منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - عاجل إلى الأخ عباس: المسؤولية الجزاية للشخص المعنوي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-24, 18:39   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
أمينة87
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية أمينة87
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


المبحث الثانـي
الجرائـم المرتكبة في إطار المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي

خلافا للشخص الطبيعي الذي يمكن متابعته جزائيا من أجل أية جريمة منصوص ومعاقب عليها في قانون العقوبات وباقي النصوص العقابية الأخرى متى توافرت أركان الجريمة وشروط المتابعة، فإنه لا يجوز متابعة الشخص المعنوي ومساءلته جزائيا إلا إذا وجد نص يفيد بذلك صراحة. ذلك أن مسؤولية الشخص المعنوي خاصة ومتميزة إضافة إلى خضوعها لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات ،إذ لا جريمة ولا عقوبة ولا تدابير أمن إلا بنص.

غير أن المطلع على التشريعات التي أقرت هذا النوع من المسؤولية يكتشف أنها لم تحصرها في جرائم معينة، بل عملت على توسيع نطاقها والحفاظ على خصوصيتها.

وهكذا يسأل جزائيا الشخص المعنوي في القانون الفرنسي عن كافة الجرائم الواقعة على الأموال أو الأشخاص أو الدولة ... [35]

فهل هو ذات النهج الذي سلكه المشرع الجزائري في تعديل قانون العقوبات، بعد الإقرار الصريح لمبدأ المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ؟

الجواب سيكون بالنفي وهو ما سيتم عرض أسبابه عند التطرق إلى الجرائم محل المساءلة سواء منها الواقعة على الأشخاص- تكوين جمعية الأشرار- "مطلب أول"

أو الواقعة على الأموال : * تبييض الأموال .

* المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات -"مطلب ثاني".

المطلـــب الأول
الجرائـــم الواقعـــة علـى الأشخـــاص

على خلاف المشرع الفرنسي الذي نص تحت عنوان"الجرائم ضد الأشخاص" بعد إقراره بمسؤولية الشخص المعنوي، على37 جريمة من معدل89 لتشمل بذلك كل الجرائم العمدية وغير العمدية إضافة إلى التعديلات المتعاقبة والقوانين المستحدثة [36] لتوسيع إطار هذه المسؤولية حتى تصل إلى عدد كبير من الجرائم، وهو ما تم تفعيله من طرف القضاء بتأكيده على مسؤولية هذا الأخير عن أي خطأ من شأنه تعريض حياة أو صحة الأفراد إلى خطر دونما أي تحديد إذا كان بصورة عمديه أو غير عمديه.

نجد بالمقابل المشرع الجزائري الذي ضيق في مجال هذه المسؤولية وحصرها من حيث الجرائم الواقعة على الأشخاص في: جريمة تكوين جمعية الأشرار .

فما مدلولها وما هي أركانها وشروط قيامها في مواجهة الشخص المعنوي ؟

تفعيلا لمبدأ إقرار المسؤولية الجزائية في إطار مبدأ المشروعية جاء في القسم الأول من الفصل السادس النص عن جريمة تكوين جمعيات الأشرار ومساعدة المجرمين.

فنصت المادة 177 مكرر1"يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا وفقا للشروط المنصوص عليها في المادة51 مكرر أعلاه عن الجرائم المنصوص عليها في المادة 176 من هذا القانون ".

وبالرجوع إلى المادة176 قانون عقوبات التي تضع لنا الإطار العام لهذه الجريمة المتمثل في القيام بأعمال تحضيرية بغرض الإعداد لجناية أو جنحة معاقب عليها بخمس سنوات حبس على الأقل ضد الأشخاص أو الأملاك، و الأصل أن مثل هذه الأفعال غير معاقب عليها لانتفاء البدء في التنفيذ، غير أن الخطورة التي يشكلها الاشرارعند تجمعهم أدى بالمشرع إلى إحداث هذه الجريمة المستقلة و تضمين الشخص المعنوي كمحل للمساءلة بجانب الشخص الطبيعي بحسب مركزه في الجريمة فاعل أصلي أو شريك، ولتضمين هذه الجريمة وإسقاطها على فحوى الشخص المعنوي محل التجريم يتطلب جملة من الأركان وإن كانت تثير بعض الإشكالات عند التطبيق يفرزها ذات النص [37] .

