أنظر يا أخي ..
إن كنتَ تبحث عن صديقِ لكَ ، ثم وأنت بالطريق وجدت شخصين (ثقات ) لا يمكن أن يكذبوا أو يقولوا ما لم يشهدوا ..
حسناً ، سألت الأول : هل رأيت فلاناً مارا من هنا ؟ يجيبك : كلّا ، لم أره ..
ثم تنتقل للآخر ، تسأله فيقول لكَ رأيته مارا من هنا ..
أيهما تصدّق (وكلاهما ثقة ) ؟ هل تأخذ بكلام الأول فتعود من حيث أتيت
أم تأخذ بكلام الثاني وتذهب في الطريق تبحث عنه !
أسمعكَ تقول سآخذ بكلام الثاني ، وأمضي للبحث عنه ..(وفي نفس الوقت تتؤكد من كلام الثاني )
أليسَ الإثبات مقدّما على النّفــي !!
كذلك الحال في مسألة وجود الخالق ، المثبتون مقدّمون على النّافون ..
فالذي يكون لزاما عليه أن يوضع بدائرة النّقاش ليأتي بالبرهان وما يلي ذلك ، هو الذي يقول بعدم وجود الخالق !لا الذي يقرّ بوجوده !!
لأن الوجود أمر مفروغ منه .. حتى لو لم نملكْ عليه دليلاً (ونحن نملك بفضل الله الكثيييير ) لكفى بالفطرة دليل !!
الفطرة التي أتحدث عنها ، تتجلى لكَ حين ترى ملحداً على حين غفلة ينادي : يا ألله ، والفطرة التي أتحدث عنها هي حين يكون الإنسان في عرض البحر والعاصفة من أمامه والموج من ورائه ثمّ لا منجى له ولا ملجأ إلا بالله ، الفطرة هي ذلك الإحساس الذي ينتابه بأن هناك قوة ما يمكن لها أن تنجيه بدون أسباب أو مقدمات ، والفطرة التي أتحدث عنها هي أن يولد الإنسان مستقيما ، يمارس الأخلاق التي أمر بها الإسلام ، تجده يبغض الكذب والنفاق ، يحب الصدق والوفاء ، تجده يستحيي من الكشف عن العورات ..والفطرة هي التي تجعلُ الملحدَ يعيش في خوف وقلق دائم مستمر لأنه يشعر دوماً بأن هناك شيء ما ينقصه ، ولأن صوتَ ضميره لا يتوقف ولو لبرهة واحدة عن تأنيبه وتعنيفه !! فيما يعيش المؤمن بالله ، آمنا مطمئناً ..
والفطرة أيضاً ، هي التي جعلت القومَ قبلنا ينحتون حجارة يتّخذونها آلهة ، حين عجزوا عن معرفة الله عن طريق شرع من شرائعه التي أنزلت مع أنبيائه ورسله !! لأنه لا غنـى للبشرية عن الله !! يجبُ أن تعبدَه ! حتى لو لم تعرفه ستسعى لتخيّله وتمثيله ومن ثمّ تقديسه وعبادته !!
فإن لم يُجدِ هذا نفعاً ، فكفى بالموت واعظاً ..!
إنها الحقيقة الوحيدة التي لا يختلف عليها إثنان من البشر !
حين يحضر الموت بسلطانه ، فلا يردّه طبيب ، ولا تردعه قوة ..
يأتي فيسوّي بين الملوك والعباد ، بين الفقراء والأغنياء ، بين السعداء والبؤساء ..
فليردّه أحد إن استطاع ..!!
أليس عجز البشر (منذ بدء الخلق الى يومنا هذا) عن ردع الموت أو رده دليل قاطع على أن هناكَ قوّة أشد عُتوّا وجبروتا من جبروت كل متغطرس متكبر في هذا الزمان!
فمن أين أتت ...
من الطبيعة التي هي الاخرى لم تسلم منها ! أليست الطبيعة هذه عرضة دوماً للزلازل والبراكين ومختلف الحوادث الجيولوجية الأخرى !
لذلك أقول أن المثبتون أولى من غيرهم ، ولكنّ الذي ينفي وجودَ إله فليأت بدليل واحدٍ إن استطاع !!
سبحان الله عما يشركون ...