3-ثالثا : إجراءاتـــه
1/ الإعذار: قضت الفقرة الأولى من المادة 119، بأن الدائن حتى يطالب بفسخ العقد، يعذر المدين مطالبا إياه بالتنفيذ. فمجرد حلول الأجل لا يعد اعذارا للمدين بل على الدائن قبل أن يرفع دعوى لطلب فسخ العقد أن يقوم بإعذار المتعاقد الآخر.
ففائدة الإعذار تظهر في أمرين :
- أن القاضي يكون أسرع في إجابة الدائن لطلبه بالفسخ.
- أن القاضي بالإضافة إلى الحكم بالفسخ يكون أقرب إلى الحكم بالتعويض على المدين.
وإذا كان الاعذار على النحو السابق، إجراءا ضروريا في مجال فسخ العقد، فهو أيضا مطلوب حين لا يكون الأمر متعلقا بالفسخ، بل يتعلق بالتعويض عن التأخير في التنفيذ، وهو ما قضت به المادة 179 التي تنص على أنه : «لا يستحق التعويض إلا بعد اعذار المدين مالم يوجد نص مخالف لذلك».
غير أنه لا ينبغي أن يفهم من هذا الإجراء، أن الدعوى التي يرفعها الدائن لفسخ العقد، دون أن يكون قد سبقها إعذار مرفوضة لأن الدعوى في حد ذاتها تعتبر إعذارا للمدين بوجوب تنفيذ التزامه
2- رفع دعوى الفسخ :
إن توجيه الإعذار من الدائن إلى المدين لا يعد كافيا لوحده لفسخ العقد، فعلى الدائن أن يقوم إلى جانب ذلك برفع دعوى يطلب فيها فسخ العقد والسبب في ذلك أن الإعذار الذي يقوم به الدائن عند حلول الأجل، قد يعقبه تسامح مع مدينة في عدم التنفيذ أو التأخير فيه، فمن حقه أن يبقى متمسكا بالتنفيذ، رغم عدم قيام المدين بتنفيذ الالتزام بعد إعذاره.
ودعوى الفسخ ليست لها مدة خاصة تتقادم بها، فتقادمها إذن يكون بخمس عشرة سنة من وقت ثبوت الحق بالفسخ، و يكون ذلك عادة عند الإعذار الذي يوجه من الدائن إلى المدين.
3- صدور حكم بالفسخ :
إن تحقق الشروط والإجراءات السالفة الذكر لا يؤدي إلى تحقيق النتيجة المرجوة، وهي فسخ العقد وبالتالي تحلل الدائن تبعا لذلك من التزاماته نحو المدين، ذلك أنه قد يحدث بعد رفع دعوى الفسخ أن يقوم المدين بالتنفيذ، فلا يكون هناك فسخ، وقد لا يستجيب القاضي إلى طلب الفسخ، بما له من سلطة تقديرية في إيقاع الفسخ القضائي من عدمه.
لذلك لابد من صدور حكم قضائي يقضي بفسخ العقد ويكون الحكم الصادر بهذا الصدد منشأ له.
المطلب الثاني : سلطة القاضي في إيقاع الفسخ القضائي
إن رفع المتعاقد لدعوى الفسخ في حالة إخلال المتعاقد الثاني بالتزامه، لا يعني أن القاضي مقيد باختياره، بل له سلطة تقديرية فقد يحكم بالفسخ إذا رأى الظروف تبرر ذلك، وقد لا يحكم به ويعطي المدين مهلة لتنفيذ التزامه.
وتنص الفقرة الثانية من المادة 119 على هذا الحكم صراحة إذ تقول «ويجوز للقاضي أن يمنح المدين أجلا حسب الظروف، كما يجوز له أن يرفض الفسخ، إذا كان لم يوف به المدين قليل الأهمية بالنسبة إلى كامل الالتزامات».
ومما يحمل القاضي على الحكم بالفسخ أن يتضح له تعمد المدين عدم التنفيذ أو إهماله في ذلك إهمالا واضحا، رغم إعذار الدائن له قبل رفع الدعوى، ومما يحمله على استبقاء العقد أن يكون ما لم يوف به المدين قليل الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته. ومما يحمله على إعطاء المدين أجلا للتنفيذ أن يكون للمدين عذر في تأخره عن التنفيذ، أو أن يكون الدائن لم يصبه إلا ضرر بسيط من جراء هذا التأخر، أو أن يكون الضرر الذي أصاب الدائن إنما نجم عن فعله هو لا عن فعل المدين.