الركن الأول : الجمعية أو الاتفاق:

لم يعرف فانون العقوبات المقصود بالجمعية ولا بالاتفاق لا في مفهوم الشخص الطبيعي ولا المعنوي، غير أن المسلم به أن الجمعية أو الاتفاق يقتضي شخصين أو أكثر، إضافة إلى توفر شرطي المادة 51 مكرر أي أن تتكون هذه الجمعية أو الاتفاق تحت مفهوم أحد الأشخاص المعنوية موضع المساءلة كما سبق بيانه، للإعداد لجناية أو جنحة باسمه ولحسابه بواسطة أحد أعضاءه أو ممثليه.

ولهذه الجريمة ما يميزها عن باقي الجرائم، فهي جريمة فريدة من نوعها يصعب تصنيفها وربطها مع طبيعة الشخص المعنوي، فهي من جهة تعاقب على مجرد الأعمال التحضيرية ومن جهة أخرى تتصل بمجموعة كبيرة من الجرائم ضد الأشخاص أو الأموال يعقد تصنيفها، والتي كان من الأحرى لو أضفيت في إطار مبدأ الشرعية وأدرجت كجرائم مستقلة كمحل لمساءلة الشخص المعنوي بعيدا عن غطاء جمعية الأشرار.

الركن الثاني : غرض الجمعية أو الاتفاق:

يتمثل في الإعداد لجناية أو جنحة معاقب عليها ب05 سنوات حبس على الأقل ضد الأشخاص أو الأملاك مجسدة في فعل أو عدة أفعال مادية.

ومن خلال إستقراء فحوى هذا الركن من المادة 176 قانون عقوبات نلمس مجال التجريم الذي رسمه المشرع الجزائري حتى يكون الشخص المعنوي موضع مساءلة جزائية عن جريمة تكوين جمعية الأشرار، في الإعداد لجنايات أو جنح ضد الأشخاص أو الأملاك، وهي الجرائم المنصوص عليها في الجزء الثاني ، الكتاب الثالث ، الباب الثاني منه.

وبالرجوع إلى هذا الجزء نجد مجموعة كبيرة من الجرائم التي تدخل تحت إطار هذا المفهوم. فمن قبيل الجرائم ضد الأشخاص: جرائم العنف العمد كالقتل، التعذيب، الضرب والجرح العمد، التهديد، وجرائم الاعتداء على الحريات الفردية وعلى شرف واعتبار الأشخاص...

ومن قبيل الجرائم ضد الأملاك السرقة، النصب، إصدار شيك بدون رصيد والإفلاس، التعدي على الملكية العقارية، إخفاء الأشياء المسروقة، تبييض الأموال والمساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات...

أمام هذا العدد المعتبر من الجرائم المكرسة لمسؤولية الشخص المعنوي تحت غطاء تكوين جمعية الأشرار، يصبح محل مساءلة على مجموع الجرائم الواقعة على الأشخاص أو الأملاك متى ارتكبت باسمه ولحسابه من طرف أجهزته أو ممثليه، ووقعت تحت أحكام المادة 176 قانون عقوبات، وتوافرت شروط المادة 51 مكرر.

إلا أننا نتساءل عن أسباب استبعاد الجنايات والجنح الواقعة على الأسرة والآداب العامة أو التي تستهدف ارتكاب جرائم ضد الشيء العمومي وأمن الدولة ؟ إضافة إلى أسباب الاستبعاد المطلق للمخالفات والجنح التي تقل عقوبتها عن 05 سنوات حبس من دائرة المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي؟

يصعب البحث عن نية المشرع والأسباب الدفينة التي جعلته يحصر مسؤولية الشخص المعنوي في إطار الجنايات والجنح الواقعة على الأشخاص والأملاك، بالرغم من أنه كلما وسع إطار التجريم وفق مبدأ الشرعية أصبح يخدم أكثر فأكثر السياسة الجنائية المسطرة، حتى يتم تكييف قانون العقوبات مع التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية قصد التكفل بالأشكال الجديدة للإجرام الناتجة عنها.






