منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التأمين للسنة رابعة قانون
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-02-04, 10:04   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
abbes8
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية abbes8
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفرع الثانى
قياس
احتمالية تحقق الخطر
98- ألفينا أن احتمالية الخطر المؤمن منه عنصراً أساسياً لقيام التأمين، بمعنى أنه يجب أن يكون الخطر محتملاً لا مؤكداً ولا مستحيلاً. وإذا كان هذا هو شأنه فكيف يتم قياسه ؟.
لا جرم أن العلوم الرياضية توفر للمؤمن إمكانية قياس الاحتمالات، ولا سيما فى ظل قانون الكثرة. وذلك عن طريق استخدام علم الإحصاء فى إحصاء عدد مرات وقوع حادثة معينة تخضع فى حدوثها، فى مكان وزمان معينين، إلى الصدفة البحتة. وإن كان هذا القياس تقريبياً إلا أنه أقرب ما يكون إلى الحقيقة. فمثلاً إذا كان من الصعب معرفة تاريخ وفاة شخص مؤمن على حياته، إلا أنه يمكن معرفة نسبة الوفيات بين سكان منطقة محددة خلال فترة زمنية معينة وذلك عن طريق علم الإحصاء ([1]).
عوامل قياس احتمالية تحقق الخطر
99- لا جرم أنه إذا كان احتمالية تحقق الخطر المؤمن منه تخضع للقياس فإن دقة ذلك تتوقف على العوامل التالية :
العامل الأول - اتساع دائرة عملية القياس :
لا جناح أنه لكى نصل إلى دقة فى إمكانية تحقق الخطر المؤمن منه، يجب أن تتسع دائرة إجراء العملية الإحصائية من حيث المكان (أفقياً) بأن تشمل منطقة جغرافية كبيرة، ومن حيث الزمان (رأسياً) بأن تجرى تتابعاً فى فترات زمنية متلاحقة.
العامل الثانى - انتظام تحقق الخطر :
يلزم لدقة قياس الخطر المحتمل، فوق كون دائرة القياس متسعة أفقياً ورأسياً، أن يكون تحقق الخطر أمراً منتظماً بشكل دورى على وجه العموم، أى ألا يكون نادراً. لأن تكرار تحقق الخطر يساعد بدرجة كبيرة فى صحة الدراسة الإحصائية ومطابقتها للواقـع.
العامل الثالث - تجانس الأخطار محل القياس :
يجب، فوق اتساع عملية القياس وانتظام تحقق الخطر، أن توجد حالة من التجانس والتماثل بين درجات الخطر الذى يجرى قياس نسبة تحققه، فمثلاً التأمين ضد الحريق ينصف تأمينياً نوعاً واحداً إلا أن الأشياء التى تتعرض لخطره متعددة، كالمنازل والسيارات والبضائع والحاصلات الزراعية …… الخ.
الفرع الثالث
أنواع
الخطر المؤمن منه
100- لا جرم أنه إذا توافرت الشروط آنفة البيان فى الخطر أضحى محلاً لعقد التأمين. ومع ذلك فإنه متعدد الأنواع تبعاً للزاوية التى ينظر منها إليه، فمن زاوية الثبات يتنوع الخطر إلى ثابت ومتغير ومن حيث التعيين يكون الخطر معيناً وغير معين.


أولاً الخطر من حيث الثبات
101- لا جرم انه لا ينظر إلى الخطر المؤمن منه من زاوية القيم المالية للقسط أو مبلغ التأمين. إنما ينظر إليه من ناحية احتمالية تحققه خلال مدة التأمين وفقاً لما تشير إليه الدراسات الإحصائية، فمن هذه الناحية فقد يكون الخطر ثابتاً أو متغيراً.
1- الخطر الثابت
لا جناح أن الخطر يكون ثابتاً متى كانت ظروف تحققه ودرجة احتمال وقوعه ثابتة غير متغيرة خلال مدة التأمين التى تقدر بوحدة زمنية معينة فى الغالب مدة سنة.
