منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مساعدة
الموضوع: مساعدة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-04-09, 15:00   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
mouloud69
عضو مبـدع
 
إحصائية العضو










افتراضي

و عليكم السلام و رحمة الله تعالى و بركاته
الموضوع الأول: هل الحتمية مبدأ مطلق؟.
المقدمة
طرح المشكلة : إن الغاية من العلم هو الوصول إلى تفسير الظواهر تفسيرا صحيحا ، أي معرفة الأسباب القريبة التي تتحكم في الظواهر و أنه إذا تكرر نفس السبب فإنه سيؤدي حتما إلى نفس النتائج وقد اصطلح على تسميته من طرف العلماء بمبدأ الحتمية، و من هنا التساؤل هل الحتمية مبدأ مطلق يشمل كل الظواهر؟

الأطروحة : يرى علماء ( الفيزياء الحديثة) وفلاسفة القرن التاسع عشر ( نيوتن ، كلود برنار ، لابلاس ، غوبلو ، بوانكاريه ) أن الحتمية مبدأ مطلق . فجميع ظواهر الكون سواء المادية منها أو البيولوجية تخضع لمبدأ إمكانية التنبؤ بها . ولقد أشار نيوتن في القاعدة الثانية من أسس تقدم البحث العلمي و الفلسفي : " يجب أن نعين قدر المستطاع لنفس الآثار الطبيعية نفس العلل " كما اعتبر بوانكاريه الحتمية مبدأ لا يمكن الاستغناء عنه في أي تفكير علمي أو غيره فهو يشبه إلى حد كبير البديهيات إذ يقول " إن العلم حتمي و ذلك بالبداهة " الموقف نفسه أكده كلود بارنار بقوله:" إن إنكار الحتمية هو إنكار للعلم"، فالحتمية تشمل كل الظواهر و أي ظاهرة لا تقبل التحديد الحتمي يجب اعتبارها ظاهرة غير علمية. كما عبر لابلاس عن مبدأ الحتمية المطلق أصدق تعبير عندما قال " يجب علينا أن نعتبر الحالة الراهنة للكون نتيجة لحالته السابقة ، وسببا في حالته التي تأتي من بعد ذلك مباشرة ". وأخيرا يذهب غوبلو إلى القول : بأن العالم متسق ، تجري حوادثه على نظام ثابت وأن نظام العالم كلي وعام فلا يشذ عنه في المكان حادث أو ظاهرة فالقانون العلمي هو إذن العلاقة الضرورية بين الظواهر الطبيعية "
الحجج : إن الطبيعة تخضع لنظام ثابت لا يقبل الشك أو الاحتمال لأنها غير مضطرة و معقدة وبالتالي فمبدأ الحتمية هو أساس بناء أي قانون علمي ورفضه هو إلغاء للعقل وللعلم معا .
النقد : لكن ما عرفته الفيزياء من تطور في القرن 20 زعزع هذا الاعتقاد، حيث اصطدم التفسير الميكانيكي ببعض الصعوبات لم يتمكن من إيجاد حل لها مثلا : افتراض فيزياء نيوتن أن الظواهر الطبيعية مترابطة و متشابكة مما يقلل من فعالية ووسائل القياس عن تجزئتها إلى فرديات يمكن الحكم على كل واحد منها بمعزل عن الأخرى . ولن يكون صورة كاملة عن هذا العالم إلا إذا وصلت درجة القياس الذي حواسنا إلى درجة النهاية وهذا مستحيل. و هذا ما دفع بالبعض إلى تبني مبدأ اللاحتمية في مجال الظواهر الميكروفيزيائية.
نقيض الأطروحة : يرى علماء ( الفيزياء المعاصرة ) و فلاسفة القرن العشرين ( بلانك ، ادينجتون ، ديراك ، هيزنبرغ ) أن مبدأ الحتمية غير مطلق فهو لا يسود جميع الظواهر الطبيعية .
