السلام عليكم أخي الفاضل
ما كتبته يدعوا العقل للتدبر بعضا من الوقت
تتحدث عن الأحلام..؟؟ أجل إنها الأحلام...فلا منطلق في الحياة بدون أحلام.. علينا أن نحلم بالوصول إلى غايات وأهداف..كيف يستطيع المرء العيش و هم لا يملك حلما يداعب عقله ..يداعب عزيمته و إرادته..صدقت حين قلت : الناس تضع الأحلام دائما الصورة الأروع التي يجب أن تكون عليها حياتهم، من الناس من يحلم أحلاما كبيرة لكنه لا ينتبه أبدا للتفاصيل الصغيرة للحياة التي يدهسها وهو يحاول الإمساك بحلمه الكبير ...
اجل علينا أن نحدد تفاصيل حياتنا ليتسنى لنا الوصول إلى الهدف خطوة بخطوة..
تقول العرب..أي عرب تقصد؟؟...إن قلت العرب فكأنك تقص حكاياتك عن عرب الزمن القديم و الزمن الحديث..حبذا لو تحدد..و قل عرب هذا الزمان..لأنهم الأجدر بالانتقاد...أما إن عممت على كل العرب فقد ظلمت عربا لطالما كانوا مثالا لنقتدي بهم..و أولهم العربي نبي الله محمد صلوات رب و سلامه عليه و يتبعه من العرب الأنجم الدرر صحابته رضوان الله عليهم أجمعين...وصولا إلى آخر عربي بالزمن القريب كان مثالا حيا للعلياء..
تتحدث أيضا عن ما يبثه عرب هذا الزمان...بالنسبة لي لا أرى سوى رقص لفتيات الباليه..نصف ساقهن يظهر..لا بل كله..لا أرى سوى مغنية متبرجة..تغني و تغري..و عند استجواب الصحافة لها تقول..و الله الحمد لله الألبوم كان كتير حلو و حقق مبيعات كتير حلوة..و هذا كلو مشان جمهوري الحلو اللي يحضر حفلاتي و يتابعني عطول...تحمد الله على معصية..و تقول جمهورها الحلو..بل جمهورها المر الذي ذاق مرارة المعصية و كانت في لسانه حلوة جدا..طبعا من مكائد الشيطان..و هذا هي ثقافة عرب هذا الزمان.
رسومات هوليوود..تلك الرسومات العابثة التي صارت صديقة أطفالنا..من الصغر إلى الكبر..فمن منا لا يشاهد توم و جيري...إلا من رحم ربك..و لم يعلموا في يوم من الأيام أن تلك الرسومات تعبث بعقيدتنا كمسلمين...فبدل أن نسال أطفالنا أين الله..من رسول الله...نسألهم ماذا فعل توم و جيري...فيجيبك ذاك الطفل الصغير..رأيت توم قد مات..و جيري يبكي عليه...بعد قليل عاد توم إلى الحياة ليتجدد الصراع بينهما...و هذه تربية غير مباشرة على عقيدة الكفار..تجانس الأرواح...نسأل الله العافية..
تقول يا صاحبي.. في بلدي النوم كالمخدرات ..ادمان، هروب من هذا الهواء الثقيل من تفاصيل الحياة المتعِبة جد..أجل النوم صار إدمانا كالمخذرات كمن يتعاطاها دون إحساس..لكن ليس في بلدنا فقط..بل في كل البلدان العربية..و الإسلامية خاصة..و تعجبني كثيرا حين تحلم بـِ :ورد أكثر، قلوب اكبر، عيون أوسع، ألمٌ أقل، باعة مهذبون وطرق آمنة، أناس يتكلمون العربية ومثقفون يكتبون عن الأرض لا عن الفضاء ولا عن عقدهم الجنسية أو السياسية، أبواب خشبية بلا أخرى حديدية تحميها وساسة لا يشبهون الخنازير، مخنثين أقل، عاصمة لا تنام في الليل، فقراء اقل، مكتبات أكثر ، رداءة أقل ..... خُلــوة ...
