زواج الفتــاة المبكـــر بيــن الإيجــــاب والسلــــب
التاريخ: 26-4-1430 هـ
الموضوع: تحقيقات
تحقيقات البينة / مكتب الفرات الاوسط / الاء الشمري كل فتاة تتمنى فارس الأحلام الذي يأتي ذات يوم ليخطبها من أهلها، وتعيش معه حياة سعيدة مكللة بالتفاهم والدفيء الأسري لكننا نجد فتيات
على صغر سنهن وبالرغم من عدم إكمال الدراسة يقبلن على الزواج في وقت مبكر، حتى أن البعض منهن لا تتجاوز الثالثة عشر من العمر، فهل يكون هذا سلبا أم إيجابا على حياة هذه الفتاة؟ أكمل دراستي بعد إنجابي لطفلي خير من يجيبنا على هذا التساؤل هي الفتاة المتزوجة نفسها، فقد التقينا بإحدى الفتيات المتزوجات بسن مبكر، وهي الطالبة مها سمير المتزوجة في عمر لم يتجاوز الخامسة عشر، وهي الآن طالبة جامعية بعد مرور أربعة أعوام من زواجها ولها طفل يبلغ السنة الثالثة من العمر، ومها كان لها تجربة في الزواج المبكر بينتها قائلة : لقد تزوجت مبكرا ولم يكن لهذا الزواج عارض في حياتي ومستقبلي، وذلك لوجود من يعينني على مواجهة الصعوبات، في إن أكمل دراستي بعد إنجابي لطفلي وهي والدتي التي قدمت اكبر مساندة لي، واستطعت من خلال هذه المساندة أن أتجنب أي خلل يتعرض إليه بيتي وأسرتي، واستكملت مها حديثها قائلة: هنالك الكثير من الفتيات تزوجن في وقت مبكر لكنهن لم يسعدن بهذا الزواج لأنهن لم يكن مؤهلات لان يرتبطن بزوج وأسرة، فبدل أن يصبح الزواج مصدرا للسعادة، بات مصدرا للحزن والعناء. كيف لها أن تربي طفلا وهي لازالت طفلة لابد أن يكون للقانونيين جانب في تحقيقنا الصحفي، فقد التقينا بالمحامية أزهار ألحسناوي، وسألناها عن حالات الزواج المبكر للفتيات التي تشاهدها باعتبارها محامية؟فأجابت أزهار قائلة: حالات كثيرة للزواج المبكر تشهدها محكمة النجف للفتيات التي تتراوح أعمارهن بين (11-16) سنة، وتتم الموافقة على مصادقة عقد الزواج من قبل قاضي المحكمة بعد أن يقدم والد العروس (حجة ضرورة) إلى القاضي بوجود والد الفتاة، وعن ايجابيات وسلبيات هذه الحالة تحدثت أزهار قائلة: لحالة الزواج المبكر ايجابيات وسلبيات، من ايجابياتها أنها تمنع الفتيات في أعمار صغيرة من الانزلاق بالخطأ، ومن ايجابياتها أيضا أن فرصة الإنجاب بالنسبة للفتاة المتزوجة مبكرا أفضل من زواج الفتاة في سن متأخر التي تكون فرصة إنجابها ضئيلة، أما من سلبيات هذه الحالة فتتلخص في إنها تؤدي إلى تفشي حالات الطلاق بسبب عدم دراية الفتاة في كيفية التعامل مع الزوج ومع أهل الزوج ولو تزوجت هذه الفتاة الصغيرة من زوج هو صغير السن أيضا ، فإنهما سيلاقيان التدخل التام من قبل أهل الطرفين، باعتبار أن الفتاة وزوجها نظرا لصغر سنهما لا يعرفان كيف يمارسان حياتهما الزوجية فيسمحان بتدخل الأهل جهلا منهما في إن عواقب هذا التدخل ستكون عكسية، فتنشا مشاكل كبيرة تؤدي إلى الطلاق، وأنا من خلال عملي في المحكمة رأيت حالات طلاق لفتيات في عمر (16سنة) ولديها طفل، وبعضهن يطلقن في سن (12-14) بعد