المطلـب الثانــــي
الجرائـم الواقعـــة علـى الأمــوال

رغم ما أبدي من افتراضات على مبدأ المسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية، إلا أن الإقرار بهذه المسؤولية كان أمرا ضروريا لمواجهة العديد من الجرائم الخطيرة التي ترتكب باسم ولصالح الشخص المعنوي ويترتب عليها أضرار جسيمة لا يمكن مواجهتها أو التعويض عنها إلا بمساءلة الشخص المعنوي جزائيا، خاصة في ظل التطورات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تفرض التحيين المستمر والدائم للقوانين الجزائية.

وفي هذا الإطار نص المشرع الفرنسي في الكتاب الثالث المتعلق بالجرائم ضد الأموال على مسؤولية الشخص المعنوي الجزائية بصورة أوسع من الجرائم الواقعة على الأشخاص إذ حصرها في19 حالة من مجموع 22، إضافة إلى طائفة من الجرائم ضد الأمة الدولة أو السلم العام [38]...

على خلاف ذلك نجد المشرع الجزائري الذي ضيق من مجال الجرائم الواقعة على الأموال وحصرها في جريمتي:

v تبييض الأموال
v المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات .

1- جريمة تبييض الأموال :

تعتبر جريمة تبييض الأموال من أهم الجرائم المتفشية في الوسط الاقتصادي وعالم الأعمال، حيث يتم تداول رؤوس الأموال الضخمة عبر وسطاء وعملاء غالبا ما تكون المؤسسات البنكية عنصر فعالا فيها، إضافة إلى الشركات والمؤسسات الاقتصادية، وقلما تجد شخص طبيعي يتعامل باسمه ولحسابه في هذا المجال، فالأصل فيه أن يكون ممثلا قانونيا لشخص معنوي حقيقي أو شخصا وهميا لا يوجد سوى على الورق لتسهيل عمليات تبييض الأموال.

كل ما تقدم ذكره يجعل الأنظار تتجه إلى التساؤل عن مدى إمكانية إسناد هذا الفعل المجرم إلى الشخص المعنوي ؟

ويقصد بتبييض الأموال إخفاء المصدر الإجرامي للممتلكات والأموال، لا سيما المال القذر لذا تمر عملية التبييض من الناحية التقنية بثلاث مراحل بداية بالتوظيف، فالتمويه ثم الإدماج.

أمام خطورة هذه الجريمة جاء ضمن نفس التعديل لقانون العقوبات الذي جرم فيه فعل تبييض الأموال بنص صريح على قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي حال ارتكابه لهذه الجريمة، وذلك طبقا للمادة 389 مكرر7 من الفصل الثالث القسم السادس مكرر فيعاقب الشخص المعنوي الذي يرتكب الجريمة المنصوص عليها في المادتين 389 مكرر1(يعاقب كل من قام بتبييض الأموال...) و389 مكرر2(يعاقب كل من يرتكب جريمة تبييض الأموال على سبيل الاعتياد أو باستعمال التسهيلات التي يمنحها نشاط مهني أو في إطار جماعة إجرامية...).

وبعد الربط بين هذه النصوص واستقراءها نحدد البنيان القانوني والجرائم التي يسأل عنها الشخص المعنوي في إطار هذه الجريمة في:

تبييض الأموال وفق التقنيات السابق ذكرها، أو استعمال التسهيلات التي يمكن أن يقدمها نشاط مهني، أو في إطار جماعة إجرامية.

ولحداثة هذه الجريمة سوف نتطرق إلى شروط قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عند ارتكابه للأفعال المنوه عنها أعلاه.

