منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - عظماء فى الإسلام ( المحدثون والفقهاء )
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-02-20, 01:56   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
حسن بدر الدين
عضو مبـدع
 
إحصائية العضو










افتراضي

الليث بن سعد

الإمام الحافظ
منأشهر الفقهاء في زمانه فاق في علمه وفقهه إمام المدينة الإمام مالك غير أن تلامذتهلم يقوموا بتدوين علمه وفقهه ونشره في الآفاق مثلما فعل تلامذة الإمام مالك، وكانالإمام الشافعي يقول: الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به.إنه الإمامالليث بن سعد ابن عبد الرحمن الإمام الحافظ شيخ الإسلام وعالم الديار المصرية ولدبقرقشندة وهي قرية من أسفل أعمال مصر في سنة أربع وتسعين للهجرة.

________________________________________
طلبه للعلم
تلقى الليثالعلم على عدد من كبار علماء عصره، فسمع من عطاء بن أبي رباح وابن أبى مليكة ونافعاالعمري وسعيد بن أبي سعيد المقبري وابن شهاب الزهري وأبا الزبير المكي وغيرهم كثير.
وفي عدة روايات يصف الليث رحلاته في طلب العلم: قال ابن بكير سمعت الليث يقولسمعت بمكة سنة ثلاث عشرة ومائة من الزهري وأنا ابن عشرين سنة.
قال يحيى بن بكيرأخبرني من سمع الليث يقول كتبت من علم ابن شهاب علما كثيرا وطلبت ركوب البريد إليهإلى الرصافة فخفت أن لا يكون ذلك لله فتركته ودخلت على نافع فسألني فقلت أنا مصريفقال ممن قلت من قيس قال ابن كم قلت ابن عشرين سنة قال أما لحيتك فلحية ابن أربعينقال أبو صالح خرجت مع الليث إلى العراق سنة إحدى وستين ومائة خرجنا في شعبان وشهدناالأضحى ببغداد قال وقال لي الليث ونحن ببغداد سل عن منزل هشيم الواسطي فقل له أخوكليث المصري يقرئك السلام ويسألك أن تبعث إليه شيئا من كتبك فلقيت هشيما فدفع إليشيئا فكتبنا منه وسمعتها مع الليث.

________________________________________
مكانته العلمية
يقولالحافظ أبو نعيم: كان الليث رحمه الله فقيه مصر ومحدثها ومحتشمها ورئيسها ومن يفتخربوجوده الإقليم بحيث إن متولي مصر وقاضيها وناظرها من تحت أوامره ويرجعون إلى رأيهومشورته ولقد أراده المنصور على أن ينوب له على الإقليم فاستعفى من ذلك.
ولليثأحاديث كثيرة في كتب الصحاح، ومن الأحاديث التي رويت عن الليث ما رواه الترمذي قالحدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سنان عن أنس بن مالك أن رسول الله (صلىالله عليه وسلم) [قال يكون بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيهامؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع أقوام دينهم بعرض من الدنيا]
قال أبو صالح كان الليث يقرأ بالعراق من فوق على أصحاب الحديث والكتاب بيديفإذا فرغ رميت به إليهم فنسخوه.
قال ابن سعد كان الليث قد استقل بالفتوى فيزمانه.
روى عبد الملك بن شعيب عن أبيه قال قيل لليث أمتع الله بك إنا نسمع منكالحديث ليس في كتبك فقال أو كل ما في صدري في كتبي لو كتبت ما في صدري ما وسعه هذاالمركب.
وقال عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول أصح الناس حديثا عن سعيد المقبريالليث بن سعد يفصل ما روي عن أبي هريرة وما روي عن أبيه عن أبي هريرة هو ثبت فيحديثه جدا.
ومما يروى عنه أيضا عن الليث بن سعد عن هشام بن عروة عن أبيه عنأسماء بنت أبي بكر قالت لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما مسندا ظهره إلى الكعبةيقول يا معشر قريش والله ما فيكم أحد على دين إبراهيم غيري وكان يحيى الموؤدة يقولالرجل إذا أراد أن يقتل أبنته مه لا تقتلها أنا أكفيك مؤنتها فيأخذها فإذا ترعرعتقال لأبيها إن شئت دفعتها إليك وإن شئت كفيتك مؤنتها
ولليث أسانيد إلى أبيهريرة ومنها: عن الليث عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله (صلىالله عليه وسلم) [قال إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة]

