الرأي الثاني(نقيض الأطروحة): ترى هذه النظرية (اللاحتمية) أنه لا وجود لنظرية علمية نهائية ومطلقة أي العلاقات بين الظواهر الطبيعية ليست دقيقة وصارمة مما يستلزم أن القوانين العلمية نسبية واحتمالية وهذا ا ذهب إليه"جون كميني" في كتابه [الفيلسوف والعلم] {إن كثيرًا مما نطلق عليه اسم القوانين العلمية هو أنه صحيح بشكل تقريبي أو خطأ في كثير من الأحيان} ترتبط هذه الأطروحة بالقرن الـ20 الذي شهد مولد النظرية النسبية لـ"آنشتاين" وكذا بحوث علماء الذرّة ومنهم "هاينبرج" الذي رأى من خلال مبدأ الارتياب أنه لا يمكن حساب موقع وسرعة الإلكترون بدقة وفي آن واحد, وهذه الحقيقة عبّر عنها "لويس دوبري" في كتابه [المتصل والمنفصل] قائلا {حين نريد في المجال الذري أن نحصر حالة الأشياء الراهنة حتى نتمكن من الإخبار عن الظواهر المستقبلية بدقّة أشدّ خسرنا بعض المعطيات الضرورية}. ومن الأمثلة التي تؤكد نسبية العلم أن انشطار ذرة الراديوم لا يخضع لقاعدة ثابتة كما أن الذرة تصدر طاقة في شكل صدمات غير منتظمة يصعب معها التنبؤ الدقيق. وكما قال "دبراك" {لا يمكن التنبؤ إلا على هيئة ما يسمى حساب الاحتمالات} وهو نظام إحصائي يعتمد علة قواعد رياضية. إن الظواهر الكونية تخضع لمبدأ اللاحتمية.نقد(مناقشة):إن هذه الأطروحة تجاهل أن عدم الوصول إلى قوانين دقيقة إنما يرتبط بضعف الوسائل المستعملة.التركيب: تشكل الحتمية التقليدية صورة ميتافيزيقية متطرفة تتعارض مع الروح العلمية وكما قال "آدنجتون" {الإيمان بوجود علاقات دقيقة صارمة في الطبيعة هو نتيجة للطابع الساذج الذي تتصف به معرفتنا للكون} والسبب في ذلك ما تنطوي عليه أدوات العلم من أشكال النقض وهذا واضح في بحوث الذرة التي حطمت التصوّر للكون. وعلى حدّ تعبير "لانجفان" {إن نظريات الذرة في الفيزياء الحديثة لا تهدم مبدأ الحتمية وإنما تهدم فكرة القوانين الصارمة} فالنسبية هي أساس العلم, هذه النظرية العقلانية الجديدة عبّر عنها "برتراند راسل" في كتابه[المعرفة حدودها ومداها] بمصطلح الحتمية المعتدلة وهو مبدأ ينسجم مع البحوث العلمية المعاصرة عبّر عنه أصدق تعبير "جيمس جونز" {إذا نظرت إلى النظرية النموذجية لماكسويل تلمس الحتمية بوضوح أما إذا نظرنا إلى بحوث الذرة فلا تجد الحتمية}*الخاتمة:ومجمل القول أن التفكير العلمي تفكير عقلاني وتجريبي في آن واحد يهدف إلى تفسير الظواهر الطبيعية من خلال ضبط القوانين والنظريات غير أن المعرفة العلمية وحدودها طرحت إشكالات كثيرة أهمها إشكالية الحتمية واللاحتمية وهي ترتبط بموقفين متناقضين أحدهما يدافع عن القوانين المطلقة وفكرة التنبؤ والآخر يدافع عن المفهوم النسبي والاحتمال في العلم, ومن خلال المقارنة الفلسفية التي قمنا بها.حل المشكلة:تخضع الظواهر الطبيعية لمبدأ الحتمية واللاحتمية في آن واحد بحسب تقد وسائل البحث العلمي ومناهجه.
