السلام عليكم
أول شيء أريد أن أعلمك أياه أن آية ومن لم يحكم بما أنزل الله فؤلائك هم الكافرون ليست هي الدليل الوحيد على كفر من عطل شرع الله
فقد أتيتك بأكثر من آية ولكنك لازلت تعرض وتقول هذا كلام مجمل
قل لي من أنت حتى تقول هذا مجمل و هذا مفصل وهذا خاص
2*
هذا كلام بعض أهل العلم في الحكم بغير ما أنزل الله ولا تعاند ولا تكابر
ذكر أقوال طائفة من أهل العلم قديماً وحديثاً في تكفير من ترك حكم الله ورسوله وعدل إلى ما سواه من القوانين الوضعية([1]) 1-شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
يقول ابن تيمية -رحمه الله-: «ولا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله فهو كافر؛ فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلاً من غير اتِّباع لما أنزل الله فهو كافر، فإنه ما من أمة إلا وهي تأمر بالحكم بالعدل، وقد يكون العدل في دينها ما رآه أكابرهم، بل كثير من المنتسبين إلى الإسلام يحكمون بعاداتهم التي لم ينزلها الله كسوالف البادية، وكأوامر المطاعين فيهم، ويرون أن هذا هو الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنة، وهذا هو الكفر؛ فإن كثيراً من الناس أسلموا، ولكن مع هذا لا يحكمون إلا بالعادات الجارية بينهم التي يأمر بها المطاعون، فهؤلاء إذا عرفوا أنه لا يجوز الحكم إلا بما أنزل الله فلم يلتزموا ذلك بل استحلوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل الله فهم كفار، وإلا كانوا جهالا.. والحكم به (بما أنزل الله) واجب على النبي r، وكلِّ من تبعه، ومن لم يلتزم حكم الله ورسوله فهو كافر»([2]).
2-الحافظ ابن كثير رحمه الله:
([1]) القانون الوضعي: هو القانون الذي يضعه الناس [فرداً كانوا أو جماعة] بأهوائهم وآرائهم ورغباتهم وتصوراتهم من عند أنفسهم، حتى وإن كانت فيه بعض الأحكام مأخوذة من الشريعة الإسلامية.
([2]) منهاج السنة النبوية: 3/22، قوله: وإلا كانوا جهالا، يريد أن من لم يلتزم حكم الله ورسوله واستحل الحكم بخلافه فهو إما أن يكون كافرا وإما أن يكون جاهلا بوجوب الحكم بما أنزل الله.
يقول ابن كثير في تفسير قوله -تعالى-: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}
[المائدة:50]: «ينكر-تعالى- على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر، وعَدَلَ إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات مما يضعونها بأهوائهم وآرائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكيز خان، الذي وضع له الياسق: وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى؛ من اليهودية، والنصرانية، والملة الإسلامية وغيرها، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعاً متبعاً يقدمونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله r، فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يحكم سواه في قليل أو كثير»([1]).
1-الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله:
قال الشيخ في معرض شرحه لقوله -تعالى-: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً} …_Ÿ~Š[النساء: 60] قال: «من دعا إلى تحكيم غير الله ورسوله فقد ترك ما جاء به الرسول
ورغب عنه، وجعل لله شريكاً في الطاعة، وخالف ما جاء به رسول الله ، فيما أمره الله -تعالى- به في قوله: { {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ }[المائدة: 49].
([1]) تفسير ابن كثير: 2/67.
الياسق: -كما عرفه ابن كثير- (هو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها واضعها [جنكيز خان] من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه) والياسق بهذا التعريف هو قانون وضعي.
قال: «...فمن خالف ما أمر الله به ورسوله r بأن حكم بين الناس بغير ما أنزل الله، أو طلب ذلك اتباعاً لما يهواه ويريده فقد خلع ربقة الإسلام والإيمان من عنقه وإن زعم أنه مؤمن، فإن الله تعالى أنكر على من أراد ذلك، وأكذبهم في زعمهم الإيمان لما في ضمن قوله {يزعمون} من نفي إيمانهم، فإنّ {يزعمون} إنما يقال غالباً لمن ادّعى دعوى هو فيها كاذب لمخالفته لِمُوجبها وعمله بما يُنافيها، يحقّق هذا قوله تعالى {وقد أمروا أن يكفروا به} لأن الكفر بالطاغوت ركن التوحيد، كما في آية البقرة، فإذا لم يحصل هذا الركن لم يكن موحداً، والتوحيد هو أساس الإيمان الذي تصلح به جميع الأعمال وتفسُد بعدَمِه، كما أنّ ذلك بيِّنٌ في قوله تعالى {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى} [البقرة: 256] وذلك أن التَّحاكم إلى الطاغوت إيمانٌ به».[1]
[1] فتح المجيد شرح كتاب التوحيد381 طبعة أولى بدار الحديث.