________________________________________
مناقبه وفضائله
قال ابنبكير: كان الليث فقيه البدن عربي اللسان يحسن القرآن والنحو ويحفظ الحديث والشعرحسن المذاكرة.
روي عن شرحبيل بن جميل قال أدركت الناس أيام هشام الخليفة وكانالليث بن سعد حدث السن وكان بمصر عبيد الله بن أبي جعفر وجعفر بن ربيعة والحارث بنيزيد ويزيد بن أبي حبيب وابن هبيرة وإنهم يعرفون لليث فضله وورعه وحسن إسلامه عنحداثة سنة ثم قال ابن بكير لم أر مثل الليث، وروى عبد الملك بن يحيى بن بكير عنأبيه قال ما رأيت أحدا أكمل من الليث.
***
قال عثمان بن صالح: كان أهل مصرينتقصون عثمان حتى نشأ فيهم الليث فحدثهم بفضائله فكفوا وكان أهل حمص ينتقصون علياحتى نشأ فيهم إسماعيل بن عياش فحدثهم بفضائل علي فكفوا عن ذلك، وروي عن حرملة يقولكان الليث بن سعد يصل مالكا بمائة دينار في السنة فكتب مالك إليه علي دين فبعث إليهبخمس مائة دينار فسمعت ابن وهب يقول كتب مالك إلى الليث إني أريد أن أدخل بنتي علىزوجها فأحب أن تبعث لي بشيء من عصفر فبعث إليه بثلاثين حملا عصفرا فباع منه بخمسمائة دينار وبقي عنده فضله، قال أبو داود قال قتيبة كان الليث يستغل عشرين ألفدينار في كل سنة وقال ما وجبت علي زكاة قط وأعطى الليث ابن لهيعة ألف دينار وأعطىمالكا ألف دينار وأعطى منصور بن عمار الواعظ ألف دينار وجارية تساوى ثلاث مائةدينار.
قال صالح بن أحمد الهمذاني: قدم منصور بن عمار على الليث فوصله بألفدينار واحترقت دار ابن لهيعة فوصله بألف دينار ووصل مالكا بألف دينار وكساني قميصسندس فهو عندي.
وروي عن محمد بن رمح يقول كان دخل الليث بن سعد في كل سنةثمانين ألف دينار ما أوجب الله عليه زكاة درهم قط،
***
وروي عن أشهب بن عبدالعزيز يقول كان الليث له كل يوم أربعة مجالس يجلس فيها أما أولها فيجلس للسلطان فينوائبه وحوائجه وكان الليث يغشاه السلطان فإذا أنكر من القاضي أمرا أو من السلطانكتب إلى أمير المؤمنين فيأتيه العزل ويجلس لأصحاب الحديث وكان يقول نجحوا أصحابالحوانيت فإن قلوبهم معلقة بأسواقهم ويجلس للمسائل يغشاه الناس فيسألونه ويجلسلحوائج الناس لا يسأله أحد فيرده كبرت حاجته أو صغرت وكان يطعم الناس في الشتاءالهرائس بعسل النحل وسمن البقر وفي الصيف سويق اللوز في السكر
***
وروي عنيعقوب ابن داود وزير المهدي قال:قال أمير المؤمنين لما قدم الليث العراق الزم هذاالشيخ فقد ثبت عندي أنه لم يبق أحد أعلم بما حمل منه.
وكان الليث بن سعد يقولبلغت الثمانين وما نازعت صاحب هوى قط، ويعلق الحافظ أبو نعيم على قوله فيقول: كانتالأهواء والبدع خاملة في زمن الليث ومالك والأوزاعي والسنن ظاهرة عزيزة فأما في زمنأحمد بن حنبل وإسحاق وأبي عبيد فظهرت البدعة وامتحن أئمة الأثر ورفع أهل الأهواءرؤوسهم بدخول الدولة معهم فاحتاج العلماء إلى مجادلتهم بالكتاب والسنة ثم كثر ذلكواحتج عليهم العلماء أيضا بالمعقول فطال الجدال واشتد النزاع وتولدت الشبة نسألالله العافية.
***
قال بكر بن مضر قدم علينا كتاب مروان بن محمد إلى حوثرةوالى مصر إني قد بعثت إليكم أعرابيا بدويا فصيحا من حاله ومن حاله فأجمعوا له رجلايسدده في القضاء ويصوبه في المنطق فأجمع رأي الناس على الليث بن سعد وفي الناسمعلماه يزيد بن أبي حبيب وعمرو بن الحارث، قال أحمد بن صالح أعضلت الرشيد مسألةفجمع لها فقهاء الأرض حتى أشخص الليث فأخرجه منها.

