منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - عقد البحث العلمي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-25, 10:53   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
abbes8
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية abbes8
 

 

 
إحصائية العضو










Exclamation

خامساً- عدم قابلية الحق الادبي للانتقال للورثة:-


يذهب الرأي الراجح()، الى أن الحق الادبي يكتسب خاصية نسبية ليكون اداة من أجل حماية فكرة المؤلف وشخصيته العلمية او الادبية او الفنية التي أبرزها المصنف، أما الورثة فهم حراس طبيعيون على ذكره يتصرفون بإسم المتوفى كمودع لديهم من اجل الدفاع عن شخصيته عبر المصنف(). وإذ كان الاصل في الحق الادبي عدم انتقاله بالميراث الى الورثة، باعتباره لايدخل ضمن عناصر الذمة المالية للشخص()، إلاّ أن هذه القاعدة لايؤخذ بها على الاطلاق في نطاق قانون حماية حق المؤلف، حيث من الممكن التمييز فيما بين فئتين من الحقوق الأدبية المقررة للمؤلف من حيث قابليتها للانتقال الى الورثة(): الاولى منهما لاتقبل الانتقال الى الورثة، إذ يستأثر بها المؤلف وحده كالحق في نسبة بحثه اليه والحق في سحب البحث من التداول واجراء تعديل عليه()، أما الفئة الثانية فقد أجاز قانون حماية حق المؤلف انتقالها للورثة بعد وفاة مورثهم المؤلف، وتتضمن حق الورثة في تقرير نشر البحث الذي لم يوصِ المؤلف بعدم نشره والحق بدفع أي اعتداء عليه(). وغني عن البيان أن التصرفات التي أبرمها الباحث قبل وفاته مع الغير على البحث تكون نافذة بمواجهة الورثة.

الفرع الثاني
مضمون الحق الأدبي

يتمتع الباحث بعددٍ من الحقوق الادبية المقررة له بموجب قانون حماية حق المؤلف، والتي يمكن اجمالها بحق الباحث في تقرير نشر بحثه، وحقه في نسبة بحثه اليه، وحقه بدفع أي اعتداء على حقوقه على البحث، فضلاً عن حقه، وفي حالات محددة، بسحب بحثه من التداول لتعديله. وهذا ماسنبينه على النحو الآتي:-
اولاً- الحق في تقرير نشر البحث:-

تنص المادة (7) من قانون حماية حق المؤلف العراقي على انه: ((للمؤلف وحده الحق في تقرير نشر مصنفه وفي تعيين طريقة هذا النشر…))(). ويتضح من هذا النص بأنه جاء بمبدأ عام هو حق الباحث في تقرير لحظة نشر بحثه وظهوره الى الجمهور لأول مرة، أو عدم نشره، ويتمتع الباحث وحده –دون سواه- بهذا الحق حال حياته، وورثته من بعده، بشرط ان لايكون الباحث قد أوصى بعدم نشره قبل وفاته، حيث في هذه الحالة يمتنع على الورثة القيام بنشره()، ذلك أن تقرير صلاحية البحث للنشر يرتبط برأي الباحث في بحثه وارتباطه بسمعته ومكانته ومركزه العلمي، فمن حقه ان لا يقرر نشر بحثه الا اذا تيقن من انه سيظهر بالمظهر اللائق الذي يتناسب مع ذلك المركز وتلك المكانة().
كذلك إذا حدد الباحث موعداً للنشر قبل وفاته فإن من غير الجائز للورثة نشر هذا البحث قبل انقضاء ذلك الموعد، ويتمتع بهذا الحق الباحث –أو ورثته- باعتباره حقاً أدبياً، لمرة واحدة فقط، إذ يزول بمجرد تقرير الباحث نشر بحثه، فإذا ماقام بإعادة عملية نشر ذات البحث، فإن هذه العملية الاخيرة لاتعتبر استعمالاً لحق تقرير النشر، وانما استعمالاً لحق اعادة نشر البحث الذي سبق نشره والذي يعتبر من المكنات التي يوفرها الحق المالي للباحث، إذ يجوز للغير استعماله بموافقة الباحث عن طريق عقد النشر().
كما يتمتع الباحث فضلاً عن تقرير نشر بحثه، باختيار وسيلة أو طريقة هذا النشر، من خلال المجلات أو الدوريات العلمية أو بثه عبر شبكة الانترنت. وكل وسيلة يمكن ان تظهر من شأنها طرح البحث على الجمهور.
ويثير حق الباحث في تقرير نشر بحثه، او عدم نشره –باعتباره حقاً أدبياً خالصاً- تساؤلاً يتصل بأحكام عقد البحث العلمي، ويدور حول مدى تمتع الباحث الذي تعاقد مع المستفيد من أجل اعداد بحث علمي معين، بالامتناع عن انجاز هذا البحث أو الامتناع عن تسليمه في حال انجازه. فهل يجبر الباحث على تسليم هذا البحث للمستفيد استناداً للعقد المبرم بينهما ؟ أم يستطيع هذا الباحث الامتناع عن تسليمه والاحتفاظ به استناداً الى حقه الادبي الذي يخوله الحق في تقرير لحظة نشر بحثه أو عدم نشره ؟
للاجابة عن هذا السؤال لابد من الاشارة الى أن من غير الممكن اجبار الباحث على تنفيذ التزامه المتعلق بالقيام بأعمال ذهنية، كالتأليف واعداد البحث العلمي وذلك لأن تنفيذ مثل هذا الالتزام يعتمد على الهام الباحث وظروفه النفسية والفكرية والتي لايستطيع الباحث ذاته السيطرة عليها، لذا فإن من غير المجدي فرض الغرامات التهديدية على الباحث من اجل حثه على انجاز العمل الذي تعهد بالقيام به، لما في ذلك من مساس بحرية المدين في نتاجه الذهني().
ويؤكد الفقه القانوني أن للمؤلف (الباحث) وحده سلطة تقديرية في تقرير مدى كفاءة بحثه او رضاه عن نتاجه الفكري او الذهني وقابليته للنشر، من عدمه، وبذلك يحق للباحث الامتناع عن تسليم مصنفه (بحثه) وعدم اجباره على نشره او تسليمه للمستفيد حتى وإن أتم الباحث العمل المطلوب منه (اعداد البحث العلمي). ويكون مسؤولاً عن تعويض المستفيد عما لحقه من ضرر جراء عدم تنفيذ العقد المبرم بينهما() .
بيد انه ايكون للباحث سلطة مطلقة بالامتناع عن تسليم بحثه حتى وان وصف هذا الامتناع بأنه تعسف باستعمال الحق ؟
يرى بعض الكتاب أن للمؤلف (الباحث) الحق بالامتناع عن تسليم بحثه وإن لم يكن هناك سبب او مبرر لهذا الامتناع يعادل او يفوق جسامة الضرر الذي يمكن أن يصيب المستفيد جراء هذا الامتناع، ولايلتزم الباحث سوى بدفع التعويض اذا كان له مقتضى(). وبالمقابل يرى جانب آخر من الفقه: انه في حالة تعسف المؤلف في استعمال حقه بالامتناع عن تسليم او نشر البحث الذي تعهد باعداده، فإن من حق المتعاقد الآخر أن يطلب التنفيذ العيني واجبار هذا الباحث على تسليم البحث اذا كان قد تم انجازه، أي بعد أن تكتمل معالمه بصورة تسمح بنشره من دون وجود مايعيبه او يسيء الى سمعة المؤلف الفكرية(). كما في حالة امتناع الباحث عن تسليم البحث العلمي –موضوع العقد- للمستفيد بعد اعداده وعرضه على الغير سعياً في الحصول على مقابل مالي اكبر.