ولا يغير من نعت هذا الخطر بهذا الوصف كون الثبات نسبياً فقد يطرأ عليه تغيرات وقتية أو عارضة. فكل خطر مهما قيل عن نسبة ثباته إلا أنه قد تتغير درجة احتمال وقوعه من وقت لآخر. ولكى ينعت بوصف الثبات يجب أن يكون ثابتاً خلال فترة غير قصيرة ([2]). فمثلاً التأمين من الأضرار (الحريق أو السرقة أو المسئولية الخ) يعد - فى الغالب - تأمين من خطر ثابت، فهذه المخاطر وإن كانت يزداد وقوعها خلال بعض فصول السنة، ككثرة الحرائق فى فصل الصيف وحوادث السيارات فى فترة الانتقال من فصل إلى آخر والسرقات فى فصل الشتاء، إلا أن الدراسة الإحصائية تشير إلى عدم التفاوت الكبير بين سنة وأخرى، ولذلك تعد من قبيل المخاطر الثابتة.



2- الخطر المتغير
الخطر يكون متغيراً متى كانت الدراسات الإحصائية تشير إلى أن احتمالية تحققه خلال مدة التعاقد متغيرة تصاعدياً أو تنازلياً. فمثلاً التأمين على الأشخاص وبصفة خاصة التأمين على الحياة لحال الوفاة، وإن كانت كل نفس صغيرة كانت أو كبيرة - ذائقة الموت متى انتهى أجلها ([3])، إلا أن الدراسات الإحصائية تشير إلى نسبة تحققه فى الأعمار المتأخر أكبر من الأعمار المبكرة. ومن ثم فإن تحقق خطر الموت يعد من قبيل الخطر المتغير تغيراً تصـاعدياً.
أما الخطر المتغير تغيراً تنازلياً فهو التأمين على الحياة لحال البقاء، وهو أن يؤمن الشخص على حياته إن بقى حياً بعد سن معينة ولو تكن الستين عاماً، فمثلاً، فإذا عاش هذا الشخص بعد هذا السن استحق مبلغ التأمين ([4]).
- أهمية تقسيم الخطر من حيث الثبات
102- لا غرو أن يكون التمييز بين الخطر الثابت والخطر المتغير أهمية بالنسبة لتحديد مقدار قسط التأمين الذى يلتزم المؤمن بدفعه للمؤمن فى مقابل تحمله تبعة تغطية الخطر المؤمن منه. فثبات الخطر يترتب عليه ثبات مقدار هذا القسط. والمفروض أن تغير الخطر يؤدى إلى تغير هذا المقدار، إلا أن المؤمن، نظراً للتنافسية فى سوق التأمين والرغبة فى زيادة عدد المؤمن لهم لديه، يجعل مقدار القسط بالنسبة للخطر المتغير ثابتاً كذلك، على أن يحتفظ باحتياطيات مالية لمواجهة الأخطار المتغيرة.
ثانياً الخطر من حيث التعيين
103- لا جرم أن تقسيم الخطر من زاوية التعيين لا يتعلق بالقيم المالية كمقدار القسط أو مبلغ التأمين، بل يتعلق بالمحل الذى يهدده الخطر فقد يكون معيناً وقد غير متعين.
1- الخطر المعين :
نعلم أن الخطر المؤمن منه هو أمر محتمل يلحق بالشخص أو بالشىء المؤمن عليه إذا تحقق. والخطر يكون معيناً متى كان المحل المؤمن عليه شخصاً كان أو شيئاً ـ معيناً فى وقت إبرام عقد التأمين. فالشخص الذى يؤمن على حياته أو حياة غيره أو الذى يؤمن على منزله من الحريق أو بضاعته من التلف، فالخطر فى هذه الحالات وأمثالها يعد خطراً معيناً لأن الشخص المؤمن على حياته والمنزل المؤمن ضد حريقه والبضاعة المؤمن ضد تلفها معلومة ومحددة فى وقت التأمين عليها.
2- الخطر غير المعين :
يكون الخطر غير معينٍ متى كان المحل المؤمن عليه غير معين فى وقت التعاقد على التأمين، بمعنى أن تعين هذا المحل يكون فى وقت تحقق الخطر. فمثلاً التأمين من المسئولية عن حوادث السيارات فهو تأمين على خطر غير معين، حيث أن التأمين ليس ضد حادث معين بالذات وإنما ضدى أى حادث وعليه فإن الخطر لا يتحدد إلا عند تحققه.
