منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - ارجووووووووووووووو الماعدة منكم بليييييييييييييز
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-25, 21:48   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
غنوة
عضو جديد
 
الصورة الرمزية غنوة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي تابع لحضارة مابين النهرين

النظم القانونية

مقدمة

نعرض في هذا القسم كل نظام الأسرة، ونظام الأموال، ونظام العقود والالتزامات، وعلى ذلك نقسم الدراسة في هذا القسم إلى ثلاثة أقسام.

نظام الأسرة


الزواج

لم يكن النظام القانوني لبلاد ما بين النهرين يسمح للرجل إلا بزوجة شرعية واحدة، وإن كان له أن يتخذ أكثر من جارية إذا أراد. بل وكان يمكن للجارية أن ترقى إلى مرتبة الزوجة الشرعية إذا أعلن ذلك الزوج أمام شهود وفي وثيقة رسمية.

ومن جهة أخرى فقد انتشرت في ذلك الوقت فكرة الزوجة من الدرجة الثانية (الشقتوم). ويكون من حق الزوج أن يتخذ لنفسه زوجة ثانية على هذا النحو إذا أصاب زوجته مرضا جسيما دون أن يكون من حقه طلاق زوجته الأولى.

وتشير مجموعة حمو رابي إلى المركز الأدنى للزوجة الثانية التي يتعين عليها احترام الزوجة الرئيسة وغسل قدميها.

ويرى البعض أنه كان من حق الزوج أيضا أن يتخذ زوجة ثانية في حال عدم إنجابه من زوجته الأولى أو من إحدى جارياته.

ومع ذلك فلم يكن من حق الزوج الزواج ثانية في هذه الحالة إذا قدمت له زوجته الأولى حاظية قادرة على الإنجاب.

وقد حرص القانون البابلي على حث الأزواج على عدم الزواج بزوجة ثانية وذلك لصعوبة إقامة العدل بين الزوجات.

وهكذا فإن الأصل في القانون البابلي هو الزواج الفردي. أما تعدد الزوجات فهو وضع استثنائي في بلاد ما بين الرافدين.

وقد أكد قانون حمو رابي على حظر زواج الأب بابنته أو بين الابن وأمه أو زوجته أبيه الثانية. على أن القانون الآشوري قد أجاز للرجل الزواج من أخت زوجته التي عقد عليها وذلك إذا ماتت قبل أن يدخل بها8.


وأخيرا فلم يكن الاختلاف في المركز الاجتماعي أو في الطبقة الاجتماعية حائلا يمنع الزواج بين أفراد ينتمون إلى مراكز اجتماعية مختلفة، وذلك خلافا لما كان عليه الحال في مصر الفرعونية مثلا حيث كان الزواج محرما بين الطبقات المختلفة.

كيفية إبرام الزواج


كان قانون بلاد ما بين النهرين يشترط لصحة الزواج رضاء والدي العروسين. ويستشف ذلك مما جرت عليه العادة في ذلك الوقت من أن يقوم الأب والأم بتقديم الزوجة إلى زوجها.

وليس معنى ما تقدّم أن الزوج لم يكن له حق اختيار زوجة، وإنما كان رضاء الوالدين يؤخذ في الاعتبار.

بل وتشير مجموعة حمو رابي إلى أن المرأة المطلقة أو الأرملة كانت تختار زوجها بمحض إرادتها.


وتسبق الزواج عادة الخطبة. وكانت خطبة الزوجة تتم سواء من جانب الزوج أو أقاربه. ويتم ذلك باتفاق ذوي الشأن، حيث يقدم الخطيب الهدايا إلى عروسه ثم يعقب ذلك بأداء ما كان يسمى ب "التيرهاتو"، وهو مبلغ من المال يدفعه زوج المستقبل، ولم يكن أداء هذا المبلغ إجباريا، وإن جرت العادة على أدائه.

ويرى البعض أن هذا المبلغ هو ثمن شراء الزوج لزوجته، بينما يؤكد البعض الآخر أن الزواج لم يكن يتم في بلاد ما بين النهرين في صورة بيع المرأة.

وبجانب "التيرهاتو" فقد كان الزوج يقوم بدفع "النودوتو" لزوجته، وهو عبارة عن بعض الأغراض المنزلية أو بعض العقارات لتأمين حياة الزوجة وأولادها عند وفاة الزوج. ولم يكن للزوجة حق ملكية على "النودوتو"، والذي كان يثبت عادة في عقد مكتوب، وإنما كانت ملكيته للأولاد أصحاب المصلحة الحقيقية. أما الزوجة فلم تكن لها عليه إلا حق الانتفاع9.