ولا يمنع القاضي أن يعطي مهلة للمدين أن يكون الدائن قد أعذره قبل رفع الدعوى، وإذا أعطى المدين مهلة وجب عليه القيام بتنفيذ الالتزام في غضونها، وليس له أن يتعداها، بل ليس للقاضي أن يعطيه مهلة أخرى ويعتبر العقد مفسوخا من تلقاء نفسه بعد انقضاء المهلة حتى ولو لم ينص القاضي في حكمه على ذلك
وعلى هذا الأساس، يمكن القول بان مسألة الحكم بالفسخ أو عدم الحكم به هي مسألة جوازية.
المطلب الثالث: خيار الدائن في مواجهة المدين
من المقرر قانونا أن لكل دائن في العقود الملزمة للجانبين، أن يعدل عن دعوى الفسخ إلى طلب التنفيذ. ذلك أن مصلحة المتعاقد الدائن بالالتزام الذي لم ينفذ، يجب أن يترك تقديرها له وحده، فهو الأدرى بالوسيلة التي تحقق له الحماية القانونية لحقوقه.
خاصة وأن الفسخ القضائي لا يقع إلا بعد استصدار حكم من القاضي المعروض عليه النزاع أما إذا صدر هذا الحكم وحاز قوة الشيء المقضي وأصبح حكما نهائيا، فإنه لا يجوز للمتعاقد الدائن بعد ذلك أن يعدل عن الفسخ إلى طلب التنفيذ، لأن الرابطة التعاقدية التي كانت موجودة، ومحلا للنزاع لم تعد موجودة في نظر القانون ومن ثم فلا معنى للرجوع
بعكس لو كان طلب العدول عن الفسخ قبل صدور حكم نهائي فيستوي أن يكون الدائن بالالتزام الذي لم ينفذ، قد عدل عن طلب الفسخ أمام محكمة الدرجة الأولى، أو أمام درجة الاستئناف، ذلك أن هذا الطلب الذي يتقدم به المتعاقد الدائن أمام الاستئناف، يعتبر من الطلبات العارضة التي أجازها قانون الإجراءات المدنية.
المطلب الرابع: مدى حق المدين في التنفيذ بعد رفع دعوى الفسخ
يثور التساؤل حول ما إذا كان يجوز للمدين تعطيل الحق في الفسخ عن طريق تنفيذ التزامه الأصلي تنفيذا متأخرا؟
الرأي الراجح يذهب إلى أن الحق في الفسخ لا يستبعد إمكان التنفيذ المتأخر في حالة مجرد التأخير، بشرط أن يقوم المدين بالتنفيذ العيني وأن يدفع التعويض عن الأضرار الناشئة عن التأخير في التنفيذ، ويترتب على ذلك عدم قبول دعوى الفسخ
وحيث أن الفسخ من عمل القاضي وليس بإرادة الطرفين، فانه لا يقع إلا من وقت الحكم به، بل أن الفسخ لا يكون نهائيا إلا إذا حاز الحكم حجية الشيء المقضي، ومادام الأمر كذلك فان العقد يظل قائما، ويتفرع على ذلك نتيجتان:
- أن المدين يجوز له إلى وقت صدور الحكم بالفسخ، أن يتوقى الفسخ بأن يعرض بتنفيذ التزامه عرضا حقيقا.
-أن يكون للمدين الحق في توقي الفسخ حتى بعد صدور الحكم بالفسخ وذلك إذا سلك إحدى طرق الطعن التي تطرح المسألة بأكملها من جديد كالمعارضة، والاستئناف، والتماس إعادة النظر، فيجوز له أن يتقدم بطلب التنفيذ أمامها.
ويجب على المدين أن يقوم بالتنفيذ فعلا حتى يمتنع الحكم عليه بالفسخ أو يجب بالأقل أن يقوم بعرض الوفاء عرضا حقيقيا مشفوعا بالإيداع، فان لم يكن ثمة تنفيذ فعلي أو عرض حقيقي مشفوع بالإيداع، فلا جناح على القاضي إن هو استجاب إلى طلب الفسخ المقدم من الدائن، ومتى قام المدين بالتنفيذ الفعلي أو عرض الوفاء عرضا حقيقيا وكاملا امتنع على القاضي إجابة الدائن إلى طلبه في الفسخ.
