منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - متى وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-04-23, 12:59   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
moussaoui khaled
عضو محترف
 
إحصائية العضو










افتراضي القرآن الكريم و علومه ..

كيف نكيِّف حياتنا اليومية مع القرآن ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :


كيف نكيِّف حياتنا اليومية مع القرآن ؟




في زحمة الحياة، والجري وراء السراب، والسباق الرهيب من أجل المادة، قد يغفل الإنسان عن سر وجوده، والغاية التي خلق من أجلها، مع أن المطلوب دائماً اليقظة الإيمانية التي تحول بين القلب والمؤثرات المادية، وتعطل دوره في قيادة الإنسان إلى الله.
وصدق الله العظيم إذ يقول: >أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون </122 (الأنعام).
لقد كان الأولون يقرأون القرآن، فيرتقون إلى مستواه، أما نحن فنقرأ القرآن، فنشده إلى مستوانا، وهذا ظلم بيِّن لمنهج الله، ولقد تلقى الجيل الأول من المسلمين هذا الدستور، فصاغوا حياتهم على أساسه، وأخذوه على أنه تعاليم وتوجيهات للتنفيذ والتطبيق والعمل، فكان الفتح الجديد للعالم، وكانت الحضارة الجديدة التي أنعشت الإنسانية، وارتقت بها، وتمت المعجزة، لأن الأمة الإسلامية كانت في مستوى المنهج الرباني، في الفهم، والالتزام، والصدق، والإخلاص.
ويقول عبدالله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ: "كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن، فرزقنا العلم والعمل معاً".
ويقول سالم مولى أبي حذيفة ـ رضي الله عنه ـ وقد كان نموذجاً لعطاء حامل القرآن، واستشهد في حرب اليمامة: "بئس حامل القرآن أنا. إن أوتيتم من قِبَلي" فغرس حربته واستشهد في مكانه، ورفض أن يتزحزح أمام هجوم المرتدين.
نعم: لقد تكيَّفوا معه في حياتهم اليومية، وفي عقولهم ومشاعرهم، وفي حركتهم وسلوكهم، وفي كل أنشطتهم، يقول الحق تبارك وتعالى: </وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا</
فالقرآن روح قبل أن يكون ألفاظاً ومعاني، والاهتمام بهذا الجانب يجب أن يأخذ مكانه في قلوبنا وعقولنا، وللروح آثارها في حياة المؤمن، وآية واحدة من هذا الدستور، كفيلة ـ لو أحسنا استقبالها، عملاً واعتقاداً، والتزاماً بتكاليفها في غير فتور ولا كسل مع مخالطة روحها لخفايا القلب ـ فإنها كفيلة بإحياء الإنسان ظاهراً وباطناً، والقرآن حبل الله المتين، كما ورد عن رسول الله من حِـكم ضرب المثل بـ"البعوضة" في القرآن ، طرفه بيد الله، وطرفه الآخر بيد الناس، فأي جزء أخذنا منه بجد وقوة، سرى سره في القلوب، فارتجفت به وسرت فيها لحياة الحقة، قال تعالى: الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى" ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد 23(الزمر)


