بحث حول البيروقراطية
نظرية max webar في الإدارة
تعتبر نظرية البيروقراطية كما وصفها max webar (1864– 1920) هي البداية لنظرية التنظيم العلمية و قد هدف webar من نظريته إلى البيروقراطية إلى وصف الجهاز الإداري للتنظيمات و كيف يؤثر على الأداء و السلوك التنظيمي و تعتبر البيروقراطية كما استخدمه webar و من تبعه من علماء التنظيم لا يحمل أي معاني غير مرغوبة كما هو شائع في استخدام لعادي للكلمة .
و لكن webar يقصد بتعبير البيروقراطية أن يصف النموذج التالي للتنظيم الذي يقوم على أساس التقسيم الإداري و العمل المكتبي.
و اعتبر webar أن البيروقراطية تناسب كل أنواع أنشطة المجتمع الرأسمالية أو الاشتراكية فهي حسب رأيه:
ـ ترفض الرغبات الشخصية للزعيم و لا تبالي بالعادات و التقاليد
ـ تحدد عمل و سلطة كل شخص
ـ تفرض هيكلا تنظيميا يراقب كل شيء
ـ يتم العمل حسب القواعد المكتوبة التي تنظم كل شيء
ـ تعتمد على خبراء يعرفون عملهم جيدا
و في تقديما لنظرية البيروقراطية سنعتمد أساسا على كتابات webar ذاته أولا ثم نقدم بعض النظريات الحديثة التي تناولت بيروقراطية webar بالتعديل
ـ خصائص البيروقراطية :
1/- هناك مجالات للتخصص الوظيفي محددة رسميا و ثابتة و تنظم القواعد و اللوائح عملية تحديد تلك المجالات الوظيفية
2/ هناك توزع الأنشطة والأعمال العادية و الضرورة لتسيير دقة التنظيم البيروقراطي على أعضاء التنظيم و اعتبارها واجبات رسمية و بطريقة ثابتة و محددة
3/ توزع السلطة اللازمة لإعطاء الأوامر بتنفيذ الواجبات المحددة بشكل رسمي ثابت وفقا لقواعد واضحة و محددة
4/ هناك طرق و أساليب للعمل و تنفيذ المهام و الواجبات و بالتالي لا يعين في التنظيم البيروقراطية إلى من كان مؤهلا
5/ ينقسم التنظيم البيروقراطي إلى عدة مستويات متخذا شكلا هرميا و بالتالي نظام حاسم و دقيق
6/ تعتمد إدارة التنظيم البيروقراطي على المستندات و بالتالي يوجد جهاز من الموظفين و الكتبة مهمتهم الاحتفاظ بالوثائق
8/ تطبق الإدارة البيروقراطية قواعد و تعليمات للعمل تتصف بالشمولية و العمومية و الثبات النسبي
ـ مركز الموظف في التنظيم البيروقراطي
يتحدد مركز الموظف في التنظيم البيروقراطي استنادا إلى الخصائص السابق ذكرها على الوجه الأتي:
1/ إن شغل وظيفة في التنظيم البيروقراطي تعتبر «مهنة» و يتضح من ذلك أن حصول الفرد على وظيفة يتطلب توفر تدريب و خبرة تجبر الشخص على تخصيص وقته و جهده كله للعمل
2/ يتمتع الموظف في هذا النظام بالاحترام و أهمية مصدرهما قواعد ترتيب الوظائف و قواعد التي تحرم إهانة الموظف أو مخالفة أوامره أي أن الموظف يستمد قيمة اجتماعية تزيد عن ذلك التي يتمتع بها خارج النظام و يرى webar أن حصول الموظف على شهادة علمية و هي شرط من شروط التوظف يساعد في منحه هذه القيمة الاجتماعية
3/ يعين الموظف في التنظيم بواسطة سلطة عليا إذ يعتبر التعيين أساسا لاكتساب صفة الموظف البيروقراطي
4/ يحتفظ الموظف البيروقراطي بوظيفته مدى الحياة و يتقاضى راتبا محددا كما يحصل على معاش ثابت عند التقاعد
5/ يتدرج الموظف البيروقراطي في سلم الوظائف و يعتبر هذا التدرج أساس تطوره الوظيفي .