وبالإضافة إلى ما تقدم فقد كان يشترط لصحة الزواج أن يتم في وثيقة مكتوبة يوقعها الزوج حتى يلتزم بكافة الالتزامات المنصوص عليها في العقد وأن يؤدي لزوجته حقوقها في حالة الطلاق. وكان يشترط على الزوجة عدم الخيانة ويحدد العقد العقوبات التي توقع عليها إذا أقدمت على خيانة زوجها.

مكانة المرأة في المجتمع

تمتعت المرأة في بلاد ما بين النهرين بمركز مرموق. فقد كانت أولا تتمتع بالشخصية القانونية الكاملة، فكانت لها أموالها الخاصة، كما كانت تتمتع بحق الشهادة الكاملة كالرجل تماما، كما كان يحق لها أن تتصرف في أموالها كيفما تشاء.

وقد ترتب على ذلك أنها كانت تتمتع بحق التقاضي، بل وكان يجوز لها أيضا أن تعمل بالتجارة وتمارس الوظائف الإدارية المختلفة.


على أنه، ومن ناحية أخرى، فقد كان للزوج بمقتضى سلطته الزوجية أن يرهن زوجته لدى دائنه حتى سداد الدين. ويشترط في هذه الحالة ألا تتجاوز فترة رهنها ثلاث سنوات. بل كان يجوز للزوج أن يبيع زوجته على سبيل العقاب في حالة خيانتها له.

الطلاق

فرق القانون البابلي بين الزوج والزوجة بالنسبة للحق في الطلاق.

فبالنسبة للزوج، فقد كان القانون البابلي يسمح له بطلاق زوجته بناء على أسباب متعددة أهمها:

١ - عند ارتكاب الزوجة خطأ جسيما، حيث يحق للزوج طلاقها دون أن يكون من حقها الحصول على أي تعويض، كما كان بحق الزوج في هذه الحالة أن يستبقي زوجته عنده كعبدة.

٢ - في حالة ما إذا كانت الزوجة عاقر، حيث يحق لزوجها طلاقها على أن يمنحها مبلغ من النقود لمواجهة حياتها الجديدة.

٣ - عند مرض الزوجة بمرض خطير فقد كان من حق الزوج أن يتزوج أخرى مع إبقاء زوجته الأولى التي تتمتع بامتياز خاص. أما إذا هجرت الزوجة المريضة منزل الزوجية وعادت إلى بيت أهلها بموافقة الزوج، اعتبر ذلك بمثابة إعلان لنيته في تطليقها بسبب المرض ووجب على الزوج أن يرد للزوجة أموالها وأن يتولى الإنفاق عليها.

أما بالنسبة للزوجة فقد كان من حقها الالتجاء إلى القضاء لتطالب بتطليق زوجها إذا ما ارتكب أخطاء جسيمة في حقها مثل الخيانة الزوجية.

أما إذا رغبت في ترك زوجها دون سبب مقبول فهي تعاقب بالموت، لان إقدامها على ذلك يعد بمثابة إثم لا يغتفر في القانون البابلي.

وأخيرا فقد أشارت النصوص إلى حالة خاصة هي حالة الزوج الذي أسره الأعداء. فإذا كان الأسير قد ترك لزوجته ما يكفي من الأموال لإعالتها فلا يحق لها أن تعاشر سواه وإلا اعتبرت زانية. أما إذا لم يترك لها ما يكفي لإعالتها فيكون من حقها الزواج في غيابه. ومتى عاد إليها تعود إليه تاركة زوجها الثاني وكذلك أولادها منه.

التبني

عرف قانون بلاد ما بين النهرين التبني. وكان الهدف الأساسي من التبني هو معالجة انعدام الذرية. ومع ذلك فقد لجأت بعض الأسر إلى التبني رغم وجود الأطفال.

ويتم التبني قانونا بمقتضى عقد مكتوب بين الأهل الجدد (الأب أو الأم) وبين ذوي الشأن بالنسبة للمتبني، أي أهله الأصليين، وهم عادة أب الطفل أو سيده إذا كان عبدا. بل كان من المتصور أن يتم عقد التبني مع المتبنى نفسه إذا لم يكن له أسرة ينتمي إليها.

وتشير مجموعة حمو رابي إلى أن عقد التبني كان يتم في الشكل المألوف لغيره من العقود حيث يشترط الرضاء وعدم الإكراه.