هذا حلم الكثيرين ..لكن كيف ستتغير هذه الأشياء إن كنا لا نعي لغة الورود..لا نعي معنى القلب السليم..ليست لدينا عيون أوسع بل ضيقة المجال..و لا تتمتع إلا بالنظر لما حرم الله..لا نشعر إلا بمرض الأبدان..و لا نحس بألم النفس و هي تتخبط بين قبضات الشيطان ووحيه..كيف سيتغير هؤلاء الباعة الذين لا يفقهون شيئا في التجارة و لا في المعاملة..بعد أن كان عمر بن الخطاب رضي الله يقف عند باب السوق..لا يترك أيا كان يلج.. إلا من كان متفقها في البيوع.. طرق آمنة..ستبقى غير آمنة طالما لا ينفذ حكم قاطع الطريق و حكم السارق..ذلك حكم الله..و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون..تحلم أن يكون هناك أناس مثقفون و يتكلمون العربية..حقا نحن لا نجيد إلا العبث بالكلمات..كلمة فرنسية تتبعها عربية..مزيج غير متناسق..و لا نجيد طرح المشاكل التي تؤرق الأمة و عرب هذا الزمان...نجيد الكتابة فقط عن الحب و الإهداءات..و بعض الافكار الفارغة التي لا تسمن و لا تغني من جوع..ستبقى بيوتنا موصدة بأبواب الحديد..بعد أن كانت موصدة بخرقة قماش كبيرة..لا بل بعد أن كانت جدرانها من قماش..كالخيم.. . مخنثين أقل، عاصمة لا تنام في الليل، فقراء اقل، مكتبات أكثر ، رداءة أقل ..تبقى أحلاما قيد المجهول.. ؟؟..و تتحدث عن الصبح..؟؟ ذاك الصبح الذي هو بداية نفس جديد لكل مخلوق...ذاك الصبح الذي يبارك الله فيه لمن أراد طلب الرزق..بل ذاك الصبح الذي فيه ركعتان قال عنهم حبيب الله و رسوله صلى الله عليه و سلم ركعتا الفجر خير من الدنيا و ما فيها..فنحن تركنا الدنيا و ما فيها حين نضع المنبه قبل نومنا ليدق تلك الرنان المتتالية المزعجة صباحا..لكن على أي ساعة..ساعة الدوام..و تركنا ساعة صلاة الفجر...خوفا من مدير العمل تسليط عقوبة التأخر..و نسينا عقوبة الله تعالى عن ترك الصلاة في وقتها و نسينا و تناسينا قوله تعالى ..إن الصلاة كانت المؤمنين كتابا موقوتا...
و تتحدث عن الليل..أجل الكل يحب الليل.. نلعب فيه الدومينو ..و نحضر سهرات راقصات ماجنات والبعض الآخر يحلو له الجلوس قرب قنينة خمر من النوع الرفيع..و.. و..و بهذا كله يحلو الليل..لكن لا يحلو الليل..إذا أردنا أن نقومه صلاة و ذكرا..بل سنتثاقل و ننام نوما عميقا..
وتقول أن الزمن يجري للخلف...لا ..فالزمن يهرول للأمام..و كل يوم بل كل دقيقة ..بل كل ثانية تمضي إلا و نقصت من أعمارنا..فكلما زاد العمر نقص..هذه هي معادلته...
و نتحدث عن العمر و السنين و ما مضى منها...و نحن نكبر و نكبر..و لا نستغل صغرنا..و من فينا سمع قوله صلى الله عليه و سلم حين قال لذلك الرجل..اغتنم خمسا قبل خمس..و ذكر من بينها..شبابك قبل هرمك..أي صغرك قبل كبرك..أي عمرك قبل فنائه..
و صدقت حين قلت..أصحو لاهثا لاهثا..أجل..فلقد صارت الدنيا أكبر همنا..و نحن لاهثون ..نحس بالتعب و الوهن دوما..و بضيق النفس و الوقت..لأننا لا نحسن استغلال الدقائق و الساعات بل حتى الأيام خاصة فيما يريح القلب و يطمئنه..ألا بذكر الله تطمئن القلوب..؟؟..
وتتحدث عن الجرائد..تلك المجلات العابثة...التي تعبث بعقول الناس ليلا و نهار ؟؟ و من الناس من صار عاشقا للجرائد...يتلوها آناء الليل وأطراف النهار..كأنه سيجني من ذلك أجرا و مكسبا..و ترك كتاب الله الذي كل حروفه بعشرات الحسنات..و الذي يحمل بين طياته ما أحل الله و ما حرم..و الذي يحمل الصدق الذي هو أصدق من الصدق..ليست كتلك الصفحات من جرائد ماجنة..كاذبة..تزرع الحقد و الكراهية...إما الكراهية لسيد البلاد و قائدها..او الكراهية و الغل بين الشعوب العربية المسلمة...فتنة فما بعدها فتنة..و أعتقد أن تلك الجرائد لم تحمل خبرا سارا يوما..
