منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - نداء إلى أساتذة الأدب العربي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-01-29, 22:08   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*(بحر ثاااائر)*
قدماء المنتدى
 
الصورة الرمزية *(بحر ثاااائر)*
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز 2014 المشرف المميز لسنة 2013 وسام أحسن إشراف 
إحصائية العضو










افتراضي

وقد ثَبتَ في "صحيح البخاريَ" حنَينُ الجذْع الذي كان يخطبُ عليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وثبتَ في "صحيحِ مسلم" أنَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إني أعرفُ حَجَرا كانَ يسلمُ عَلَيَّ في مكةَ".
وأمثالُ هذا كثيرةٌ جدًّا، فلا مانِعَ من أن يَعْلمَ اللهُ من ذلكَ الجدار إرادة الانقضاض.
-ويُجابُ عن هذه الآية -أيضا- بمَا قدَّمنَا من أنَّه لامانعَ من كونِ العرب تستعملُ الإرادةَ عنْدَ الإطلاق في معناها المشهورِ، وتستعملُها في الميلِ عند دلالة القرينة على ذلك. وكلا الاستعمالين حقيقةٌ في محلِّه. وكثيرًا ما تَستعملُ العربُ الإرداة في مشارفَةِ الأمرِ، أي قرب وقوعهِ كقربِ الجدارِ من الانقضاض سُمِّيَ إرادة.
-..ظهَرَ أنَّ مثلَ: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ) [سورة يوسف:82], مِنَ المدلول عليه بالاقتضاء، وأنَّه ليسَ من المجازِ عند جمهور الأصوليين القائلينَ بالمجاز في القرآنِ .
-والجوابُ عن قوله: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [سورة الشورى]:11 , أنَّه لا مجاز زيادة فيه؛ لأنَّ العربَ تطلق المثلَ وتريدُ به الذات، فهو أيضا أسلوب مِنْ أساليب اللغةِ العربِية.
-وقوله تعالى: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ) [سورة الأنعام: 122]، يعني كمنْ هو في الظلمات.
-وقوله تعالى: (فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ) [سورة البقرة: 137] أي: بمَا آمنتم به على أظهرِ الأقوال. وتدلُّ لَهُ قراءةُ ابن عباس: "فإنْ آمَنوا بِمَا آمَنتُم بهِ" وتُروى هذه القراءةُ عَنِ ابنِ مسعود أيضا.
ويجابَُ أيضا بأنَّ أداةَ التَّشبيِه كُرِّرَتْ لتأكيدِ نَفْيِ المِثْلِيةِ المنفيَّةِ في الآية.
والعربُ ربَّما كرَّرتْ بعض الحروفِ لتأكيد المعنى .
-والجواب عن قوله تعالى: { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ} [سورة الإسراء: 24]: أن الجناح هنا مستعمل في حقيقته؛ لأن الجناح يطلق لغة حقيقة على يد الإنسان وعضده وإبطه، قال تعالى: { وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ} [سورة القصص:32 ] ,
والخفض مستعمل في معناه الحقيقي الذي هو ضد الرفع؛ لأن مريد البطش يرفع جناحيه، ومظهر الذل والتواضع يخفض جناحيه، فالأمر بخفض الجناح للوالدين كناية عن لين الجانب لهما، والتواضع لهما، كما قال لنبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَمِنَ الْمُؤْمِنِينَ }
-وما يذكره كثير من متأخري المفسرين القائلين بالمجاز في القرآن كله غير صحيح، ولا دليل عليه يجب الرجوع إليه من نقل ولا عقل.

-فإن قالوا: هذا الذي نسميه مجازًا وتسمونه أسلوبًا آخر من أساليب اللغة يجوز نفيه على قولكم، كما جاز نفيه على قولنا. فيلزم المحذور قولكم كما لزم قولنا.
فالجواب: أنه على قولنا بكونه حقيقة لا يجوز نفيه. فإن قولنا: رأيت أسدًا يرمي -مثلاً- لانسلم جواز نفيه؛ لأن هذا الأسد المقيد بكونه يرمي ليس حقيقة الحيوان المفترس حتى تقولوا: هو ليس بأسد.
فلو قلتم: هو ليس بأسد. قلنا: نحن ما زعمنا أنه حقيقة الأسد المتبادر عند الإطلاق حتى تكذبونا، وإنما قلنا بأنه أسد يرمي، وهو كذلك هو أسد يرمي.
-أيها القائلون بالمجاز أنتم الذين أطبقتم على جواز نفيه وتوصلتم بذلك إلى نفي كثير من صفات الله الثابتة بالكتاب والسنة الصحيحة، زعمًا منكم أنها مجاز وأن المجاز يجوز نفيه، فلو أقررتم بأنه لا يجوز نفيه لوافقتم على أنه أسلوب من أساليب اللغة العربية وهو حقيقة في محله، وسلمتم من نفي صفات الكمال والجلال الثابتة في القرآن.