فلا يكفي أن ترتكب هذه الجريمة ضمن نشاط الشخص المعنوي بل يجب أن تكون مرتكبة من قبل هيئاته ولمصلحته وحسابه، وبالتالي فهو لا يسأل سوى عن الأفعال التي يتم تحقيقها لمصلحته ولفائدته سواء كان صاحب الأموال المبيضة، أو أنه يتحصل على ربح أو فائدة مقابل اشتراكه في عملية تبييض الأموال أو مساعدته على ذلك، مادام كل هذا يدخل ضمن الركن المادي للجريمة في عنصرية: الفعل الإيجابي وهو تحويل الممتلكات العائدة من الجريمة أو نقلها، إضافة إلى الغرض المبيت من وراءها المجسد في الإخفاء أو التمويه للمصدر غير المشروع لتلك الممتلكات [39].

وإذا كانت الجريمة لا تلتئم إلا بتوافر فعل مادي ليس من الضروري أن يترتب عن هذا الفعل نتيجة مضرة حتى تكون الجريمة قابلة للجزاء،فإذا تحققت نكون بصدد الجريمة التامة و إذا لم تتحقق نكون بصدد الشروع أو محاولة ارتكاب الجريمة,

فأما في ما يخص جريمة تبييض الأموال تتحقق المحاولة بمجرد القيام بعمليات مالية تمهيدا لارتكاب الجريمة بشرط التثبت بأن العمليات المالية محل البحث و التحقيق قد تمت بهدف إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع للأموال الناتجة عن ارتكاب جناية أو جنحة,

وبالتالي فإن كشف القيام بأعمال مادية أو قانونية بهدف تبييض الأموال قبل تحقيق الغاية الجرمية المقصودة من أصحاب الأموال المشبوهة يشكل محاولة أو شروعا في جريمة تبييض الأموال,

و هكذا فإن إدخال الأموال في الدورة المالية التوصيف من أجل إخفاء مصدرها غير المشروع أي التجميع دون الوصول إلى جعل الأموال مشروعة الدمج ليست خارجة عن إرادة الشخص المعنوي يعتبر محاولة لتبييض الأموال,

ولعل أحسن صورة في هذا المجال ما تقدمه البنوك والمؤسسات المالية خلال عمليات التحويل والإيداع للأموال غير المشروعة مقابل ما تحصل عليه كعمولة، أو ما تقوم به الشركات ذات رؤوس الأموال غير المشروعة من عمليات وهمية لتطهير وتبييض رأس مالها تسهيلا لاستغلاله واستثماره، كذالك عندما يقوم المبيضون بتأسيس شركة أو غيرها، بإنشاء مؤسسة إجتماعيةأو بشراء عقارات و بإعادة بيعها أوغيرها من التصرفات التي يقصد بها إدخال الأموال غير المشروعة في تلك المشاريع لإخفاء مصدرها المشبوه الناتج عن جريمة معينة، فإن ذالك يشكل البدء في تنفيذ تبييض الأموال،و عندما يتم إجهاض عملية التبييض و عدم الوصول إلى مرحلة شرعنة تلك الأموال القذرة لسبب خارج عن إرادة الفاعل فتكون عناصر المحاولة قد تحققت.

كما يشترط لقيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي أن تكون جريمة التبييض مرتكبة من قبل هيئات الشخص المعنوي، وهو الطاقم المسير له والمتمثل بالضرورة في مجموعة الأشخاص الطبيعية التي تعبر عن إرادته، ويستوي الأمر أن يكون هؤلاء الأشخاص فاعلين أصليين أو شركاء أم مجرد مساعدين للإفلات من العقاب، غير أنه يشترط أن يكون الفعل لصالح وحساب الشخص المعنوي وليس لحساب الشخص الطبيعي المسير له، وإن كان هذا لا يعفيه من المتابعة الجزائية بصفة شخصية لنفس الأفعال كما جاء في نص المادة51 مكرر فقرة2 قانون عقوبات.