- أهمية تقسيم الخطر من حيث التعيين
104- لا ريب فى أن للتمييز بين الخطر المعين والخطر غير المعين أهمية تظهر عند تحديد مقدار مبلغ التأمين الذى يلتزم المؤمن أداءه عند تحقق الخطر. فالخطر المعين يحقق للمؤمن العلم بحجم هذا الالتزام فى وقت التأمين، ففى التأمين على الأشياء، يكون الشئ المؤمن عليه معيناً فى وقت التعاقد كمنزل أو سيارة أو بضاعة الخ ومقدار مبلغ التأمين يتحدد بقيمة الشئ المؤمن عليه أو بأقل منه متى تم الاتفاق على حد أقصى لضمان المؤمن. وفى التأمين على الأشخاص يجوز تحديد المبلغ الذى يلتزم المؤمن بأدائه عند تحقق الخطر المؤمن منه.
أما فى الخطر غير المعين فالوضعية تختلف، إذ لا يمكن الوقوف على حجم التزام المؤمن فى وقت التعاقد. ولذلك يصح أن يكون مقدار مبلغ التأمين غير محدد فى هذا الوقت على أن يكون محدداً فى وقت الوفاء به. فيلتزم المؤمن بتعويض المؤمن له تعويضاً كاملاً عن مسئوليته عن كل حادث يقع خلال فترة التأمين، ما لم يكن الأطراف قد اتفقوا على حد أقصى لالتزام المؤمن ([5]).
الفرع الثالث
تحديد
الخطر المؤمن منه
105- عرفنا آنفاً أن الخطر المؤمن منه هو المعقود عليه (المحل) فى عقد التأمين، ولذلك يجب أن يكون محدداً تحديداً نافياً للجهالة. وقد يتفق الطرفان فى عقد التأمين على خطر معين ومع ذلك يستبعدا بعض عناصره من نطاق ضمان المؤمن، فيجب أن يكون هذا الاستبعاد وضحاً ومحدداً حتى يعلم المؤمن له متى يكون له الحق فى مطالبة المؤمن بمبلغ التأمين ومتى لا يكون له ذلك.
ونعلم أيضاً أن عقد التأمين من عقود الإذعان التى يجب على الطرف المذعن (المؤمن له ) قبولها بالكلية أو رفضها بالكلية فليس له الحرية فى مناقشة شروطها، وحماية للمؤمن له (المذعَن) من الشروط المجحفة به أبطل المشرع بعض الشروط وجعل حكم بطلانها متعلق بالنظام العام، أى لا يجوز للأطراف الاتفاق على مخالفتها وإذا تم ذلك وقع باطلاً.
ونتناول فيما هو آتٍ من نقاط بيان كيفية تحديد الخطر المؤمن منه، واستثناء بعض عناصر الخطر من نطاق ضمان المؤمن، وأخيراً الشروط التى أبطلها المشرع لمخالفتها للنظام العام.
أولاً كيفية تحديد الخطر المؤمن منه
106- ألفينا أن الخطر يعد عنصراً جوهرياً فى عقد التأمين، وأنه من الأهمية بمكان بالنسبة للمؤمن والمؤمن له على حدٍ سواء، ولذلك يجب أن يكون الخطر أو الأخطار المؤمن منها محدداً تحديداً نافياً للجهالة بالنسبة لطرفى العقد.
ولا جرم أنه للعاقدين الحرية فى تحديد الخطر المؤمن منه بتحديد طبيعته والمحل الذى يتعرض له، شريطة ألا ينطوى على مخالفة للنظام العام والآداب. فمثلاً فى التأمين من الحريق فإن طبيعة الخطر المؤمن منه هو الحريق وأن محله هو الشئ الذى من المحتمل أن يحترق فقد يكون منزلاً أو سيارة أو بضاعة أو أى شئ آخر يكون المؤمن قد أمن عليه ضد الحريق.
غير أنه لا يوجد ما يمنع من أن تتعدد طبيعة الخطر المؤمن منه مع تفرد المحل (الشىء)، فقد يكون المحل المؤمن عليه هو سيارة مثلاً مؤمن عليها ضد السرقة والحريق والتلف والمسئولية الخ أو يكون التأمين ضد كافة الأخطار.
والخطر كما يتحدد بطبيعته ومحله يتحدد كذلك بسببه، ويقصد بالسبب هنا هو سبب تحقق الخطر، فإذا كانت طبيعته هى الحريق فإن أسباب نشوبه متعددة كتماس الأسلاك الكهربائية (ماس كهربائى) أو امتداد النيران من مكان مجاور أو عيب فى الشئ المؤمن عليه ذاته الخ. وإذا كانت طبيعة الخطر المؤمن منه هو الموت فى التأمين على الحياة، فإن أسبابه متعددة كالمرض أو الغرق أو الحريق الخ.
