السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
"إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ "تفسير القرطبى
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى
أَيْ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذِهِ السُّورَة تَذْكِرَة وَمَوْعِظَة
لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ
أَيْ عَقْل يَتَدَبَّر بِهِ ; فَكَنَّى بِالْقَلْبِ عَنْ الْعَقْل لِأَنَّهُ مَوْضِعه ; قَالَ مَعْنَاهُ مُجَاهِد وَغَيْره . وَقِيلَ : لِمَنْ كَانَ لَهُ حَيَاة وَنَفْس مُمَيِّزَة , فَعَبَّرَ عَنْ النَّفْس الْحَيَّة بِالْقَلْبِ ; لِأَنَّهُ وَطَنهَا وَمَعْدِن حَيَاتهَا ; كَمَا قَالَ اِمْرُؤُ الْقَيْس : أَغَرَّك مِنِّي أَنَّ حُبّك قَاتِلِي وَأَنَّك مَهْمَا تَأْمُرِي الْقَلْب يَفْعَل وَفِي التَّنْزِيل : : " لِيُنْذِر مَنْ كَانَ حَيًّا " [ يس : 70 ] . وَقَالَ يَحْيَى بْن مُعَاذ : الْقَلْب قَلْبَانِ ; قَلْب مُحْتَشٍ بِأَشْغَالِ الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَمْر مِنْ الْأُمُور الْآخِرَة لَمْ يَدْرِ مَا يَصْنَع , وَقَلْب قَدْ اِحْتَشَى بِأَهْوَالِ الْآخِرَة حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَمْر مِنْ أُمُور الدُّنْيَا لَمْ يَدْرِ مَا يَصْنَع لِذَهَابِ قَلْبه فِي الْآخِرَة .
أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ
أَيْ اِسْتَمَعَ الْقُرْآن . تَقُول الْعَرَب : أَلْقِ إِلَيَّ سَمْعك أَيْ اِسْتَمِعْ . وَقَدْ مَضَى فِي " طه " كَيْفِيَّة الِاسْتِمَاع وَثَمَرَته .
وَهُوَ شَهِيدٌ
أَيْ شَاهِد الْقَلْب ; قَالَ الزَّجَّاج : أَيْ قَلْبه حَاضِر فِيمَا يَسْمَع . وَقَالَ سُفْيَان : أَيْ لَا يَكُون حَاضِرًا وَقَلْبه غَائِب . ثُمَّ قِيلَ : الْآيَة لِأَهْلِ الْكِتَاب ; قَالَهُ مُجَاهِد وَقَتَادَة . وَقَالَ الْحَسَن : إِنَّهَا فِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى خَاصَّة . وَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب وَأَبُو صَالِح : إِنَّهَا فِي أَهْل الْقُرْآن خَاصَّة .