[align=right]السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مؤلفاته وآثاره:
ان مثل هذا العالم الحافظ الذي لقب بشيخ الإسلام، لا بد وانه ترك ثروة علمية كبيرة قيمة ، ضمنها في مؤلفاته وآثاره ، منها ما وصل إلينا ومنها ما لم يصل، ولكن المصادر التي ترجمت له ، و العلماء الذين نقلوا عنه في كتبهم احتفظوا لنا بأسماء بعضها، ومن أهم مؤلفاته:
1 - النصيحة في شرح صحيح البخاري: و يسميه البعض " النصيح " وقد ألف هذا الكتاب الجليل في تلمسان حيث ألف أكثر كتبه بها.
2 - النامي في شرح موطأ الإمام مالك : وهذا الكتاب أصَلَه وأملاه بطرابلس أي في المرحلة الأولى من حياته، وبالتالي يمكن القول إن كتاب النامي من اوائل الكتب التي ألفها الداودي، وهو كتاب جليل حاز به الفضل على غيره من جميع من تقدمه أو تأخر عنه من علماء الإسلام.
ويعتبر هذا الكتاب ثاني شرح للموطأ بعد شرح محمد بن سحنون القيرواني له. وقد ذكر عبد الرحمن الجيلالي أنه توجد نسخة منه بمكتبة القرويين بفاس تحت رقم(527).
وهذين الكتابين هما اللذان اعتمد عليهما الكثير من شراح الحديث الشريف، و نقلوا عنهما كما ذكرت سابقا ، فالحافظ ابن حجر العسقلاني في شرحه لصحيح البخاري يذكر انه ينقل عنه في باب الرواية، كما في باب الدراية ، كما أن رواية الداودي لصحيح البخاري كانت من ضمن الروايات التي يرويها ابن حجر عن الصحيح، بل هي أعلى الروايات لديه من حيث العدد كما صرح هو بذلك حيث قال: " وأما رواية الداودي فهي أعلى الروايات لنا من حيث العدد". وقال الحافظ ابن حجر أيضا في معجمه: " كتاب شرح الموطأ وكتاب شرح البخاري كلاهما تأليف أبي جعفر أحمد بن نصر الداودي المالكي التلمساني أنبأنا بهما أبو علي الفاضلي عن أحمد بن أبي طالب عن جعفر بن علي عن محمد بن عبد الرحمن الحضرمي عن عبد الرحمن بن محمد بن عتاب عن يوسف بن عبد الله النمري (ابن عبد البر) عنه إجازة ومات سنة اثنتين وأربعمائة".
3- الأموال: وهو فتاوى وأحكام في الأمور العارضة وفيما جرى عليه الحال في البلدان المفتوحة مثل: صقلية والأندلس و بعض بلدان افريقية الجنوبية ، وبعض النوازل الفقهية التي كانت في عصر المؤلف، وتوجد منه نسخة مخطوطة بدار الكتب مصورة عن النسخة الموجودة بالأسكوريال بإسبانيا تحت رقم 1165، وقد قام بتحقيقه الاستاذ رضا محمد سالم شحادة، وطبعه مركز إحياء التراث العربي - الرباط.بالمملكة المغربية الشقيقية.
وتقدم الأستاذ نجيب عبد الوهاب بمناقشة حوله في رسالة ( أطروحة دكتوراه ) ببريطانيا.
4- الواعي في الفقه
5- الإيضاح في الرد على القدرية : وهو كتاب يرد فيه على إحدى الفرق الكلامية المنحرفة، وهي القدرية.
6- كتاب الأصول
7- كتاب البيان
8- كتاب تفسير القرآن المجيد: وهذا الكتاب لم يذكره إلا عبد الرحمن الجيلالي فيما اطلعت عليه من كتب التراجم وقال: إن المفسر عبد الرحمن الثعالبي قد نقل عنه في كتاب الجواهر الحسان وكذا غيره من المفسرين)
وفاته:
استقر مترجمنا بمدينة تلمسان، حيث ألف معظم كتبه، وفيها توفي وقد اختلف العلماء في سنة وفاته، إلا أن جمهورهم اتفق على أنها كانت سنة 402 هـ
وهي السنة التي رجحها القاضي عياض عند ترجمته للداودي في ((ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك 7/102-103)).