مرور شهرين أو ثلاثة أشهر من الزواج، وذلك بسبب عدم نضج هذه الفتاة فكريا واجتماعيا وثقافيا، فالمتعارف عليه أن الفتاة في عمر (11-13) لازالت تلعب بلعب الأطفال ، فكيف لها أن تربي طفلا وهي لازالت طفلة، ومن سلبيات حالة الزواج المبكر أيضا هو التسرب من المدارس، فالفتاة في أول أو ثاني ثانوي عندما تتزوج تترك المدرسة وهذا الأمر سينعكس سلبا على تربية أولادها، وعن أسباب تفشي حالات الزواج المبكر في الآونة الأخيرة بادرت أزهار قائلة: زادت حالات الزواج المبكر بسبب الحالة المعيشية المزدهرة لبعض العوائل أو أن الشاب يجد وظيفة أو عمل مناسب يجعله يفكر بالزواج ، ولا ننسى أهم أسباب هذه الحالة وهو تطور وسائل التكنولوجيا الحديثة من موبايل وانترنيت جعلت الشاب أو الرجل بصورة عامة يبحث عن الاستقرار العاطفي، وكذلك بالنسبة لأهل الفتاة الذين لا يدعون ابنتهم تكمل الدراسة، فإنهم سوف يوافقون على أي شخص يتقدم لها ،لان في رأيهم زواجها أفضل من بقاءها في البيت بدون فائدة، وأضافت أزهار قائلة: إني ومن خلال جريدة البينة أناشد منظمات المجتمع المدني والمؤسسات النسوية أن تكثف جهودها لتوعية الأهل وتثقيف الفتيات في كيفية التعامل مع الزوج وأهل الزوج، فقلة الثقافة والوعي في الزواج المبكر يؤدي إلى نتائج مأساوية ستكون الضحية الوحيدة فيها هي الفتاة نفسها إن لزواج الفتاة المبكر آثارا نفسية على الفتاة نفسها، كان تكون هذه الآثار سلبية أو ايجابية، ونوعها يعتمد على أولياء أمر الفتاة وهم الأب والأم مشاكل عائلية لن تتحمل أعبائها هذه الفتاة الصغيرة لابد أن لهذه القضية آثارا نفسية سواء كانت سلبية أم ايجابية تتعرض لها الفتاة في الزواج المبكر بينها المختصون في هذا الأمر، فقد التقينا بالدكتورة نضال ، دكتوراه في علم النفس التربوي، وقد تحدثت عن تلك الآثار النفسية قائلة: إن لزواج الفتاة المبكر آثارا نفسية على الفتاة نفسها، كان تكون هذه الآثار سلبية أو ايجابية، ونوعها يعتمد على أولياء أمر الفتاة وهم الأب والأم، فلو أنهما وجدوا في ابنتهما البنت الفاهمة والواعية، لتؤهلها هذه الصفات فتكون زوجة صالحة ومربية فاضلة مع وجود زوج يتناسب ومكونات هذه الفتاة العقلية والثقافية والاجتماعية، إذن فهذا الزواج يكون زواجا صحيحا وستتولد آثارا ايجابية على نفسية الفتاة وحياتها وحياة أسرتها، أما إذا كان الوالدين يزوجان ابنتهما من اجل المنفعة المادية، كأن يكون المتقدم للزواج بابنتهما ثريا لكن بنفس الوقت يكون فارق العمر كبيرا بينهما، وبذلك ستكون قد بيعت بثمن بخس، أو أن تكون الفتاة نفسها ليست ناضجة النضج الكافي لتكون مرتبطة بزوج، خاصة إذا كان الزوج يسكن في بيت أهله بعد الزواج، وما يتبع ذلك من مشاكل عائلية لن تتحمل أعبائها هذه الفتاة الصغيرة، وهنا سيكون مصيرها أحد الأمرين، أما أن ترجع إلى بيت أهلها وتطلب الطلاق وهي بذلك خرجت من بيت أهلها وحدها وعادت إليه بطفل أو طفلين، أو أن تتحمل الفتاة ما يمر عليها من