شمول المنهج


وأنبه إلى أن مهمة القرآن ليست حياة القلب فحسب، إنما هي وضع مناهج العمل الذي تنتظم به الحياة، حتى لا يضل المرء، عملاً واعتقاداً، أثناء سيره إلى الله، لكنا نتحدث عن روح القرآن التي تحيا بها القلوب، وعقل الحياة الذي يوجهها إلى الله على بصيرة هو الأحكام الشرعية.
فإذا قرأته وتدبرت آياته، وجدته كلاً لا يقبل التجزئة، ووجب أن ترجع ما فيه من أحكام إلى أصولها، حتى يتبيَّن لك الحق فيها، فلا تقتصر على حكم دون أن تلقي بالاً إلى ما يتعلق به من الآيات الأخرى، كما فعل بعض المسلمين في كثير من المسائل".
ويقول صاحب الظلال محدداً دور أمة الإسلام في حمل هذه الأمانة إلى العالم كله: "لقد جاء هذا القرآن ليربي أمة، ويقيم لها نظاماً، فتحمله هذه الأمة إلى مشارق الأرض ومغاربها، وتعلم به البشرية هذا النظام، وفق المنهج الكامل المتكامل، ومن ثم فقد جاء هذا القرآن مفرقاً وفق الحاجات الواقعية لتلك الأمة، ووفق الملابسات التي صاحبت فترة التربية الأولى، والتربية تتم في الزمن الطويل، وبالتجربة العملية في الزمن الطويل، جاء ليكون منهجاً عملياً يتحقق جزءاً جزءاً في مرحلة الإعداد، وذلك حكمة نزوله مفرقاً".
ويقول القاضي الشهيد عبدالقادر عودة ـ يرحمه الله ـ: "لقد صنع الله موسى وعيسى ومحمداً صلوات الله وسلامه عليهم وأوحى إليهم بالتوراة والإنجيل والقرآن، فهل جاء قبلهم أو بعدهم من غير الرسل من يصح أن يوضع معهم موضع المقارنة؟ وهل استطاع البشر أن يأتوا بمثل ما أتوا به؟ ولقد صنع الله السماء والأرض، وسخر لنا الشمس والقمر، وخلقنا معشر البشر فهل يحسن البشر أن يصنعوا مثل هذا؟ إنهم لا يحسنون أن يصنعوه، بل إن أكثرهم لا يحسنون أن يفقهوا" (التشريع الجنائي:ج1).
ويقول الأستاذ محمد البهي: "سل نفسك قبل قراءة القرآن، هل هواك مع الله؟ أم مع الدنيا؟ واعلم يا أخي: أن كل هوى من الأهواء الدنيوية، إنما هو حجاب كثيف بينك وبين الله، وبين قلبك والقرآن، فحب المال حجاب، وحب البنين حجاب، واشتغال القلب بشواغل الدنيا حجاب أو حجب، وإعجاب المرء بعلمه أو ذكائه أو صلاحه أو قوته أو جاهه، من الموانع الكثيفة الثقيلة، وميل الطبع إلى شيء مما حرَّم الله، وبغضه الخير لمنافسيه، وحسده وحقده، ورغبته في نزول الأذى والمصيبة بمن يكره، هذا ونحوه: أكنة يبتلى بها القلب، فتحول دون وصول روح القرآن إليه.
وصدق الله العظيم إذ يقول: وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا >وجعلنا على" قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على" أدبارهم نفورا 46(الإسراء)، (تذكرة الدعاة بتصرف).
ثم يقول ـ رحمه الله ـ مركزاً على هذه المعاني في دنيا القلوب، وحياة الأرواح: "يا أخي حياة القلب هي كل شيء، وأنت طالب حياة، فلا تبخل بأي جهد يجعلك من الأحياء، مهما شق عليك، ونحن في رسالة لا ينهض بحقها إلا القلب الحي، فمن رحلة إلى الدار الآخرة، لا ينفع فيها مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فجرِّد قلبك من هذه الأهواء، فإنك حينئذ تدرك وتحس، وتكره وتحب، وتبكي، وتخشع، وأنت في روضة من رياض الجنة".<ضرورة الطاعة لكتاب الله



إن قضية الدين الأساسية: هي اتباع المسلم لما أنزل الله، والاعتراف بربوبية الله، والتزام أوامره، واجتناب نواهيه، قال تعالى: اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون(3)(الأعراف).
اتباع هذا الوحي لأنه حق ويقوم على الحق، ويقر الحق في الأرض، فالحق مادته، والحق غايته، ومن الحق قوامه، وهو الحق الأصيل الثابت الذي خلق الله السموات والأرض قائمين به، فالحق سداه، والحق لحمته، وغايته، وسيد الدعاة صلى الله عليه و سلم مبشر ومنذر به، وصدق الله العظيم إذ يقول: وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا </105>(الإسراء).
إن جميع جزئيات هذا الكتاب وكلياته صدق وعدل، فيما تحتوي عليه من معنى، وفيما تدل عليه من أحكام وتشريع ومن مفهوم، ومن أجل ذلك لا تبدل كلماته، قال تعالى: وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم</115>(الأنعام).
إن أكثر الناس في زماننا هذا قد يبتعدون عن كتاب الله، ويهجرونه، ويركنون إلى المناهج الوضعية وإلى الظن في تصوراتهم وحياتهم، وفي أحكامهم ومشورتهم، وهم في حقيقة أمرهم يلجؤون إلى طريق المغالطة لتغطية أغراضهم، والهروب من المواجهة التي تطاردهم، ويكاد المريب يقول: "خذوني".
إن الذي يهجر كتاب الله ويبتعد عنه، وهو ما هو في صدق كلماته، وعظمة تشريعاته، وعدل مبادئه، إنما يبتعد عن الصدق والحق والعدل، إنما يبتعد عن نور الله، إنما يبتعد عن الحق الذي قامت عليه السموات والأرض، إنما يبتعد عن الموازين التي وضعها المولى سبحانه وتعالى: والبديل للأسف عنده، هو الظن والهوى، وصدق الله العظيم إذ يقول: وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون </116>(الأنعام).
فمن جانب: هناك حق وصدق وعدل، وموازين وقيم ثابتة، هي ما في هذا الدستور الخالد، الذي طُبق ما يزيد على ألف سنة، فعاش المسلمون في ظله أحراراً، ومن جانب آخر: هناك ظن وكذب وغفلة، وهو ما يتبعه أكثر الناس، والعبرة دائماً ليست بالكم ولا بالنوع، لكن العبرة بما ينطوي على الحق والصدق والعدل.
وإذن: فليس هناك خيار سوى اتباع منهج الله، والسير على منواله، وترك ما عليه الناس، لمن أراد أن يتجنب الضلال والضياع، وصدق رسول الله صلى الله عليه و سلم حين قال: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا أبداً ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي، ألا هل بلغت اللهم فاشهد".>
دمتم برعاية الله