عن عبد الله بن عمرو - رضي اللهعنهما - قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« قد أفلح من أسلم ورزق كفافا ،
وقنعه الله بما آتاه » .
رواه مسلم .
حكم صلى الله عليه وسلم بالفلاح
لمن جمع هذه الخلال الثلاث .
و " الفلاح "
اسم جامع لحصول كل مطلوب محبوب ،
والسلامة من كل مخوف مرهوب .
وذلك أن هذه الثلاث جمعت خير الدين والدنيا ،
فإن العبد إذا هدي للإسلام الذي هو دين الله
الذي لا يقبل دينا سواه ،
وهو مدار الفوز بالثواب والنجاة منالعقاب ،
وحصل له الرزق الذي يكفيه
ويكف وجهه عن سؤال الخلق ،
ثم تمم الله عليه النعمة ،
بأن قنعه بما آتاه ،
وحصل له الرضى بما أوتي من الرزق والكفاف
ولم تطمح نفسه لما وراء ذلك ،
فقد حصل له حسنة الدنيا والآخرة .
فإن النقص بفوات هذه الأمور الثلاثة أو أحدها :
إما أن لا يهدى للإسلام :
فهذا مهما كانت حاله ،
فإن عاقبته الشقاوة الأبدية .
وإما بأن يهدى للإسلام ،
ولكنه يبتلى إما بفقر ينسي ، أو غنى يطغي ،
وكلاهما ضرر ونقص كبير .
وإما بأن يحصل لهالرزق الكافي
موسعا أو مقدرا ولكنه لا يقنع برزق الله ،
ولا يطمئن قلبه بما آتاه الله ،
فهذا فقير القلب والنفس .
فإنه ليسالغنى عن كثرة العرض ،
إنما الغنى غنى القلب ،
فكم من صاحب ثروة وقلبه فقير متحسر،
وكم من فقير ذات اليد ،
وقلبه غني راض،
قانع برزق الله .
فالحازم إذا ضاقت عليه الدنيا
لم يجمع على نفسه بين ضيقها وفقرها،
وبين فقر القلب وحسرته وحزنه ،
بل كما يسعى لتحصيل الرزق،
فليسع لراحة القلب ،
وسكونه وطمأنينته .
والله أعلم .
بهجة قلوب الأبرار للعلامة السعدي رحمهالله