ـ دعائم البيروقراطية
1/ تطور الاقتصاد النقدي و إمكانية دفع أجورهم و مرتبات نقدية للموظفين
2/ توفر نظام ضريبي يسمح للجهاز البيروقراطي الحكومي بالحصول على دخل ثابت
ـ مزايا البيروقراطية
يرى max webar أن الفرق بين التنظيم البيروقراطي وبين غيره من الأنظمة هو كالفرق بين الإله الحديثة ووسائل الإنتاج اليدوية البدائية ويحدد مزاياه فيما يلي: الدقة ، المعرفة الكاملة بالمستندات ، السرعة ، الاستمرار ، الوضوح ، الوحدة ، الخضوع الكامل للرؤساء ، تخفيض التكلفة الإنسانية و الاقتصادية للعمل ، تخفيض الاحتكاك بين الأفراد
ـ عيوب التنظيم البيروقراطي
1_تضخم الأعباء الروتينية
2_عدم اعتناء العاملون لمصالح المنضمات و استقائهم للإجراءات
3_شعور العاملين بأنهم يعملون كالآلات و انتقال نفس الشعور لمن يتعامل معهم
4_تشابه في شكل السلوك و توحده بسبب الالتزام بالإجراءات ثم إلى تحجم السلوك مما يزيد الأداء صعوبة
5_القضاء على المبادرة و الابتكار و النمو الشخصي
ـ نماذج البيروقراطية
أ/- نموذج مرتون للبيروقراطية: تقوم نظرية مرتون على أساس الفروض الآتية:
1_إن الإدارة العليا للتنظيم تريد فرض نوع من الرقابة أي أن هناك طلبا للرقابة على الأفراد إثناء تأديتهم واجباتهم
2_إن الرغبة في الرقابة تتمثل في زيادة التركيز على ضرورة الاعتماد على سلوك الأفراد أي إن الإدارات تسعى إلى أن تزيد من درجة اعتمادها على سلوك الإفراد
3_إن هذه الرغبة من جانب الإدارة العليا للتأكد من درجة الاعتماد على سلوك الأفراد تتخذ شكل تحديد الاختصاصات و المسؤوليات بحيث يمكن التنبؤ بالسلوك و محاسبة الأفراد ومساءلتهم ويترتب على هذه الفروض الأتي:
ـ تقليل مدى العلاقات الشخصية بين أعضاء التنظيم إذا تصبح تلك العلاقات أساسا بين الوظائف و ليس بين الأفراد شاغلي تلك الوظائف
ـ تصبح القواعد و الإجراءات الرسمية أمرا طبيعيا بالنسبة للأفراد ويصير هضمها و اختزانها بواسطتهم أي تتم عملية اكتساب لتلك القواعد و الإجراءات لتصبح الأساس العادي لتصرف الفرد
ـ يصبح أساس اتخاذ القرارات هو عملية تقسيم الموضوعات إلى فئات أو طبقات لكل فئة أو طبقة حل معين تدرب عليه عضو التنظيم
ب/- نموذج سلزنيك : يقوم هذا النموذج على:
1/ هناك طلب مزايد من قبل الإدارة العليا الأحكام الرقابة على التنظيم
2/ نتيجة لهذا الطلب يتم تفويض السلطة بما يؤدي إلى زيادة تدريب الأفراد الذين فوضت إليهم السلطة على أعمال متخصصة . فالتفويض يجعلهم يركزون على عدد أقل من المشاكل و بالتالي يكتبون خبرة أعلى في مجالات عمل محدودة
3/ و على هذا الأساس فان تفويض السلطة يساعد على تخفيض الفروق بين أهداف التنظيم و بين الانجازات الفعلية الأمر الذي يشجع على مزيد من التفويض للسلطة ساعيا وراء المزيد من الكفاءة في العمل
4/ هذه التفرقات و الاختلافات بين أهداف الأجزاء التنظيمية المختلفة تؤدي إلى نشأة الصراع بين أهداف الأجزاء و بالتالي يصبح مستوى القرارات التي تتخذ داخل التنظيم معتمدا بصفة متزايدة على اعتبارات و الإستراتجية الخاصة بكل وحدة أو جزء على حدا و خاصة إذ لم تكن الأهداف العامة للتنظيم موضع اعتبار
ج/- نموذج جولدنر : يقوم هذا النموذج على:
1/ إن رغبة المستويات العليا في التنظيم البيروقراطي على أعمال و سلوك التنظيم و أعضائه في تطبيق قواعد و تعليمات عامة تحدد إجراءات العمل.
