أخي.. لا انقل لك شهادة الموسوعة البريطانية اليهودية ولا المستشرق اليهودي جولد زيهر الخبيث.. كما فعلتَ انت!! وإنما أنقل لك ما وجدته كلاما لعلم من أعلام المسلمين ومؤلف عظيم انتفع المسلمون بعلمه وتآليفه وهو:
( العلامة محمد بن إسماعيل بن صلاح المعروف بالأمير الصنعاني رحمه الله مؤلف ( سبل السلام ) المتوفى سنة 1182هـ )
لما ظهرت دعوة محمد بن عبد الوهاب كتب الأمير الصنعاني رحمه الله إليه بالقصيدة الشهيرة المسجلة في ديوانه يمدحه بها سنة 1163هـ مطلعها :
سلام على نجد ومن حل في نجد :::::::::::: وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي .
وانتظر الجواب، ولكن الجواب لم يصل، ووصلت وفود نجد وبعض علمائها يخبرون بحقيقة مذهبه، فتراجع الصنعاني عن مدحه، بعد أن طارت القصيدة في كل البلاد، وبعد أن غضب العلماء على الصنعاني وردوا عليه وبينوا له حقيقة مذهب ابن عبد الوهاب، فكتب قصيدة أخرى تراجع فيها عن مدحه الأول ثم شرحها في ( إرشاد ذوي الألباب إلى حقيقة أقوال ابن عبد الوهاب ) أو ( النشر الندي بحقيقة أقوال ابن عبدالوهاب النجدي ) وسميت أيضا بـ( محو الحوبة في شرح أبيات التوبة ) وهي مشهورة عند أهل اليمن يعرفها صغار طلبة العلم، وقد ذكر الشوكاني شيئا منها في الدر النضيد، وهي مسجلة في هجر العلم ومعاقله للقاضي الأكوع، ومسجلة في الوشي المرقوم للقنوجي ومعروفة لا نحتاج إلى الإطالة في ذكرها، قال الصنعاني ما نصه :
(( لما بلغت هذه الأبيات نجدا وصل إلينا بعد أعوام من بلوغها إلى أهل نجد رجل عالم يسمى مربد بن أحمد التميمي ، كان وصوله في شهر صفر سنة 1170هـ ، وأقام لدينا ثمانية أشهر ، وحصل بعض كتب ابن تيمية وابن القيم بخطه ، وفارقنا في عشرين شوال سنة 1170هـ راجعا إلى وطنه عن طريق الحجاز مع الحجاج ، وكان من تلاميذ الشيخ محمد بن عبدالوهاب الذي وجهنا إليه الأبيات فأخبرنا ببلوغها ولم يأت بجواب عنها .
وكان قد تقدمه في الوصول إلينا بعد بلوغها الشيخ الفاضل عبدالرحمن النجدي ، ووصف لنا من حال محمد بن عبدالوهاب أشياء أنكرناها من سفكه للدماء ، ونهبه للأموال ، وتجاريه على قتل النفوس ولو بالاغتيال ، وتكفيره الأمة المحمدية في جميع الأقطار ، فبقينا نتردد في ما نقله الشيخ عبدالرحمن حتى وصل الشيخ مربد ، وله نباهة ، وأوصل بعض رسائل ابن عبدالوهاب التي جمعها في وجه تكفيره أهل الإيمان وقتلهم ونهبهم ، وحقق لنا من أحواله وأقواله وأفعاله ، فرأينا أحواله أحوال رجل عرف من الشريعة شطرا ، ولم يمعن النظر ، ولا قرأ على من يهديه نهج الهداية ، ويدله على العلوم النافعة ، ويفقهه فيها ، بل طالع بعضا من مؤلفات أبي العباس بن تيمية ، ومؤلفات تلميذه ابن قيم الجوزية ، وقلدهما من غير إتقان ، مع أنهما يحرمان التقليد.
