منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - طالب مسلم وبرفسور ملحد
عرض مشاركة واحدة
قديم 2007-06-17, 19:40   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
cd_nail
قدماء المنتدى
 
الصورة الرمزية cd_nail
 

 

 
إحصائية العضو










Post العلاقة بين الفلسفة والعلم والفن

في العلاقة بين الفلسفة والعلم والفن:

"ليس من الخطأ اعتبار الفلسفة هي في حال من الاستطراد الدائم أو الاستطرادية"[1]

الفلسفة والعلم والفن هي المحددات الكبرى للفكر ولذلك تستعمل الفلسفة المفهوم Conceptويلجئ العلم إلى القضايا والمعادلات والفن إلى المؤثر الإدراكي Percept والمؤثر الانفعالي Affect،فالفلسفة تقتطع مسطح محايثة وتكثف اللامتناهي من خلال الربط بين الأحداث والمفاهيم في حين يرسم العلم مجموعة من الإحداثيات ويلوذ بالمرجع وفق مجموعة من الوظائف والقضايا ويتخلى عن اللامتناهي أما الفن فهو يحاول أن يجعل اللامتناهي مرئيا من خلال المتناهي عبر آثار جمالية وإحساسات مركبة، وهؤلاء الثلاثة هي طرق وأساليب تتميز عن بعضها البعض ولكنها تتقاطع وتتشابك وتحتاج بعضها لبعض وهناك محاولات للتقريب بينها عبر عدة جسور ومن خلال عدة مفترق طرق ونقاط تواصل.فالفن التجريدي والمفهومي هو محاولة للتقريب بين الفن والفلسفة والمنطق والابستيمولوجيا هي محاولة لإقامة فلسفة خاصة بالعلوم والصناعة الفنية هي نوع من تطبيق التقنية على المجال الجمالي وتعويض الموهبة الفنية بالذكاء الاصطناعي. هناك اختلاف في التعريف والوظيفة ،فالفن هو انفتاح واختراق وتحرير للحياة وتركيب إحساسات لا يحتل مكان بل يبسط سلطانه على الأرض كلها ووظيفته هي مصارعة السديم حتى وان كانت النتيجة هي جعله محسوسا أي"المرور عبر اللامتناهي لاستعادة اللامتناهي وإعطائه ثانية"[2]،العلم يتحدد بالوظائف والقضايا والوظائف هنا تتمثل في أنظمة خطابية معينة لتفسر لنا كل بطريقته ظواهر الطبيعة ووظيفته هي أيضا الصراع ضد السديم عبر إعطاء الوحدة العقلانية لما يتم اكتشافه تحت مجموعة من الثوابت والحدود تسمى نظريات وقوانين،أما الفلسفة هي اشتغال على المفاهيم من أجل مصارعة الرأي الذي كان يدعي أنه يحمى الفكر من السديم حتى يستطيع الانسان الاستعداد لمصارعة السديم نفسه. صحيح أن هناك فروق كبيرة بين الفلسفة والعلم،فالفلسفة تعمل بواسطة مسطح محايثة ومجموعة من المفاهيم أما العلم فيعمل بواسطة مسطح مرجعي ومجموعة من القضايا والحدود ألم يقل توماس كوهن في كتابه بنية الثورات العلمية:"إن العلم نمذجي تفاضلي paragmatique بينما كانت الفلسفة تركيبية تعبيريةsyntagmatique "[3]؟

الفرق الثاني يتعلق بالموقف من السديم وهو أن الفلسفة تكتفي بتتابع زمني طولي وتجعل تكثف المفاهيم يقوم على توالي الأحداث وتراكمها وتنحصر مهمتها على استخراج حدث مكثف من حالة الأشياء بواسطة المفاهيم أما العلم فهو يبسط الزمن بطريقة فيها الكثير من الانقطاعات والتردد والتفرع ويفهم التقدم على نحو متشعب وما انفك يفعل الحدث في حالة الأشياء بواسطة الوظائف.