ثانياً- الحق في نسبة البحث لمؤلفه:-

يحق للباحث ان يصرح بأن البحث الذي نشر من نتاجه الفكري او الذهني وانه مبدعه، ويكون ذلك أما بوضع الباحث اسمه على البحث او يصرح بذلك او يصحح الاسم اذا نشر البحث مع اغفال اسم الباحث، أو باسم مستعار مع عدم فقدان الباحث في هذه الحالة لحقه في نسبة بحثه اذا ماقرر في وقت لاحق الكشف عن اسمه الحقيقي(). ويعبر عن هذا الحق بأنه (حق الابوة) أي أبوة الباحث لبحثه().
واعترفت التشريعات المتعلقة بحماية حق المؤلف على حق هذا الاخير وحده في أن ينسب بحثه اليه، وله كذلك او لمن يقوم مقامه أن يدفع أي اعتداء على هذا الحق(). واذا توفي الباحث الذي كان قد قرر نشر بحثه (مصنفه) تحت اسم مستعار أو من دون اسم، فإن من غير الجائز للورثة الكشف عن شخصيته الحقيقية مالم يكن قد أذن لهم بذلك قبل وفاته().
واخيراً، فإن اثبات حق الابوة ( او التأليف) مكنة دائمة لاتتقادم، فهو حق متصل بشخصيته ولايسقط بالنزول عنه أو عدم استعماله مهما طالت المدة على ذلك(). فللباحث أن يثبت نسبة البحث اليه بوسائل الاثبات كافة، لأن الامر يتعلق بواقعة مادية، ويتصل باثبات تحايل على قاعدة من النظام العام(). وقد أكد القضاء المصري على حق المؤلف الدائم في ذكر اسمه على كل نسخة من مصنفه الذي تم نشره سواء من قبل ذات المؤلف او بواسطة غيره، وكذلك في جميع الاعلانات عن هذا المصنف وذلك من دون الحاجة الى ابرام اتفاق مع الغير على ذلك().


ثالثاً- الحق في احترام كيان البحث:


يتمتع الباحث بموجب احكام قانون حماية حق المؤلف()، بحق دفع أو منع أي اعتداء او عمل من شأنه المساس بسلامة كيان بحثه باعتبار أن هذا الاخير يمثل شخصية الباحث الفكرية ويدخل ضمن الحقوق الادبية المقررة للباحث، لذا فإن أي اعتداء ينال من سلامته سواء بتحريفه أو تشويهه او تغيير فيه بأي صورة، يؤدي الى المساس بشخصية الباحث وبالحقوق المقررة له().
ومن التطبيقات التقليدية لهذا الحق الزام المستفيد او الناشر بضرورة طبع ونشر البحث بالصورة التي حددها الباحث، وعدم ادخال أي تعديلات على هذه الصورة من غير موافقة الباحث، كذلك ينبغي أن لاتتم عملية تحويل البحث من أي لون من ألوان العلوم الى لون آخر الا بموافقة الباحث مع مراعاة أمانة روح البحث الاصلي وعدم اجراء التحوير فيه (بالاضافة أو الحذف) من غير الاشارة الى ذلك، ومن دون أن يترتب على ذلك أية اساءة الى سمعة ومكانة الباحث ونتاجه الابداعي(). وعليه فإن لمعد البحث العلمي (الباحث)، وورثته من بعده، الحق في دفع أو منع أي عمل من شأنه المساس بسلامة كيان البحث العلمي، فمن غير الجائز مثلاً، للمستفيد اجراء تحوير أو تعديل على البحث العلمي من غير أخذ موافقة او اذن الباحث او صاحب الحق في ذلك، وإن كان من شأن هذا التحوير أو التعديل زيادة المنفعة من البحث العلمي –موضوع العقد-.