الحجج : لقد أدت الأبحاث التي قام بها علماء الفيزياء و الكيمياء على الأجسام الدقيقة ، الأجسام الميكروفيزيائية إلى نتائج غيرت الاعتقاد تغييرا جذريا . حيث ظهر ما يسمى باللاحتمية أو حساب الاحتمال وبذلك ظهر ما يسمى بأزمة الفيزياء المعاصرة و المقصود بهذه الأزمة ، أن العلماء الذين درسوا مجال العالم الأصغر أي الظواهر المتناهية في الصغر ، توصلوا إلى أن هذه الظواهر تخضع للاحتمية وليس للحتمية ورأى كل من ادينجتون و ديراك أن الدفاع عن مبدأ الحتمية بات مستحيلا ، وكلاهما يرى أن العالم المتناهي في الصغر عالم الميكروفيزياء خاضع لمبدأ الإمكان و الحرية و الاختيار . ومعنى هذا أنه لا يمكن التنبؤ بهذه الظواهر ونفس الشيء بالنسبة لبعض ظواهر العالم الأكبر (الماكروفيزياء ) مثل الزلازل . وقد توصل هايزنبرغ عام 1926 إلى أن قياس حركة الإلكترون أمر صعب للغاية ، واكتفى فقط بحساب احتمالات الخطأ المرتكب في التوقع أو ما يسمى بعلائق الارتياب حيث وضع القوانين التالية :
* كلما دق قياس موقع الجسم غيرت هذه الدقة كمية حركته .
* كلما دق قياس حركته التبس موقعه .
* يمتنع أن يقاس موقع الجسم وكمية حركته معا قياسا دقيقا ، أي يصعب معرفة موقعه وسرعته في زمن لاحق .
إذا هذه الحقائق غيرت المفهوم التوليدي حيث أصبح العلماء الفيزيائيون يتكلمون بلغة الاحتمال و عندئذ أصبحت الحتمية فرضية علمية ، ولم تعد مبدأ علميا مطلقا يفسر جميع الظواهر .
نقد : لكن رغم أن النتائج و البحوث العلمية أثبتت أن عالم الميكروفيزياء يخضع لللاحتمية وحساب الاحتمال فإن ذلك مرتبط بمستوى التقنية المستعملة لحد الآن . فقد تتطور التقنية و عندئذ في الإمكان تحديد موقع وسرعة الجسم في آن واحد. عليه فمبدأ اللاتحديد في الميكروفيزياء لا ينفي وجود حتمية بقدر ما يدل على صعوبات تقنية تجريبية.
التركيب : إن مبدأ الحتمية ضروري و لكنه نسبي حيث قاعدة أساسية للعلم ، فقد طبق الاحتمال في العلوم الطبيعية و البيولوجية وتمكن العلماء من ضبط ظواهر متناهية في الصغر واستخرجوا قوانين حتمية في مجال الذرة و الوراثة ، أي أن الحتمية على حد تعبير باشلار قطاعية ، يختلف مفهومها باختلاف طبيعة الموضوع فإذا كنا نستطيع أن نتحدث عن القوانين الصارمة في مجال الأجسام الكبرى فإننا لا نستطيع ذلك في مجال الأجسام الدقيقة و الظواهر البيولوجية و الإنسانية. ولقد ذهب لانجفان إلى القول " إن عدم خضوع الظواهر الدقيقة للتحديد الحتمي لا يهدم مبدأ الحتمية و إنما يهدم فكرة القوانين الصارمة الأكيدة أي يهدم التصور التقليدي".
حل المشكلة: و على ضوء ما سبق يمكن أن نستنتج أن الحتمية كمبدأ يبقى ضروري للعلة فلا قيمة للقوانين العلمية في غياب الحتمية لكن ينبغي أن نسلم أن التصور التقليدي لا يصدق سوى على مجال الأجسام الكبرى و عليه فالحتمية و إن كانت ضرورية في نسبية و تشمل كل الظواهر و بنفس الكيفية.










رد مع اقتباس