بقوله: " ...قال حاتم الطرابلسي: توفي بتلمسان سنة اثنتين وأربعماية، وقبره عند باب العقبة، ولم يسمع منه حاتم وكان حياً إذ كان حاتم بالقيروان، وقرأت في بعض التواريخ أن وفاته سنة إحدى عشرة والأول أصحّ ".
أمثلة من أقواله و آرائه و اجتهاداته:
1 - أورد الحافظ ابن حجر العسقلاني في " فتح الباري شرح صحيح البخاري " قولا استحسنه للداودي نقله من شرح صحيح البخارى ـ لابن بطال عند حديثه عن ( بَاب فَضْل الْفَقْر ) ج 10 ص 168. فقال : "... وَحَدِيث عَمْرو بْن الْعَاصِ " نِعْمَ الْمَال الصَّالِح لِلرَّجُلِ الصَّالِح " أَخْرَجَهُ مُسْلِم وَغَيْر ذَلِكَ قَالَ : وَأَحْسَن مَا رَأَيْت فِي هَذَا قَوْل أَحْمَد بْن نَصْر الدَاوُدِيِّ : الْفَقْر وَالْغِنَى مِحْنَتَانِ مِنْ اللَّه يَخْتَبِرُ بِهِمَا عِبَاده فِي الشُّكْر وَالصَّبْر كَمَا قَالَ تَعَالَى ( إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْض زِينَة لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيّهمْ أَحْسَن عَمَلًا ) وَقَالَ تَعَالَى ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْر فِتْنَة ) ، وَثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يَسْتَعِيذ مِنْ شَرّ فِتْنَة الْفَقْر وَمِنْ شَرّ فِتْنَة الْغِنَى " ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامًا طَوِيلًا حَاصِله أَنَّ الْفَقِير وَالْغَنِيَّ مُتَقَابِلَانِ لِمَا يَعْرِض لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي فَقْره وَغِنَاهُ مِنْ الْعَوَارِض فَيُمْدَح أَوْ يُذَم وَالْفَضْل كُلّه فِي الْكَفَاف لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَلَا تَجْعَل يَدك مَغْلُولَة إِلَى عُنُقك وَلَا تَبْسُطهَا كُلّ الْبَسْط ) وَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اللَّهُمَّ اِجْعَلْ رِزْق آلِ مُحَمَّد قُوتًا ".
2 – و في " الفتح " لابن حجر ايضا:
" قَوْله
مَهْ ).
قَالَ الْجَوْهَرِيّ : هِيَ كَلِمَة مَبْنِيَّة عَلَى السُّكُون ، وَهِيَ اِسْم سُمِّيَ بِهِ الْفِعْل ، وَالْمَعْنَى اُكْفُفْ ، يُقَال مَهْمَهْته إِذَا زَجَرْته ، فَإِنْ وَصَلْت نَوَّنْت فَقُلْت مَهٍ . وَقَالَ الدَّاوُدِيّ : أَصْل هَذِهِ الْكَلِمَة " مَا هَذَا " كَالْإِنْكَارِ فَطَرَحُوا بَعْض اللَّفْظَة فَقَالُوا مَهْ فَصَيَّرُوا الْكَلِمَتَيْنِ كَلِمَة".
3 – خصص الونشريسي في موسوعته الفقهية (" المعيار المعرب عن فتاوى إفريقية والمغرب" 10/102-103) بابا بعنوان: "إذا لم يكن بالبلد قاض زوج صالحوا البلد من أراد التزويج" و أورد فيه ما يلي بنصه:
" وسئل أبو جعفر أحمد بن نصر الداودي عن امرأة أرادت التزويج وهي ثيب ولا حاكم بالبلد وأولياؤها غيب ترفع أمرها إلى فقهاء البلد فيأمر من يزوجها وكيف إذا لم يكن بالبلد عالم ولا قاض أترفع أمرها إلى عدول البلد في البكر والثيب ؟
فأجاب: إذا لم يكن بالبلد قاض فيجتمع صالحوا البلد ويأمرون بتزويجها.
" كل بلد لا سلطان فيه فعدول البلد وأهل العلم يقومون مقامه في إقامة الأحكام"
وسئل أيضا عن بلاد المصامدة ربما لم يكن عندهم سلطان وتجب الحدود على السراق وشربة الخمر وغيرهم من أهل الفساد هل لعدول ذلك الموضع وفقهائه أن يقيموا الحدود إذا لم يكن سلطان وينظرون في أموال اليتامى والغيب والسفهاء ؟
فأجاب بأن قال: "ذلك لهم وكل بلد لا سلطان فيه أو فيه سلطان يضيع الحدود أو سلطان غير عدل فعدول الموضع وأهل العلم يقومون في جميع ذلك مقام السلطان".