رابعاً- الحق في سحب البحث من التداول:

يعطي قانون حماية حق المؤلف لهذا الاخير()، الحق في تقرير سحب مصنفه من التداول- أي بعد نشره ووضعه في متناول الجمهور، حيث قد يرى الباحث بناءً على اسباب يقدرها بأن البحث الذي قرر نشره لم يعد يتفق وآراءه او ينسجم ومكانته العلمية والفكرية مما قد يشكل اساءة الى سمعة هذا الباحث. فسحب البحث من التداول يقصد به وقف حق المستفيد في الانتفاع بالبحث في المستقبل().
وحق السحب، حق شخصي لايمكن قيام الغير بالحلول محل المؤلف في اتخاذ قرار السحب، فالمصنف ماهو الا ترجمة لمشاعر مبدعه واحاسيسه وعندما يصبح المنصف بعيداً تماماً عن افكاره فهو وحده الذي يقرر سحبه من التداول بهدف تعديله او ألغائه(). الا أن ممارسة المؤلف لهذا الحق مقيد بشرطين هما(): أولهما أن تكون الاسباب التي دفعت بالمؤلف الى سحب مصنفه من التداول أدبية وعلى قدر من الجدية والاهمية تبرر مثل هذا السحب، ويعود تقدير مدى أهمية هذه الاسباب لمحكمة الموضوع (محكمة البداءة). وثانيهما: أن يلتزم المؤلف بدفع تعويض عادل لمن آلت اليه حقوق الانتفاع المالي عما لحقه من ضرر جراء هذا السحب، كما للمحكمة الزام المؤلف اداء هذا التعويض مقدما من خلال اجل تحدده المحكمة او الزام المؤلف بتقديم كفيل. ويرى غالبية الفقه القانوني عدم امكانية تمتع الورثة بحق سحب المصنف من التداول().

المطلب الثاني
الحق المالي

يتمتع الباحث بحق الانتفاع من بحثه او مايطلق عليه حق الاستغلال المالي، وذلك في ظل الحماية التي يوفرها له قانون حماية حق المؤلف. وسنحاول في هذا المطلب التعرف على أهم خصائص هذا الحق، ومن ثم بيان مضمونه. وذلك في فرعين على النحو الآتي:-

الفرع الاول
خصائص الحق المالي

يتسم الحق المالي المقرر للمؤلف على المصنفات المبتكرة بجملة من الخصائص، والتي تتجلى بقابلية الحق المالي للتصرف فيه، قابليته، للحجز، وانتقاله بالميراث، فضلاً عن توقيته بمدة معينة يزول بانقضائها هذا الحق. وهو ماسنعرض له تباعاً:-

اولاً- قابلية التصرف بالحق المالي:-

لما كان حق المؤلف بجانبه المالي، دون الادبي، وبما ينطوي عليه هذا الحق من مكنات (سلطات)، من ضمن الحقوق المالية التي تدخل في العناصر المكونة للذمة المالية للشخص، لذا فمن الجائز قانوناً التصرف فيها. وهو مانصت عليه اغلب التشريعات المتعلقة بحق المؤلف، والتي تقرر للمؤلف الحق باستغلال مصنفة مالياً بأية طريقة مشروعة يختارها، فضلاً عن امكانية التصرف بهذا الحق الى الغير(). ويأخذ هذا التصرف اشكالاً عدة، فقد يتنازل المؤلف بصورة نهائية عن كامل حقه المالي، أو عن جزء من هذا الحق، كما قد لايتنازل المؤلف عن هذا الحق بصورة نهائية، وانما يقرر للغير حقاً شخصياً يفيد بمباشرة عمل من الاعمال المقررة للمؤلف كالترخيص باستخدام البحث أو تطويره. وتكون مثل هذه التصرفات، وطبقاً للقواعد العامة، مطلقة أو شاملة أو قد تكون محددة أو جزئية. والتحديد قد يتمثل من حيث الزمان، أو من حيث المكان.
وتشترط اغلب التشريعات المتعلقة بحماية حق المؤلف في التصرفات الصادرة عن المؤلف والواردة على الحق المالي ان تكون مكتوبة()، وان يتم تحديد الحق محل التصرف، بصورة صريحة وبالتفصيل، مع بيان مدى هذا الحق، والغرض منه، ومدة الاستغلال ومكانه(). واخيراً فإن تصرف المؤلف في مجموع انتاجه الفكري المستقبل باطل()، وذلك لما في هذا التصرف من حجر على شخصية المؤلف ولمخالفته للنظام العام().