و تعجبني كذلك يا صاحبي حين تتكلم عن صفحة الثقافة..يراودني الفضول أحيانا أن أقرا كلمات من تلك الصفحة التي ما أسميتها يوما بالثقافية..و إنما أسميتها بصفحة الدعوة الى المنكر و النهي عن المعروف..لأنها تقص قصصا غريبة..سينما ..مسرح..غناء..حفلات راقصة؟؟..أهذه هي الثقافة..كنت أعتقد أن الثقافة هي حفظ تاريخ الأندلس..و تاريخ قرطبة..و معرفة من هو محمد ابن أبي عامر مثلا...لكننا وجدنا العكس تماما..لا ثقافة و لا هم يحزنون..
السلطة..هي هدف كل واحد فينا..كلنا نريد أن نكون سلاطين..لكن لم نفكر يوما كيف يكون المرء منا سلطانا على نفسه أولا ثم على قلبه..كيف يمسك المرء منا زمام أموره..كيف يكبح شهوته و يروض نفسه على طاعة الله..بل نريد ترويض الآخرين على طاعتنا و الإتيان بما يرضي نفوسنا العابثة..
المثقفون..فئة قليلة تدرك معظم الحقائق..و فئة كبيرة أُصطلح عليهم بالمثقفين و في حقيقة الأمر هم المدمرون ..مدمرون لمكارم الأخلاق..مدمرون لعقول الناس..خاصة عقول الشباب منهم..عندما يتباهى أحد المثقفين..بأنه الأول الذي أدخل الكلمات البذيئة في رواياته كما قلتَ يا صاحبي..
أما قصة الشاب المثقف و المكهرب بثقافته الجميلة مع الشيخ الحكيم..دليل قاطع على أن الإنسان لا يقاس بثقافته..بل بما تعلمه من الحياة..و الشيخ يملك خبرة واسعة تركته يدرك معنى الحياة و كيف يحافظ عليها..و هذا من مدرسة الحياة لا من مدراس الكراس و الكتاب و المئزر..
اللغة...بعضنا تخلى حتى عن لغته العامية و استبدلها بلغة أجنبية..لست ادري إن كانت تفاخرا أو محاولة تشبه بقوم...و إذا تكلمنا عن اللغة العربية..فمن منا يحسن إعراب المبتدأ و الخبر.. إلا من رحم ربك..و من تكلم بالعربية الفصحى خاطبوه و قالوا..أنت لست في العصر العباسي...أنت في القرن الواحد و العشرين..غريب أمر هؤلاء حقا..أما علموا أن العربية هي اللغة التي خاطبنا بها رب العزة..أما علموا أن العربية هي لغة أهل الجنة..غريب أمرهم حقا..
الثورة..كلمة عميقة المعنى.. أوافقك الرأي حن تقول أننا بحاجة إلى ثورة تشبه الثورة الصينية...لكن هذه الثورة تكون في نفوسنا..قبل أي شيء..إن أنت غيرت نفسك و طباعك و خططت لمستقبلك و جزأت وقتك ..للعبادة..للعمل..للبيت..للأولاد..للرياضة..للمطالع ة..للكثير من الأمور...و أصلحت قلبك..و أصلحت أهلك..فإنك قد قدمت أعظم خدمة للامة و قد قمت بأعظم ثورة في حياتك..لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..و إذا بحثنا عن السعادة فاعلم أننا لن نجدها إلا في معرفة الله حق معرفة و محبته بكل جوارحنا ..ذلك هو درب الأمان..
و علينا بالتفاؤل..فمن تفائل خيرا وجده و اعلم أن الخير لا يزال في هذه الأمة التي إذا نهضت بقيمها و إسلامها لمسحت كل غبن و لجددت عصور العرب قديما.و إنما علينا أن نعي قول رسول الله صلى الله عليه و سلم..ألا في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله و إذا فسد فسد الجسد كله ألا و هي القلب ..و أن نعي كذلك قول الشاعر حين قال
لا يَبْلُـغُ الْغَايَـاتِ غَـاوٍ إِنَّمَـا
قَلْبٌ سَلِيْـمٌ مُخْلَـصٌ شَفَّـافُ