ويترتب على العقد أن يصبح المتبنى ابنا شرعيا للمتبني الذي تنتقل إليه السلطة الأبوية. كما يكون للابن المتبنى حق الإرث من والده المتبني، وهو ما يفيد انتهاء حقوقه الارثية صوب أسرته القديمة.

وقد رتب القانون ضمانا للمتبنى في حالة تخلت عنه أسرته الجديدة. فقد نصت المادة ۱۹۱من قانون حمو رابي على منح المتبنى إذا أُستبعد من أسرته الجديدة ثلث نصيب الولد الحقيقي من مال الأب، أي كما لو كان قد ظل موجودا في أسرة متبنية.

ومن جهة أخرى فإذا تنكر الولد المتبنى إلى أهله الجدد أو كان عاقا فقد كان عقابه أن يوثق بالأغلال ويباع كالعبيد، ويقطع لسانه، أو تفقأ عينه إذا كان أهله الأصليون ممن يمارسون الدعارة10.


وأيا ما كان الأمر فقد كان يلجأ أحيانا إلى التبني في بلاد ما بين النهرين لعتق الرقيق أو الإقرار ببنوة الأبناء غير الشرعيين.


الميراث

اتسمت القواعد الخاصة بالإرث في بلاد ما بين النهرين بالدقة والعدل إلى حد بعيد.

والقاعدة الأساسية التي أشار إليها قانون حمو رابي هي أن أموال المتوفي تؤول إلى أولاده الذكور بالتساوي دون أن يكون هناك أي امتياز للابن الأكبر في هذا الصدد وخلافا للكثير من الشرائع القديمة.

أما السبب في أيلولة التركة إلى الأولاد الذكور دون الإناث، فهو أن هؤلاء هم الذين يعتبرون امتدادا لشخصية والدهم المتوفي، وهم الذين يقيمون الشعائر الدينية في إطار عبادة الأسلاف.

ولم يكن من حق الأب أن يجرد أولاده خلال حياته من حقهم في الميراث. وإنما كان له ذلك فقط فيما لو ارتكبوا أخطاء جسيمة وبشرط خضوع هذه المسألة لرقابة القضاء الذي له وحده الرأي النهائي.

ومن جهة أخرى فلم يكن الابن بحاجة إلى إعلان قبول التركة بعد وفاة والده. وإنما كان للابن فقط أن يتقدم برغبته عند تزاحم الورثة من الأخوة وبهدف تحديد أنصبة كل منهم.

وقد سكت قانون حمو رابي عن التحدث عن الحقوق الارثية للبنات مما يفيد استبعادهن من الميراث لكون الأولاد من الذكور هم وحدهم بتعليل أن المهر الذي يدفع للبنت أثناء زواجها كان يعوضها عن حرمانها من الميراث من أموال أبيها، خاصة وان الزوجة تظل محتفظة بملكية المهر والأموال الأخرى التي كانت تقدم لها بمناسبة الزواج.

وليس معنى ما تقدم حرمان البنت كلية من الميراث وفي جميع الأحوال. إذ تشير الوثائق إلى أن البنت كانت ترث عند عدم وجود أبناء ذكور للمتوفي. وإن لم توجد أي ذرية للمتوفي انتقلت التركة إلى أخوته ثم لأقربائه المقربين من بعدهم.


ومن جهة أخرى لم يكن للأرملة نصيب في تركة زوجها المتوفي، إذ أن حقها يتمثل في البقاء في منزل الزوجية وتعيش بما تدره أموال المهر والنودوتو عليها من فوائد، إذ أن أموال الزوجة لم تكن قابلة إلى الانتقال بل تبقى ملكا خالصا للزوجة على نحو ما رأينا من قبل11.


وإذا رأينا أن الأصل هو تقسيم التركة بين أولاد المتوفي من الذكور بالتساوي، فإن قانون بلاد ما بين الرافدين لم يفرق في هذا الصدد بين الأبناء ولو انتسبوا إلى زوجات شرعيات متعددات.

ومع ذلك فان المساواة لا تنعقد بين أبناء العبده والأبناء الذين ولدوا من زوجة شرعية، اللهم إلا إذا قام الأب أثناء حياته بتبني الأولاد غير الشرعيين.

ونشير أخيرا إلى أن الأحفاد الذكور كانوا يرثون من تركة جدهم بدلا من أبائهم عن طريق الإنابة وذلك في حال وفاة الآباء قبل أبنائهم. إذ تنتقل هنا حصة الابن المتوفي قبل أبيه لأولاده.