ثانياً- عدم قابلية الحق المالي للحجز:

نظراً لما يتميز به الحق المالي للمؤلف على مصنفه()، وارتباط هذا الحق- الجانب المالي لحق المؤلف- بالحق الادبي- أو الجانب الادبي لحق المؤلف-، فإنه يأبى الحجز. إذ تنص المادة (11) من قانون حماية حق المؤلف على انه: ((لايجوز الحجز على حق المؤلف، ويجوز حجز نسخ المصنف الذي تم نشره ولايجوز الحجز على المصنفات التي يموت صاحبها قبل نشرها مالم يثبت بصفة قاطعة انه استهدف نشرها قبل وفاته))().
إذ يتضح من النص اعلاه أن عبارة –حق المؤلف- الواردة في بدايته تفسر على أن الحق غير القابل للحجز هو الحق المالي للمؤلف وحده او حق المؤلف باستغلاله مصنفه، وذلك لأن الحق الادبي لايصح التصرف به وبيعه، ومن ثم الحجز عليه بداهةً، باعتباره من الحقوق اللصيقة بالشخصية، وبالتالي فإن النص يتعلق بالحق المالي للمؤلف ذاته. وضرورة توافر شروط الحجز من حيث قابلية المال للتنفيذ عليه بالبيع، لذا أجاز القانون الحجز على المصنفات المنشورة او نسخ المصنف المنشور، وذلك لإمكانية التنفيذ عليها().
وبناءً عليه لايمكن ايقاع الحجز على المصنفات التي لم يقرر مؤلفها نشرها، والحكمة من ذلك تتجلى باحترام حق المؤلف بتقرير نشر المصنف أو عدم نشره، وهذا الحق هو من المكنات او السلطات التي يخولها الجانب الادبي للمؤلف، وهي مكنات لايجوز الحجز عليها(). وبالمقابل أن من الجائز الحجز على نسخ المصنف طالما أن المؤلف قد قام بنشرها أو قرر ذلك بصفة قاطعة قبل وفاته، وهذه النسخ تتفق وشروط ايقاع الحجز من حيث قابليتها للتنفيذ بالبيع(). أما فيما يتعلق بحق الاستغلال المالي للمصنف فإن من الممكن ايقاع الحجز عليه، باعتبار أن القانون يجيز التصرف فيه، وهنا يقوم الدائنون بالنشر والبيع واستيفاء حقوقهم().

ثالثاً- قابلية انتقال الحق المالي للورثة:-

يدخل حق المؤلف في الاستغلال المالي لمصنفه ضمن العناصر المكونة للذمة المالية، وينتقل بوفاة المؤلف الى ورثته الشرعيين كل بمقدار حصته من الميراث، ويخلف كل وارث في حصته ورثته من بعده، مادامت مدة حماية المصنف لم تنقض، وهؤلاء جميعاً (الورثة وورثة الورثة) يباشرون حقوق المؤلف المالية على الشيوع(). ولاشك أن الامر يقتضي تطبيق احكام الشيوع في ادارة الحقوق المالية للمؤلف، فيكون رأي الاغلبية هو النافذ().
وأما اذا كان المصنف مشتركاً وتوفي احد المؤلفين له ولم يكن للمتوفى وارث فإن نصيبه يؤول الى بقية شركاء المؤلف في المصنف المشترك وخلفهم مالم يوجد اتفاق على خلاف ذلك(). وهو مانصت عليه الفقرة (ب) من المادة العشرين من الاتفاقية العربية لحماية حقوق المؤلف من انه: ((اذا توفي احد المؤلفين لمصنف مشترك ولم يكن له وارث يؤول نصيبه الى باقي المؤلفين بالتساوي مالم يوجد اتفاق مكتوب على خلاف ذلك))().
وإن كان المصنف عملاً فردياً من المؤلف ولم يكن له وارث، فإن الحق في الاستغلال المالي يؤول الى الدولة التي ينتمي اليها هذا المؤلف(). وهذا مانصت عليه المادة (144) من قانون حماية حق المؤلف اللبناني().

رابعاً- توقيت الحق المالي للمؤلف:-

تعترف التشريعات المتعلقة بحماية حق المؤلف، بأن حقوق المؤلف المالية تتمتع بالحماية طوال مدة حياة المؤلف ولمدة معينة بعد وفاته. وبانتهاء هذه المدة تنقضي الحماية القانونية لحق المؤلف باستغلال مصنفه، ويصبح من الملك العام ومشاعاً لكل من يرغب في استغلاله واستعماله من دون الحاجة الى الحصول على اذنٍ من احد. وذلك لكي يستطيع المجتمع الاستفادة من مبتكرات العلوم والفنون والاداب التي هي في حقيقتها، وان كانت خالصة لمبدعها ومبتكريها، الا أن المجتمع قد أسهم، بشكل أو آخر، في الهام المؤلف في الابداع والابتكار. كما إن المؤلف استفاد من تراكم المعارف والمعلومات في المجتمع وفي حياته ضمن المجتمع، عند اخراج مصنفه الى عالم الوجود، لذلك تعود هذه الحقوق الى المجتمع وتعد جزء من الملك العام(). أما الحقوق الادبية فلا تنقضي ولاتسقط مهما مرت من الاعوام، وان المؤلف الذي يعلم بأن مبتكراته سوف يكتب لها الخلود ويطمئن الى انها لن تمتد اليها يد التبديل والتغيير، يجعله ذلك الضمان مثابراً على الانتاج الفكري والذهني والابتكار().
وتختلف التشريعات المتعلقة بحماية حق المؤلف، فيما بينها في تحديد مدة سريان الحماية القانونية للحق المالي، فهناك من القوانين تحدد هذه المدة بمضي خمس وعشرين سنة على وفاة المؤلف على أن لاتقل مدة الحماية في مجموعها عن خمسين سنة من تاريخ نشر المصنف(). وهناك قوانين تحدد هذه المدة بمضي خمسين سنة على وفاة المؤلف(). وقد اتجه المشرع العراقي في المادة (43) من مشروع قانون حماية حق المؤلف لسنة 1999، الى زيادة هذه المدة الى خمس وسبعين سنة من تاريخ نشر المصنف().