المبحث الثاني: الفسخ الاتفاقــي
تنص المادة 120 من القانون المدني الجزائري على أنه :« يجوز الاتفاق على أن يعتبر العقد مفسوخا بحكم القانون عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه بمجرد تحقق الشروط المتفق عليها وبدون حاجة إلى حكم قضائي، وهذه الشروط لا تعفي من الإعذار الذي يحدد حسب العرف عند عدم تحديده من طرف المتعاقدين».
وعلى ضوء هذا النص سنتناول بالدراسة النوع الثاني من أنواع الفسخ من خلال تعريفه، شروطه، وإجراءاته في مطلب أول ومدى سلطة القاضي التقديرية في الفسخ الاتفاقي في مطلب ثاني، أما في المطلب الثالث والرابع فنتناول على التوالي:
خيار الدائن في مواجهة المدين، ومدى حق المدين في التنفيذ المتأخر.
المطلب الأول: تعريف الفسخ الاتفاقي، شروطه وإجراءاته:
أولا: تعريفــه
يعرف الفسخ الاتفاقي بأنه اتفاق المتعاقدان على فسخ العقد عند إخلال أحد المتعاقدين بالتزامه ويكون مقدما وقت صدور العقد في الغالب .
ويعرف أيضا بأنه حق الطرفين المتعاقدين في الاتفاق عند إبرام العقد على انه يجوز لأحدهما فسخ العقد، إذا لم يقم الطرف الآخر، بتنفيذ التزاماته الناشئة من هذا العقد دون اللجوء إلى القاضي لاستصدار حكم قضائي في شأنه.
وقد جاءت هذه الطريقة كاستثناء على الفسخ القضائي الذي يتسم بالبطء في إجراءاته وتحميل المدعي المصاريف القضائية، بالإضافة إلى استعمال القاضي سلطته التقديرية التي قد لا توافق إرادة المتعاقدين خاصة الدائن.
ثانيا: شروطــه
عندما نظم المشرع الجزائري الفسخ الاتفاقي لم يحدد شكلا معينا للاتفاق لا الذي يمكن فسخ العقد بناء عليه، وبإرادة من الدائن المنفردة، غير أنه يستفاد من المواد التي تنظمه أنه لا بد فيه من توافر بعض الشروط وهي كالتالي:
- الاتفاق على أن يكون العقد مفسوخا: بمعنى أن يتفقا على أن يعتبر العقد مفسوخا من تلقاء نفسه، وبغير حاجة إلى حكم قضائي، وذلك بمجرد حصول الإخلال بالالتزام، شريطة أن تنصرف إرادتهما إلى تحقيق هذا الأثر على نحو قاطع وبغير شك أو لبس، أو غموض.
لذلك كان من الأفضل أن يكون الاتفاق على الفسخ اتفاقا، مستقلا عن بقية أجزاء العقد حتى لا تكون أمام وضع يجب فيه تطبيق القاعدة العامة الواردة في المادة 119 من القانون المدني وليس الاستثناء الوارد بالمادة 120 منه.
- أن يكون هدف الاتفاق استبعاد الفسخ القضائي: ويفهم من هذا الشرط انه ليس كل اتفاق يؤدي إلى فسخ العقد بإرادة الدائن ودون اللجوء إلى القضاء ذلك أن الصيغ التي يقع بها الفسخ مختلفة، فنجد مثلا عبارة أن يكون العقد مفسوخا عند عدم التنفيذ فلا يعدو هذا الأخير أن يكون فسخا قضائيا غير أن القاضي لا يستطيع رفض الفسخ وفي ذلك تقييد لسلطته. أو كذلك عبارة أن يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه عند عدم التنفيذ فهنا كذلك يتعلق الأمر بالفسخ القضائي، غير أن القاضي تصبح سلطته مقيدة بعدم إعطاء المدين المهلة القضائية للتنفيذ.
في حين نجد انه إذا ما تضمن العقد عبارة « أن يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه ودون حاجة إلى حكم قضائي ». ففي مثل هذه الحالة نكون أمام فسخ اتفاقي بناء على إرادة المتعاقد الدائن الذي يستطيع التحلل من التزامه التعاقدي دون اللجوء إلى رفع دعوى أمام القضاء.