وتحديد الخطر المؤمن منه بسببه كما يكون إيجابياً (الاستيعاب) كما فى الأمثلة آنفة الذكر حيث أن المؤمن لا يتحمل تبعة تحقق الخطر إلا إذا كان ناجماً عن السبب المحدد. يكون سلبياً (الاستبعاد) بأن يستبعد المؤمن بعض أسباب تحقق الخطر من نطاق ضمانه، كأن يتحمل المؤمن تبعة تحقق خطر الحريق إلا ما ينشأ عن الصواعق أو الزلازل أو الحروب ([6]).
بيد أن استبعاد بعض أسباب تحقق الخطر من نطاق ضمان المؤمن يجب أن يكون محدداً تحديداً دقيقاً ولا يكون كذلك إلا إذا كان محل شرط خاص ظاهر فى وثيقة التأمين أو ما يقوم مقامها كمذكرة التغطية المؤقتة أو ما يلحقها من كملحق لها. والاستبعاد الذى لا يكون محل شرط خاص وظاهر لا يعتد به.
ثانياً - شروط مخالفة للنظام العام فى تحديد الخطر
107 - لا جرم أن الواقع العملى فى سوق التأمين أفرز بعض الشروط درج المؤمن على أن يضمنها عقد التأمين. ولما كانت طبيعة الإذعان فى هذا العقد تحول بين المؤمن له وبين مناقشتها. فإن المشرع عمد عند وضع أحكام هذا العقد إلى النص على بطلانها لمخالفتها النظام العام. لأن مثل هذه الشروط كلها تنص على سقوط حق المؤمن له فى مبلغ التأمين [المادة (750) مدنى ([7])] وهذه الشروط هى :
1- شروط سقوط حق المؤمن له فى مبلغ التأمين بالأسباب التالية :
-مخالفة المؤمن له للقوانين واللوائح إلا إذا انطوت هذه المخالفة على جناية أو جنحة [المادة (750/1) مدنى].
- تأخر المؤمن له فى إعلان السلطات العامة بوقوع الحادث المؤمن منه أو فى تقديم المستندات إلا إذا تبين أن التأخير كان لعذر مقبول [المادة (750/2) مدنى].


2- الشروط التى ترد بالوثيقة وتكون غير واضحة [المادة (750/3-4) مدنى كالآتى :
- كل شرط غير ظاهر ويؤدى إلى البطلان أو السقوط.
- شرط التحكيم الذى لم يرد فى صورة اتفاق خاص منفصل عن الشروط العامة الواردة بالوثيقة.
3- كل شرط تعسفى آخر يتبين أنه لم يكن لمخالفته أثر فى تحقق الخطر المؤمن منه [المادة (750/5) مدنى].

المطلب الثانى
قسط التأمين
108- لا جرم أن قسط التأمين يعد محل التزام المؤمن له، أى هو الأداء الذى يلتزم بموجب عقد التأمين أداءه للمؤمن فى مقابل تحمل الأخير تبعة تحقق الخطر المؤمن منه.
ويمكن تعريف قسط التأمين بأنه " هو مبلغ من المال يلتزم المؤمن له بدفعه للمؤمن كمقابل لتحمله تبعة تحقق الخطر المؤمن منه " ([8]).



ففى ضوء هذا التعريف يتضح أن القسط فى عقد التأمين كالثمن فى عقد البيع والأجرة فى عقد الإيجار. لأنه يعد مقابلاً مالياً للتأمين الذى يقدمه المؤمن للمؤمن له. وهو الذى يجعل عقد التأمين من عقود المعاوضة التى ترتب التزامات متبادلة فى ذمة طرفيها.
الارتباط الوثيق بين القسط و الخطر
109- ولا جرم أنه توجد علاقة وطيدة بين قسط التأمين والخطر المؤمن منه، فمن خلال الدراسة الإحصائية والبيانات التى يدلى بها المؤمن له عن هذا الخطر يستطيع المؤمن حساب مقدار القسط. وإذا تغير الخطر زيادة أو نقصاً تغير تبعاً له القسط طبقاً لمبدأ نسبية القسط للخطر. فكما أنه لا تأمين بلا خطر يضمنه المؤمن فإنه لا تأمين بلا مقابل مالى يدفعه المؤمن له، فكلاهما يكونان وجهى العملية التأمينية ([9]).