ظروف قاسية مضحية براحتها من اجل أطفالها وهي بذلك ستكون الضحية الوحيدة لأنها ستكبت مشاعرها وما تعانيه مما ينعكس سلبا على نفسيتها وحياتها ومستقبل أطفالها، وفي كلتا الحالتين، في الطلاق وعدمه يتحمل الوالدين ذنب هذه الفتاة التي رميت في وادي العذاب دون التفكير في ما يمكن أن يسعد ابنتهما، فعلى الوالدين أن يكونا حريصين على ابنتهما وأين يودعان هذه الفتاة المسكينة. الفتاة في مرحلة المراهقة تحتاج إلى شخص قريب منها للمجتمع العراقي عادات وتقاليد توارثها أبنائه ولعل من أهمها زواج الفتاة المبكر، فلا زال البعض متمسك بهذه العادات، أما البعض الآخر اعتبرها بالية، فقد كانت للطالبة سهى وجهت نظر، عبرت عنها قائلة: أنا أؤيد فكرة الزواج المبكر للفتاة، ففي عصرنا هذا الذي يسوده الانفتاح ودخول وسائل التكنولوجيا الحديثة كالانترنيت والموبايل صار من الضروري أن ترتبط الفتاة برجل يكون مسوؤلا عنها، ويستطيع أن يوجهها ، خاصة وان الفتاة في مرحلة المراهقة تكون بحاجة إلى شخص قريب منها تشعر معه بالأمان ويملئ مشاعرها بحبه وحنانه، وخير من يقدم ذلك للفتاة هو الزوج المتفهم والواعي الذي يستطيع أن يكون القائد لسفينة الحياة الزوجية. فتاة بعمر صغير جدا تتزوج من شخص يكبرها بعشرين عاما أما لبنى التي أكملت دراستها الجامعية وتوظفت في دوائر القطاع الخاص في محافظة النجف الاشرف، فكان لها رأي مختلف تحدثت عنه قائلة: أنا لا أعارض فكرة الزواج المبكر بقدر ما أعارض زواج الفتاة زواجا غير متكافئ، فنجد فتاة بعمر صغير جدا تتزوج من شخص يكبرها بعشرين عاما، أو أن تتزوج فتاة مثقفة ومتعلمة من رجل لا يكافئها في درجة تعلمها ولو بشكل متقارب، فنجدها بعد أن أصبح لديها ولدين أو ثلاثة تطلب الطلاق وتنتهي حياة هؤلاء الأولاد بانتهاء حياتها الزوجية التي لم تكن صحيحة منذ البداية. المرأة المتعلمة مهيأة لان تبني حياة زوجية سعيدة وكان للطالبة الجامعية دعاء رأي في زواج الفتاة المبكر بينته قائلة: أنا ضد فكرة تزوج الفتاة في سن مبكر خاصة وان التطور الذي يشهده العراق جعل المرأة العراقية تسعى دائما لتقوية شخصيتها وتتسلح بثقافتها فنجد المرأة المتعلمة مهيأة لان تبني حياة زوجية سعيدة، وتستطيع أن تربي أولادها تربية صحيحة، أما المرأة التي تتزوج في وقت مبكر وتترك دراستها تكون غير ناضجة فكريا، وثقافيا، فكيف لها أن تربي جيل المستقبل تربية دينية، وأخلاقية، وثقافية، وفكرية متكاملة؟ في حين إنها تفتقر المعرفة الكاملة بهذه الأمور، وفاقد الشيء لا يعطيه، وكذلك فان ارتباط الفتاة بمؤسسة تربوية عظيمة كالأسرة ليست بإدارة يسيرة لأنها تحتاج أساس قوي ورصين، أول شروطه التعاون بين الزوجين. فتيات بعمر الزهور يدخلن عش الزوجية في وقت مبكر، حياة لم يعهدنها سابقا جعلتهن يحملن المسؤولية وهن صغار، ويصبحن مسئولات عن بيت وأسرة حتى إنهن لا يعرفن مفهوم الأسرة بمعناها الحقيقي ، فنراهن غارقات في بحر التكيف مع هذه الحياة الجديدة .
منقول