مولده و نشأته:
ولد فخر الدين الرازي بمدينة الري عام
543 هـ /
1148م، وكان والده الإمام ضياء الدين عمر بن الحسن فقيها اشتغل بعلم الخلاف في الفقه وأصول الفقه، وله تصانيف كثيرة في الأصول والوعظ وغيرهما. وعلى يد والده تعلم فخر الدين العلوم اللغوية والدينية، وتتلمذ العلوم العقلية على يد مجد الدولة الجيلي بمدينة
مراغة (قرية مشهورة بأذربيجان). صار لفخر الدين الرازي تلاميذ صاروا علماء كبارا من بينهم: زين الدين الكشي، وشهاب الدين المصري. وقد كان فخر الدين الرازي شديد الدقة في أبحاثه، جيد الفطرة، حاد الذكاء، حسن العبارة، قوي النظر في صناعة الطب ومباحثها، عارفا بالأدب، ويتقن العربية والفارسية، وله شعر باللغتين العربية والفارسية. وكان طلاب العلم يقصدونه من كافة البلدان يعشقون مجلسه والاستماع إليه، وكان يعقد مجالسه العلمية حيثما حل في بلاد فارس، وخراسان، وبلاد ما وراء النهر، وكان يقرب منه في حلقات درسه تلاميذه الكبار، وبقية الطلاب والأمراء والعظماء من مستمعيه في حلقات تتلوها حلقات.
اكتشافاته:
وقد اكتشف فخر الدين الرازي الفرق بين قوة الصدمة والقوة الثابتة، فالأولى زمنها قصير، والثانية زمنها طويل. كما اكتشف أن الأجسام كلما كانت أعظم كانت قوتها أقوى، وزمان فعلها أقصر، وأن الأجسام كلما كانت أعظم كان ميلها إلى أحيازها الطبيعية أقوى وكان قبولها للميل القسري أضعف. وقد ذكر فخر الدين الرازي أن الحركة حركتان: حركة طبيعية سببها موجود في الجسم المتحرك، وحركة قسرية سببها خارج عن الجسم المتحرك. كما عزا فخر التغير الطارئ على سرعة الجسم إلى المعوقات التي يتعرض لها، ولولاها لاحتفظ الجسم بسرعة ثابتة إذ أن تغير السرعة مرهون بتغير هذه المعوقات، داخلية كانت أو خارجية. وكلما كانت المعوقات أقوى كانت السرعة أضعف. وذكر فخر الدين الرازي أن الجسمين إذا اختلفا في قبول الحركة الطبيعية، لم يكن ذلك الاختلاف بسبب المتحرك بل بسبب اختلاف حال القوة المحركة بين الجسمين، فالقوة في الجسم المتحرك الأكبر، أكثر مما في الجسم المتحرك الأصغر. وأن الجسمين المتحركين حركة قسرية تختلف حركتهما لا لاختلاف المحرك بل لاختلاف المتحرك، فالمعاوق في الكبير أكثر منه في الصغير. وشرح القانون الثالث من قوانين الحركة الذي يقول: لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه. وقد شارك فخر الدين الرازي العالم العربي المسلم ابن ملكا البغدادي في القول بأن الحلقة المتزنة بتأثير قوتين متساويتين تقع تحت تأثير فعل ومقاومة أي أن هناك فعلا ورد فعل متساويين في المقدار ومتضادان في الاتجاه يؤديان إلى حالة الاتزان.
مؤلفاته:
وقد ألف فخر الدين الرازي كتبا كثيرة، وشرح كتبا أقل، في شتى العلوم والفنون في عصره، خلال حياة امتدت أربعة وستين عاما. ومن أهم شروحه شرح الإشارات والتنبيهات للعالم ابن سينا . ومن أهم كتبه في الفيزياء: المباحث الشرقية وهو كتاب موسوعي على غرار كتاب ابن ملكا البغدادي: المعتبر في الحكمة وهو من أشهر كتبه، وقد أودع فيه كافة إنجازاته العلمية. ومن أهم كتبه في الرياضيات: مصادرات إقليدس وهو كتاب في الهندسة. ومن أهم مؤلفاته في الفلك: رسالة في علم الهيئة . ومن أهم كتبه في الطب: مسائل ف ي الطب . كتاب في النبض . كتاب في الأشربة . وكتابان لم يتمهما: الطب الكبير أو الجامع الملكي الكبير . كتاب في التشريح من الرأس إلى القدم . وهو كتاب هام في علم التشريح وله شروح لبعض كتب ابن سينا الطبية وهي: القانون في الطب . الكليات . عيون الحكمة .
مؤلفاته الطبية :
الحاوي في علم التداوي، الجدري والحصبة، المنصوري في التشريح، الكافي في الطب، سر الطب، منافع الأغذية، دفع مضار الأغذية وغيرها العديد من الكتب في المجال الطبي، أما بالنسبة لمؤلفاته في الطبيعيات فمنها كيفيات الإبصار، شروط النظر، الهيولي المطلقة والجزئية، هيئة العالم،
إنجازاته:
ساهم الرازي بالعديد من الاختراعات والابتكارات في مجال الطب والكيمياء هذا نظراً لذكائه وأبحاثه وسعيه الدائم من أجل العلم مما جعله مساهم أساسي في العديد من الأمور الطبية والعلمية التي يسير عليها الأطباء والعلماء إلي الآن، نذكر من إنجازات الرازي العلمية ما يلي:
- ابتكاره خيوط القصاب من أمعاء القطط هذه الخيوط التي تستخدم في العمليات الجراحية.
- قام باستعمال الفتائل في الجروح.
- كان هو أول من فرق بين كل من الجدري والحصبة وقام بوصف كل منهما وصفا دقيقا.
- قام بتركيب مراهم الزئبق.
وغيرها العديد من الإنجازات الطبية الهامة، فكان الرازي هو أول من استخدم الكيمياء لخدمة الطب فقام بتحضير عدد من المركبات الكيميائية التي تخدم الصيدلية مثل أنه أول من قام بتحضير مادة الكحول من مخمرات محاليل سكرية، وحمض الكبريتيك بتقطير كبريتات الحديد.
توفى الرازي في عام 936 م، وذلك بعد أن قدم العديد من الخدمات العلمية الجليلة وبعد أن بذل الكثير من الجهود من أجل أبحاثه وتجاربه حتى أنه فقد بصره في أواخر حياته نتيجة لشغفه بالإطلاع المستمر واستغراقه في القراءة لفترات طويلة من الليل.