والمقابل المالى للتأمين يسمى قسطاً إذا كان المؤمن شركة مساهمة، أما إذا كان المؤمن جمعية للتأمين التبادلى أو التعاونى أطلق عليه اشتراكاً.
ويلاحظ أنه خلال دراستنا لهذا المقابل سوف نستخدم المصطلح الذى درج العمل عليه من تسميته قسطاً فى كل الأحوال، سواء أكان قسطاً أم كان اشتراكاً.
وقسط التأمين قد يتفق الأطراف على دفعه مرة واحدة فيسمى بالقسط الواحد، وقد يتفقوا على دفعه منجماً على دفعات (سنوية أو نصف سنوية أو ربع سنوية أو شهرية) ([10]).
تحديد مقدار قسط التأمين
110- لا جرم أن دراسة القسط، باعتباره محلاً للالتزام المؤمن له، لها جانب قانونى وآخر فنى، فالجانب القانونى تدخل دراسته فى نطاق دراسة التزامات المؤمن له ([11]). أما دراسة الجانب الفنى (تحديد مقدار القسط ) هى التى نتناولها فى هذه الجزئية.
والأصل فى تحديد مقدار القسط أنه يتوقف على اتفاق طرفى عقد التأمين (المؤمن والمؤمن له)، لأن ذلك من المسائل التى تكون محلاً للمناقشة والمساومة بينهما. ومع ذلك فقد يتدخل المشرع بوضع حد أقصى وحد أدنى ويترك للأطراف تحديد مقدار القسط بين هذين الحديـن.
بيد أن تحديد مقدار القسط لا يتم بطريقة عشوائية أو تحكمية، بل يخضع لعوامل عدة منها كحجم الخطر ومدة التأمين وغيرهما. ويجب فى هذا الصدد التمييز بين القسط الصافى والقسط التجارى.
أولاً - القسط الصافى
111 - نعلم أن القسط والخطر هما وجهى العملية التأمينية وأنه تقدير الأول يعتمد على دقة الدراسة الإحصائية التى قام بها خبراء التأمين للثانى. ولذلك يقصد بالقسط الصافى هو المقدار المالى الذى يوازى على وجه التقريب قيمة الخطر الذى حددته الحسابات الدقيقة للمؤمن.
فالقسط يمثل بالنسبة للمؤمن المبلغ اللازم لتغطية الخطر المؤمن منه دون زيادة أو نقصان (ربح أو خسارة). ويتم حساب القسط الصافى على أساس وحدة قيمية ووحدة زمنية. فالوحدة القيمية تمثل مبلغاً من النقود يقدره المؤمن كألف جنيه، مثلاُ، والوحدة الزمنية تكون فى العادة سنة واحدة. فلو قلنا أن المؤمن يحصل على كل ألف جنيه خمسة جنيه فى السنة، فإذا كانت قيمة المؤمن عليه خمسين ألف جنيه، فإنه سيحصـل على خمس أمثال 5×5 =25 متكررة فى عدد سنوات التأمين ([12]).
ولنضرب مثلاً حسابياً فإذا كان الخطر المؤمن منه يتحقق فى التأمين ضد حوادث السيارات بنسبة 10 لكل 1000 سيارة، بمعنى أن من بين كل 1000 سيارة مؤمن عليها تتدخل 10 سيارات فى حوادث ضارة بالغير، فإذا كان مبلغ التأمين الواجب دفعه، فى المتوسط، هو 5000 جنيه عن كل حالة تحقق الخطر المؤمن منه.
النسبة المئوية لتحقق الخطر المؤمن منه
= 10×100÷1000=1%
مجموع مبالغ التأمين التى من المحتمل الوفاء بها من قبل المؤمن =
النسبة المئوية × عدد المؤمن لهم × متوسط مبلغ التأمين
1÷100 × 1000× 5000 = 50000جنيه
قيمة القسط الصافى = مجموع مبالغ التأمين ÷ عدد المؤمن لهم
50000÷ 1000 = 50 جنيه.