الفرع الثاني
مضمون الحق المالي

ينفرد الباحث بمباشرة الحق المالي- استغلال البحث بما يعود عليه من منفعة أو مردود مالي- حال حياته ولورثته او من يخلفه من بعده خلال مدة سريان الحماية، بحيث لايجوز للغير أثناء سريان هذه المدة الانتفاع بالبحث (باستخدامه او استغلاله مالياً) من دون موافقة او اذن مسبق من الباحث او ممن يؤول اليه هذا الحق().
ونصت المادة الثامنة من قانون حماية حق المؤلف العراقي()، على اغلب صور الاستغلال المالي للمصنف شيوعاً. والتي تتجلى بنشر البحث العلمي من خلال مباشرة عمليات الاستنساخ (اولاً)، والتصريح للغير باستخدامه (ثانياً)، فضلاً عن عرضه علناً على الجمهور (ثالثاً)، واجازة اجراء التعديل والترجمة (رابعاً)، وهو ماسنعرض له تباعاً وعلى النحو الآتي:-

اولاً- نشر (أو استنساخ) البحث العلمي:-

يقصد بنشر المصنف وضعه في متناول الجمهور لأول مرة واعداده في عدد كافٍ من النسخ الملموسة()، ويعد النشر إحدى أهم الوسائل المهمة لاستنساخ المصنف()، أما الاستنساخ فيعني اعادة انتاج العمل (المصنف) واستخراج نماذج مطابقة (نسخ) منه بأي شكل وبأية وسيلة سواء كان ذلك بالطباعة او الاقراص (الليزرية اوالممغنطة) في جهاز الحاسوب أو غير ذلك من الوسائل الاخرى().
وينفرد الباحث، أو من آلت اليه حقوق الاستغلال، بمباشرة النشر والاستنساخ –بمواجهة الكافة- باعتبارها مكنات (أو سلطات) يوفرها الحق المالي المقرر له. ويختلف حق الباحث بنشر بحثه عن حقه بتقرير هذا النشر، إذ يعد الحق الاخير من قبيل الحقوق الادبية- كما بيناه سابقاً-، في حين يعد حق النشر من قبيل الحقوق المالية (المكنات التي يوفرها الحق المالي) والتي يستأثر بمباشرتها الباحث وحده –حال حياته، أو ورثته ومن تؤول اليه هذه الحقوق بعد وفاته- وغير الجائز قانوناً مباشرة الغير لعملية نشر البحث العلمي من دون اذن مسبق او موافقة تحريرية من المؤلف()، مما يفيد امكانية تنازل الباحث عن هذا الحق للغير، او التصريح بمباشرته، سواء أكان ذلك بمقابل أم من دون مقابل، وهو مايوفر للباحث امكانية الانتفاع من بحثه.
وعلى هذا النحو يشمل نشر البحث العلمي القيام بعمليتين، أولهما عمل نسخ منه (الاستنساخ)، وثانيهما طرح هذه النسخ أو وضعها في متناول الجمهور.
فإذا ماقام الباحث بنفسه بمباشرة هذه العملية فإن العقود المحتمل ابرامها ستدور حول تمكين الغير (جمهور المستخدمين مثلاً) من الحصول على نسخة من البحث من اجل استخدامه().
وفي حالة قيام الغير بعملية نشر البحث، فإنه لابد من وجود عقد يتنازل أو يرخص بموجبه الباحث لهذا الغير، عن حق نشر البحث، مع تحديد وسيلة هذا النشر، فضلاً عن امكانية تحديد نطاق جغرافي معين أو فترة زمنية معينة لهذا النشر().

ثانياً- الحق باستخدام البحث العلمي:-

يختلف الحق في استخدام البحث العلمي عن الحق في استنساخه ونشره. إذ يتجلى الاول من خلال الاستفادة من الوظائف التي يؤديها البحث العلمي، في حين ينصرف مفهوم الاستنساخ الى التثبيت المادي للبحث والحصول على نسخة مطابقة منه. اما نشر البحث فيكون من خلال طرح مثل هذه النسخ على الكافة ووضعها في متناول الجمهور.
إذ يمارس الباحث سلطة استخدام بحثه- على وجه الاستئثار- كيفما يشاء وامكانية التنازل عن هذه السلطة او الترخيص بمباشرتها للغير، على نحو يعد استخدام الغير للبحث اذا ماكان من دون اذن او موافقة مسبقة من صاحب الحق على البحث العلمي، انتهاكاً لحقوق هذا الاخير، خلال سريان مدة الحماية المقررة.
واذا كان لصاحب الحق على البحث العلمي أن يمنع الغير من استخدامه، إلا أن هذا الحق لايؤخذ على اطلاقه، إذ تنص اغلب التشريعات المتعلقة بحماية حق المؤلف، على عدد من الاستثناءات على حق المؤلف الاستئثاري، تجيز بموجبها بعض صور الاستخدام للمصنف وإن تم ذلك من دون موافقة او اذن المؤلف. ومن هذه الاستثناءات مايتعلق بالاستخدام الشخصي او الخاص()، وكذلك السماح باستنساخ المصنف واستخدامه في الاغراض العلمية والتربوية والثقافية، اذا كانت بغير قصد تحقيق الربح المادي().