2- جريمة المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات :

يلاحظ عدم وجود اتفاق على مصطلح معين للدلالة على هذه الظاهرة المستحدثة،فهناك من يطلق عليها ظاهرة الغش المعلوماتي أو الاختلاس المعلوماتي أو الجريمة المعلوماتية،و من هذه التعريفات:

أنها تشمل أي جريمة ضد المال مرتبط باستخدام المعالجة الآلية للمعلوماتية ، وهناك جانب من الفقه الفرنسي حاول وضع تعريف لها في الاعتداءات القانونية التي ترتكب بواسطة المعلوماتية بغرض تحقيق الربح [40] .

بينما المشرع الجزائري جرمها تحت اسم المعالجة الآلية للمعطيات في المواد من 394 مكرر إلى 394 مكرر7من الفصل الثالث القسم السابع مكرر وأفرد نص المادة394 مكرر4 كأساس لمساءلة الأشخاص المعنوية عن هذه الجريمة(يعاقب الشخص المعنوي الذي يرتكب إحدى الجرائم المنصوص عليه في هذا القسم...)

وأمام هذا الاختلاف في وضع تعريف موحد كيف يمكن متابعة الشخص المعنوي ومساءلته عن هذه الجريمة في ظل تعديل قانون العقوبات الجزائري ؟.

للجواب نتطرق إلى أركان الجريمة المجسدة في صورتين أساسيتين [41]:

أولا: الدخول في منظومة معلوماتية:

تتسع هذه العبارة على إطلاقها لتشمل كل فنيان الدخول الاحتيالي، إضافة إلى حالة البقاء بعد الدخول الشرعي أكثر من الوقت المحدد وذلك بغية عدم أداء إتاوة من طرف احد ممثلي الشخص المعنوي و لحسابه.

ثانيا : المساس بمنظومة معلوماتية:

في هذا الصدد تتحدث المادة 394 مكرر1 عن كل من أدخل بطريقة الغش معطيات في نظام المعالجة الآلية، أو أزال أو عدل بطريق الغش المعطيات التي يتضمنها.

وعلى ذلك يأخذ الفعل صورتين:

Ø إدخال معطيات في نظام المعالجة الآلية غريبة عنه بهدف تحقيق أرباح طائلة من وراء ذلك، سواء تم ذلك في مؤسسة مالية أو بنك أو شركة، كأن يقوم الشخص المعنوي بواسطة أحد أجهزته أو ممثليه باسمه ولحسابه خاصة في الشركات الكبرى حيث يكثر عدد الموظفين وبطبيعة الحال فيهم من يترك الوظيفة لأسباب متعددة حينها يتمكن مس ؤول إدارة بالإبقاء عليهم مع الاحتفاظ بالمعلومات الخاصة بهم ومن ثم يقوم بتحصيل دخلهم بعد استلام الشيكات النقدية الخاصة بهم.

Ø تخريب المعطيات التي يتضمنها نظام المعالجة الآلية، إذ من بين تقنيات التدمير الناجمة والتي تصيب النظام المعلوماتي بأضرار جسيمة يصعب تفاديها، تبرز فيروسات الحاسب الآلي وهي تمثل المركز الأول في هذه التقنيات تصيب البيانات والبرامج بالشكل التام.

ومن التطبيقات القضائية في فرنسا قضى بأنه يقع تحت طائلة المادة 329/3 ق ع المقابلة للمادة 394/ مكرر1 تعمد إدخال فيروس معلوماتي في برنامج logiciel الغير والامتناع عن إخباره بذلك، كذلك بالنسبة لشركات صانعي البرامج عندما يكونوا مسؤولين عن الصيانة طبقا للعقد المبرم بينهم وبين المستخدم، إذ يقوموا بزراعة فيروس معين يعطل البرنامج وفي نفس الوقت يعطي انطباعا يفيد أن سبب العطل هو سوء استعمال المستخدم و خطاه، ومن ثم يهرع لطلب الصيانة وتكون هذه الوسيلة لابتزاز المستخدم والإثراء على حسابه ،كما جرمت المادة 394 مكرر2:

كل تصميم أو بحث أو تجميع أو توفير أو نشر أو الاتجار في معطيات مخزنة أو معالجة أو مرسلة عن طريق منظومة معلوماتية يمكن أن ترتكب بها إحدى هـذه الجرائم سالفة الذكر.