غير أن عامل الخطر ليس هو العامل الوحيد فى تقدير قيمة القسط، بل توجد عوامل أخرى تساهم معه فى ذلك كمقدار مبلغ التأمين ومدته وسعر الفائدة الذى يحصل عليه المؤمن من استغلال رصيد الأقساط المجتمع لديه.


ثانياً القسط التجارى
112- نوهنا آنفاً أن القسط الصافى يساوى تقريباً الخطر المؤمن منه، ومع ذلك فإن المؤمن، وإن كان العبء الأكبر هو تغطية هذا الخطر، إلا أنه يتحمل أعباء أخرى منها :
-العمولات التى يتقاضاها الوسطاء، لأن المؤمن يستخدم بعض الأشخاص كوسيط بينه وبين المؤمن لهم.
-نفقات تحصيل الأقساط ، فالمؤمن هو الذى يسعى فى الغالب إلى المؤمن لهم لتحصيل أقساط التأمين.
-المصروفات الإدارية، وهى المصروفات التى يتكبدها المؤمن فى إدارة عمليات التأمين.
-الضرائب والرسوم، المؤمن يتحمل بعض الضرائب ويدفع رسوم عن نشاطه التأمينى.
-أرباح المساهمين، فإذا كان المؤمن فى شكل شركة مساهمة فإن المساهمين يتقاضون أرباحاً معقولة على أسهمهم فى الشركة.
فالقسط التجارى = القسط الصافى + نسبة من الأعباء الإضافية ( آنفة الذكر).
المطلب الثالث
مبلغ التأمين
113- إذا كان القسط كما بينا آنفاً - هو محل التزام المؤمن له فى مواجهة المؤمن. فإن مبلغ التأمين هو محل التزام المؤمن الذى يجب عليه أداءه للمستفيد عند تحقق الخطر المؤمن منه الذى تحمل تبعته بموجب عقد التأمين. وتقابل الالتزامات فى هذا العقد تبرز خاصيته بأنه عقد ملزم للجانبين. فمثلاً فى التأمين على الحياة لحال الموت، إذا توفى المؤمن عليه فإنه يجب على المؤمن الوفاء بمبلغ التأمين إلى الشخص المعين مستفيداً فى عقد التأمين (الوارث أو الغير)، وإذا احترق الشئ المؤمن عليه (منزل أو سيارة أو بضاعة الخ) فإن المؤمن له يستحق مبلغ التأمين ما لم يعين شخص آخر كمستفيد من هذا التأمين، وكذلك لو تدخلت السيارة المؤمن عليها ضد حوادث السيارة فى حادثة، التزم المؤمن بالوفاء بمبلغ التأمين (التعويض) إلى المضرور من ذلك.
ويمكن تعريف مبلغ التأمين بأنه " هو المقابل المالى الذى يدفعه المؤمن للمستفيد، بموجب عقد التأمين، عند تحقق الخطر المؤمن منه " ([13]).


ففى ضوء هذا التعريف يتبين أن التزام المؤمن فى عقد التأمين هو التزاماً مالياً يجب عليه أداءه للمستفيد (المؤمن له أو المشترط التأمين لصالحه) عند تحقق الخطر المؤمن منه [المادة (747) مدنى ([14])]، حتى فى الحالة التى يتعهد المؤمن بإعادة الشئ المؤمن عليه إلى حالته قبل تحقق الخطر المؤمن منه، فتعهده بإعادة الحالة أو الإصلاح يوفى به المؤمن من خلال الغير الذى يتقاضى مقابل ذلك مبلغاً من النقود. ولذلك يظل التزام المؤمن فى جميع الحالات التزاماً مالياً.
نطاق التزام المؤمن بدفع مبلغ التأمين
114- نوهنا آنفاً إلى أن المؤمن يلتزم بدفع مبلغ التأمين عند تحقق الخطر المؤمن منه، فهل لهذا الالتزام حدود ؟ أم لا ؟.
بيد أن الإجابة عن هذا التساؤل تتطلب التفرقة بين التأمين على الأشخاص والتأمين من الأضرار.
1- التأمين على الأشخاص
115- عرفنا سابقاً أن التأمين على الأشخاص هو الذى يكون موضوعه شخص المؤمن له (حياته أو سلامته أو صحته أو ظروف حياته). ويتميز هذا النوع من التأمين أنه ليس له صفة تعويضية وبذلك يلتزم المؤمن بالوفاء بمبلغ التأمين عند تحقق الخطر المؤمن منه بغض الطرف عما إذا كان المؤمن له قد أصابه ضرر من ذلك أم لا ([15]).
