الأساس التشريعي للوساطة القضائية.
مقـدمة
أمام التطور المستمر للمعاملات الاقتصادية والاجتماعية وتنوعها وما ينتج عن ذلك من تعقيد في المعاملات أدى إلى تراكم القضايا وأرهق كاهل العاملين بالقضاء، و طول المدد التي يستغرقها النزاع والتعقيدات الإجرائية ، وارتفاع تكاليف التقاضي وغير ذلك مما يولد لدى المتقاضين انطباعا بالملل وعدم الثقة في كثير من الأحيان بما تثمره المنازعة من حل لا يرضي رغبة الطرفين المتنازعين ولا يأخذ بعين الاعتبار مصالحهما المتبادلة، بل ما قد يؤديه الحكم من أضرار تمس مصالح الأطراف جميعا يؤدي في الغالب إلى إحجام الأطراف المتنازعة عن تنفيذ جزء منه أو كله.
أصبح من الضروري البحث عن وسائل بديلة لحل النزاعات، وإبداع آليات قانونية جديدة تمكن الأطراف من حل خلافاتهم بشكل سريع وعادل وفـعّال، وتضمن لهم مرونة وحرية لا تتوفر عادة أمام القضاء.
ونظرا لما تحتله هذه الوسائل من مكانة بارزة في الفكر القانوني والاقتصادي على المستوى العالمي، فقد عرفت اهتماما متزايدا من مختلف الأنظمة القانونية و القضائية، وذلك لما توفره من مرونة و سرعة و الحفاظ على السرية وما تضمنه من مشاركة الأطراف في إيجاد الحلول المناسبة لمنازعاتهم..
فكان من الطبيعي أن تعمل الدول جاهدة على إيجاد الإطار الملائم الذي يضمن لهذه الوسائل تقنينها ثم تطبيقها لتكون بذالك أداة فاعلة لتحقيق وتثبيت العدالة وصيانة الحقوق.
وانطلاقا من هذا المبدأ وفي إطار تطوير إستراتيجية ناجعة لجهاز القضاء جاء قانون الإجراءات المدنية والإدارية 08-09 المؤرخ في 25/02/2008 المعدل والمتمم متبنيا نظام الوساطة القضائية كأداة قانونية بديلة لتسوية النزاعات وتخفيف العبء على المحاكم وزيادة رضا الجمهور عن النظام القضائي حيث لا يكفي لمواجهة هذه المسألة مجرد زيادة عدد القضاة.
فما المقصود بالوساطة القضائية ؟ وما هي المبادئ الأساسية التي ترتكز عليها ؟
وما هي المواصفات الواجب توافرها في الوسيط ؟
وما هو دور الدفاع في إنجاحها أو فشلها ؟.
ذلك ماسنوضحه وفقا للخطة التالية :