إضافة إلى حيازة أو إنشاء واستعمال لأي غرض كان المعطيات المتحصلة من إحدى جرائم الغش المعلوماتي.

في حين أبقى قانون العقوبات الشخص المعنوي خارج دائرة التجريم في بعض الأفعال نذكر: المساس بحقوق الأشخاص عن طريق المعلوماتية ومنها: جمع المعلومات حول الأشخاص والمعالجة المعلوماتية للمعلومات التي تم جمعها وتحويل المعلومات الاسمية عن مقصدها.

تزوير الوثائق المعالجة إعلاميا كبطاقات القرض التي لا تشملها جريمة التزوير كما هي معرفة في قانون العقوبات لاسيما المادة 222 وما يليها [42] .

أمام هذه المعطيات نتساءل عن كيفية إثبات أركان هذه الجريمة وربطها مع شروط المادة 51 مكرر قانون عقوبات في مواجهة الشخص المعنوي؟

خاصة أن التعامل في الإثبات لم يعد ينحصر في المستند الورقي، وإنما تعداه إلى التسجيلات والمحررات الإلكترونية مما يفرض على المشرع تسهيلا لعمل القاضي أن ينظم هذه المسائل من خلال نصوص تشريعية تعالج هذا الأمر نظرا لدقة الجريمة و حداثتها.

وما يمكن قوله في الأخير عن مجال التجريم من حيث الجرائم، أن هذه القائمة جاءت مقتضبة مما يجعل مجالات عديدة تفلت من المسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية، الأمر الذي يصعب الوضع على القاضي المقيد بمبدأ الشرعية فيكون ملزما بإيجاد حلول وتكييفات متقاربة للنزاعات التي تعرض عليه، كما قد يجد نفسه أمام ضرورة عدم إقرار هذه المسؤولية أصلا في غياب النص تماما.


المبحث الثالث
شـروط قيام المسؤولية الجزائية للأشخاص المعنويـة

تعتبر المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي مسؤولية غير مباشرة لأنه لا يمكن تصورها إلا بتدخل الشخص الطبيعي، باعتباره كائنا غير مجسم لا يمكنه أن يباشر النشاط إلا عن طريق الأعضاء الطبيعيين المكونين له.

لذلك نص تعديل قانون العقوبات في المادة 51 مكرر على الشروط التي من خلالها تنسب المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي رغم ارتكابها من طرف شخص طبيعي.

وإذا كانت مسؤولية الشخص الطبيعي لا تثير إشكالا إذ يمكن تحديدها بالنظر إلى ركني الجريمة المادي والمعنوي، فإن هذا المعيار لا يصلح عندما يتعلق الأمر بالشخص المعنوي، لذا يقتصر دور القاضي في البحث أولا عن الجريمة محل المساءلة والنص القانوني المطبق عليها، ثم شروط نسبتها بطريقة غير مباشرة باعتبارها مسؤولية مشروطة لإعمالها يجب أن ترتكب لحسابه وبواسطة أعضائه أو ممثليه.

وهما الشرطان اللذان سوف نوضحهما تباعا في مطلبين مستقلين:

المطلـــب الأول
ارتكــاب الجريمـــة لحســاب الشخـــص المعنـــــوي

عبر المشرع عن هذا الشرط في المادة 51 مكرر فقرة أولى قانون عقوبات (...يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا عن الجرائم التي ترتكب لحسابه).

وهو ما يقابله في التشريع الفرنسي حكم المادة 121/2 قانون عقوبات [43] .