ففى ضوء ذلك يتبين أن المؤمن يلتزم بالوفاء بمبلغ التأمين إلى المستفيد أو المؤمن له، عند تحقق الخطر المؤمن منه، وفقاً لما تم الاتفاق عليه بين طرفى العقد. فمثلاً فى التأمين على الحياة لحال الموت، فالوفاة هى الخطر المؤمن منه فإذا تحقق دفع المؤمن مبلغ التأمين للمستفيد، وفى حالة التأمين ضد الإصابة أو المرض يدفع المؤمن هذا المبلغ للمؤمن له أو الشخص المحدد فى العقد (المستفيد).
2- التأمين من الأضرار
116- فهذا النوع من التأمين هو الذى يكون محله أموال المؤمن له وليس شخصه (كالتأمين على الأشياء والتأمين من المسئولية)([16]). ويتميز التأمين من الأضرار بأنه ذو صفة تعويضية، ولذلك فإن مبلغ التأمين الذى يلتزم المؤمن بالوفاء به للمؤمن له يتحدد بأقل القيمتين (مقدار الضرر ومبلغ التأمين)، ويساهم فى تحديده عوامل ثلاثة هى :



العامل الأول الاتفاق :
يحدد الاتفاق التزام المؤمن بدفع مبلغ التأمين للمؤمن له. فمثلاً لو أن شخص اتفق مع المؤمن على التأمين على منزله ضد الحريق بمبلغ (30000 جنيه) وتحقق الخطر المؤمن منه فلا يستطيع المؤمن له أن يطالب المؤمن إلا فى حدود هذا المبلغ المحدد اتفاقاً فى عقد التأمين، حتى لو كانت قيمة التلفيات التى لحقت المنزل تجاوز هذا المبلغ، شريطة ألا يجاوز مقدار الضرر الناجم عن تحقق الخطر المؤمن منه .
غير أن التحديد الاتفاقى لمبلغ التأمين لا يعتبر العامل الوحيد، بل تساهم معه عوامل أخرى فى تحديد هذا المبلغ، كمبدأ التعويض ومبدأ النسبية.
العامل الثانى مبدأ التعويض :
نوهنا آنفاً إلى أن التأمين من الأضرار ذو صفة تعويضية، بمعنى أن مبلغ التأمين يقدر بقدر الضرر الذى لحق المؤمن له فعلاً من جراء تحقق الخطر المؤمن منه. ففى المثال السابق إذا كانت قيمة التلفيات الناجمة عن تحقق خطر حريق المنزل كانت (15000 جنيه) فإن المؤمن له لا يستطيع مطالبة المؤمن إلا فى حدود هذه القيمة. طالما أنه لا يجاوز مبلغ التأمين المتفق عليه فى العقد ([17]). وذلك طبقاً مبدأ الصفة التعويضية فى التأمين من الأضرار التى تقدر مبلغ التعويض بقدر الضرر، ولا تسمح للمؤمن له بالإثراء على حساب تحقق الخطر المؤمن منه، حتى لو كان من عقد تأمين آخر أو استحق تعويض من المسئول عن هذا الضرر الذى يمثل فى نفس الوقت - الخطر المؤمن منه ([18]). فمثلاً لو كان المنزل محل عقد تأمين آخر وحصل المؤمن له على منه على تعويض يغطى مقدار الضرر الذى لحق بالمنزل، فلا يكون له الحق فى الرجوع على المؤمن الآخر لمطالبته بذات التعويض ([19]) إلا إذا كان مبلغ التأمين الذى حصل عليه من المؤمن الأول لا يغط كامل الضرر فيكون من حقه الرجوع على المؤمن الآخر بالفارق بين هذا المبلغ ومقدار الضرر. فمثلاً لو كان قد أمن على المنزل لدى المؤمن (أ) بمبلغ (20000 جنيه) وأمن عليه لدى المؤمن (ب) بمبلغ (15000 جنيه) وكانت مقدار الضرر (30000 جنيه) فيكون له مطالبة (أ) بكامل مبلغ التأمين ومطالبة (ب) بما يغطى الضرر (10000 جنيه). وكذلك الأمر لو تسبب الغير بخطأٍ منه فى احتراق المنزل المؤمن عليه ضد الحريق واستحق المؤمن له منه تعويضاً عن ذلك يغطى كل الضرر الناجم عن الحريق، فلا يكون له الحق فى الرجوع على المؤمن مطالباً إياه بمبلغ التأمين.