الفرق الثالث هو في نمط اللغة المستعملة للتوضيح والتفسير والتعبير،فاللغة الفلسفية هي لغة حجاجية طبيعية تقوم على التجربة النظرية من التمثيل والتخييل أما اللغة العلمية فهي لغة رياضية تقوم على البراهين والأعداد والحسابات والأشكال الهندسية والصور المرئية والتجربة الموضوعية.

يلخص دولوز المواجهة المفتعلة بين الفلسفة والعلم في ثلاث تناقضات رئيسية:

- التناقض الأول هو بين انتماءات المفاهيم لمسطح محايثة وتجمع سلاسل العناصر الوظيفية داخل نظام المرجع.

- التناقض الثاني هو بين التغيرات غير المنفصلة والكثرة داخل الوحدة والاختلاف المؤدي إلى التطابق في الزمن الفلسفي والمتغيرات المستقلة والمنقطعة والفريدة والمباغتة في الزمن العلمي.

- التناقض الثالث هو بين الشخصيات المفهومية التي تحسسات ذاتية والمراقبين الانفراديين الذين يتميزون بالحياد واللاذاتية والذين لهم دور موضوعي في نقل المعلومة وتراكم المعرفة.

ويترتب عن ذلك ما يلي:"أن الفلسفة لا تستطيع أن تتحدث عن العلم إلا إلماحا والعلم لا يستطيع الكلام عن الفلسفة إلا كما لو كانت نوعا من الغمام"[4] ويبرهن على حالة الانفصال بتأكيده أن كل واحد مكتفي بذاته لأن المفاهيم الفلسفية والوظائف العلمية لا تتقاطع إلا إذا كانت في مرحلة استقرار ووصلت إلى مرحلة النضج بينما إذا كانت في مرحلة تشكل وتكون لا ينبغي أن يتدخل طرف في طرف في هذا السياق يصرح دولوز:"من المؤسف أن يتعاطى العلماء بالفلسفة دون وسيلة فلسفية حقا أو أن يتعاطى الفلاسفة بالعلم دون وسيلة علمية فعلا"[5].

بيد أن هذه التناقضات مصطنعة ويمكن تجاوزها لأن ما يشكل مشكلة حسب دولوز ليس العلاقة بين الفلسفة والعلم بل بين الفلسفة والدين والذي يجعل البعض من الفقهاء العجزة يتوهمون أن النص الديني إما له سلطة على النشاط العلمي أو يحتوي سلفا على كل الاكتشافات التي يشقى العلماء من أجل تحقيقها.

ويفسر دولوز سبب التناقض بأنه احتكام كل من العلماء والفلاسفة إلى فهم مسبق بخصوص معنى المفهوم والقضية وأنه لو تجاوزوا هذا الفهم المسبق لتوصلوا إلى حكم منصف حول العلاقة ويبيح امكانية تعاونهما،يقول دولوز في هذا السياق:"إذا كانت الفلسفة تحتاج بشكل أساسي إلى العلم المعاصر لها فلأن العلم يتقاطع على الدوام مع امكانية المفاهيم ولأن المفاهيم تحتوي بالضرورة الماحات عن العلم لكنها ليست نماذج ولا تطبيقات ولا حتى آراء"[6]

ويقدم دولوز حجة ثالثة مفادها أن كل من الفلسفة والعلم يحتويان في مفاهيمهم ونظرياتهم طرفا ثالثا مهملا وهو الفن فنحن نعثر في نصوص الفلاسفة والعلماء على السواء بحيث نستطيع أن نقول عن"مفهوم معين أنه جميل" وعن"وظيفة معينة أنها جميلة" وهكذا فإن المؤثرات الإدراكية أو الانفعالية الخاصة بالفن موجودة عند العلماء والفلاسفة،زيادة على خاصية الإبداع التي يشترك فيها الطرفين إبداع النظريات في العلم وإبداع المفاهيم في الفلسفة والتي نجدها أيضا في الفن عندما يبدع الفنان آثارا جمالية خلابة. يعترف دولوز بقيمة أنواع التفكير الثلاثة الفن والعلم والفلسفة ويساوى بينهم ويرى امكانية التلاقي والتصالب بينهم ويرى أن ذلك ليس انتقاصا من قيمة أحدهم بل هو عمل خصوبة ومجال للتلاقح والإزهار.