-فإنْ قيل: إذا منعتم المجاز في آيات الصفات فما معنى الحقيقة فيها؟
فالجواب: أن الصفات تختلف حقائقها باختلافِ موصوفاتها، فللخالق جل وعلا صفات حقيقية تليق به، وللمخلوق صفات حقيقية تناسبه وتلائمه، وكل من ذلك حقيقة في محله.
ومعاني صفات الله جل وعلا معروفة، وكيفياتها لا يعلمها إلا الله، كما قال مالك وأم سلمة: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول".
والدليل على أن الكيف غير معقول قوله تعالى: { وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا } [سورة طه:110.]
وحاصل تحرير الحق في مسألة آيات الصفات على وجه لا إشكال فيه مبني على أمرين:
الأول: الإيمان بكل ما ثبت في الكتاب العزيز والسنة الصحيحة على وجه الحقيقة لا المجاز.
الثاني: نفي التشبيه والتمثيل عن كل وصف ثبت لله في كتاب أو سنة صحيحة. فمن نفى وصفًا أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فهو معطل.
-ومعلوم أنه لا يصف الله أعلمُ بالله من الله، ولا يصف الله بعد الله أعلمُ به من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : { أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} [سورة البقرة:140 [ .

-ومن شبه وصف ربه بصفات المخلوق فهومُشَبِّه ملحد، وكل تعطيلٍ ناشيء عن تشبيه، ومن آمن بصفات ربه منزهًا له عن التشبيه والتمثيل بصفات الحوادث فهو مؤمن موحد سالم من ورطة التشبيه والتعطيل، جامع بين الإيمان والتنزيه.
والدليل على ما ذكرنا من أن تحرير المقام حاصل بالأمرين المذكورين قوله تعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [سورة الشورى،الآية: 11]. فقوله: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } فيه نفي التمثيل، وقوله: { وَهُوَالسَّمِيعُ الْبَصِيرُ } فيه إثبات الصفات على الحقيقة. وإذا كان نافي بعض الصفات يضطر إلى الاعتراف بأنه جل وعلا ذات مخالفة لجميع الذوات، فعليه أن يعترف بأنه متصف بصفات لا يماثلها شيء من صفات المخلوقين، فصفاته تخالف صفاتهم كمخالفة ذاته لذواتهم.
فإن قيل: يلزم من إثبات صفة الوجه، واليد، والاستواء، ونحو ذلك مشابهة الخلق؟
فالجواب: أن وصفه بذلك لا يلزمه مشابهة الخلق، كما لم يلزم من وصفه بالسمع والبصر مشابهة الحوادث التي تسمع وتبصر، بل هو تعالى متصف بتلك الصفات المذكورة التي هي صفات كمال وجلال .
-كما قال من غير مشابهة للخلق البتة فهي ثابتة له حقيقة على الوجه اللائق بكماله وجلاله، كما أن صفات المخلوقين ثابتة لهم حقيقة على الوجه المناسب لهم، فبين الصفة والصفة من تنافي الحقيقة ما بين الذات والذات.
-فإن قيل: بينوا كيفية الاتصاف بها لنعقلها. قلنا: أعرفتم كيفية الذات المتصفة بها؟ فلابد أن يقولوا: لا!
فنقول: معرفة كيفية الصفات متوقفة على معرفة كيفية الذات فإن قال الخصم: هو ذات لا كالذوات، قلنا: وموصوف بصفات لا كغيره امن الصفات!
فسبحان من أحاط بكل شيء ولم يحط به شيء {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا } [سورة طه: 110.]
قال المهذب : هذا والله أعلم وأحكم وصلى الله على محمد وآله وسلم .

المصدر:
https://www.abouasem.net/play.php?catsmktba=289










رد مع اقتباس