1-الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ مفتي الديار السعودية رحمه الله:
إنّ من الكفر الأكبر المستبين، تنزيل القانون اللعين، منزلة ما نزل به الروح الأمين، على قلب محمد صلى الله عليه وسلم، ليكون من المنذرين، بلسان عربي مبين، في الحكم به بين العالمين، والرّدِّ إليه عند تنازع المتنازعين، مناقضة ومعاندة لقول الله عزّ وجلّ: {فإنْ تنازعتُم في شيءٍ فرُدّوه إلى اللهِ والرسولِ إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسنُ تأويلاً}.
وقد نفى الله سبحانه وتعالى الإيمان عمن لم يُحَكِّموا النبي صلى الله عليه وسلم، فيما شجر بينهم، نفيا مؤكدا بتكرار أداة النفي وبالقسم، قال تعالى: {فلا وربِّك لا يؤمنون حتى يُحكِّموك فيما شَجَر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا ممّا قضيتَ ويُسَلِّموا تسليمًا}.
ولم يكتف تعالى وتقدس منهم بمجرد التحكيم للرسول صلى الله عليه وسلم، حتى يضيفوا إلى ذلك عدم وجود شيء من الحرج في نفوسهم، بقوله جل شأنه: {ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا ممّا قضيت}. والحرج: الضيق. بل لا بدّ من اتساع صدورهم لذلك وسلامتها من القلق والاضطراب.
ثم قال:
وقال تعالى مُخيرا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، بين الحُكم بين اليهود والإعراض عنهم إنْ جاءُوه لذلك: {فَإنْ جاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُم أوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وإنْ تَعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وإنْ حَكَمْتَ فاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالقِسْطِ إنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطينَ}. والقسط هو: العدل، ولا عدل حقا إلاّ حُكم الله ورسوله، والحكم بخلافه هو الجور، والظلم، والضلال، والكفر، والفسوق، ولهذا قال تعالى بعد ذلك: {ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الكافِرون} {ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظالِمُون} {ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقون}.
فانظر كيف سجّل تعالى على الحاكمين بغير ما أنزل اللهُ الكفرَ والظلمَ والفسوقَ، ومِن الممتنع أنْ يُسمِّي اللهُ سبحانه الحاكمَ بغير ما أنزل اللهُ كافرًا ولا يكون كافرًا، بل كافرٌ مطلقًا، إمّا كفر عمل وإما كفر اعتقاد، وما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية من رواية طاووس وغيره يدلُّ أنّ الحاكم بغير ما أنزل اللهُ كافرٌ إمّا كفرُ اعتقادٍ ناقلٌ عن الملّة، وإمّا كفرُ عملٍ لا ينقلُ عن الملّة.
ويبين الشيخ أنواع كفر الاعتقاد، فيقول:
أحدها:
أن يجحد الحاكمُ بغير ما أنزل الله أحقيّة حُكمِ الله ورسوله وهو معنى ما رُوي عن ابن عباس، واختاره ابن جرير أنّ ذلك هو جحودُ ما أنزل اللهُ من الحُكم الشرعي، وهذا ما لا نزاع فيه بين أهل العلم، فإنّ الأصول المتقررة المتّفق عليها بينهم أنّ مَنْ جَحَدَ أصلاً من أصول الدين أو فرعًا مُجمعًا عليه، أو أنكر حرفًا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، قطعيًّا، فإنّه كافرًا الكفرَ الناقل عن الملّة.
الثاني:
أنْ لا يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله كونَ حُكم اللهِ ورسولِهِ حقًّا. لكن اعتقد أنّ حُكم غير الرسول صلى الله عليه وسلم أحسنُ من حُكمه، وأتمّ وأشمل... لما يحتاجه الناسُ من الحُكم بينهم عند التنازع، إمّا مُطلقا أو بالنسبة إلى ما استجدّ من الحوادث، التي نشأت عن تطوّر الزمان وتغير الأحوال، وهذا أيضًا لا ريب أنه كافرٌ، لتفضيله أحكامَ المخلوقين التي هي محضُ زبالةِ الأذهان، وصرْفُ حُثالة الأفكار، على حُكم الحكيم الحميد.
