الفصل الثاني:
أركان المساهمة الجنائية
الأصلية والتبعية
المبحث الأول:
أركان المساهمة الأصلية
(تعدد الجناة ووحدة الجريمة)
المطلب الأول: تعدد الجناة
يعاقب المشرع على الجريمة عندما تكتمل أركانها، بغض النظر عن من قام بها، فقد يرتكبها شخص واحد وقد يرتكبها عدة أشخاص، وعندما يرتكب الجريمة الواحدة عدة أشخاص نكون بصدد المساهمة الجنائية، بشرط أن يجمع بين هؤلاء الأشخاص رابطة معنوية واحدة لتنفيذ الجريمة، وصورة ذلك أن يعمد عدة أشخاص لتنفيذ جريمة قتل واحدة، بحيث يساهم كل منهم بدوره في تنفيذها، فتتحقق الواقعة نتيجة لمجموعة أفعالهم.
فالقول بوجود المساهمة الجنائية يقتضي أن نكون بصدد جريمة واحدة اقترفها عدة جناة، الأمر الذي يتطلب منا أن نتأكد من وجود هذين العنصرين الذين تقوم عليهما فكرة المساهمة (وحدة الجريمة وتعدد الجناة)، وهذا يعني أن لا مجال للكلام عن المساهمة الجنائية في حالة تعدد الجرائم، فالمطلوب أن تكون الجريمة واحدة، كما أنه لا مجال للكلام عن المساهمة الجنائية في حالة أن يكون الجاني واحدا لأن المساهمة تفترض تعدد الجناة .
فتعدد الجناة ركن للمساهمة الجنائية فإذا كان الجاني واحدا فلا يتوفر أحد ركني المساهمة الجنائية، ولا تثور بطبيعة الحال المشاكل التي توضح قواعد المساهمة الجنائية لحسمها، ذلك أن ارتكاب شخص واحد للجريمة يعني أن يطبق عليه نص القانون الخاص بهذه الجريمة، وأن توقع عليه العقوبة المحددة في هذا النص، ولا يتصور التساؤل عما إذا كان هذا النص يطبق على أشخاص آخرين، وعما إذا كان القانون يجعل لهم ذات الوضع، أم وضعا آخر، وهي المشاكل التي تثور في المساهمة الجنائية .
الفرع الأول: مساهمة الفاعل المباشر: يعد ارتكاب الأعمال التنفيذية التي يتكون منها الركن المادي للجريمة، جوهر المساهمة المباشرة، فلا خلاف على أن مرتكب هذه الأعمال كلها في حالة انفراد شخص واحد بتنفيذ الجريمة أو بعضها، في حالة تعدد الجناة هو فاعل الجريمة، فمن يساهم في أي فعل يدخل ضمن الأفعال التي يتكون منها الركن المادي يعد مساهما مباشرا في تنفيذها، ويحاسب كما لو ارتكبها بمفرده .
ونتكلم فيما يلي عن الركنين المادي والمعنوي للجريمة، ذلك لأن الركن الشرعي لا يتميز بأحكام خاصة، فالفاعل هو من يرتكب الواقعة المنصوص عليها كجريمة في القانون.
الركن المادي: حددت المادة 41 من ق.ع.ج الركن المادي للجريمة بقولها: " يعتبر فاعلا كل من ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ الجريمة ويعني ذلك أن الركن المادي للجريمة يتمثل في المساهمة المباشرة في تنفيذ الجريمة. ويلاحظ أن هناك أعمالا تخرج عن الركن المادي للجريمة، ولكنها ذات أهمية كبيرة في تنفيذها، تبرر -برأي البعض- بأن يعتبر فاعلها في مصف من يرتكب جزءا من أجزاء الركن المادي، وعليه تكون فكرة المساهمة المباشرة –حسب هذا الرأي- أوسع من أن تتحدد بالركن المادي للجريمة فقط، ومن أمثلة ذلك أن يمسك أحدهم بالمجني عليه لتمكين خصمه من قتله، أو كمن يراقب الطريق لتمكين زملائه من السرقة، وكخادم يترك منزل سيده مفتوحا لتمكين اللصوص من السرقة.