2009-12-25, 21:52
|
رقم المشاركة : 11
|
معلومات
العضو |
|
إحصائية
العضو |
|
|
مميزاته
أهم ما يمتاز به هذا القانون ما يأتي:
١ - ديني حيث أوحى به الإله "شمش" إله الشمس إلى حمورابي حيث نلاحظ التمجيد في مقدمة المدونة وكذلك في الخاتمة "القاضي الأعظم للسماء...". ومع ذلك فإن نصوص القانون لم تحفل بالآلهة – رغم تمجيدها كما ذكرنا في مقدمة طويلة – فجاءت بقواعد "علمانية" بعيدة عن الصيغة الدينية. ولذلك يختلف قانون حمورابي من هذه الناحية عن القوانين الدينية مثل القانون اليهودي والقانون الهندي.
٢ - من الصعب اعتبار مدونة حمورابي " تقنينا " Code يتضمن قواعد عامة مجردة كما هو الشأن في التقنينات الحالية، وإنما تناول مسائل محددة للغاية لدرجة يتعذر كما هو استنباط حل المسائل الأخرى القريبة منها، مثال ذلك أنه يتحدث عن عقوبة خطف ابن رجل حر وهي الموت (المادة ١٤)، ولكنه لا يبين ما هو الحل بالنسبة لخطف عبد. كذلك يبين القانون جرائم استعمال قنوات الري (مادة ٥٦–٥٣) ولكنه لا يعالج سرقة المياه.
إذن، هذا ما دعا البعض للقول بأن عبارة "دينات ميشاريم" Dinat Misharim التي أطلقها حمورابي على مدونته – ومعناها الحرفي هو "أحكام القانون" – لا يعني التقنين بمعناه الدقيق، كما أن كلمة Dinatum التي تترجم بما معناه "التشريع" تعني "حكم القضاء" Judgment ولا تعني القوانين العامة17.
٣ - إذا طرحنا جانبا بعض العقوبات الجنائية التي كانت متسمة بالقسوة، فإنه يمكن القول أن أحكام هذا القانون كانت تتجه في جملتها تحقيق العدالة بين الناس، وكانت تفوق في عدالتها قانون الألواح الاثنا عشر رغم أنها كانت سابقة عليه بحوالي اثني عشر قرنا. كذلك يعتبر قانون حمورابي أكثر رقيا وتمدينا من القوانين الآشورية التي وضعت بعده بعدة قرون. نستطيع أن نقول بأن قانون حمورابي لا يقل رقيا عن شريعة أية دولة أوروبية حديثة. فهو يحمي الضعيف من القوي، فحدد أجور كثير من العمال، كذلك يستفاد من نصوص القانون أن بعض السلع كانت مسعرة في عهد حمورابي18.
٤ - أخذ قانون حمورابي بمبدأ المحنة Ordalie فنصت المادة الثانية على أنه "إذا أتهم رجل آخر بالسحر ولم يستطع إقامة الدليل اختبر بامتحان النهر فيرمي نفسه فيه فإن غلبه النهر على أمره ليستولي خصمه على ضيعته، وإن أظهر النهر أنه بريء وخرج سالما فإن المدعي يقتل ويأخذ المدعى عليه ضيعته". أما المادة الأولى فإنها تقرر في سذاجة: "إذا اتهم رجل آخر بجريمة قتل لم يستطع إقامة الدليل عليها قتل". أما المادة الثالثة فتقول: "إذا شهد شاهد بشهادة زور في قضية ولم يستطع إثبات قوله وكانت القضية تتصل بالحياة قتل19.
٥ - تتضمن مدونة حمورابي بعض القوانين التي بلغت درجة من التقدم قلما تتوافر في كثير من التشريعات الحديثة. مثال على ذلك المادة ٢٣ التي تقول: "إذا لم يضبط السارق فإن صاحب المتاع المسروق يقدم تفاصيل المسروقات في حضرة الإله، وعندئذ تعوضه المدينة وحاكمها التي وقعت السرقة في ناحيتها عن متاعه المسروق". وإذا أدت السرقة إلى خسارة في الأرواح دفعت المدينة وحاكمها إلى ورثة القتيل "مينا" من الفضة كتعويض (المادة ٢٤). هل ثمة في هذه الأيام مدينة أو دولة بلغ صلاح الحكم فيها درجة تجرؤ معها على أن تعرض على من تقع عليه جريمة بسبب إهمالها مثل التعويض؟!
|
|
|