- عدم تنفيذ احد المتعاقدين لالتزاماته: إن مضمون هذا الشرط هو وجوب أن تكون هناك واقعة عدم التنفيذ والتي تعتبر شرطا ضروريا للمطالبة بفسخ العقد من تلقاء نفس الدائن ودون حاجة إلى اللجوء إلى القضاء، ولكن رغم ذلك فمن حق الدائن أن لا يستعمل حقه في الفسخ ويطالب بالتنفيذ.
إن مجرد وجود هذه الشروط لا تجعل العقد مفسوخا، بل لابد إلى جانب ذلك من إتباع إجراءات حتى يحصل الفسخ وهذه الأخيرة تتمثل في:
ثالثا: إجراءاتــه
1- الإعذار:
إن الإتفاق على اعتبار العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه لا يترتب عليه الإعفاء من الاعذار الذي يسجل تقصير المدين، وهو دعوة الدائن للمدين رسميا إلى الوفاء بالتزامه في خلال مدة يحددها له بحيث إذا انتهت هذه المدة فسخ العقد من تلقاء نفسه.
2- إعلان الدائن عن تمسكه بفسخ العقد:
ذلك أن إرادة الدائن في هذا المجال هي التي تؤخذ في الاعتبار، بعد حلول الأجل، وليس الاتفاق الذي كان قد تم بينه وبين المتعاقد الآخر من قبل على فسخ العقد، ويجب أن يتصل هذا الإعلان بعلم المدين
وإذا قام المتعاقد الدائن بهذا الإعلان على النحو المطلوب قانونا، فلا يهمه بعد ذلك موافقة المدين، أو عدم موافقته على فسخ العقد لأن الهدف من الإعلان ليس طلب الموافقة، وإنما إبلاغ الدائن مدينة بفسخ العقد، وبالتالي التحلل من الالتزامات التي كانت على عاتقه.
المطلب الثاني : سلطة القاضي التقديرية في الفسخ الاتفاقي
إذا كان للقاضي سلطة تقديرية واسعة في حالة الفسخ القضائي بأن يمنح للمدين أجلا قبل فسخ العقد، وله أن يرفض دعوى الفسخ، غير أنه في حالة الاتفاق مقدما على الفسخ فليس للقاضي تلك السلطة التقديرية الواسعة، إذ يحصل الفسخ من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي.
على أن الاتفاق مقدما على الفسخ بإرادة واحدة لا يستبعد حتما إمكان تدخل القاضي، فقد يلجأ المدين إلى القاضي منكرا على الدائن حقه في إيقاع الفسخ وفي هذه الحالة يجب أن تقتصر سلطة القاضي على ما يأتي:
- التحقق من وجود اتفاق على فسخ العقد: بحيث إذا ما قام الدائن بفسخ الرابطة التعاقدية ورفع الأمر إلى القضاء بعدما نازعه المدين في ذلك فإن القاضي يكون ملزما في هذه الحالة بالتأكد من صحة ووجود هذا الشرط من عدمه، إذ بوجوده يحكم بالفسخ، وأمام انعدام الشرط فإن السلطة التقديرية للقاضي تقوم من جديد.
- التحقق من قيام الدائن باعذار المدين: والذي اعتبره المشرع الجزائري إجراءا ضروريا في كلا من الفسخ القضائي والفسخ الاتفاقي، ولم ينص على جواز الاتفاق على الإعفاء منه، ومن ثم إذا طرح على القاضي نزاع يتعلق بالفسخ الاتفاقي فإنه يحكم به بعد أن يتأكد من أن الدائن قد قام باعذار المدين، ففسخ العقد دون اعذار يكون غير جائز.
- التحقق من عدم التنفيذ: ومعنى ذلك أنه يتأكد من وجود تقصير من جانب المدين في تنفيذ الالتزام، وأنه هو السبب المباشر الذي أدى بالدائن إلى فسخ العقد، والقاضي في هذا النوع من الفسخ لا يفرق بين عدم التنفيذ الكلي أو الجزئي ولكنه يتحقق فقط من صحة الاتفاق ويعتبر حكمه كاشفا للفسخ غير منشئ له.
