منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الاضرحة و القبور .....و قول الدين فيها
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-25, 19:34   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
nasma belle
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية nasma belle
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ـ 1 ـ
زيارة القبور في الكتاب والسنة
قد عرفت أن زيارة الإنسان لمن له به صلة روحية أو مادية، مما تشتاق إليه النفوس السليمة، بل هي من وحي الفطرة، ولأجل ذلك نرى أن الكتاب والسنة يدعمان أصل الزيارة بوجه خاص.
أما الكتاب فقوله سبحانه: (ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون)[سورة التوبة: الآية84].
إن الآية تسعى لهدم شخصية المنافق، وهز العصا في وجوه حزبه ونظرائه. والنهي عن هذين الأمرين بالنسبة إلى المنافق، معناه ومفهومه مطلوبية هذين الأمرين (الصلاة والقيام على القبر) بالنسبة لغيره أي للمؤمن.
والآن يجب أن ننظر في قوله تعالى: (ولا تقم على قبره) ما معناه؟ هل المعنى هو القيام وقت الدفن فقط، حيث لا يجوز ذلك للمنافق ويستحب للمؤمن، أو المعنى أعم من وقت الدفن وغيره؟
إن بعض المفسرين وإن خصوا القيام نفياً وإثباتاً بوقت الدفن لكن البعض الآخر فسروه في كلا المجالين بالأعم من وقت الدفن وغيره.
قال السيوطي في تفسيره: ولا تقم على قبره لدفن أو زيارة(1).
وقال الآلوسي البغدادي: ويفهم من كلام بعضهم أن (على ) بمعنى (عند) والمراد: لا تقف عند قبره للدفن أو للزيارة(2).
وقال الشيخ إسماعيل حقي البروسي: (ولا تقم على قبره) أي ولا تقف عند قبره للدفن أو للزيارة والدعاء(3).
إلى غير ذلك من المفسرين، وقد سبقهم البيضاوي في تفسيره(4).
والحق مع من أخذ بإطلاق الآية وإليك توضيحه:
إن الآية؛ تتشكل من جملتين:
الأولى: قوله تعالى: (ولا تصل على أحد منهم مات أبداً).
إن لفظة (أحد) بحكم ورودها في سياق النفي تفيد العموم والاستغراق لجميع الأفراد، ولفظة (أبداً) تفيد الاستغراق الزمني، فيكون معناها: لا تصل على أحد من المنافقين في أي وقت كان.
فمع الانتباه إلى هذين اللفظين نعرف - بوضوح - أن المراد من النهي عن الصلاة على الميت المنافق ليس خصوص الصلاة على الميت عند الدفن فقط، لأنها ليست قابلة للتكرار في أزمنة متعددة، ولو أريد ذلك لم تكن هناك حاجة إلى لفظة (أبداً) بل المراد من الصلاة في الآية مطلق الدعاء والترحم سواء أكان عند الدفن أم غيره.
فإن قال قائل: إن لفظة (أبداً) تأكيد للاستغراق الافرادي لا الزماني.
فالجواب بوجهين:
1- إن لفظة (أحد) أفادت الاستغراق والشمول لجميع المنافقين بوضوح فلا حاجة للتأكيد.
2- إن لفظة (أبداً) تستعمل في اللغة العربية للاستغراق الزماني، كما في قوله تعالى: (ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً)[سورة الأحزاب: الآية53].
فالنتيجة أن المقصود هو النهي عن الترحم على المنافق وعن الاستغفار له، سواء أكان بالصلاة عليه عند الدفن أم بغيرها.
الثانية: (ولا تقم على قبره) إن مفهوم هذه الجملة - مع الانتباه إلى أنها معطوفة على الجملة السابقة - هو: (لا تقم على قبر أحد منهم مات أبداً) لأن كل ما ثبت للمعطوف عليه من القيد - أعني (أبداًً) - يثبت للمعطوف أيضاًَ، ففي هذه الحالة لا يمكن القول بأن المقصود من القيام على القبر هو وقت الدفن فقط، لأن المفروض عدم إمكان تكرار القيام على القبر وقت الدفن، كما كان بالنسبة للصلاة، ولفظة (أبداً) المقدرة في هذه الجملة الثانية تفيد إمكانية تكرار هذا العمل، فهذا يدل على أن القيام على القبر لا يختص بوقت الدفن.