العامل الثالث قاعدة النسبية :
عرفنا أن المؤمن فى التأمين من الأضرار يلتزم بالوفاء للمؤمن له، عند تحقق الخطر المؤمن منه، بأقل القيمتين (مبلغ التأمين أو مقدار الضرر).

غير أنه يحدث فى الواقع العملى - أن يكون مبلغ التأمين أقل من قيمة الشئ المؤمن عليه ويعرف بالتأمين البخس ([20])، فإذا أدى تحقق الخطر المؤمن منه إلى هلاك بعض هذا الشئ وليس كله. فمثلا لو كانت قيمة المنزل (40000 جنيه) وكان مبلغ التأمين المتفق عليه (30000 جنيه) وقدرت التلفيات الناجمة عن تحقق خطر الحريق بمبلغ (20000 جنيه). ففى ضوء هذا المثال هل يتقاضى المؤمن له ما يغطى الضرر (20000 جنيه) ؟، أم يتقاضى نسبة تتعادل مع قيمة الشئ ومبلغ التأمين ؟.
والإجابة فى ظل إعمال قاعدة النسبية نجد أن المؤمن له لن يتقاضى ما يغطى كامل الضرر، بالرغم من أنه لم يجاوز مبلغ التأمين المتفق عليه، بل يتقاضى نسبة تعادل ما احترق من المنزل مع قيمة المنزل كله ما لم يتفق على غير ذلك ([21]) بالكيفية الآتية:
التعويض الذى يدفعه المؤمن للمؤمن له =
مقدار الضرر × مبلغ التأمين ÷ قيمة المنزل
20000 × 30000 ÷ 40000 = 15000 جنيه.


بيد أنه يستطيع المؤمن له أن يتفادى تطبيق مبدأ النسبية عند تحقق الخطر، الذى يقل فيه مقدار الضرر عن قيمة الشئ المؤمن عليه ومبلغ التأمين المتفق عليه، بأن يتفق مع المؤمن على عدم تطبيق هذا المبدأ على علاقتهما التأمينية.
المطلب الرابع
المصلحة فى التأمين
117- عرفنا أن الخطر المؤمن منه يعد بمثابة المحل فى عقد التأمين، وأن القسط هو محل التزام المؤمن له، وأن مبلغ التأمين هو محل التزام المؤمن. ومع ذلك فإن المشرع استلزم أن يكون محلاً للتأمين كل مصلحة اقتصادية مشروعة تعود على المؤمن له من عدم تحقق الخطر المؤمن منه [المادة (749) مدنى ([22])].
غير أن استعمال مشرعنا المدنى للفظة " اقتصادية " مضافة إلى لفظة " مصلحة " أثار خلافاً فى الفقه مبناه أن المصلحة عنصراً فى محل التأمين على الأضرار وليست كذلك بالنسبة للتأمين على الأشخاص ([23]).
وفى تقديرنا أن المشرع لم يكن فى حاجة إلى إضافة هذه اللفظة إلى لفظة المصلحة فكان يكفيه إيراد العبارة على النحو التالى " …… مصلحة مشروعة …… " ([24]). وعلى كل حال فإنه يجب أن يكون للمؤمن له أو المستفيد مصلحة مشروعة (اقتصادية أو أدبية) فى عدم تحقق الخطر المؤمن منه فى نوعى التأمين (الأشخاص والأضرار) على حدً سواء ([25]). حيث أنه إذا لم يكن هناك مصلحة فى عدم تحقق هذا الخطر فإن ذلك يكون من شأنه أن يجعل التأمين نوعاً من المضاربة، وعدم استلزام مثل ذلك يدفع المؤمن له على التحريض على تحقق الخطر المؤمن منه طمعاً فى الحصول على مبلغ التأمين ([26]).
الفصل الثالث
آثار
عقد التأمين
118- أسلفنا أن عقد التأمين من العقود الملزمة للجانبين، ومن ثم فإنه يلقى بالتزامات متقابلة ومتبادلة على عاتق طرفيه المؤمن له والمؤمن فما هى هذه الالتزامات ؟.
نتناول الإجابة على هذا التساؤل خلال المبحثين التاليين :