وحُكمُ اللهِ ورسولِه لا يختلف في ذاته باختلاف الأزمان، وتطور الأحوال، وتجدّد الحوادث، فإنّه ما من قضية كائنة ما كانت إلاّ وحُكمها في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، نصًّا أو ظاهرًا أو استنباطًا أو غير ذلك، عَلِمَ ذلك مَن علمه، وجَهِلَه مَن جهله.
وليس معنى ما ذكره العلماء من تغيّر الفتوى بتغير الأحوال ما ظنّه مَن قلَّ نصيبُه أو عدم من معرفة مدارك الأحكام وعِلَلها، حيث ظنّوا أنّ معنى ذلك بحسب ما يُلائم إرادتهم الشهوانية البهيمية، وأغراضهم الدنيوية وتصوّراتهم الخاطئة الوبية.
ولهذا تجدُهم يحامون عليها، ويجعلون النصوص تابعة لها منقادة إليها، مهما أمكنهم فيحرفون لذلك الكَلِم عن مواضعه.
وحينئذٍ معنى تغيُّر الفتوى بتغير الأحوال والأزمان مراد العلماء منه: ما كان مُستصحبه فيه الأصول الشرعية، والعلل المرعية، والمصالح التي جِنْسُها مرادٌ لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. ومن المعلوم أنّ أرباب القوانين الوضعية عن ذلك بمعزل، وأنهم لا يقولون إلاّ على ما يلائم مراداتهم، كائنة ما كانت، والواقع أصدقُ شاهدٍ.
الثالث:
أنْ لا يعتقد كونَه أحسن من حُكم الله ورسوله، لكن اعتقد أنه مثله، فهذا كالنوعين الذين قبله، في كونه كافرًا الكفرَ الناقل عن الملّة، لما يقتضيه ذلك من تسوية المخلوق بالخالق والمناقضة والمعاندة لقوله عزّ وجلّ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء}. ونحوها من الآيات الكريمة، الدالّة على تفرُّدِ الربّ بالكمال، وتنزيهه عن ممثالة المخلوقين، في الذات والصفات والأفعال والحُكم بين الناس فيما يتنازعون فيه.
الرابع:
أنْ لا يعتقد كون حُكم الحاكم بغير ما أنزل الله مماثلاً لحكم الله ورسوله، فضلاً عن أنْ يعتقدَ كونه أحسن منه، لكن اعتقد جواز الحُكم بما يخالف حُكم الله ورسوله، فهذا كالذي قبله يصدُقُ عليه ما يصدق عليه، لاعتقاده جوازَ ما علم بالنصوص الصحيحة الصريحة القاطعة تحريمه.
الخامس:
وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع، ومكابرة لأحكامه، ومشاقّة لله ورسوله، ومضاهاة بالمحاكم الشرعية، إعدادا وإمدادا وإرصادا وتأصيلا، وتفريعا وتشكيلا وتنويعا وحكما وإلزاما، ومراجع ومستندات.
فكما أنّ للمحاكم الشرعية مراجعَ مستمدّات، مرجعها كلُّها إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فلهذه المحاكم مراجعٌ، هي: القانون المُلفّق من شرائعَ شتى، وقوانين كثيرة، كالقانون الفرنسي، والقانون الأمريكي، والقانون البريطاني، وغيرها من القوانين، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلى الشريعة وغير ذلك.
فهذه المحاكم في كثير من أمصار الإسلام مهيّأة مكملة، مفتوحةُ الأبواب، والناس إليها أسرابٌ إثْر أسراب، يحكُمُ حُكّامُها بينهم بما يخالف حُكم السُنّة والكتاب، من أحكام ذلك القانون، وتُلزمهم به، وتُقِرُّهم عليه، وتُحتِّمُه عليهم.. فأيُّ كُفر فوق هذا الكفر، وأيُّ مناقضة للشهادة بأنّ محمدًا رسولُ اللهِ بعد هذه المناقضة.
وذِكْرُ أدلّة جميع ما قدّمنا على وجه البسْطِ معلومةٌ معروفة، لا يحتمل ذكرها هذا الموضوع.
فيا معشر العُقلاء! ويا جماعات الأذكياء وأولي النُها!
كيف ترضون أنْ تجري عليكم أحكامُ أمثالكم، وأفكارُ أشباهكم، أو مَن هم دونكم، مِمّن يجوز عليهم الخطأ، بل خطأهم أكثرُ من صوابهم بكثير، بل لا صواب في حُكمهم إلاّ ما هو مُستمدٌّ من حُكم اللهِ ورسولهِ، نصًّا أو استنباطًا؟!!
تَدَعونهم يحكمون في أنفسكم ودمائكم وأبشاركم، وأعراضكم وفي أهاليكم من أزواجكم وذراريكم، وفي أموالكم وسائر حقوقكم!! ويتركون ويرفضون أن يحكموا فيكم بحُكم الله ورسوله، الذي لا يتطرّق إليه الخطأ، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد!!
