[align=right]السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هامش [1] و [ 2 ]:
و أنا أبحث و أفتش عن تخريج الاثرين الذين أوردهما الشيخ النويري، عثرت على هذه الفوائد عن حديثين في فضل القرآن الكريم فرأيت نقلها الى منتدانا المبارك:
* * الحديث الأول :
حدثنا الحسين بن علي الجعفي ، قال : سمعت حمزة الزيات ، عن أبي المختار الطائي ، عن ابن أخي الحارث الأعور ، عن الحارث قال : مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث فدخلت على علي فقلت : يا أمير المؤمنين ألا ترى أن الناس قد خاضوا في الأحاديث ، قال : وقد فعلوها ، قلت : نعم ، قال أما إني قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( ألا إنها ستكون فتنة )) ؛ فقلت : ما المخرج منها يا رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] قال : (( كتاب الله فيه نبأ ما كان قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا : إنا سمعنا قرآنا عجباً يهدي إلى الرشد من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم )) . خذها إليك يا أعور .
أخرجه الترمذي باب ما جاء في فضل القرآن الحديث رقم 2906 - (5/172/2906) ، والدارمي (2/526/3331-الكتاب العربي) ، والبزار (3/71-73/836) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/325-326/1935و1936) من طريق الحسين بن علي الجعفي، و قد جمعت طرقه في الموسوعة الحديثية كنز العمال للمتقى الهندي : (1/176 – 177).
* حكم أبو عيسى الترمذي : ( هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه وإسناده مجهول ، وفي الحارث مقال ) . اهـ .
* حكم البزار : ( وهذا الحديث لا نعلمه يروى إلا عن علي ولا نعلم رواه عن علي إلا الحارث ) . اهـ .
- وقد اختلف في هذا الحديث على حمزة الزيات ؛ فرواه شعيب بن صفوان عن حمزة الزيات عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي به .
أخرجه ابن عدي في "الكامل" (4/4) .
وشعيب بن صفوان ؛ قال الحافظ : "مقبول" . وقال ابن عدي : " عامة ما يرويه لا يتابع عليه " .
أخرجه الدارمي (2/527/3332) ، والبزار (3/70-71/835) .
وهكذا نرى أن العلماء حصروا العلة في الحارث الأعور .
و للحديث طريقاً آخر عند الخطيب في "تاريخ بغداد"(8/321) من طريق خلف بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن أبي الحسناء ، حدثنا أبو الصباح عبد الغفور ، عن أبي هاشم ، عمن سمع علياً [ رضي الله عنه ].
و قد أعل العلماء هذا الطريق ، و قالوا هذا أيضاً إسناد واهي ؛
فيه علل :
- قال الإمام أحمد: "" خلف بن عبد الحميد "لا أعرفه " .
- الرجل المبهم [عمن سمع علياً ] ؛ وهو [الحارث الأعور كما في جميع طرق الحديث].
* كما حكم بضعفه الشيخ الألباني في الضعيفة (2/528-529/1776) .وفي ضعيف الجامع : انظر حديث رقم : 2081.*
أما ابن كثير – رحمه الله – فقد تعرض الى هذا الحديث في مقدمة تفسيره أثناء كلامه عن فضائل القرآن ، و هو الحديث الثالث، قال رحمه الله [ تفسير ابن كثير 1 / 21 - 22 . تحقيق : سامي بن محمد بن عبد الرحمن بن سلامة - دار طيبة للنشر والتوزيع. الطبعة : الثانية 1420هـ - 1999 م ]:
(( قلت: لم ينفرد بروايته حمزة بن حبيب الزيات، بل قد رواه محمد بن إسحاق، عن محمد بن كعب القرظي، عن الحارث الأعور، فبرئ حمزة من عهدته، على أنه وإن كان ضعيف الحديث إلا أنه إمام في القراءة والحديث، مشهور من رواية الحارث الأعور وقد تكلموا فيه، بل قد كذبه بعضهم من جهة رأيه واعتقاده، أما إنه تعمد الكذب في الحديث فلا. والله أعلم.
وقصارى هذا الحديث أن يكون من كلام أمير المؤمنين علي، رضي الله عنه، وقد وَهِم بعضهم في رفعه، وهو كلام حسن صحيح على أنه قد روي له شاهد عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام العلم أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه فضائل القرآن: حدثنا أبو اليقظان، حدثنا عمار بن محمد الثوري أو غيره عن أبي إسحاق الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن هذا القرآن مأدبة الله تعالى فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله عز وجل، وهو النور المبين، والشفاء النافع، عِصْمَة لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه، لا يعوج فيقوم، لا يزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يَخْلَق عن كثرة الرد، فاتلوه، فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول لكم الم حرف، ولكن ألف عشر، ولام عشر، وميم عشر" [ورواه الحاكم في المستدرك (1/ 555) من طريق الهجري به] . و هذا غريب من هذا الوجه ،وقد رواه محمد بن فضيل عن أبي إسحاق الهجري، واسمه إبراهيم بن مسلم، وهو أحد التابعين، ولكن تكلموا فيه كثيرا.
وقال أبو حاتم الرازي: لين ليس بالقوي. وقال أبو الفتح الأزدي: رفَّاع كثير الوهم. قلت: فيحتمل، والله أعلم، أن يكون وهم في رفع هذا الحديث، وإنما هو من كلام ابن مسعود، ولكن له شاهد من وجه آخر، والله أعلم)) أ.هـ كلام ابن كثير.