2/ يترتب على التطبيقات تلك القواعد العامة تخفيض الشعور بالعلاقات القوة في التنظيم و قلة وضوح الفرق في مراكز حيث الجميع يخض لذات القوة
3/ بناءا على التخفيض علاقات القوة فان أعضاء الجماعات يميلون إلى قبول و نفوذ المترفين بحكم مراكزهم و طبيعة أعمالهم و هذا يؤدي إلى تقليل حدة التوتر و الصراع في الجماعات
4/ حيث تتحقق تلك النتائج المتوقعة و المقصودة و تبدوا فاعليتها في تخفيض التوتر و الصراع في جماعات العمل. يريد الميل إلى تدعيم و تأييد تلك القواعد العامة
5/ و لكن من ناحية أخرى حيث تحدد تلك القواعد العامة السلوك غير المرغوب و أنها في ذات الوقت تحدد العضو التنظيم ما هو مطلوب منه كحد ادني
6/ و تتعقد المشكلة حين تدرك الإدارات العليا أن العمل يتم عند الأدنى له و يفسر هنا انه فشل من جانب أعضاء التنظيم مما يؤدي إلى زيادة الرقابة و التدقيق الإشراف و المزيد من القواعد العامة و بالتالي مزيد من انخفاض معدلات الأداء إلى حدودها الدنيا
ـ البيروقراطية الحديثة: يرى وبر أن التنظيمات البيروقراطية تنشا بطريقة من الأربع
1/- ينشا نتيجة لتجمع عدد من الأفراد حول رحيم أو قاعد رغبة منهم في المحا فضة على أفكاره ومعتقد
2/- ينشا من العدم بقرار من شخص أو مجموعة من الأشخاص لتأدية وضفة معينة يعتقدون انه مفيدة و مطلوبة
3/- ينشا نتيجة لانسلاخه عن تنضم قائم فعلا
4/- قد ينشا بإرادة بعض أفراد الدين يروجون لفكرة أو عقيدة معينه وتتفق هده الطرق الأربعة في الأتي
ـ النقد الرئيسي للنظرية
1/- إهمال الفرد و معاملته على أساس انه آلة و تجاهل الطبيعة النفسية و الإنسانية للإنسان الأمر الذي يؤدي إلى احتمال حدوث نتائج غير متوقعة تؤدي إلى انخفاض كفاءة التنظيم بدلا من ارتفاعها .
2/- إن بعض مبادئ التنظيم البيروقراطي يساعد على الإهمال و انخفاض الكفاءة مثل مبدأ الترقية بالأقدمية
3/- إن تركيز في تطبيق مبدأ الرقابة و الأشراف يؤدي إلى زيادة الاحتمال محاولة الانحراف على القواعد و التعليمات الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من الرقابة و الإشراف و بالتالي المزيد من النتائج الغير متوقعة و في النهاية يصل التنظيم إلى موقف غريب يتميز بانخفاض الكفاءة و تخصيص جانب كبير من الموارد و القيام بأعمال رقابية و ترك الأهداف أو الأعمال السياسية للتنظيم دون التنفيذ الحقيقي يتناسب مع تكلفة العمل الرقابي
4/ هناك تناقص واضح بين خصائص التنظيم المثالي كم حددها max webar مثال ذلك التناقض بين فكرة التدرج الهرمي للرئاسة في الإدارة استنادا على السلطة و بين فكرة الخبرة و التدريب كأساس لاختيار الموظفين
5/ نقدي أخر وجهة لنظرية البيروقراطية هو أن نجاح التنظيم و فعاليته لا يتوقفان فحسب على الذاتية أو الداخلية له ، بل أيضا على الظروف و البيئة المحيطة بالتنظيم أي أن البيروقراطية تعالج التنظيم على انه نظام مغلق و ليس نظاما مفتوحا يؤثر في بيئة و يتأثر بها .
ـ الجمود التنظيمي
ينشأ الجمود التنظيمي لبعد المسافة بين المستويات الدنيا من التنظيم و بين المستويات الأعلى . و بالتالي فكلما كبر حجم التنظيم كلما أدى ذلك إلى ابتعاد مراكز اتخاذ القرارات عن مركز تنفيذ الفعلي الأمر الذي يقلل من حرية المستويات الدنيا في حركة و يخفض من قدرتها على التصرف كذلك تتجه عملية اتخاذ القرارات و بطء و استنفاذ وقت أطول ينعكس هذا في شكل جمود في العمل و بطء في الإجراءات . يتضح اذا من هذا العرض للنظرية الحديثة للبيروقراطية مدى اختلافها عن نظرية max webar و تقاربها مع النماذج الحديثة التي قدمها مرتون و سلزينك و جولدنر و الصفة الأساسية التي تميز هذه الاتجاهات الحديثة لدراسة البيروقراطية هي إدخال العنصر البشري و البيئة المحيطة كالمحددات الأساسية للسلوك و لبيروقراطية