وخُضوع الناس ورضوخهم لحكم ربِّهم خضوعٌ ورضوخٌ لِحُكم مَنْ خلقهم تعالى ليعبدوه.. فكما لا يسجدُ الخلقُ إلاّ للهِ، ولا يعبدونَ إلاّ إياه ولا يعبدون المخلوق، فكذلك يجب أن لا يرضخوا ولا يخضعوا أو ينقادوا إلاّ لحُكم الحكيم العليم الحميد، الرءوف الرحيم، دون حُكم المخلوق، الظلوم الجهول، الذي أهلكته الشكوكُ والشهواتُ والشبهات، واستولت على قلوبهم الغفلة والقسوة والظلمات.
فيجب على العُقلاء أن يربأوا بنفوسهم عنه، لما فيه من الاستعباد لهم، والتحكم فيهم بالأهواء والأغراض، والأغلاط والأخطاء، فضلاً عن كونه كفرًا بنصِّ قوله تعالى: {ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فأُولئكَ هُمُ الكافِرونَ}.
السادس:
ما يحكُم به كثيرٌ من رؤساء العشائر، والقبائل من البوادي ونحوهم، من حكايات آبائهم وأجدادهم، وعاداتهم التي يسمُّونها "سلومهم"، يتوارثون ذلك منهم، ويحكمون به ويحُضُّون على التحاكم إليه عند النزاع، بقاءاً على أحكام الجاهلية، وإعراضًا ورغبةً عن حُكم الله ورسوله، فلا حول ولا قوة إلاّ بالله.
nالشيخ الإمام محمد أمين الشنقيطي رحمه الله تعالى
قال: «...وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يظهر غاية الظهور أن الذين يتّبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على لسان أوليائه مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على ألسنة رسله [عليهم الصلاة والسلام] أنه لا يشك في كفرهم وشركهم إلاّ من طمس الله بصيرته وأعماه عن نور الوحي... فتحكيم هذا النظام في أنفس المجتمع وأموالهم وأعراضهم وأنسابهم وعقولهم وأديانهم، كفر بخالق السموات والأرض وتمرّد على نظام السماء الذي وضعه من خلق الخلائق كلها وهو أعلم بمصالحها سبحانه وتعالى عن أن يكون معه مشرعٌ آخر علواً كبيرا...».[1]
[1] أضواء البيان جـ4 صـ 83-84.
nالشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله تعالى
قال وهو يعرّف معنى الطاغوت أن: «الذي يُستخلص من كلام السلف y أن الطاغوت [هو] كل ما صرف العبد وصدّه عن عبادة الله تعالى وإخلاص الدين والطاعة لله ولرسوله r... ويدخل في ذلك بلا شك: الحكم بالقوانين الأجنبية عن الإسلام وشرائعه وغيرها من كل ما وضعه الإنسان ليحكم به في الدماء والفروج والأموال، وليبطل بها شرائع الله تعالى، من إقامة الحدود وتحريم الربا والزنا والخمر ونحو ذلك مما أخذت هذه القوانين تحللها وتحميها بنفوذها ومنفذّيها، والقوانين نفسها طواغيت، وواضعوها ومروجوها طواغيت...»[1] وقال أيضاً وهو يعلق على قول ابن كثير رحمه الله تعالى في التتار: «ومثل هذا وشرٌّ منه مَنِ اتّخذ من كلام الفرنجة قوانين يتحاكم إليها في الدماء والفروج والأموال، ويقدّمها على ما عَلِم وتبين له من كتاب الله وسنة رسوله r فهو بلا شك كافر مرتد إذا أصر عليها ولم يرجع إلى الحكم بما أنزل الله ولا ينفعه أي اسم تسمّى به، ولا أيّ عمل من ظواهر أعمال الصلاة والصيام ونحوها».[2]
[1] فتح المجيد هامش صـ 269-270.
[2] المصدر السابق هامش صـ 384، طبعة أولى بدار الحديث القاهرة.
1-الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله:
قال الشيخ: «إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضـوح الشـمس، هي كفر بواح، لا خفاء فيه ولا مداورة، ولا عذر لأحد ممن ينتسب للإسلام -كائناً من كان- في العمل بها، أو الخضوع لها، أو إقرارها، فليحذر امرؤ لنفسه و«كل امرئ حسيب نفسه» ألا فليصدع العلماء بالحق غير هيابين، وليبلغوا ما أُمروا بتبليغه غير موانين ولا مقصرين»([1]).