ثالثاً- الحق بالعرض العلني للبحث العلمي او النقل المباشر الى الجمهور:-

يستأثر الباحث بحق عرض البحث على الجمهور بصورة مباشرة وعلنية اياً كانت وسيلة هذا العرض(). كما يستطيع الباحث النزول عن هذا الحق او الترخيص بمباشرته للغير، مما يوفر له امكانية الانتفاع المالي من البحث.
وحتى نكون امام عملية نقل مباشر، ينبغي توفر العلانية، أي أن يتم العرض في مكان عام يستطيع الجميع ارتياده، ولا عبرة بطبيعة هذا المكان، إذ يخرج عن هذا المفهوم العرض الذي يحصل في اطار الاجتماع العائلي او الجمعيات والمنتديات الخاصة، باعتبار ان مثل هذه الاماكن لايستطيع أي من الجمهور دخولها().
بيد انه اذا كانت رغبة متلقي البحث العلمي تتمثل في استخدام البحث بما يخدم تحقيق حاجاته وليس بالضرورة أن تتم عملية الاستخدام من خلال الحصول على نسخة من البحث وانما يمكن القيام به من دون الحصول على نسخة من البحث. فإن الذي يمكن تصوره عن مدى امكانية نقل هذا البحث الى الجمهور بصورة مباشرة من خلال العرض العلني (أو حق التمثيل)، هو من خلال طرح البحث العلمي عبر شبكة المعلومات (الانترنت). كما في الاحوال التي يتم فيها تخزين هذا البحث على موقع (عنوان) ضمن هذه الشبكة، بصورة تسمح للغير، بشروط معينة، باستخدامه. وبذلك تتوافر عملية النقل المباشر للبحث العلمي، إذ لايشترط في هذا النقل أن يتم من خلال الانسان، وانما يمكن تحقيقه عبر الآلة مثل جهاز الحاسوب().
ومما يؤيد ذلك اعتبار بعض التشريعات المتعلقة بحماية حق المؤلف عملية ظهور المصنف على شاشة جهاز الحاسوب حقاً تمثيلياً للمؤلف(). كذلك اعتبار الحق بالعرض او التقديم العلني والمباشر للجمهور يشمل وضع العمل في متناول هذا الجمهور عن طريق الارسال، السلكي اواللاسلكي، للصوت وللصورة او لاحدهما فقط بشكل يسمح للجمهور بسماعه أو برؤيته من اماكن تبعد عن مركز الارسال().

رابعاً- الحق بتحوير البحث العلمي:-

تشمل عمليات تحوير البحث العلمي، اعمال الترجمة والتعديل- سواء بالحذف او الاضافة- والتصحيح الوارد على معلومات البحث العلمي، وهو مايستأثر الباحث- وورثته من بعده خلال سريان مدة الحماية القانونية – بمباشرته، والترخيص للغير او منعهم من ذلك().
ويشترط في مباشرة مثل هذه الاعمال المصرح بها قانوناً، أن تتم بالقدر الذي يتلاءم والغرض من الاستخدام المصرح به، أو تشجيعاً للتطور العلمي، وبصورة لاتهدد حقوق الباحث (أو صاحب الحق على البحث).
وكذلك الحال اذا طرأت أسباب أدبية خطيرة فللباحث أن يطلب من المحكمة الحكم بإدخال تعديلات جوهرية على البحث، على الرغم من تصرفه في حقوق الاستغلال المالي، وبهذا يظهر البحث في نسيج جديد().
الفصل الثالث
وضع عقد البحث العلمي موضع التطبيق

إن وضع عقد البحث العلمي موضع التطبيق يقتضي بيان آثار هذا العقد في ضوء بحث الالتزامات التي يلتزم بها كل طرف لمصلحة الطرف الاخر. ومن ثم بيان مسؤولية الباحث عن الاضرار الناجمة عن تطبيق عقد البحث العلمي. وهذا مانتناوله في مبحثين وعلى الوجه الآتي:-

المبحث الاول: آثار عقد البحث العلمي.
المبحث الثاني: مسؤولية الباحث عن الاضرار الناجمة عن تطبيق عقد البحث العلمي.
المبحث الاول
آثار عقد البحث العلمي

تمهيد:

يعد عقد البحث العلمي من العقود الملزمة لجانبين، الى جانب كونه عقداً من عقود المعاوضة. فهو المصدر الاساسي لالتزامات اطرافه وإن هذه الالتزامات تجد قوتها الملزمة في العقد ويتعين الوفاء بها طبقاً لمبدأ حسن النية وفي كافة مراحل تنفيذ العقد(). وتلك الالتزامات متنوعة يخرج بعضها عن مألوف التزامات الاطراف في العقود القانونية الآخرى.
وتأسيساً على ذلك فإن دراسة آثار عقد البحث العلمي يقتضي منا بيان التزامات كل طرف فيه، هذه الالتزامات التي تتقابل فيما بينها بحيث يمكن القول إن أداء كل طرف لالتزاماته مرتبطة أشد الارتباط بأداء الطرف الآخر لالتزامه. واذا كنا سنقف على هذه الالتزامات الخاصة، فانه يمكننا القول أن ثمة التزاماً رئيسياً يقع على عاتق الباحث هو مايعبر عنه بالالتزام بالبحث العلمي ((((L’obligation de recherche scientifique. هذا الالتزام الذي لن يستطيع الباحث القيام به الا اذا كان يقابله قيام المستفيد بالوفاء بالالتزام بالتعاون، ذلك أن المستفيد إذا كان ينتظر من الباحث أن يقدم له بحثاً علمياً، ((عن عمليات التحليل او التشخيص الطبي او دور مؤسسات المجتمع المدني في بناء مستقبل الدولة واثرها على نشر الوعي الديمقراطي في البلد- مثلاً-))، فإن الباحث ينتظر من المستفيد التعاون حتى يمكنه من تقديم بحث علمي متكامل يؤدي الى تجاوز المشكلة التي تعترضه.
هذا الالتزام الذي يقع على عاتق المستفيد في اغلب الاحوال ينص عليه صراحة في هذا النوع من العقود، إذ نلزمه بتقديم كل الوسائل اللازمة للباحث خلال فترة اعداده للبحث العلمي، على النحو الذي سنعرض منه مضمون الالتزام بالتعاون ((L’obligation de collaboration)).
والحديث عن التزامات طرفي العقد يفرض علينا التعرض لأوليات هذه الالتزامات، الا وهي التزام المستفيد بدفع المقابل لأداء الباحث. فعقد البحث العلمي شأنه في هذا الصدد شأن سائر العقود الملزمة لجانبين. والالتزام الرئيسي الذي يقع على المستفيد هو دفع المقابل النقدي لخدمة الباحث العلمي، فالمستفيد يطلب المعرفة العلمية من المتخصص. وهو يرمي في أن يستفيد من الخبرة والمعرفة والمعلومات التي ينفرد بها الباحث. وفي سبيل ذلك يقوم بدفع ثمن تطبيق هذا الفن الذي يجهله. وليس معنى ذلك أن هذا الالتزام هو الالتزام الوحيد الذي يقع على عاتق المستفيد، فكما سبق القول فالباحث يمنح عميله معرفة علمية تعبر عن خلاصة فكره وتخصصه الفريدين. فهو ابتكار يعبر عن خلاصة عمل ذهني مضنٍ. ومن ثم فهذه الطبيعة الخاصة لالتزام الباحث والذي هو جوهر عقد البحث العلمي، فإنه يلقى عليه من ناحية مجموعة من الالتزامات يقابلها على الصعيد الآخر التزامات تقع على عاتق المستفيد. ومن هنا كان التزام المستفيد بعدم الاعتداء على الحقوق المقررة للمؤلف. من قبيل التزامات الباحث التي تفرضها طبيعة هذا العقد مايعرف بالالتزام بالسرية
L’obligations de confidentialite”، حيث اننا إذا كنا نلزم المستفيد بوجوب اعلام الباحث بكافة المعطيات التي تساعده في اعداد البحث العلمي، وهذا مايعرف –ايضاً- بالالتزام بالاعلام L’obligation de d'information” والذي يعد تطبيقاً لالتزامه بالتعاون، فإن وفاءه بهذا الالتزام يتضمن بالضرورة أن يطرح أمام الباحث كافة المعطيات الخاصة بالبحث العلمي المطلوب اعداده من الباحث مدعمة بالمستندات معتمداً في ذلك على الثقة التي تولدت في شخص الباحث والتي كانت من احد سمات هذا العقد()، والتي تتحقق من خلال عدم قيام هذا الباحث او مستخدميه بإفشاء محتويات هذه المستندات في مكان عام او لمنافسي المستفيد. هذا الالتزام الذي يقع على عاتق الباحث هو ما يعرف بالتزامه بضمان سرية التعامل.
لذا فإن بحث التزامات اطراف العقد يستلزم تقسيم هذا المبحث على مطلبين نتناول في الاول التزامات الباحث فيما نبحث في الثاني التزامات المستفيد، أما الحقوق فلا داعي لافرادها بصورة مستقلة على اعتبار ان التزامات كل طرف في العقد تمثل حقوق الطرف الثاني.

المطلب الأول
التزامات الباحث

يلتزم الباحث بمقتضى عقد البحث العلمي بتقديم البحث العلمي الى المستفيد والالتزام بضمان سرية المعلومات المستحصلة بمناسبة العلاقة مع المستفيد.
ونبحث كل التزام من هذه الالتزامات في فرعٍ مستقل وذلك كالآتي:-

الفرع الأول
الالتزام بتقديم البحث العلمي

الالتزام الرئيس الذي يترتب في ذمة الباحث هو الالتزام بإنجاز العمل المتفق عليه عن طريق قيامه بإعداد البحث العلمي وتقديمه للمستفيد. ولاشك في أن هذا الالتزام يعد جوهر عقد البحث العلمي وغايته، وأن الوفاء به يعتمد بالدرجة الاساس على كفاءة الباحث وخبرته وتفوقه العلمي في مجال اختصاصه. وستقتصر دراستنا لهذا الالتزام على جوانبه القانونية والمتمثلة في المضمون والطبيعة ومكان وزمان التسليم وذلك على النحو الآتي:-