فماذا نعني بهذا الشرط؟

من خلال المعنى العام للنص وبمفهوم المخالفة نفهم بأن الشخص المعنوي لا يسأل عن الجريمة التي تقع من ممثله إذا ارتكبها لحسابه الشخصي أو لحساب شخص آخر.

إلا أن الملاحظ من خلال استقراء النص ووضعه في مجال التطبيق أنه سيطرح لا محالة صعوبة من حيث التمييز بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة، مما يجعل هذا الشرط أقل صرامة مما لو استعملت عبارة "بواسطة ممثليه وباسمه ولمصلحة أعضائه".





لذا لكي تقوم المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي، لا بد من ارتكاب جريمة بجميع أركانها المادية والمعنوية سواء في مواجهة شخص طبيعي أو معنوي من طرف جهاز أو ممثل هذا الأخير، إما بهدف تحقيق ربح مالي كتقديم رشوة لحصول مؤسسة اقتصادية على صفقة، أو الحصول على فائدة أو تفادي خسارة، طالما قام بها وهو بصدد ممارسة صلاحياته في الإدارة والتسيير حتى وإن لم يحقق من وراءها أي ربح مالي [44] .

وفي هذا الإطار اعتبر القانون الفرنسي أن أعمال التمييز التي يقوم بها مدير شركة وهو بصدد التوظيف، تسأل عليها الشركة حتى وإن كان لا يجني من وراءها أي ربح لهذه الأخيرة مادام قد تصرف لحسابها ،وتدعمه مقولة Henri donnedien de Vabres [45] "أنه بالإمكان أن يصبح الشخص المعنوي مسؤولا من خلال الشخص الطبيعي الذي يمثله ويرتكب الأفعال في مكانه ولمصلحته".

وعليه فإن حلول الشخص الطبيعي مكان الشخص المعنوي من حيث التعبير عن إرادته وإدارة وتسيير ممتلكاته تخرجنا عن دائرة المسؤولية عن فعل الغير، وتضعنا أمام تطبيق القواعد العامة في القانون الجنائي المطبقة أساسا على الشخص الطبيعي.

مما يقود إلى طرح التساؤل حول إمكانية مساءلة الشخص المعنوي كفاعل أصلي أو شريكا عن جرائم تبييض الأموال، المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات، تكوين جمعية الأشرار؟

نقول أن المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي كفاعل أصلي تقوم كقاعدة عامة- خاصة بعد الإقرار الصريح في أحكام المادة 51 مكرر - بتوافر الركن الشرعي، المادي والمعنوي للجريمة، الناتج عن ممثله أو أحد أجهزته باعتبارهما فاعلين أصليين متى ارتكبت الجريمة باسمه و لحسابه، طالما كان نشاطه يدخل تحت أحكام المادة 41 قانون العقوبات.

ويعتبر شريكا من خلال اشتراك أجهزته أو ممثليه في جريمة معينة باسمه ولحسابه وفق شكل من أشكال المساهمة الجنائية المحددة في المادة 42 قانون عقوبات في المساعدة أو المعاونة على ارتكاب الأفعال التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة لها.

كما يمكن أن يسأل الشخص المعنوي عن الشروع في ارتكاب الجريمة من طرف ممثليه أو أحد أجهزته حتى ولو تم توقيفه عن إتمامها في مرحلة التنفيذ .

وتبعا لذلك ونظرا لطبيعة الشخص المعنوي الخاصة، المجردة وغير الملموسة فإن من غير الممكن تصور قيامه بالعناصر المادية للجريمة وتوجيه إرادته لإحداثها، لذا يحتاج إلى تدخل شخص طبيعي يستطيع أن يرتكب أفعالا مجرمة تنسب رغم ذلك إليه، وأمام هذا يجدر بنا أن نتساءل: هل أن المسؤولية التي تقع على الشخص الاعتباري تزيح إمكانية مساءلة الشخص الطبيعي الذي أرتكب الجريمة مباشرة أم يمكن أن نجمع المسؤوليتين؟