-----------------------------------------------------------------------------------------
المشكلة والإشكالية :طريقة مقارنة
طرح المشكلة:
هناك في حياتنا اليومية ما يشير فينا عدة تساؤلات ويخلف في نفوسنا قلق وحيرة تستدعي التفكير والبحث ومن بين هذه التساؤلات ما يرقى إلى أسئلة مشكلة حقيقة وذلك عندما يتدرج في الصعوبة وتندرج هذه المشكلات ضمن إشكالية أوسع منها. والمشكل المطروح هل هناك فرق بين المشكلة والإشكالية وهل هناك اتفاق بينهما وإن كان كذلك فمعنى هذا أن بينهما علاقة فما طبيعتها ؟
محاولة حل المشكلة:
أوجه الاختلاف :إن المشكلة عبارة عن تساؤل مؤقت يستدرك جواب مقنعا أما الإشكالية فهي عبارة عن تساؤل دائم يعاني القضايا الصعبة في هذا الوجود والإجابة تكون غير مقنعة . إن المشكلة قضية جزئية في هذا الوجود أما الإشكالية فهي قضية كلية عامة .إن المشكلة هي عبارة عن فرع من أصل الأم وهي الإشكالية .إن المشكلة تولد لدى الإنسان من زاوية الدهشة أما الإشكالية فهي اضطراب لدى الإنسان من زاوية الإحراج .إن المشكلة مجاله ضيق مغلق أما الإشكالية فهي واسعة مفتوحة على هذا الوجود
أوجه الاتفاق: كلاهما يبحثان عن الحقيقة ونابعان من القلق والإثارة اتجاه ضاهرة ما .كلاهما يطرحان بطريقة استفهامية .كلاهما ناتجان من الإرادة والحافز إتجاه عوائق ما .كلاهما آليتان غامضتان ومبهمتان
طبيعة العلاقة بينهم:إن المشكلة جزء من الإشكالية التي تعتبر الكل وكما مثل بعض المفكرين أن الإشكالية عبارة عن مضلة تتسع لكل المشكلات كمشكلة الأخلاق
----------------------------------------------------------------------------
مقالة حول : السؤال الفلسفي والسؤال العلمي (مقارنة)
طرح المشكلة: إن الإنسان بطبيعته يبحث عن الحقيقة ومع تعدد موضوعات المعرفة تعددت الحقيقة بدورها واستطاع هذا الكائن بذل قصارى جهد ليبلغ ما يأمل إليه في كثير من الميادين وقد قسم علماء نضرية المعرفة هذه الأبحاث إلى قسمين :01-الأبحاث الوضعية (العلمية) والأبحاث الميتافيزيقية (الفلسفية) ومن الملاحظة أن كلا منهما بسؤال وما نتساءل عنه في مقالنا هو ما الفرق بين السؤال الفلسفي والسؤال العلمي وما العلاقة بينهما ؟
محاولة حل المشكلة : من أجل معرفة العلاقة بين السؤال الفلسفي والسؤال العلمي يجب أن نتعرف على مواطن الاتفاق والاختلاف وطبيعة العلاقة بينهما؟
مواطن الاتفاق : يتفق السؤال الفلسفي والسؤال العلمي في عدة من خصائص إذ هما من طبيعة واحدة لأنهما يعرضان في صورة واحدة (في صورة الاستفهام) وأن الأسئلة مهما اختلفت موضوعاتها إلا أنها تشترك في كونها كلها يبحث عن جواب يشترط فيه الإقناع ويشترط فيه إمعان العقل أي التفكير قبل الإفصاح عن الجواب
مواطن الاختلاف:رغم التشابه الكبير بين السؤال الفلسفي والسؤال العلمي إلا وأنهما يختلفان في جوانب منها :
السؤال الفلسفي يتعلق بالموضوعات الميتافيزيقية (ما وراء الطبيعة) ويقتصر على البحث في الأسباب الأولى للموجودات الذي يتبنى فيه منهجا تأمليا أي التحليل التأملي للمفاهيم وللإجابة عنها ليست سهلة مبتذلة أي بديهية وذلك نضرا للقلق التي تثيره في الباحث كما أن السؤال الفلسفي يقتضي الحكمة وبالتالي يخاطب منطق العقل لا منطق الخرافة والاعتقادات السالبة أم السؤال العلمي يتناول الموضوعات الحسية(الطبيعية) التي تنتمي إلى عالم الطبيعة أو المحسوس والسؤال العلمي لا يتناول عالم الطبيعة ككل وفي شكلها الشامل كالسؤال الفلسفي فالسؤال العلمي يتناول من زوايا متفرقة أم الأمور المستعصية عن البحث فهي تحل عن طريق التجربة وما يقتضيه من اختبار الفروض المحتملة أم العوائق التي تواجهنا تتفاوت في التعقيد من موضوع لآخر وطبيعة الموضوعات التي يعني بها السؤال العلمي يسهل علاجها وذلك باستعمال المنهج العلمي (التجريبي) القائم على التجربة.
طبيعة العلاقة بينهما: رغم هذا الاختلاف بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي إلا أنهما غير منفصلين فالسؤال العلمي يخدم الفلسفي إذ ينمي المعرفة الفلسفية ويدفع بها إلى الأمام لأنه يخلصهما متن الأسئلة والإشكاليات التي طرحتها في لحظة سابقة من التاريخ ويفصح فلاسفة كثر من بينهم لويس (إن الفلسفة لم توجد دائما إذ لا يلاحظ وجود الفلسفة إلا في عالم لا يحتوي على ما نسميه بالمعنى الرياضي ) ويقول أيضا (لكي تولد الفلسفة أو تتجدد نشأتها لابد من وجود علوم)
حل المشكلة:بناءا على هذه الأفكار فإن الأسئلة الفلسفية غير المنفصلة من الأسئلة كما لا نستطيع تصور البحث العلمي مجرد من التأملات الفلسفية كما لا نتوضع بحثا فلسفيا خل من التصورات العلمية.
انتهى
الرجاء الدعاء ولجميع المقبلين بالنجاح
يارب