ولما حقق لنا أحواله ، ورأينا في الرسائل أقواله ، وذكر لنا أنه عظم شأنه بوصول الأبيات التي وجهناها إليه ، وأنه يتعين علينا نقض ما قدمناه ، وحل ما أبرمناه ، وكانت أبياتنا قد طارت كل مطار ، وبلغت غالب الأقطار ، وأتتنا فيها جوابات من مكة المشرفة ومن البصرة وغيرهما ، إلا أنها جوابات خالية عن الإنصاف ، ولما أخذ علينا الشيخ مربد ذلك تعين علينا الرجوع لئلا نكون سببا في شيء من هذه الأمور التي ارتكبها ابن عبدالوهاب المذكور ، كتبت أبياتا وشرحتها ، وأكثرت من النقل عن ابن القيم وشيخه ابن تيمية لأنهما عمدة الحنابلة ، وهذه نماذج من الأبيات :
رجعت عن القول الذي قلت في النجدي :::::::: فقد صح لي فيه خلاف الذي عندي
ظننت به خيرا وقلت عسى عسى ::::::::: نجد ناصحا يهدي الأنام ويستهدي
فقد خاب فيه الظن لا خاب نصحنا ::::::::: وما كل ظن للحقائق لي مهدي
وقد جاءنا من أرضه الشيخ مربد :::::::::: فحقق من أحواله كل ما يبدي
وقد جاء من تأليفه برسائل :::::::::::::: يكفر أهل الأرض فيها على عمد
ولفق في تكفيرهم كل حجة :::::::::::::: تراها كبيت العنكبوت لمن يهدي
تجارى على إجرا دما كل مسلم ::::::::::::: مصل مزك لا يحول عن العهد
وقد جاءنا عن ربنا في ( براءة ) ::::::::::::: براءتهم عن كل كفر وعن جحد
وإخواننا سماهم الله فاستمع :::::::::::::: لقول الإله الواحد الصمد الفرد
وقد قال خير المرسلين نهيت عن ::::::::::::: فما باله لا ينتهي الرجل النجدي
وقال لهم : لا ما أقاموا الصلاة في ::::::::::::: أناس أتوا كل القبائح عن قصد
أبن لي ، أبن لي لم سفكت دماءهم ؟ ::::::::::::: ولم ذا نهبت المال قصدا على عمد ؟
وقد عصموا هذا وهذا بقول لا :::::::::::::: إله سوى الله المهيمن ذي المجدإلى أن قال :
وهذا لعمري غير ما أنت فيه من :::::::::::::: تجاريك في قتل لمن كان في نجد
فإنهم قد تابعوك على الهدى :::::::::::::::: ولم يجعلوا لله في الدين من ند
وقد هجروا ما كان من بدع ومن :::::::::::::: عبادة من حل المقابر في اللحد
فما لك في سفك الدما قط حجة :::::::::::::: خف الله واحذر ما تسر وما تبدي
وعامل عباد الله باللطف وادعهم :::::::::::::: إلى فعل ما يهدي إلى جنة الخلد
ورد عيهم ما سلبت فإنه :::::::::::::::::: حرام ولا تغتر بالعز والجد
ولا بأناس حسنوا لك ما أتوا :::::::::::::: غما همهم إلا الأثاث من النقد
يريدون نهب المسلمين وأخذ ما ::::::::::::::: بأيديهم من غير خوف ولا حد
إلى أن قال :
وتكفير أهل الأرض لست أقوله ::::::::::::: كما قلته لا عن دليل به تهدي
وها أنا أبرا من فعالك في الورى ::::::::::::: فما أنت في هذا مصيب ولا مهدي
ودونكها مني نصيحة مشفق :::::::::::::: عليك عسى تهدي لهذا وتستهدي
وتغلق أبواب الغلو جميعه :::::::::::::: وتأتي الأمور الصالحات على قصد
وهذا نظامي جاء والله حجة :::::::::::::: عليك فقابل بالقبول الذي أبدي
وهي واضحة كما ترى في شهادته على الحركة الوهابية بما يعرفه عنها الناس من التكفير العام والقتل، والحاصل أن من يستشهد بالقصيدة الأولى التي مدح الصنعاني فيها محمد بن عبدالوهاب وترك الثانية التي فيها الرجوع ، فهو كمن احتج بالمنسوخ وترك الناسخ، ونحن كنا نعرف قصيدة المدح فنكثر من ذكرها ثم عرفنا أن الصنعاني رجع عنها، وبعض الوهابية يشككون فيها وبعضهم يثبتها، والتشكيك فيها لا معنى له فهي ثابتة عنه وقد نقل الشوكاني منها وبين حقيقتها في كتابه (الدر النضيد)، وهي موجودة لها نسخ مخطوطة كثيرة.
تنبيه:
كان كثير من الوهابية يشككون في صحة نسبة القصيدة المرجوع فيها إلى الصنعاني، لكنها ثابتة، وإلى صحتها مال المحققون من الوهابية بعدما طالعوا الأدلة ومنها نقل كبار ثقاة أصحاب الصنعاني لقصيدته هذه وعزوهم إياها إليه، ومنهم الشوكاني ومن سيأتي ذكرهم، وقد قال البسام في كتابه علماء نجد خلال ثمانية قرون ما نصه:
((كثير من أصحاب القلوب السليمة ينفون صحة الرجوع عن الشيخ الصنعاني، وينسبون تزوير الرجوع والقصيدة الناقضة إلى ابنه، ولكنني تحققت من عدد من الثقات، ومنهم سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رئيس القضاء بأن رجوع الأمير الصنعاني حقيقة، وأن القصيدة الناقضة له وليست لابنه ..))اهـ.
ولهذه القصيدة نسخ كثيرة مخطوطة بخطوط مختلفة، وهي مسجلة في ديوان الصنعاني كذلك، حتى وصلت بعض هذه النسخ إلى الهند ووقعت إلى صديق حسن خان وغيره، وهي موجودة الآن في هجر العلم المطبوع للقاضي الأكوع فلتنظر، ومن يجادل في هذا الآن فمن الجهال لا شك في هذا.
وإن شئت نقلتُ لك معجم ما ألف من مؤلفات علماء الاسلام في الرد على الوهابية، حتى تستوفي موضوعك من كل الجوانب
_________________
لا إله إلا الله محمد رسول الله