اولاً- مضمون الالتزام بتقديم البحث العلمي:

يعد الالتزام بتقديم البحث العلمي التزاماً اصلياً ناشئاً عن العقد المبرم بين الباحث والمستفيد. وليس مجرد التزام تابع او واجب ملقى على عاتق الباحث فحسب. ويلزم الباحث بأن يقدم للمستفيد بحثاً علمياً يحتوي على مجموعة منسجمة من المعلومات، وهذه المعلومات ينبغي ان تكون معبرة عن أداء متميز يتفق واصول المهنة والقدرة التي ينفرد بها الباحث في تخصصه. كذلك ينبغي أن يكون البحث العلمي ملائم لحاجة المستفيد ويعطيه الخيار الافضل إزاء مايروم عمله من فعلٍ أو امتناع.
والوفاء بهذا الالتزام يعد بحق نقلاً للمعرفة العلمية والاخلال به يؤدي الى عدم تحقيق نتائج هذه المعرفة. وهكذا فإن المعرفة العلمية، وكما أوضحنا عناصرها وعرفناها في الفصل الاول من هذه الاطروحة، إذا تم نقلها بحسن نية مع مراعاة الشروط التعاقدية فإنها بلا شك تأتي بالنتائج المتوقعة.
كما إن خصوصية هذا الالتزام تتمثل في إن عقد البحث العلمي يعطي الحق للمستفيد في استغلال المعرفة العلمية الخاصة بالباحث. بيد أن الطبيعة المعنوية لهذا الحق تجعل من المتعذر على الباحث استرداده عند انتهاء العقد بعد أن يكون المستفيد قد علم بهذه المعرفة.
ويثير مدى تنفيذ الباحث لهذا الالتزام اساس الخلافات التي تثور مع المستفيد، كما هو الشأن في كل العقود، وبسبب الطابع المعنوي للمعرفة العلمية فإنه يصعب تحديد عناصرها بدقة متناهية تحول دون أي خلاف يثور بشأنها. لذا يكون تطبيق مبدأ حسن النية ذا اهمية كبيرة بل ضرورة لامناص منها لحسم النزاع على اساسها.
وقد ينصب عقد البحث العلمي على نقل ملكية البحث العلمي الى المستفيد. كما ينصب على اعطاء المستفيد حق استغلاله، إذ يخول العقد المستفيد حق استغلال البحث العلمي. لذا يقع على الباحث التزام اساسي هو تمكين المستفيد من استغلال البحث العلمي في ممارسة النشاط المتفق عليه في العقد وخلال المدة المتفق عليها. كأن يتفق على أن تؤول حقوق الملكية للمستفيد ويحظر على الباحث نشر المصنف او البحث العلمي الا بعد مرور مدة زمنية محددة().
وينبغي أن يلاحظ هنا أن استعمال المستفيد للمعلومات من البحث العلمي ليس من شأنه سلب الباحث الحق في استغلالها فلا يغل عقد البحث العلمي يد الباحث من التصرف بالمعلومات بما يشاء من التصرفات بأن ينقل ملكيتها للغير أو استغلالها في اعداد بحث علمي آخر، شريطة احترام حقوق المستفيد في عدم التجاوز على النطاق الذي يعملون فيه، بغية المحافظة على سرية المعلومات().
كما إن الالتزام بإعداد البحث العلمي وتقديمه يمر بالمراحل الثلاث الآتية:-
1) مرحلة البحث عن المعرفة واعداد تصور عام للخيارات الانسب للمستفيد. وتحديد النقاط الرئيسة والفرعية التي تشتمل عليها المشكلة(). ويجد الباحث نفسه في هذه المرحلة ازاء عدة خيارات وحلول يمكن طرحها. تكمن الصعوبة في ايجاد الخيار الانسب للمستفيد واستبعاد الخيارات التي لاتتوافق مع مصلحة المستفيد. ولايقتصر واجب الباحث على وضع تصور مستند الى ماهو موجود في علمه فحسب، وانما ينبغي عليه بذل الجهد المعقول في البحث والتقصي للوصول الى الطرح الامثل للمستفيد.
2) مرحلة تجميع البيانات والمعلومات اللازمة وتدوينها().
3) مرحلة تقديم البحث العلمي والتي ينبغي ان تكون مناسبة ودقيقة بحيث تمكن المستفيد من الاعتماد عليها. ويلزم الباحث بأن يقدم البحث العلمي طبقاً لما تقرره بنود عقد البحث العلمي والطريقة المتفق عليها فيه.
ويقتضي التسليم في عقد المقاولة()، تنفيذ انجاز العمل المعهود به- اعداد البحث العلمي- ومن ثم وضع هذا البحث تحت تصرف المستفيد- رب العمل- على وجه يتمكن معه من حيازته والانتفاع به من دون أي حائل.
وأن يكون المعقود عليه- البحث العلمي- مطابقاً للمواصفات، وهذا يعني بالضرورة خضوع البحث العلمي الى تقويم لقيمته العلمية والعملية من قبل الخبراء و المقومين لكتابة تقرير في صلاحية هذا البحث العلمي من عدمه مع الملاحظات. في ضوء مراعاة الباحث للنواحي الموضوعية والشكلية في كتابة البحث العلمي().