وسئل أيضا عن بلد لا قاضي فيه ولا سلطان أيجوز فعل عدوله في بيوعهم واشريتهم ونكاحهم؟
فأجاب:"بأن العدول يقومون مقام القاضي والوالي في المكان الذي لا إمام فيه ولا قاضي".
قال أبو عمران الفاسي : أحكام الجماعة الذين تمتد إليهم الأمور عند عدم السلطان نافذ منها كل ما جرى على الصواب والسداد في كل ما يجوز فيه حكم السلطان وكذلك كل ما حكم فيه عمال المنازل من الصواب ينفذ".
4 – ورد في كتاب : (" منح الجليل مختصر خَلِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَالِكِي" لعليش ( 6/191). ما نصه:
" ... مِمَّا خُصَّ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( الْمُشَاوَرَةِ ) لِذَوِي الْأَحْلَامِ مِنْ أَصْحَابِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْآرَاءِ فِي الْحُرُوبِ تَطْبِيبًا لِقُلُوبِهِمْ وَتَأْلِيفًا لَهُمْ لَا يَسْتَفِيدُ مِنْهُمْ عِلْمًا ، فَالْخُصُوصِيَّةُ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ كَامِلَ الْعَقْلِ وَالْمَعْرِفَةِ ، وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْمُشَاوَرَةُ .
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الدَّاوُدِيُّ إنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشَاوِرُ فِي الْحُرُوبِ وَفِيمَا لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ بَيْنَ النَّاسِ ، وَأَمَّا مَا فِيهِ الْأَحْكَامُ فَلَا يُشَاوِرُ فِيهِ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِهَا إنَّمَا يُلْتَمَسُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مِنْهُ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَأَنْزَلْنَا إلَيْك الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ } الْآيَةَ.
المصادر و المراجع:
- أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال البكري القرطبي " شرح صحيح البخارى" تحقيق : أبو تميم ياسر بن إبراهيم، ، نشر مكتبة الرشد - الرياض السعودية، الطبعة الثانية 1423هـ - 2003م.
- ابن حجر العسقلاني، " فتح الباري في شرح صحيح البخاري " صححه وحققه عبد العزيز عبد الله بن باز، المطبعة السلفية ومكتبتها القاهرة 1380هـ.
- القاضي عياض السبتي: " ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك، ، تحقيق مجموعة من الباحثين. الرباط: وزارة الأوقاف المغربية ، 1983م.
- إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي: "الموافقات" ، تحقق : أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان ، نشر: دار ابن عفان، الطبعة الأولى 1417هـ/ 1997م.
- برهان الدين إبراهيم بن علي بن محمد ،ابن فرحون، " الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب" ، مطبعة عباس بن عبد السلام بن شقرون مصر الطبعة الأولى سنة 1351 هـ.
- أبو العباس أحمد الونشريشي، " المعيار المعرب والجامع المقرب عن فتاوى علماء إفريقية والأندلس والمغرب"، خرجه جماعة من العلماء بإشراف محمد حاجي - دار الغرب الإسلامي - بيروت - سنة 1401هـ- 1981م.
- خلف بن عبد الملك، ابن بشكوال: " كتاب الصلة ". القاهرة: مكتبة الخانجي، 1994م.
- أبو عبد الله محمد، ابن الأبار: "التكملة لكتاب الصلة" ، تحقيق عبد السلام الهراس. الدار البيضاء: دار المعرفة، 1995م.
- محمد بن أحمد ( عليش ) : " منح الجليل شرح مختصر خليل": طبعة بولاق سنة 1294هـ.
- أبو القاسم محمد الحفناوي،" تعريف الخلف برجال السلف"، مؤسسة الرسالة سوريا المكتبة العتيقة تونس الطبعة الأولى 1402هـ- 1982م.
- عبد الرحمن محمد الجيلالي:" تاريخ الجزائر العام"، دار الثقافة ببيروت لبنان. 1400هـ/1980م.
- أبو القاسم سعد الله ، تاريخ الجزائر الثقافي ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت ، الطبعة الأولى ، 2000م.
- الأستاذ عز الدين زغيبة: مقالة بعنوان:" أحمد بن نصر الداودى الطرابلسي التلمساني: حياته وآثاره".[/align]