والقواعد سالفة البيان تطبق أيضا بالنسبة لتركة الزوجة المتوفاة إذا كان لها أولاد، أما إذا لم يكن لها أولاد فتعود ثروتها إلى أهلها بعد أن يقوم الزوج بخصم "التيرهاتو" الذي سبق أن أداه عند الزواج.


نظام الأموال


الاهتمام الخاص بالملكية الزراعية

كانت الأرض في العصر السومري مملوكة لآله المدينة. ومع ذلك فقد أدى التطور الاقتصادي في بلاد ما بين النهرين، خاصة في مجال الزراعة والتجارة ،إلى الاعتراف بالملكية الفردية سواء بالنسبة للعقارات أو بالنسبة للمنقولات.

وعلى هذا النحو وجدت الملكية الخاصة مع ملكية المعابد وملكية القصر. بل ويشير بعض الفقهاء إلى أن القانون البابلي قد عرف أيضا ملكية الأسرة .

على أن انتشار الزراعة وأهميتها قد دفع المشرع إلى التركيز على ملكية الأراضي الزراعية ووضعها محل رعاية خاصة. إذ تشير الوثائق إلى نماذج متعددة لعقود بيع وإيجار ورهن الأراضي الزراعية المملوكة للأفراد، مع ملاحظة اختلاط فكرة الملكية بالحيازة في قانون بلاد ما بين النهرين أسوة بغالبية الشرائع القديمة. فإذا ما أراد الشخص أن ينقل شيء في إطار هذا المفهوم عن الملكية فإن الشيء ذاته وليس الحق المترتب عليه هو الذي ينتقل من شخص إلى آخر.

وقد جاء في مجموعة حمو رابي، كما ذكرنا من قبل، العديد من النصوص التي تنظم المسائل المتعلقة بالزراعة، مثل عقد المزارعة وعقد إيجار الأراضي الزراعية والعلاقة بين المالك والفلاحين أو الرعاة الذين يعملون في خدمته.


وكانت الملكية الفردية في هذا المجال تشمل الأراضي الزراعية والعقارات والحيوانات والعبيد والمواد الزراعية والمعادن. وكانت ملكية الأرض تشمل ما عليها من أدوات ومن عليها من عبيد، حيث كان هؤلاء ينتقلون مع الأرض بيعا ورهنا.

وقد حرصت الدولة في ذلك الوقت على تثبيت ملكية الأفراد للأراضي الزراعية بمنحهم وثيقة على شكل لوحة فخارية يحدد بها اسم المالك وحدود الأرض المملوكة له. ويختص موظف عام عرف باسم "ناشي" بالتحقق من صحة ملكية الأفراد للأراضي ثلاث مرات شهريا، وذلك من خلال مثول الملاك أمامه ومعهم الألواح المثبتة ملكيتهم. ويختص "الناشي" وكذلك القضاة بالفصل في أي منازعة تتعلق بالأراضي الزراعية12.




نظام العقود والالتزامات

تنوع العقود مع غياب نظرية عامة للالتزام

رغم تعدد العقود في بلاد ما بين النهرين وممارسة الأفراد في معاملاتهم لنماذجها المختلفة، إلا أن النظام القانوني السائد في ذلك الوقت لم يصل إلى تحديد الفكرة المجردة للعقد، كما لم يستطع أن يقيم نظرية عامة متماسكة للالتزامات على نحو ما توصل إليه الرومان فيما بعد.

بل أن الباحثين لم يتوصلوا إلى مستقر نهائي في شأن مدى اعتناق النظام القانوني لبلاد ما بين النهرين لأي من مبدأي الرضائية من ناحية أو الشكلية من ناحية أخرى. هل يكفي أن تلتقي إرادة طرفي العقد حتى ينتج آثاره، أم يتعين صبه في قالب شكلي حتى يرتب الاتفاق آثاره القانونية؟ أن أحدا من المؤرخين لم يستطع حتى الآن أن يجيب على هذا التساؤل الهام إجابة ثانية.

ومع ذلك فان ما يعنينا في هذا المقام هو أن نؤكد أن الحياة العملية لبلاد ما بين النهرين قد عرفت شتى العقود المألوفة في العصر الحديث. ويرجع ذلك إلى الموقع الجغرافي المتميز لهذه البلاد وما أدى إليه من ازدهار التجارة والمعاملات نتيجة للانفتاح على العالم الخارجي.