يقول دولوز:"إن أنواع التفكير الثلاثة(الفن والعم والفلسفة)تتقاطع وتتشابك ولكن بدون تركيب ولا تماثل متماه فيما بينها.فالفلسفة تحقق انبثاق أحداث مرفقة بمفاهيمها والفن يقيم نصبا مرفقة بإحساساتها والعلم يبني حالات للأشياء مرفقة بوظائفها،فيمكن إنشاء نسيج غني من الترابطات بين المسطحات"[7].

هذه المسطحات هي مسطح المحايثة الذي يقتطعه الفيلسوف عن طريق شكل المفهوم والشخصية المفهومية ومسطح التركيب الذي يقتطعه الفنان عن طريق قوة الإحساس والأشكال الجمالية ومسطح المرجع الذي يقتطعه رجل العلم عبر وظيفة المعرفة والمراقبين المحايدين وبالتالي ينبغي أن نتعلم شيئا من الفلسفة والعلم إذا كنا نمارس الفن وشيئا من الفن والفلسفة إذا كنا نمارس العلم وشيئا من الفن والعلم إذا كنا نمارس الفلسفة وكما يقول دولوز"فالفلسفة تحتاج إلى لافلسفة تفهمها تحتاج إلى فهم لا فلسفي كما يحتاج الفن إلى لافن والعلم يحتاج إلى لاعلم"[8]

ويقصد أن ثلاث أنماط تحتاج بعضها البعض من أجل أن يفهم كل واحد ذاته وتفهم الأنماط بعضها البعض وتمكن الانسان من الانتصار في معركته ضد السديم.لكن من أين لنا أن نجعل الفن يعلمنا الإحساس المرهف والشعور الصادق نحن الذين لسنا فنانين؟ ومن أين لنا أن نجعل الفلسفة تعلمنا كيف نفهم ونتصور نحن الذين لسنا فلاسفة؟ ومن أين لنا أن نجعل العلم يعلمنا كيف نعرف ونكتشف ونختبر نحن الذين لسنا علماء؟ هل يحصل ذلك بمجرد أن تكون الوظائف متصورة ومحسوسة والإحساسات متصورة وموظفة والمفاهيم محسوسة وموظفة؟ لكن ماذا يبقى من الجمال إذا كان متصورا ووظيفيا ومن الحقيقة إن كانت متصورة ومحسوسة ومن المعنى إن كان موظفا ومحسوسا؟

(منقول)
---------------------------------------------------------------------------
[1] جيل دولوز/ فليكس غتاري ماهي الفلسفة ترجمة مركز الإنماء القومي بيروت طبعة 1997 ص46

[2] جيل دولوز/ فليكس غتاري ماهي الفلسفة ترجمة مركز الإنماء القومي بيروت طبعة 1997 ص204

[3] جيل دولوز/ فليكس غتاري ماهي الفلسفة ترجمة مركز الإنماء القومي بيروت طبعة 1997 ص135

[4] جيل دولوز/ فليكس غتاري ماهي الفلسفة ترجمة مركز الإنماء القومي بيروت طبعة 1997 ص169

[5] جيل دولوز/ فليكس غتاري ماهي الفلسفة ترجمة مركز الإنماء القومي بيروت طبعة 1997 ص169

[6] جيل دولوز/ فليكس غتاري ماهي الفلسفة ترجمة مركز الإنماء القومي بيروت طبعة 1997 ص170

[7] جيل دولوز/ فليكس غتاري ماهي الفلسفة ترجمة مركز الإنماء القومي بيروت طبعة 1997 ص205/206

[8] جيل دولوز/ فليكس غتاري ماهي الفلسفة ترجمة مركز الإنماء القومي بيروت طبعة 1997 ص223



ربما سيوضح هذا الرد لماذا تحفظت على كلمة علم الفلسفة ( الفلسفة تتجاوز العلم ).










آخر تعديل cd_nail 2007-06-17 في 20:59.
رد مع اقتباس