________________________________________
مواقف من حياته
قال الحسنبن يوسف بن مليح سمعت أبا الحسن الخادم قال كنت غلاما لزبيدة (زوجة الرشيد) وأتيبالليث بن سعد تستفتيه فكنت واقفا على رأس ستي زبيدة خلف الستارة فسأله الرشيد فقالله حلفت إن لي جنتين فاستحلفه الليث ثلاثا إنك تخاف الله فحلف له فقال: قال الله: {ولمن خاف مقام ربه جنتان} (الرحمن:16) فأقطعه الرشيد قطائع كثيرة بمصر.
***
وروي عن الليث قال: قال لي أبو جعفر المنصور تلي لي مصر قلت لا يا أميرالمؤمنين إني أضعف عن ذلك إني رجل من الموالي فقال ما بك ضعف معي ولكن ضعفت نيتك فيالعمل لي.
***
قال وجاءت امرأة إلى الليث فقالت يا أبا الحارث إن ابنا ليعليلاً واشتهى عسلا فقال يا غلام أعطها مرطا من عسل والمرط عشرون ومائة رطل.
***
وعن الحارث بن مسكين قال اشترى قوم من الليث ثمرة فاستغلوها فاستقالوافأقالهم ثم دعا بخريطة فيها أكياس فأمر لهم بخمسين دينارا فقال له ابنه الحارث فيذلك فقال اللهم غفرا إنهم قد كانوا أملوا فيها أملا فأحببت أن أعوضهم من أملهمبهذا.
***
وروي عن الليث قال لما ودعت أبا جعفر المنصور ببيت المقدس قالأعجبني ما رأيت من شدة عقلك والحمد لله الذي جعل في رعيتي مثلك قال شعيب كان أبييقول لا تخبروا بهذا ما دمت حيا.
***
قال يحيى بن بكير: قال الليث: قال ليالمنصور تلي مصر؛ فاستعفيت قال أما إذا أبيت فدلني على رجل أقلده مصر قلت عثمان ابنالحكم الجذامي رجل له صلاح وله عشيرة. قال: فبلغ عثمان ذلك فعاهد الله ألا يكلمالليث.
***
وروي عن سعيد الآدم قال مررت بالليث بن سعد فتنحنح فرجعت إليهفقال لي يا سعيد خذ هذا القنداق فاكتب لي فيه من يلزم المسجد ممن لا بضاعة له ولاغلة. فقلت: جزاك الله خيرا يا أبا الحارث. وأخذت منه القنداق ثم صرت إلى المنزلفلما صليت أوقدت السراج وكتبت بسم الله الرحمن الرحيم ثم قلت فلان بن فلان ثمبدرتني نفسي. فقلت: فلان بن فلان. قال فبينا أنا على ذلك إذا أتاني آت فقال هاللهيا سعيد تأتي إلى قوم عاملوا الله سرا فتكشفهم لآدمي ما الليث وما شعيب أليس مرجعهمإلى الله الذي عاملوه. فقمت ولم أكتب شيئا، فلما أصبحت أتيت الليث فتهلل وجههفناولته القنداق فنشره فما رأى فيه غير بسم الله الرحمن الرحيم فقال: ما الخبرفأخبرته بصدق عما كان فصاح صيحة فاجتمع عليه الناس من الحلق فسألوه فقال ليس إلاخير ثم أقبل علي فقال يا سعيد تبينتها وحرمتها صدقت ما الليث وما شعيب أليس مرجعهمإلى الله.
***
عن أبي صالح كاتب الليث قال كنا على باب مالك فامتنع عنالحديث فقلت ما يشبه هذا صاحبنا فسمعها مالك فأدخلنا وقال من صاحبكم قلت الليث قالتشبهونا برجل كتبت إليه في قليل عصفر نصبغ به ثياب صبياننا فأنفذ منه ما بعنا فضلتهبألف دينار.

________________________________________
ثناء العلماءعليه
كان الإمام الشافعي يقول: الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به.
وقال ابن وهب: لولا مالك والليث لضل الناس.
وقال عبد الله بن صالح: صحبتالليث عشرين سنة لا يتغدى ولا يتعشى إلا مع الناس وكان لا يأكل إلا بلحم إلا أنيمرض.
وقال أحمد بن سعد الزهري: سمعت أحمد بن حنبل يقول الليث ثقة ثبت، وقالأيضا: الليث كثير العلم صحيح الحديث
وقال عثمان الدارمي: سمعت يحيى بن معينيقول الليث أحب إلي من يحيى بن أيوب ويحيى ثقة قلت فكيف حديثه عن نافع فقال صالحثقة.
وعن أحمد بن صالح وذكر الليث فقال: إمام قد أوجب الله علينا حقه لم يكنبالبلد بعد عمرو بن الحارث مثله.
قال ابن سعد: استقل الليث بالفتوى وكان ثقةكثير الحديث سريا من الرجال سخيا له ضيافة
وقال العجلي والنسائي: الليث ثقة.
وقال ابن خراش: صدوق صحيح الحديث.
وروي عن يحيى بن معين قال: هذه رسالةمالك إلى الليث حدثنا بها عبد الله بن صالح يقول فيها وأنت في إمامتك وفضلك ومنزلتكمن أهل بلدك وحاجة من قبلك إليك واعتمادهم على ما جاءهم منك.
وقال يحيى بنبكير: الليث أفقه من مالك ولكن الحظوة لمالك رحمه الله.
قال علي بن المدينيالليث ثبت.
قال العلاء بن كثير الليث بن سعد سيدنا وإمامنا وعالمنا.

________________________________________
وفاته
قال يحيى بن بكيروسعيد بن أبي مريم مات الليث للنصف من شعبان سنة خمس وسبعين ومائة قال يحيى يومالجمعة وصلى عليه موسى بن عيسى.
قال خالد بن عبد السلام الصدفي شهدت جنازةالليث بن سعد مع والدي فما رأيت جنازة قط أعظم منها رأيت الناس كلهم عليهم الحزنوهم يعزي بعضهم بعضا ويبكون فقلت يا أبت كأن كل واحد من الناس صاحب هذه الجنازةفقال بابني لا ترى مثله أبدا.