منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - ســـــــــؤال في الفلسفة هل من مجيب؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 2007-06-13, 19:27   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
cd_nail
قدماء المنتدى
 
الصورة الرمزية cd_nail
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أما كارل ماركس (1817 - 1883) فقد أعاد عدم توصل من سبقه من المفكرين الألمان إلى المعرفة العلمية إلى أنه "لم يخطر على بال أحد من هؤلاء الفلاسفة، أن يبحث في علاقة الفلسفة الألمانية بالواقع الألماني". ومن هنا انطبعت كتاباتهم بالطابع الأيديولوجي ذي الوعي الزائف، وذلك بحكم ارتباط ذلك الوعي بالطبقة الحاكمة ومصالحها السائدة والمعممة.
ووجد ماكس فيبر (1864 - 1920) العلة في غياب الموضوعية، بخضوع الباحثين لمنظومة القيم السائدة، ولذلك رفع شعار "التحرر من القيم". ومن الواضح هنا تأثر ماكس فيبر بنظرية الأوثان عند فرانسس بيكون التي سبق ذكرها.
وقسم كارل مانهايم (1893 - 1947) الأيديولوجيا إلى عامة وخاصة، معتبرا أن كل شخص مسكون بجرثومة الأيديولوجيا، وبالتالي فهو - أي الشخص - يرى الظواهر من الزاوية التي يتيحها له موقعه الاجتماعي والطبقي. ورأى أن حل إشكالية الموضوعية في البحث السوسيولوجي يكمن في البحث عمّا أسماه "المثقف الحر" المتحرر من الانتماء الطبقي وبالتالي الأيديولوجي. والذي يمكنه أن يتحرك بكل حريةKlassenlose Schwebende Intelligenz وفي مختلف الاتجاهات.
وعلى العكس من كارل مانهايم فإن انطوان غرامشي (1891 - 1937) علّق آماله في الموضوعية على المثقف العضوي Organische Intelligent الغارق حتى أذنيه في هموم وقضايا مجتمعه، والملتزم أساسا بقضية الطبقات والفئات المظلومة والمضطهدة.
وإذا كانت إشكالية الموضوعية على هذا النحو المعقد، فما هو سبيل الباحث في العلوم الاجتماعية إذن للوصول إلى المعرفة العلمية؟ إن الكاتب يقترح على الباحث السوسيولوجي، التقيد بالقواعد المنهجية التالية التي يمكن أن تقربه كثيرا من جادة الموضوعية:
1 - أن يتبع الباحث قواعد المنهج العلمي، ولاسيما الجدلي، في كل خطوات البحث المعروفة على المستويين النظري والتطبيقي،
2 - أن يكون الباحث جزءا من ثقافة المجتمع الذي يبحثه، على قاعدة "أهل مكة أدرى بشعابها" وعارفا باللغة الشعبية الدّارجة، و بالرموز والإشارات المستخدمة في مجتمع المبحوثين، وكذلك بالقدرة على كشف كشف المسكوت عنه، وقراءة ماوراء كلمات المبحوث.
3 - أن يتحلى الباحث باليقظة الوجدانية والالتزام الخلقي في سعيه لمعرفة الحقيقة حول موضوع بحثه.
4 - يقول برتراند رسل: "للعلم منذ أيام العرب وظيفتان: فهو أولا، يجعل في طوقنا أن نعلم الأشياء، وثانيا يجعل في مقدورنا أن نفعل الأشياء" ، ومن الطبيعي أن يتضمن هدف أي بحث سوسيولوجي هاتين الوظيفتين معا.
5 - إن الخياط الماهر - كما يقولون - هو من يعيد القياس سبع مرات قبل أن يبدأ بالقص، وهو أمر ينطبق على الباحث الجاد، الذي عليه أن يضع ما يسمى بـ "لمشرع التصوري" للبحث، والمتضمن عادة على: تحديد المشكل والإشكالية، أهداف البحث، نوع الدراسة، المنهج الذي سيتبعه الباحث لتحقيق أغراض البحث المتضمنة في المشروع التصوري.
6 - المزاوجة الخلاقة بين ثنائيات: النظرية - التجربة / الممارسة، الاستقراء - الاستنتاج، المنهج الكمي - المنهج الكيفي/ م الفهم وهي مزاوجة تقتضيها الطبيعة الخاصة بالظواهر الاجتماعية بالذات، حيث يتعايش فيه المجرد مع الملموس،والجوهر مع العرض وما يمكن قياسه مع ما لا يمكن قياسه.
7 - الظواهر الاجتماعية، ظواهر معقدة، تنطوي على جوانب متعددة (نفسية، ثقافية، اقتصادية، سياسية، اجتماعية الخ) ولا بد لتغطية كل هذه الجوانب من استخدام أكثر من منهج واحد، وذلك باللجوء إلى ما يسمى بالبحث المتعدد الفروع.
8 - لما كان التاريخ هو مخبر علم الاجتماع، فإن على الباحث أن يولي أهمية خاصة لتاريخ الظاهرة التي يدرسها:
كيف ظهرت إلى الوجود؟ ومتى؟، كيف تطورت إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه إبان فترة البحث؟ وعلاقتها بالظواهر الأجتماعية والطبيعية ذات الصلة.
9 - التحديد الدقيق لنوع الدراسة، والذي لا يعدو بنظرنا أن يكون أحد الأربعة التالية:
- تحديد الصفات العامة للظاهرة عبر المنهج الاستطلاعي الوصفي،
- الكشف عن العلاقة العلية بين المتغيرات Variablen. ذلك أن ظاهرة ما يمكن أن تكون سببا لأثر، أو أثرا لسبب، أو أثرا وسببا في آن واحد.
- الكشف عن الأسباب المسؤولة عن وجود و/أو عن تحول، و/ أو عن اختفاء الظاهرة المعنية.
- الكشف عن آراء ودوافع ومواقف الناس حيال قضايا اجتماعية بعينها.
10 - تقديم حلول عملية لمشاكل واقعية، الأمر الذي يقتضي من الباحث:
- أن ينطلق البحث من الواقع العياني الملموس،
- أن يكون مستندا إلى الإرث النظري السابق، المتعلق بنفس موضوع البحث،
- أن يكون موضوع البحث ينطوي على بعد إشكالي نظري أو عملي جوهري تجعله جديرا بالبحث، وهذا يعني حسب روبرت ميرتون الاّ تكون المشكلة التي يختارها الباحث من النوع الصغير والسطحي الذي لا طائل تحته، ولا من النوع الكبير المتضخم الذي يقع فوق قدرة الباحث أو الباحثين بل أن يكون من النوع المتوسط القابل للمعالجة والبحث.