منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - كنت نصرانيا ؟
الموضوع: كنت نصرانيا ؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-04-13, 14:34   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
ليتيم مراد
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم مراد
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز لسنة 2013 وسام التميز وسام التميّز 
إحصائية العضو










456ty كنت نصرانيا -الجزء الثاني

الجزء الثاني

كانت في قريتنا عائلة نصرانية جزائرية كنت لا أعرفها جيدا خاصة ربّ العائلة الذي كان يعيش في عزلة تقريبا.

لا أدري كيف أصفهم ؟ كانوا مسالمين محترمين محبوبين...وبكلّ إيجاز واختصار : كانوا نصارى صادقين يُنَفّذون وصايا يسوع بقدر المستطاع.

فبدأ اهتمامي بهؤلاء النّصارى، يزداد أكثر حتى وضعت نصب عيني هدف تزويدي بالإنجيل، فاتّصلت بإبن هذا النّصراني الذي كان شابا في مثل سنّي، أخذ كل واحد منا يقترب من الآخر، وكنّا كثيرا ما نتحدث عن مواضيع روحية حتّى أصبحنا متجاوبين معا، إلى غاية اليوم الذي وعدني فيه بإحضار العهد الجديد وكتاب حكم سليمان.

وهو ذاهب إلى السفر أوصى والديه بإعطائي الكتب، اليوم الذي بعده – إن كانت ذاكرتي قوية وجيدة – ذهبت إلى أبيه لآخذ التصانيف الموعودة، وأثناء تلاقينا، قررنا السير لتبادل أطراف الحديث... أحضَر الكتابَين...وضعهما في جيبه... وذهبنا في نزهة... لن أنسى أبدا ذلك الوقت الذي أمضيناه معا، حقا لقد بهرني الرجل في ذلك اليوم، لا جرم أنّه كان يعيش في عزلة، لكنه يخفي حتما أمورا ما!.

ونحن نسير معا، قبل غروب الشمس، كان يحدثني عن حياته، وعن التغيير الذي أحدثه فيه يسوع، وفسّر لي كيف كان يعيش فيما مضى في الظلمات والذنوب، وكيف أنّ يسوع أنقذه، وأخذه إلى النّور، والطمأنينة والسعادة.ومنذ تلك اللحظة وآلة الاقتناع بدأت تفعل فعلها فيّ طبعا، كان الرجل يظن أنّ الروح القدس هو الذي يساعده في الوعظ، أما أنا فلم أكن أعلم أنّه كلما توغلنا في ظلام الليل، كلما توغلت في ظلام التنصير.

إنّ خطة الوعظ عند المنصّر يتمثل في إقناع الشخص الذي يعظ، والإثبات له بأنّه نجس، دنس، غارق في الظلام، وذلك طبعا لفطرتنا، لأن أبوينا – آدم وحواء ( عليهما الصلاة والسلام ) – هما أول من أذنب، وبعد أن يقتنع الشخص بهذا، يعرفه بالوجه المخالف، قداسة الربّ، مجده، طهره، مما يجعل الشخص في حيرة من أمره :

فكيف يمكن له أن يتوب إلى الله المقدس الطاهر، وهو ملوث بالذنوب والدنس؟

ثم ينتقل المنصّر إلى الطور الأخير، ضاربا الضربة القاضية، تلك التي تطمئنه، بأنّ الله يحبه ويريد أن ينقذه من هذا، ثم يتلو عليه النص المشهور، والذي حسب النصارى يختصر الكتاب المقدس

إذن " بوسيلة الإيمان " يكون الخلاص، وذلك بأن تعتقد أنّ يسوع هو " ابن الله " ومات على الصليب من أجل ذنوب البشر، وأنّ الخطايا دفنت معه في القبر، ثم في اليوم الثالث يبعث نقيا منيرا، تاركا الذنوب تحت التراب.
أعزائي القرّاء ؛ هلاّ فهمتم عملية التلاعب هذه ؟

إنّ الاعتقاد في النصرانية يتمثل في اعتقاد أعمى !

فالواعظ إذن يجمّد عقلك، ويركز على العواطف فقط.

إنّه يثير فيك شعور الإحساس بالذنب، والخوف من الموت بذنوبك من جهة، ومن جهة أخرى يثير فيك شعورا بالأمل.

وبهذه الكيفية وقعت في هذه الحيلة، ونحن نسير في منتصف الليل، وأنا لا أميّز تماما وجه المنصّر، ولا أسمع سوى كلمات سحرية وعذبة مثل العسل.

لم أفهم ماذا يحدث لي ؟ لم أعرف أينبغي لي أن أخاف أم أكون مطمئنا؟

كنت أتساءل في مكنون نفسي: من هذا الرجل ؟ مع من لي الشرف ؟ هل مع الشيطان أم مع ملاك ؟ وقبل أن نفترق قدّم لي الكتابين.

شيء عجيب، منذ ذلك الحين وصورة هذا الرجل لم تعد تفارق مخيلتي...

وصلت إلى الدار وفي ساعة متأخرة من الليل، تناولت العشاء بسرعة، ودخلت غرفتي وبدأت في قراءة العهد الجديد بلهفة شديدة، قرأت إذن الأناجيل، والتي كانت أمنيتي، لقد انبهرت انبهارا شديدا بنورانية كلمات يسوع، كانت لا تتحدث إلاّ عن الحب والمغفرة. وانبهرت من المعجزات والبركات التي يتركها أينما حلّ( عليه السلام).

كان أفقا جديدا فتح أمامي، لقد كان المثل الأعلى !ثم نمّت متأخرا تلك الليلة.

بعد استيقاظي في صبيحة الغد، الأحاسيس التي أحسست بها داخليا كانت نفسها، شعرت أنّي في نور وسعادة، ومنذ ذلك الحين وزياراتي لهذا الشخص النصراني تتكرّر، حتى شعرت أنّي جد متعلق به...

لم أعتنق النصرانية مباشرة... لكن ..........................
.


......... يتبع ..........