وتشير الوثائق إلى قيام نظام مصرفي ومالي يشهد بالتقدم الذي وصلت إليه بلاد ما بين النهرين. فقد عرف القرض بالفائدة الذي كان يسري على المحاصيل الزراعية والنقود على السواء. وقد حدد القانون الفائدة بالنسبة للمحاصيل بمقدار ٪٣٣ وبالنسبة للنقود بمقدار ٪٢٠، وهي نسبة قد تتفاوت تبعا لظروف القرض وشروطه.

ومن جهة أخرى فقد عرف قانون بلاد ما بين النهرين عقد الإيجار والوديعة والرهن والشركة وغير ذلك من العقود المرتبطة بالتعامل التجاري.

وتيسيرا للتعامل فقد استعمل سكان البلاد العملة مثل "الشاقل" و "المينة" التي حلت محل الشعير الذي كان أساسا للتعامل في البداية ثم تلاه المعدن. وقد استعمل من المعادن كوحدة نقدية النحاس ثم الرصاص ثم الذهب لا سيما في المعاملات الخارجية13.


عقد البيع

رغم أهمية عقد البيع من الناحية العملية إلا انه لم يحظ باهتمام النصوص التشريعية إلا بالنسبة لبعض المسائل الجزئية أو التفصيلية التي كانت محلا للخلاف أو الغموض في التفسير.

أما ما تبقى من مسائل أساسية فقد ترك حكمها للأعراف السائدة في ذلك الوقت والتي يصعب على الباحثين التوصل إلى مضمونها الحقيقي.

ومع ذلك فقد توصل العلماء إلى آلاف التصرفات القانونية المسجلة باللوحات التي عثر عليها في بلاد ما بين النهرين في أزمنة وأماكن مختلفة.

وقد اتخذت اللوحات البابلية نمطا مشتركا تحدد فيه عناصر الاتفاق في تسلسل واضح. ففي أعلى اللوحة يتحدد مكان التصرف ثم أسماء أطراف العقد ثم نبذة عن مضمون التصرف (بيع مثلا) ووصف موضوعه، ثم يذكر الشهود وتاريخ العقد.

ويرى البعض إن هذا الشكل للوحة لا يعني على الإطلاق خضوع التصرف لمبدأ الشكلية. إذ لم يكن وجود اللوحة لازما لصحة التصرف المدون بها، وإنما الهدف من اللوحة هو مجرد إثبات التصرف الذي تتضمنه. ولا يختلف الأمر بالنسبة للشهود الذين يختلف عددهم من تصرف لآخر. فالشهود هم مجرد وسيلة للإثبات وعدم وجودهم لا يبطل التصرف. وحينما شاع استخدام الكتابة فلم يكن الهدف منها سوى اعتبارها وسيلة فعالة في الإثبات تفوق الاتفاقات الشفهية.

ويشير الفقهاء إلى أن أركان البيع في ذلك الوقت كانت ثلاثة: أولها الاتفاق بين البائع والمشتري، وثانيها الشيء المبيع ماديا كان أو معنويا منقولا أو عقارا، وثالثها الثمن، وهو يتخذ عادة صورة قدر من النقود محددا بالأوزان المتعارف عليها، وهو ما يميز البيع عن المقايضة.

أما عن آثار ونتائج عقد البيع فنرى:

١ - انتقال الملكية من البائع إلى المشتري مقابل أداء الثمن. وكان البيع في بلاد ما بين النهرين ناجز الثمن، ومن ثم فان أداء الثمن، وليس تسليم الشيء المبيع، هو الشرط الأساسي لانتقال الملكية.

٢ - ضمان الاستحقاق، وهو التزام أشارت إليه نصوص مجموعة حمو رابي.

٣ - ضمان العيوب الخفية، وقد جاء النص على هذا الالتزام في مجموعة حمو رابي أيضا وفي مناسبة بيع الرقيق، حيث خول القانون لمشتري العبد أن يعيده إلى بائعه إذا أصابه داء الصرع خلال الشهر التالي للبيع.

وتشير اللوحات المسجلة لوقائع البيع في ذلك الوقت إلى أن المتعاقدين يتوجهان عادة صوب معبد الإله بهدف إضفاء القدسية على تصرفهما حيث يقسمان باسم إله المدينة ثم باسم الملك على الالتزام بتصرفهما ويستنزلان اللعنات على من يخالف نصوص الاتفاق.