وإن قال قائل: إن لفظة (أبداًَ)المقدرة في الجملة الثانية معناها الاستغراق الافرادي.
قلنا: قد سبق الجواب عليه، وأن لفظة (أحد) للاستغراق الافرادي، لا لفظة (أبداً) فهي للاستغراق الزماني.
فيكون معنى الآية الكريمة: أن الله تعالى ينهى نبيه(صلى الله عليه وآله) عن مطلق الاستغفار والترحم على المنافق، سواء كان بالصلاة أو مطلق الدعاء، وينهى عن مطلق القيام على القبر، سواء كان عند الدفن أو بعده.
ومفهوم ذلك هو أن هذين الأمرين يجوزان للمؤمن.
بهذا يثبت جواز زيارة قبر المؤمن وجواز قراءة القرآن على روحه، حتى بعد مئات السنين.
هذا بالنسبة إلى المرحلة الأولى وهي أصل الزيارة من وجهة نظر القرآن، وأما بالنسبة إليها من ناحية الأحاديث فإليك بيانها:

زيارة القبور في السنة النبوية
إن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) جسد بعمله مشروعية زيارة القبور- مضافاً إلى أنه أمر بها كما مر- وعلم كيفيتها وكيف يتكلم الإنسان مع الموتى، فقد ورد في غير واحد من المصادر، أنه(صلى الله عليه وآله) زار البقيع، وإليك النصوص:
1- روى مسلم عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) كلما كان ليلتها من رسول الله(صلى الله عليه وآله) يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون، غداً مؤجلون وأنا إن شاء الله بكم لا حقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)(5).
2- وعن عائشة في حديث طويل أن النبي(صلى الله عليه وآله) قال لها: (أتاني جبرئيل فقال: إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم) قالت: قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: (قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ورحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وأنا إن شاء الله بكم لاحقون)(6).
3- وروى ابن بريدة عن أبيه قال: كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر فكان قائلهم يقول: - في رواية أبي بكر- (السلام على أهل الديار) وفي رواية زهير: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وأنا إن شاء الله للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية)(7).
4- عن ابن بريدة عن أبيه: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) (نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها)(8).
وروي في كنز العمال الروايات التالية: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأنا إن شاء الله بكم لاحقون. ووددت أنّا قد أُرينا إخواننا قالوا: أولسنا إخوانك؟ قال: بل أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد... إلخ)(9).
6 - (السلام عليكم يا أهل القبور من المؤمنين والمسلمين، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر)(10).
7 - (السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأنا وإياكم متواعدون غداً ومتواكلون وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)(11).
8 - (السلام عليكم دار قوم مؤمنين أنتم لنا فرط وإنا بكم لاحقون، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنّا بعدهم)(12).
9 - (إني نهيتكم عن زيارة القبول فزوروها بتذكيركم زيارتها خيراً)(13).
10 - (نهيتكم عن ثلاث وأنا آمركم بهن؛ نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن في زيارتها تذكرة)(14). إلى غير ذلك من الآثار النبوية الحاثّة على زيارة القبور، فمن أراد التفصيل فليرجع إلى كنزل العمال.

1 - السيوطي، تفسير الجلالين: سورة التوبة في تفسيره الآية.
2 - الآلوسي البغدادي، روح المعاني ج10:ص 155.
3 - البروسي، روح البيان ج3:ص 378.
4 - البيضاوي، أنوار التنزيل ج1: ص416، طبعة دار الكتب العلمية - بيروت.
5 - مسلم، الصحيح ج7:ص41
6 - مسلم، الصحيح ج7: ص44 - النسائي، السنن ج4: ص91.
7 - مسلم الصحيح ج7: ص45.
8 - مسلم، الصحيح 46:7 - الترمذي، السنن 370:3 ح1054 - النسائي، السنن ج4:ص89.
9 - مسلم، الصحيح، كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة، الحديث 249.
10 - علاء الدين، كنز العمال ج15:ص248،الأحاديث 42561و42562.
11 - نفس المصدر.
12 - علاء الدين، كنز العمال ج15:ص248، الأحاديث 42563 و 42564 و42565.
13 - نفس المصدر.
14 - نفس المصدر.