بارك الله فيكم وأحسن إليكم
هذا الوصف أصله حديثين لم يثبتا عن النبي صلى الله عليه وسلم:
فالأول ذكره القرطي في كتابه التذكرة بقوله " بلغني والله أعلم" ، فلم يبين سنده حتى نحكم بثبوت رفعه للرسول صلى الله عليه وسلم
أما الحديث الثاي " حديث عكرمة " فإليكم تعقيب الشيخ عبد الرحمن السحيم على هذا الحديث :
ما جاء عن عكرمة لا يَصِحّ ؛ لأنه يرويه عن بعض صُحُف شيث !
وهذا يحتاج إلى إثبات صِحّ’ تلك الصُّحُف أولاً .
وثانيا يحتاج إلى إثبات ما ورد في صِفة ملك الموت .
وقد جاء وصْف بعض الملائكة بأوصاف لا تبلغ مثل هذه الوصف .
قال عليه الصلاة والسلام : أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلائِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ . رواه أبو داود .
وفي وصف جبريل قال عليه الصلاة والسلام : رأيت جبريل على السدرة المنتهى وله ستمائة جناح .
قال حسين – أحد رواته – : سألت عاصما عن الأجنحة فأبى أن يخبرني . قال : فأخبرني بعض أصحابه أن الجناح ما بين المشرق والمغرب .
وقال عليه الصلاة والسلام : رأيت جبريل عند سدرة المنتهى عليه ستمائة جناح ينثر من ريشه التهاويل والدر والياقوت
وأما كون الأرض بما اشتملت عليه من الجبال والسهول والغياض والجن والإنس والدواب وما أحاط بها من البحار وما عَلاها من الأجواء في ثغرة نَحْره كالخردلة في فلاة من الأرض .
فهذا فيه مُبالَغة ؛ إذ أنّ الكرسي مِن أعظم المخلوقات ، وقد قال الله تبارك وتعالى عن كُرسيِّه : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ) .
رَوى عبد الله بن الإمام أحمد في كِتاب " السُّـنَّـة " وابن بَـطَـة عن ابن عباس في تفسير آية الكرسي قوله : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ) . قال : مَوْضِع القَدَمَـيْن ، ولا يُقْدَر قَدْر عَرْشِـه .
وهذا الأثَر صَحَّحه غير واحد مِن أهل العْلِم .
والعَرْش أفضل وأعْظَم مِن الكُرسيّ .
وروى ابن بطَّـة مِن حديث أبي ذر رضي الله عنه قال : دَخَلْتُ المسجد الحرام ، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده فَجَلَسْتُ إليه ، فقلت : يا رسول الله أيّ آيَة نَزَلَتْ عليك أفْضَل ؟ قال : آيَة الكُرْسي ؛ مَا السَّمَاوات السَّبْع في الكُرْسي إلاَّ كَحَلْقَة في أرْض فَلاة ، وفَضْل العَرْش على الكُرْسِيّ كَفَضْل تِلك الفَلاة على تِلك الْحَلْقَـة .
وصَحَّحه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة .
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : بَيْن السَّمَاء السابعة وبَيْن الكرسي خمسمائة عام ، ومن الكُرْسِي إلى الماء خمسمائة عام ، والعرش على الماء ، والله فَوق العَرْش وهو يَعْلَم مَا أنتم عليه .
والله تعالى أعلم .