وهل أن تحديد مسؤولية الشخص المعنوي تتطلب إقرار مسؤولية الجهاز أو الممثل؟




1- مسؤولية الشخص الاعتباري لا يمنع من مساءلة الشخص الطبيعي :

في الواقع المادة 51 مكرر فقرة ثانية تزيل كل عائق في هذا المجال، إذ تنص "إن المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي لا تمنع مساءلة الشخص الطبيعي كفاعل أصلي أو كشريك في نفس الأفعال" وتقابلها المادة 121/2 من القانون الفرنسي ،لذا حرص المشرع على تأكيد أن مساءلة الشخص المعنوي جنائيا ليس معناها إعفاء الشخص الطبيعي الذي ارتكب الجريمة من المسؤولية إذ أمكن تحديده، وتوافرت في حقه أركان إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات.

لذلك قرر صراحة أن مسؤولية الشخص المعنوي عن الجريمة تتحقق دون الإخلال بمسؤولية الشخص الطبيعي، ويعني ذلك أن المشرع يقر في هذا الخصوص مبدأ ازدواج المسؤولية الجزائية عن الفعل الواحد، فمسؤولية الشخص المعنوي عن الجريمة المرتكبة لا تجب مسؤولية الشخص الطبيعي عنها بل يبقى من الوجهة المبدئية كل من الشخص الطبيعي والهيئة المعنوية مسؤولا بالاشتراك عن ذات الفعل ويعاقب كل منهما على انفراد، حسب مركزهما في ذات الجريمة فاعل أصلي أو شريك، لإضفاء المزيد من الحماية الجنائية.

وأمام النص الصريح في القانون على هذه المسؤولية في الحدود المقررة، لا يوجد مجال للاجتهاد في مبدأ المسؤولية ذاته، وإن كان الاجتهاد لا يزال مفتوحا في شروط هذه المسؤولية وضوابطها.

2- تحديد الشخص الطبيعي ليست شرطا ضروريا لمساءلة الشخص المعنوي:

وهكذا فإن وفاة الشخص الطبيعي، أو زوال أجهزة الشخص المعنوي على سبيل المثال لا تحول دون متابعة الشخص المعنوي عن الجريمة التي ارتكبها الأول لحساب الثاني، وفي هذا الصدد عدة قرارات صادرة عن محكمة النقض الفرنسية أين تم متابعة الشخص المعنوي لوحده [46] .

وكذلك الحال إذا استحال التعرف على الشخص الطبيعي الذي ارتكب الجريمة لحساب الشخص المعنوي، يحدث ذلك على وجه الخصوص في جرائم الامتناع والإهمال، وكذا في الجرائم المادية التي لا تتطلب لقيامها توافر نية إجرامية أو عمل مادي إيجابي، فمن المحتمل في هذه الحالات أن تقوم المسؤولية الجزائية للهيئات الجماعية للشخص المعنوي، دون التمكن من الوقوف عند دور كل عضو من أعضائها في ارتكاب الجريمة وإسناد المسؤولية الشخصية عنها لفرد معين.

ويبقى أنه في حالة الجرائم العمدية المنسوبة إلى الشخص المعنوي فإن التحديد يصبح ضروريا لأن إثبات القصد الجنائي متوقف على مدى وعي وإرادة ارتكاب الجريمة من طرف ممثل الشخص المعنوي أو أحد أجهزته [47] .

ماعدا في هذه الحالة فإن تحديد الشخص الطبيعي، لا يعتبر أمرا ضروريا لقيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي إذ يكفي للقاضي التأكد من قيام الجريمة بجميع أركانها، وارتكابها من طرف ممثل الشخص المعنوي أو أحد أجهزته، وهو ما يتناسب مع المبادئ العامة للقانون الجنائي في نظرية المساهمة التي تقتضي أن مساءلة الشريك تفترض وجود فعل أصلي مجرم دون أن تكون مرتبطة بالمساءلة الفعلية للفاعل الأصلي، مما يحقق نوعا من العدالة النسبية بين المسؤوليتين.