([1]) عمدة التفسير: 4/174.
فتوى الشيخ محمد بن عثيمين، قال: «من لم يحكم بما أنزل الله استخفافاً به أو احتقاراً له أو اعتقاداً أن غيره أصلح منه وأنفع للخلق فهو كافرٌ كفراً مخرجاً من الملة، ومن هؤلاء من يصنعون للناس تشريعات تخالف التشريعات الإسلامية، لتكون منهاجاً يسير عليه الناس، فإنهم لم يصنعوا تلك التشريعات المخالفة للشريعة إلاّ وهم يعتقدون أنها أصلح وأنفع للخلق، إذ من المعلوم بالضرورة العقلية والجبلة الفطرية أن الإنسان لا يعدل عن منهاج إلى منهاج يخالفه إلاّ وهو يعتقد فضل ما عدل إليه ونقص ما عدل عنه».[1]
[1] مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين 2/143، عن كتاب وقفات مع الشيخ الألباني حول شريط (من منهج الخوارج) للشيخ أبي إسراء الأسيوطي صـ 13.
1-الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله:
قال الشيخ: «الوجه الرابع من الوجوه الدالة على بطلان الدعوة إلى القومية العربية، أن يقال:
وكل دولة لا تحكم بشر ع الله، ولا تَنْصَاعُ لحكم الله فهي دولة جاهلية، كافرة، ظالمة، فاسقة بنص هذه الآيات المحكمات. يجب على أهل الإسلام بغضها، ومعاداتها في الله، وتحرم عليهم مودتها، وموالاتها، حتى تؤمن بالله وحده، وتُحكّم شريعته»([1]).
وقال الشيخ -رحمه الله- بعد كلام له طويل في وجوب تعظيم كتاب الله -تعالى- وسنة رسوله الأمين r: «وإن من أقبح السيئات وأعظم المنكرات التحاكم إلى غير شريعة الله من القوانين الوضعية والنظم البشرية وعادات الأسلاف والأجداد، وأحكام الكهنة، والسحرة، والمنجمين التي قد وقع فيها الكثير من الناس اليوم، وارتضاها بدلاً من شريعة الله التي بعث بها رسوله محمداً، ولا ريب أن ذلك من أعظم النفاق، ومن أكبر شعائر الكفر والظلم والفسوق، وأحكام الجاهلية التي أبطلها القرآن الكريم، وحذر عنها الرسول r». ثم ذكر بعض الأدلة على ذلك، إلى أن قال: «وهذا تحذير شديد من الله -سبحانه- لجميع العباد من الإعراض عن كتابه، وسنة رسوله، والتحاكم إلى غيرهما، وحكمٌ صريح من الرب -عز وجل- على من حكم بغير شريعته بأنه كافر، وظالم، وفاسق، ومتخلِّق بأخلاق المنافقين، وأهل الجاهلية». ثم دعا الشيخ في آخر مقاله المسلمين إلى تحكيم الشريعة في كل شيء، والحذر من مخالفتها، كما دعاهم إلى بغض ومعاداة من أعرض عـن الشريعة، وسهل في التحاكم إلى غيرها، ودعاهم -أيضاً- إلى موالاة الحاكمين بالشريعة الراضين بها([2]).
2-الشيخ عبد الله ابن قعود رحمه الله:
«إن رفع أحكام شرعية من أحكام الإسلام معروف حكمها من دين الإسلام بالضرورة، وإحلال قوانين وضعية من صنيع البشر، مخالفة لها بدلاً منها، والحكم بها بين الناس، وحملهم على التحاكم إليها إن ذلك شرك بالله في حكمه»([3]).
([1]) نقد القومية العربية، ص 50- 51.
([2]) انظر: مجموع فتاوى الشيخ ابن باز: 2/142.
([3]) أحاديث الجمعة، ص 4/56.
nفتوى الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى
قال في تفسير قوله تعالى {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك} أن: (الرد إلى الكتاب والسنة شرط في الإيمان، فدل ذلك على أن من لم يرد إليهما مسائلَ النزاع فليس بمؤمن حقيقة، بل مؤمن بالطاغوت ... فإن الإيمان يقتضي الإنقياد لشرع الله وتحكيمه، في كل أمر من الأمور، فمن زعم أنه مؤمن، واختار حكم الطاغوت على حكم الله فهو كاذب في ذلك)[1]
[1] تفسير السعدي صـ 148.
هذه بعض النقول ومازال كثير منها إن أردت
******* حان دوري أجبني على سؤالي هذا جزاك الله خيرا
ما الفرق بين الحكم والتشريع، وأيهما كفر أكبر؟