وحول مسالة جواز منح المدين أجلا للتنفيذ، استقر الرأي فقها وقضاءا على عدم جواز منحه ذلك، لأن الهدف من النص على هذه المهلة في العقد هي من أجل استبعاد تدخل القاضي وبالتالي بمنحها للمدين نكون أمام تطبيق نص المادة 119 قانون مدني.
المطلب الثالث: خيار الدائن في مواجهة المدين
إن العقد الذي يقترن به اشتراط اعتبار العقد مفسوخا من تلقاء نفسه عند عدم التنفيذ لا يفسخ لمجرد تحقق عدم التنفيذ، بل يكون الأمر متروكا لتقدير الدائن. فيفسخ العقد فقط إذا تمسك الدائن بالفسخ على إثر عدم تنفيذ المدين لالتزامه، وبذلك لا يترتب على ذلك الاشتراط أن يفقد الدائن خياره بين طلب التنفيذ وطلب الفسخ.
كما أن البدء بالمطالبة بالتنفيذ لا يعد نزولا عن الحق في الفسخ، وإن كان هذه الأخير كغيره من الحقوق يجوز لصاحبه أن ينزل عنه.
وقد يختار المتعاقد الدائن، التمسك بالفسخ المتفق عليه، دون المطالبة بالتنفيذ، بمجرد وقوع عدم التنفيذ، وفي هذه الحالة لا يمكنه العدول بعد أن يكون قد أعلن موقفه بالتمسك بالفسخ، لأنه بمجرد اتخاذه هذا الموقف لم يعد هناك عقد من الناحية القانونية بالمرة، حتى يمكن القول بجواز طلب التنفيذ، ذلك أن الإعذار الذي يوجهه المتعاقد الدائن إلى المدين، مبرزا فيه نيته في فسخ العقد، هو الذي يجعل الرابطة التعاقدية منحلة.
غير أنه ليس هناك مانع من قبول عدول الدائن عن تمسكه بالفسخ الاتفاقي إلى طلب تنفيذ العقد وهذا في حالة وحيدة وهي قبل وصول الإعلان عن الفسخ إلى علم المدين.
المطلب الرابع : مدى حق المدين في التنفيذ المتأخر
إن المنطق القانوني يقتضي أن اشتراط الفسخ صراحة لا يعمل من تلقاء نفسه لمجرد عدم التنفيذ، وإنما يجب لكي ينتج الإتفاق أثاره أن يعقب عدم تنفيذ المدين إعلان من قبل الطرف الذي وضع الاتفاق لمصلحته يتمسك فيه بالفسخ، ولهذا يجوز للمدين إلى ما قبل صدور هذا الإعلان أن يقوم بتنفيذ إلتزامه وأن يصحح تقصيره وذلك إلى أن يعلن الطرف الآخر تمسكه بذلك الاتفاق.
غير أنه لا يجب التوسع في جواز التنفيذ المتأخر من طرف المدين في حالة الفسخ الاتفاقي، وذلك نزولا واحتراما لمبدأ سلطان الإرادة المنصوص عليه في المادة 106 من القانون المدني الجزائري والتي تقضي باحترام ما يرد من اتفاقات في العقد، فقد يولي المتعاقدان أهمية كبرى لميعاد التنفيذ، فيصبح التنفيذ المتأخر غير مفيد بالنسبة للدائن الذي لم يحصل على الأداء في الميعاد المتفق عليه.
غير أن سكوت الدائن عن الإفصاح عن إراداته في فسخ العقد يجب ألا يتجاوز الحد المعقول، وإلا عد ذلك نزولا منه عن حقه في الفسخ، مما يجوز معه للمدين القيام بتنفيذ التزاماته تنفيذا متأخرا
وغني عن البيان أن المتعاقد الدائن الذي فقد حقه في فسخ العقد بإرادته المنفردة نتيجة سكوته غير المعقول لا يؤثر على حقه في فسخ العقد وفقا للمادة 119.
وننتهي إلى القول بأن للمدين الحق في تفادي إيقاع الفسخ حتى ولو كنا أمام الفسخ الاتفاقي، إلا أن مجال هذا الحق محدود، وليس كما هو الشأن بالنسبة إلى الفسخ القضائي، الذي يكون فيه للمدين متسع من الوقت لتفادي الفسخ.