* وقال القرطبي في الجامع(1/4-6): (( وأسند( يعني الدارمي) عن الحارث عن علي رضي الله عنه وخرجه الترمذي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( وذكر الحديث)
ثم قال: (الحارث رماه الشعبي بالكذب وليس بشيء ولم يبن من الحارث كذب وإنما نقم عليه إفراطه في حب علي وتفضيله له على غيره ومن ها هنا والله أعلم كذبه الشعبي لأن الشعبي يذهب إلى تفضيل أبي بكر وإلى أنه أول من أسلم قال أبو عمر بن عبد البر وأظن الشعبي عوقب لقوله في الحارث الهمداني حدثني الحارث وكان أحد الكذابين.)).
* * الحديث الثاني :
عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - : (( إنَّ هَذا القرآنَ مآدبةُ اللهِ ، فاقبلوا من مأدبتِهِ ما استَطعتُمْ ، إنَّ هذا القرآنَ هُو حبلُ اللهِ ، والنورُ المبينُ ، والشفاءُ النافعُ ، عصمةٌ لِمنْ تَمسَّكَ بِهِ ، ونجاةٌ لِمنْ تَبعَهُ ، لا يَزيغُ فَيُستعتبُ ، ولا يَعوجُّ فَيقومُ ، ولا تَنقضِي عَجائِبَهُ ، ولا يَخلقُ مِنْ كَثرةِ الرَّدِّ . اتلُوهُ فإنَّ اللهَ يَأجُرُكمْ عَلَى تِلاوتِهِ ، كُلُّ حَرفٍ عَشرَ حَسنات أمَّا إنِّي ، أقُولُ ، آلم حرفٌ ، ولَكنْ ألفٌ حرفٌ ، ولامٌ حرفٌ ، وميمٌ حرفٌ )).
الحديث روي مرفوعا وموقوفا .
أخرجه محمد بن نصر في (( قيام الليل )) ( 72 ) ، والحاكم ( 1 / 555 ) ، وابن حبان في (( المجروحين )) ( 1/ 100 ) من طرق عن إبراهيم بن مسلم الهجري عن أبي الأحوص عن ابن مسعود مرفوعا ، وقد رواه عن إبراهيم هكذا مرفوعا جماعة منهم ابن فضيل وأبو معاوية وابن الأجلح وصالح بن عمر .
ورواية الوقف تابعه عليها جماعة عن أبي الأحوص، وهم:
1- أبو الزعراء عبد الله بن هانئ: عند البزار في مسنده (5/رقم2055).
2- علي بن الأقمر: عنده أيضا في المسند (5/رقم2056).
3- عطاء بن السائب: عند الطبراني في الكبير (9/رقم8648 و8649).
4- عبد الملك بن ميسرة: عند ابن المبارك في الزهد (787).
5- عاصم بن بهدلة: عند الطبراني في الكبير (9/رقم8643 و8644)، واختصر متنه.
6- أبو إسحاق السبيعي: عند الطبراني أيضا (9/رقم8645)، واختصر متنه أيضا.
* وقد أورده العلامة الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (867) وقال في الحاشية تعليقا على كلام المنذري عند قوله :
" رواه الحاكم من رواية صالح بن عمر بن إبراهيم عن أبي الأحوص عنه . وقال : تفرد به صالح بن عمر عنه ، وهو صحيح " .
قال العلامة الألباني :
'' قلت : تعقبه الذهبي بقوله : " لكن إبراهيم بن مسلم الهجري ضعيف " .
قلت : وروي موقوفا ، وهو الصحيح ، لكن الجملة الأخيرة قد توبع عليها كما حققته في الصحيحة (3327) ، وهو في الصحيح في أول الباب .ا.هـ
* و هذا قول الالباني – رحمه الله - في السلسلة الصحيحة 2/159 - (3327):
'' ...قال ابن نصر في " قيام الليل " ( 70 ) حدثنا يحيى أخبرنا أبو معاوية عن الهجري عن أبي الأحوص به بلفظ أتم منه و نصه: " إن هذا القرآن مأدبة الله ...... الحديث " ،و هذا إسناد لا بأس به في المتابعات ، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير الهجري و اسمه إبراهيم بن مسلم و هو لين الحديث . و من طريقه أخرجه الحاكم ( 1 / 555 ) و قال : " صحيح الإسناد " . و رده الذهبي بقوله : " إبراهيم ضعيف " .
و له متابع آخر أخرجه الحاكم ( 1 / 566 ) عن عاصم بن أبي النجود عن أبي الأحوص به نحو حديث عطاء و قال : " صحيح الإسناد " و أقره الذهبي.
و أخرجه ابن المبارك في " الزهد " ( 808 ) موقوفا : أخبرنا شريك عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص به . و شريك سيء الحفظ .
وممن صححه موقوفا الشيخ عبد الله بن يوسف الجديع في " المقدمات الأساسية في علوم القرآن " ( ص 460 ) فقال : ولم يثبت مرفوعا .
* أما الشيخ ابى اسحاق الحوينى فقد صحح الحديث في جزئه الأخير مرفوعا ، قال : وأما آخر الحديث (( اتلوه ، فإن الله يأجركم … الخ )) فقد صح عن ابن مسعود مرفوعا وقد خرجته في (( الانشراح في آداب النكاح )) ( رقم 147 ) .
النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة ص 62 ، و لذلك فهو صحيح انشاء الله مرفوعا و موقوفا، أو لا يقل عن الحسن لغيره.
و الله أعلم[/align]